* محمد يشتري 3 تذاكر هيروين ب150جنيها ويحلم بالهروب من المنطقة * نور يعمل في"الزريبة" ليشتري المخدرات.. ووالدته تقيده بالجنازير * حملة"اشفي مدمن" تعالج150 طفلا.. وتجار المخدرات يساومون مؤسسها ويهددونه بالقتل خرج محمد ابن الثالثة عشرة من عمره ليلهو مع أقرانه من الأطفال.. فاستوقفه شخص بالمنطقة التي يعيش فيها وأعطاه تذكرة هيروين ليجربها.. فتحول محمد إلى مدمن.. هذه القصة تلخص معاناة 5 آلاف طفل أصبحوا مدمنين بمنطقة "الليمون" في المطرية.. وتحاول حملة قام بها أحد شباب المنطقة أن تعالج هؤلاء الأطفال، وبالفعل نجحت في علاج 150 طفلا، ولكن مازال أمامها الكثير للوصول إلى كل الأطفال المدمنين وغيرهم من الرجال.. فقد تحولت هذه المنطقة إلى مقبرة للمخدرات.. ويوميا يتوفى شخص من المدمنين.. توجهنا إلى منطقة"الليمون" لنشاهد ما يحدث فيها ونتعرف على حكاية إدمان الأطفال بها.. أما عن التفاصيل فهي في السطور التالية..
منطقة الليمون المنطقة عبارة عن حارات داخل بعضها، وعند الدخول إليها تجد العيون كلها عليك، وأماكن وبيوت بائعي المخدرات معروفة، فقد سألت أحد الأطفال الذي اتفقت معه على التحدث عن أحد بيوت البائعين، فأشار إلى أحد الأبواب المغلقة، وأثناء سيرنا وجدت عزاء وأكد أحد الأهالي أن المتوفي كان مدمنا ومات بسبب المخدرات، وهي حالة تتكرر كثيرا في هذه المنطقة، وفي أثناء المرور أمام أحد المنازل وجدت 4 كاميرات مراقبة حول المنزل، وأكد صاحب المنزل أنه فعل ذلك لكي يصوّر أي شخص يتعاطى المخدرات أمام منزله وحتى يخاف أي مدمن من الاقتراب من هذه المنطقة، ويصبح صاحب المنزل في أمان إذا ما حدث أي شيء أو جاءت الشرطة، كما أكد متولي سعيد- صاحب مبادرة وحملة "اشفي مدمن"- أنهم قاموا من قبل بنشر العديد من كاميرات المراقبة وتحذيرات مكتوبة لأي مدمن بعدم تعاطي المخدرات لأنه سيتم تصويره.
حكايات المدمنين أسباب وحكايات مختلفة للأطفال المدمنين بهذه المنطقة.. حيث يقول الطفل محمد صلاح: بدأت الإدمان منذ 5 سنوات، وبدأت بالهيروين ولا أستطيع أن أتوقف عنه حتى الآن، والحكاية جاءت من شخص بالمنطقة استوقفني في الحارة التي أعيش فيها، وطلب مني أن أجرب"شد الهيروين"، وقال لي إنها" حاجة حلوة" وستريحك، ومنذ هذا الوقت وتحولت حياتي، وأصبحت مدمنا مثل الكثير من الأطفال بالمنطقة، وأدمنت البودرة والترامادول، وبعد أن كنت"بشد" أصبحت "بشك" يعني أحصل على الحقن، وأهلي حاولوا علاجي، ودخلت مصحة 10 أيام، ثم مرة أخرى 3 أشهر، وكنت أخرج معافى، ثم أعود للهيروين مرة أخرى، وذلك بسبب زملائي وأصدقائي في المنطقة، فكل من حولي مدمن، فكيف أتعافى وسطهم، ولذلك أتمنى أن أخرج من هذه المنطقة "علشان أبقى كويس" وأساعد أهلي، وخصوصا أن والدي مريض، فهذه المنطقة بها مدمنون كثيرون من الأطفال والشباب والرجال، وكنت أشتري الهيروين من شخص معروف بالمنطقة. يستكمل محمد حديثه وهو يستعيد ذكرياته مع الإدمان قائلا: تركت المدرسة، وكنت أعمل في السيراميك وسائق على توكتوك، وكنت أصرف كل ما أكسبه على الهيروين، وفي البيت كانوا يكتفونني حتى لا أخرج وأعود للإدمان، ولكني كنت أفك نفسي وأهرب منهم، ولكن بعض الناس أخذوني لمتولي سعيد مسئول حملة "اشفي مدمن"، وذهبت معهم برغبتي، لأنني بجد أتمنى أن أتخلص من الإدمان، وأدخلني مصحة، وأشعر بأني أريد أن أكمل في العلاج، بالرغم من أني حتى الآن لا أستطيع التوقف عن الهيروين، وأشتري ال3 تذاكرب150 جنيها، وأخذت أشياء من البيت وقمت ببيعها مثل الثلاجة وأشياء أخرى، وأرى أن السبب في كل ذلك الفقر والجهل و"العيشة الوحشة" في هذا المكان، وأتمنى أن أجد من يساعدني للتعافي. أما نور فلديه 10 سنوات، ومدمن هيروين أيضا بجانب الإستروكس، وهو المخدّر الذي يتسبب في هلاوس سمعية وبصرية، وبدأ طريق الإدمان من خلال أصدقائه بالمنطقة، والذين أحضروا طبقا وبه هيروين، وبدأ بشم أول سطر وشعر بأن دماغه"اتغربلت" -على