خبير العلاج بالإيحاء: أنا مش دكتور نفساني وهدفى حل العقد والمشاكل سعر الجلسة يبدأ من 35 جنيهاً.. وطبيب نفسي يؤكد: نصب واحتيال وكلام غير علمى محمد حضر جلسة و"فطس من الضحك".. ومنة ذهبت لعلاج آلام المفاصل.. ولبنى حضرت مرتين وتوقفت
"بص في عيني كويس.. ركز أكثر في نظراتي.. نام"، تلك هي الجمل الكلاسيكية المحفورة في أذهاننا عن التنويم المغناطيسي والتي نُقلت إلينا عن طريق الأعمال السينمائية وبعض الفقرات في السيرك المصري، لكن كانت المفاجأة عندما أعلن خبير التنمية البشرية الراحل الدكتور إبراهيم الفقي، عن قيامه بجلسات التنويم بالإيحاء فضلاً عن تأليفه كتاب يتحدث عن ذلك، وهنا بدأ الجدال حول ما إذا كان التنويم بالإيحاء علم معترف به أم أنه مجرد وهم وخدعة، ومازال هذا الجدل مستمرا بين من يؤمنون بحقيقة جلسات التنويم الإيحائي وبين المعارضين فى الوقت الذى تزايد فيه الإعلانات عن هذه الجلسات وأماكن تقديمها وأسعارها أيضا.. فى السطور التالية سعينا لنقترب من هذا العالم الغامض والذي يقبل عليه كثير من الشباب حالياً.. فكان هذا التحقيق..
تبدأ الجلسة بمطالبة كل الحاضرين بالاسترخاء والهدوء حتى تبدأ عملية التنويم فى مكان خاص وشبه مظلم.. حيث يبدو الجالس أنه أمام خطوة غريبة ستحدث وأنه بالفعل سيدخل فى حالة عميقة من الاسترخاء تقترب أحيانا من النوم.. هذا هو التوقع المعتاد، أما أصل الموضوع فيشرحه لنا نهاد رجب، خبير التنمية البشرية والمتخصص في التنويم بالايحاء، عن ذلك التخصص، قائلاً إن ذلك المجال معترف به من قِبل أهم الهيئات العالمية المتخصصة كالمؤسسة الطبية البريطانية (BMA) والجمعية الملكية للطب (RSM) والاتحاد الطبي الأمريكي (AMA) وهذا يرد علي كل المُشككين في جدوي التنويم الايحائي، فبعد تخرجي في كلية لغات وترجمة لغة انجليزية درست ذلك التخصص علي يد العديد من المتخصصين كالدكتور إبراهيم الفقي، رحمه الله، والمدرب البريطاني جونثن روي والروسي ايجور ليدوخوسكي، وكان هدفي هو مساعدة الناس في حل مشاكلهم بشكل علمي، وتتم الجلسات بشكل فردي غالباً، كما يمكن أن تتم مع مجموعة تشترك في نفس المشاكل التي تود التخلص منها، وعند التحضير للجلسة فإن تهيئة المكان هو أول خطوة نقوم بها بحيث يكون منظما وهادئا ومريحا للأعصاب ثم نطلب من الحاضرين الجلوس علي أكثر هيئة مريحة لهم وبعدها يغمضون أعينهم نبدأ رحلة من التخيل أو تذكر موقف قديم، حيث إن التنويم الإيحائي أو ما يعرف بالتنويم المغناطيسي هو حالة يصبح فيها الشخص متقبلا بدرجة كبيرة للإيحاءات والاقتراحات كالإقلاع عن التدخين أو التخلص من مشاعر سلبية ويكون مدركا لكل ما يحدث حوله، ويعتبر التنويم بالإيحاء من أقوى التقنيات النفسية العلاجية المستخدمة من قبل الملايين حول العالم الآن.
