تذمرت كثيراً إدارة الأهلى من مماطلة بعض نجومها الكرويين فى التوقيع على عقود التمديد معها ومغالاتهم فى مطالبهم المالية لكنها تمكنت فى النهاية من التجديد لهم بعد أن لبت مطالبهم ومنحتهم مبتغاهم بكل رضا وإذعان. ليس بجديد صحيح أن المبالغ المالية الضخمة التى دُفِعَت لم تتحملها خزينة الأهلى وإنما وفرها الملياردير السعودى تركى آل شيخ الذى يشغل مناصب سعودية عديدة لعل من أبرزها رئاستة لمجلس إدارة هيئتها العامة للرياضة, لكن لا أظن أن هذا يفرق كثيراً أو يعد أمراً جديداً فقبله كان هناك الأمير عبدالله الفيصل وكان Hيضاً رجل الأعمال الكويتى ناصر الخرافى وكان .... وكان .... فليس هنا بيت القصيد.
فالمهم أنها بعد أن أتمت تعاقدها مع نجم فريقها عبداللة السعيد hتخذ رئيسها قراراً بعرضه للبيع أو الإعارة بموسم الإنتقالات الصيفى القادم ويتردد أنه أَعطى تعليماته بحجبه عن المشاركة أو ارتداء الفانلة الحمراء مرة أخرى عقاباً له على سلوكه التفاوضى ولمغالاته ومماطلته فى التوقيع على عقود التجديد.
حديث الروح ليعود الحديث بكل قوة عن مبادئ النادى الأهلى وقيمته التى تقدم دائماً أبدا النموذج الأمثل فى الأخلاق والروح الرياضية سواء بتعاملاتها الداخلية أو الخارجية أو تعاقداتها أو حتى منافساتها الرسمية.
وكل ده طبعاً جميل وبراق وممتع , فالكلام عن الأخلاق بزماننا له عبقه وسحره , فكلنا نتوق شوقاً ليومٍ تعودُ فيه القيم النبيلة لنفوسنا ,علَّنَا نَستردُ إنسانياتنا التى نفقدها تباعاً على أعتاب حياة أُريِدَ لها غصباً أن تكون قائمة على الصراع.
أسئلة حائرة ولتكتمل نشوتنا بالشجون التى يُثِيرُها الكلام عن الأخلاق , دَعونا نُفكر ولو لبرهة ونحاول أن نُأَصل ما أزعج إدارة الأهلى وأدى لضجرها من خلال السعى نحو وضع إجابة لبعض الأسئلة التى تبدو أحياناً حائرة .. مثل .. من الذى أرسى ما نشاهده من مغالاة تصل لحد الجنون من جانب لاعبى كرة القدم بمجتمع يسكن قراه أكثر من 16مليون مواطن تحت خط الفقر ويحتل المرتبة 59 من بين 118دولة بمؤشر الجوع العالمى طبقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء . ومن .. الذى نزع معانى الإنتماء من قلوب اللاعبين وكرس بداخلهم أن الفلوس ولا شيئ غيرها هى الهدف الوحيد الذى ينبغى أن يشدوا الرحال إليه , وأن المصلحة الشخصية من دون سواها هى المعيار الأثير الذى يجب أن يحدد ولاءاتهم بدعوى أن هكذا يكون الإحتراف وسلوك المحترفين.
بالطبع لا أحد يستطيع أن ينكر أن عالم الإحتراف الخارجى تحكمه بالفعل قواعد المادة ، فاللاعبون يُباعُوْنَ ويُشْتَروْنَ كالسلع التى نراها بالفترينات والمزادات , لكن هذا يجرى بمناخ ثقافى له معايير كان يفترض أنها لا تخصنا وبمجتمع له تركيبته السياسية والإقتصادية والإجتماعية المغايرة .