حد تعبيره- وثاني سطر نام، ليستيقظ على مستقبل سيئ بالسير في طريق الإدمان، وتلجأ والدته لتقييده في السرير بالجنازير لمنع خروجه من المنزل، ويؤكد: "أنا غير راض عن نفسي بالجنزير" ويضيف قائلا: "جنزروني" لأني أهرب من البيت وأذهب للحصول على الإستروكس والبودرة، وأعمل في جمع القمامة في مكان اسمه"الزرايب" بالمطرية، وأحصل على 50 جنيها في اليوم أشتري بهم المخدرات، ونفسي أتعالج، فأنا زهقت من الجنازير التي يربطونني بها. تامر طفل آخر عمره 9 سنوات ويتعاطى الهيروين، وهو نفس حال الكثير من الأطفال، فالهيروين هو المخدر الرسمي لهم، وطفل آخر عمره لا يتعدى ال 12 سنة أدمن الإستروكس والحشيش، وكان يسير مع أصدقائه وهم يتعاطون السجائر، ثم أقنعوه بأن يشرب معهم، ثم بعد ذلك شرب الحشيش، وتعلم كيف "يلف الحشيش"، ثم اتجه للإستروكس وأصبح مدمنا، ويترك المنزل بالأيام، ووالده يبحث عنه إلى أن يجده فيقوم بربطه بالجنزير في البيت ولكنه يهرب مرة أخرى من أجل المخدرات. اشفي مدمن حملة "اشفي مدمن" هي أمل المنطقة للخروج من دائرة الإدمان وقد استطاعت علاج 150 طفلا حتى الآن.. ويقول متولي سعيد- المسئول عن الحملة-: أعيش في منطقة الليمون بالمطرية، ووجدت انتشار الإدمان بشكل خارج عن السيطرة، وهناك من يموت يوميا بسبب الإدمان، فهذه المنطقة هي مقبرة المخدرات، وأردت أن أتحرك لإنقاذ الناس من الموت، فجاءتني فكرة الحملة، وقد درست علم نفس وتنمية بشرية، ورأيت أن التعاون مع المصحات النفسية هو الحل لإنقاذ هؤلاء الأطفال والرجال، فاتصلت بهم وعرضت عليهم فكرة دخول الناس المصحة مجانا، ووجدت مصحات تجاوبت معي بالفعل، وبدأت أعمل على علاج المدمنين، فأعمل معهم 3 أيام ديتوكس و3 أيام Halfway، وأصبحنا نوعي الناس بخطورة الموقف، وجاءني عروض من رجال أعمال للعمل معي، ولكنهم طلبوا مني دعمهم بعد ذلك في عضوية مجلس النواب، فوجدت أن مصالحهم شخصية فرفضت التعامل معهم، وأصبحت متفرغا للحملة، لعلاج المدمنين تحت 16 سنة والشباب والرجال، ودخلت في أعمال خيرية أخرى، وأعمل كفرد، ولكني لا أجد حلا آخر، وهناك مساعدات تأتيني لتوزيعها، بجانب العمل مع المصحات التي فتحت أبوابها لهؤلاء الأطفال. تجار المخدرات تجار المخدرات لا يتركون متولي في حاله.. والذي يضيف قائلا: أقوم بعمل خيري وإنساني، فنسبة الإدمان في المطرية 25 ألف مدمن، وكل منطقة فيها مدمنو هيروين، ونسبة تعافي مدمن الهيروين 1 % فقط، ولكننا لا نيأس، وللأسف صندوق مكافحة وعلاج الإدمان لا يأتي إلي هنا، ونسبة إدمان الأطفال كبيرة، وتأتيني يوميا اتصالات كثيرة من ناس يريدون علاج أبنائهم، فإدمان الطفل كارثة، لأنه سيكون خطراً علي المجتمع وسيتجه للسرقة أو القتل أو عمل أي كوارث، و"الديلر" يأتي المنطقة ويجمع الفلوس آخر الليل بسبب ارتفاع نسبة الإدمان، لذلك نحتاج لتواجد حقيقي لصندوق مكافحة الإدمان لتوعية الأهالي في المناطق الشعبية، فأنا لن أستطيع أن أفعل شيئا وحدي، فتجار المخدرات بالمنطقة يهددونني بالقتل، وقد تعرضت للاعتداء بالفعل، وهناك من عرض عليّ أموالا لأغلق هذا الموضوع، ومن الممكن أن يخطفوني ويعطوني جرعة هيروين لكي أكون مثلهم، ولكن ربنا سبحانه وتعالى أكبر من الكل، ويكفي دعاء الناس لي، وسأكمل في طريقي، بالرغم من أن هناك من ينصحني بالابتعاد عن هذا الطريق لأنه طريق موت، ولكني أصر على دوري الإنساني، فكل شارع وحارة بالمنطقة بها طفل يتعاطى المخدرات، وبالمساء يطيحون بالشارع وينتشرون بعد الساعة 2 صباحا، وينتشرون في الشارع لدرجة أنهم قد يسرقون أي شخص ليتمكنوا من شراء المخدرات، وقد عالجنا 150 طفلا بجانب 300 رجل فوق الثلاثين، ولكن مازال هناك كثيرون يحتاجون للعلاج، فهناك 5 آلاف طفل مدمن بالمنطقة، وأهاليهم وكثير من الأطفال أنفسهم يريدون العلاج ولكنهم لا يستطيعون، ونحن نحاول مساعدتهم للهروب من هذا الطريق السيئ الذي سيحولهم إلى منحرفين أو أموات.