ويضيف نهاد: أغلب المهاجمين لتقنية التنويم الايحائي لم يقرأوا عنه جديداً، فهم يعتقدون أننا متطفلون علي مهنة الطب النفسي لذلك أؤكد: "أنا مش دكتور نفساني" ولا أتحدث وأنغمس في النظريات النفسية لكنني متخصص في أحد فروع ذلك العلم وليس العلم نفسه، كما أن ما أفعله ليس بديلا عن المخدر الطبي أو علاجا لمرض عضوي، وعندما يأتي لي أشخاص يعانون من زيادة في الوزن بسبب الهرمونات أنصحهم بالذهاب للطبيب فوراً، وأحياناً أجد أمامي حالات متقدمة جداً في مرضها النفسي فأطلب منهم المتابعة مع دكتور نفساني وأرسل معهم خطابا للطبيب أشرح له فيه الحالة، وفي الكثير من الأحيان يرد علي الطبيب بجواب مليء بالانتقادات والشتائم.
ويختم نهاد حديثه قائلاً: قمت بعمل مئات الجلسات باللغتين العربية والإنجليزية في 10 دول منها لبنان والهند وتركيا وتستمر مدة الجلسة من 20 إلي 30 دقيقة وأحيانًا يمكن إنهاؤها خلال 10 دقائق فقط، ولقد لاحظت تغير حياة العديد من الأشخاص للأفضل بفضل التنويم الايحائي، ومن الجلسات التي لم أنسها فتاة لم تستطع مسامحة والدتها علي العديد من المواقف والتي سببت لها عقداً نفسية، واستمرت الجلسة لمدة تقترب من الساعة ونصف الساعة الممتلئة بالصراخ والبكاء ولكنها في النهاية سامحت والدتها وشكرتني علي مساعدتي لها، ولكن الجلسة الأغرب علي الإطلاق عندما اتصل بي شخص وكان يشك أن زوجته تخونه وطلب مني أن أعمل جلسة تنويم لزوجته معتقداً أنني سأجعلها تنام فعلياً وتجيب عن كل أسئلتي وتعترف بالحقيقة، (هو تقريبا كان فاكرني هفتح المندل وأعمل زار وادق عصافير واكشف له المستور) ومع كلامي عرفت أنها زوجته الثانية بالإضافة لاكتشافي أن مهنته تعتمد علي الشك والتحقيق، واستطعت إقناعه أنني سأحضر مادة كيميائية من يشربها يقول الحقيقة، وبالفعل هناك مادة كذلك تستخدم في بعض التحقيقات تقوم بإلغاء جزء من العقل مسئول عن الخيال فيصعب علي الشخص الكذب، لكني لم استخدمها بالطبع وأخذت زوجته الماء العادي ووجهت لها بعض الأسئلة لتأكيد أن زوجته بريئة وانتهي الأمر.
أما وليد الحداد مدرب التنمية البشرية، ووكيل في وزارة التعاون الدولي، فيقول إن التنويم الإيحائي هو الوصول لحالة من الاسترخاء الواعي والتي تسمح للإنسان بتصحيح بعض المفاهيم التي تؤثر بالسلب على حياة الإنسان وإحساسه بالتوازن، وهي حالة بين النوم واليقظة ولكنها واعية ويتمتع فيها الإنسان بصفاء الذهن والتركيز، ويمكن أن يساعد المنوم الإنسان في الدخول في هذه الحالة، ويمكن لأي شخص أن يقوم بممارسة التنويم الايحائي مع نفسه دون الحاجة لوجود مدرب معه، وأنصح بأن تتم تلك الجلسات بشكل مستمر أو عند مواجهة المواقف الصعبة كاقتراب موعد الامتحانات أو مقابلة شخصية لعمل جديد وذلك بهدف التقليل من التوتر والقلق، ولا يوجد مقياس يحدد المدة الزمنية للجلسة فيمكن أن تستمر لمدة دقيقة واحدة فقط، ويمكن أن يكون الأمر معقدا وله جذور ويحتاج للعديد من الجلسات، وتختلف أسعار تلك الجلسات فمنها المجاني ومنها ما يصل سعره ل 350 جنيها ومنها ما يزيد على ذلك، وأنصح بالسؤال عن المدرب ومدي تمكنه حتي يحصل الشخص على أعلى استفادة.