حقائق ثابتة عموماً أعتقد أن الإجابة على ما طرحناه من تساؤلات سيضطرنا للتوغل بسراديب سنين فاتت , فخطف اللاعبين قائم من قديم الزمان واغراء الغلابة من أبناء الأقاليم وأندية الظل عادة أثيرة لأصحاب المحافظ الثمينة والأندية المسنودة دائماً وابداً من أهل الحكم والسلطة.
فالفناجيلى ترك السويس ومن قبله غادر الضيظوى المصرى ومن بعدهما رحل جمال عبد العظيم من القناة تحت إغراء المادة أو الوظيفة التى لم يكن يملكها غيرالأهلى وبينهم كاد أن يفعلها الأسطورة رضا لولا ثورة الجماهير الإسماعلاوية.
وفي السبعينيات من القرن الماضي ذهب طاهر الشيخ من الأوليمبى للأهلى عبر بوابة الإحتراف الوهمية بالنمسا التى جرى استبدالها لاحقاً بأندية الخليج حيث الأمراء وأثرياء النفط التواقين دائماً لرضا أصحاب السلطة والجماهيرية.
أما التسعينيات فكانت شاهدة على واقعة رضا عبدالعال الذى مُنِحَ مبلغاً مالياً خيالياً بتقدير وقتها ليترك النادي الذى صنعه ويرحل أيضاً للأهلى الذى أدمن من بعدها السياسة ذاتها بكثافة غير مسبوقة.
فكان خطف خالد بيبو وانتقال عماد النحاس ومحمد بركات وسيد معوض ومحمد عبدالله وأحمد فتحى و أحمد خيرى وعمرو السولية و... و.... من الإسماعيلى وبينهم كاد أن يفعلها حمزة الجمل وحسنى عبدربه أما اسلام الشاطر فله قصة أخرى غير خافية حيث كان عدلى القيعى عضواً بإتحاد الكرة ففعل ما ينطبق معه المثل الدارج عن القط الذى أُعْطِىَ مفتاح الكرار.
وقائع متكررة وسلوك اعتدناه ،ثماره الطبيعية ما فعله احمد فتحى وعبدالله السعيد الذى استغرب الإستياء من فعله , فاللاعب نفسه جرى خلعه من الإسماعيلى الذى تربى بأحضانه صغيراً ونضج وصار نجماً بملاعبه بإغرائه بالمال الأهلاوى , فلما الزعل منه الآن , ألم تعلموه بفعلكم أنه فى سبيل الفلوس يهدر كل ثمين وغال .
هناك بالطبع سلوكيات موازية يتعين كذلك شجبها , فعلتها أندية أخرى مع من هى دونها , كالزمالك والإسماعيلى والمصرى وانبى وبتروجيت والمقاصة, لكن الحقيقة انهم وبإستثناء الزمالك الذى يملك باع بذات الطريق وإن كان خافتاً لحد بعيد ، ليسوا سوى تلاميذ بمدرسة عبده البقال وأكاديمية عدلى القيعى لتعليم سياسات الأغواء بالمال لدحض الإنتماء وجلب الولاء.
نبت طبيعى لكل هذا وأكثر فنحن لم نتحدث بعد عن الضغوط الحكومية والتدخلات العليا التى تجرى فى الإطار نفسه , أرجو من إدارة الأهلى ألا تغضب , فياسادة هذا نبتكم ,كما أتمنى على الكابتن الخطيب أن يترك السعيد يلعب ليحصد المزيد من الأموال ويحقق المزيد من البطولات ليطفئ ظمأ جماهير مسحوقة من هزائم الحياة وتبحث عن الانتصارولو بملعب كرة قدم وان يصدر تعليماته الفورية بسرعة التعاقد مع كالديرون ومحمد عواد و إبراهيم حسن ومحمد ابراهيم واحمد توفيق وكل لاعب يسطع نجمة , فهذا الإحتراف الذى تصدعت روؤسنا به على ألا ينسى أن يحدثنا دوماً عن القيم والأخلاق .. آه .. والروح الرياضية كمان.