رأى الطب النفسى الطب النفسى له موقف شبه ثابت من العلاج بالتنويم المغناطيسى وهو الرفض التام، حيث هاجم الدكتور هناء أبو شهدة، أستاذ علم نفس بجامعة الأزهر، المتخصصين في التنويم الإيحائي قائلة: إن ما يقومون به نصب وبيع للأوهام، وأنا لا أستبعد أن تكون مجموعة منهم تتبع جهات أجنبية لأنهم استطاعوا جذب العديد من الشباب حولهم والدخول في خصوصياتهم والتعرف عليها، و أنا متأكدة أنهم لم يدرسوا علم النفس وفروعه وتخصصاته، فالايحاء هو لعبة نفسية يستخدمها الأطباء والاخصائيون النفسيون مع المرضي الذين يتوهمون المرض وهم معافون فنقوم بإعطائهم أدوية علي أساس أنها علاج ولكنها في الحقيقة فيتامينات، وأنا أنصح الشباب أن يطلبوا النصحية من أهل العلم، وفي جامعة الأزهر مثلا توجد استشارات في مجالات الإرشاد النفسي، والديني، والتعليمي، والاجتماعي مجاناً يقوم بها عدة متخصصين، ودائماً نقول للطلاب إن كل الأساتذة في خدمتكم حتي لا يقعوا فريسة لمثل هؤلاء غير المؤهلين لحل المشاكل مع العلم أنهم غير معروف توجههم ونواياهم. ويختلف الدكتور أحمد عبدالله، مدرس الطب النفسي بجامعة الزقازيق، مع ما قالته الدكتورة أبو شهدة قائلاً: التنويم الإيحائي مهارة يمكن أن يتقنها أي أحد بعدما يحصل علي التدريبات اللازمة ويقرأ فيها مثلها مثل مهارة العرض والتقديم ولكن لابد ألا يتجاوز القائم بالتنويم الأمر ويتحدث في تخصص علم النفس، والعبرة في النهاية بالنتائج فإذا كانت حياة الناس تتغير للأفضل علي أيديهم فلماذا أهاجمهم؟ ويمكن أن يكون غلاء أسعار الأطباء النفسيين أو مسمي مريض نفسي يجعل البعض لا يتوجه لنا ويذهب لمدربي التنمية البشرية.
التجربة خير دليل بعض الشباب قام بتجربة العلاج الإيحائى.. حيث تحكي منة عمر -23 سنة- قصتها، قائلة: كان لدي مشكلة في آلام المفاصل وضغط الدم والسكر تؤثر علي نشاطي وأداء عملي مما دفعني لتجربة التنويم بالايحائي حيث أقوم بالاسترخاء والإيحاء بأنني لا أشعر بأي ألم وأن كل شيء علي ما يرام وأفكر في أي شيء أحبه مما يجعلني أتحرك وأقوم بالأعمال الشاقة دون شعور بألم مضاعف، وبالمناسبة الحالة التي أصل إليها من السعادة والتصالح النفسي تدفعنى لمزيد من التحدى ومقاومة مشاعر الألم.
أما محمد الرفاعي -21 سنة- فيقول: حضرت إحدى الجلسات، وفي حقيقة الأمر "فطست علي نفسي من الضحك" وشعرت أن المدرب يبيع الأوهام وأن كل الأمر مبني علي الخيال فقط دون وجود خطوات فعلية وعلمية أقوم بها لأواجه مشاكلي، وحمدت الله أنها كانت جلسة مجانية وإلا كنت عاقبت نفسي علي دفع أي مبلغ في ذلك الوهم.
وتقول لبني أيمن -27 سنة- : كنت أواجه مجموعة من المشاكل فى حياتي فقررت المتابعة مع متخصص في التنويم الايحائي وبفعل حضرت العديد من الجلسات وكان هناك تحسن ملحوظ ولكنني انشغلت في عملي وحياتي ولم أكمل باقي الجلسات لذلك لا أستطيع أن أحكم إذا كانت تجربة ناجحة أم لا.