لا بديل عن الاعتذار الرسمي .. هذا هو المطلب الأساسي الذي تمسكت به الحكومة المصرية جراء ما حدث علي الحدود ومقتل عدد من الجنود المصريين , ولكن في حالة اعتذار إسرائيل رسميا ، كيف يمكن أن تستفيد مصر من هذا الاعتذار ؟! وهل يمكننا أن نقوم بتعديل بعض بنود في اتفاقيات سابقة سواء كانت من الناحية التجارية أو السياسية وما موقف اتفاقية كامب ديفيد من هذا التعديل, وهل التعنت الإسرائيلي القائم وعدم الاعتذار حتى هذه اللحظة حتى لا تلتزم بأي تعديل؟ كل هذه الأسئلة طرحناها علي الدكتور محمد عبد السلام رئيس مجلة السياسة الدولية الذي أكد لبواية الشباب أن الاعتذار معني به رئيس الدولة وليس من رئيس الحكومة حتى لو كان رئيس الحكومة هو من يمتلك زمام الأمور أو القرار ، ولكن من المتعارف عليه دوليا أن يقوم رئيس الدولة ذاته بتقديم اعتذار إلي الدولة الأخرى , والاعتذار من الناحية القانونية فى هذه الحالة هو إقرار بوجود خطأ من الجانب الإسرائيلي .. وبالتالي تصبح مسئولة والاعتراف بالخطأ يقع في مسئوليتها وينتج عن هذا الاعتذار 3 أمور مهمة والتي من أجلها لم تعتذر إسرائيل رسميا حتى الآن ، أولا لأن الاعتذار يتضمن اتخاذ إجراءات من جانب إسرائيل تضمن عدم تكرار هذه الواقعة مرة أخرى كما تضمن عدم دخول قوات إسرائيلية بشكل مكثف في المنطقة " د " وهي المنطقة الحدودية بين مصر وإسرائيل من جانب إسرائيل مثلما يحدث في المنطقة " ج " في مصر وهي لمنطقة الحدودية المصرية مع الجانب الآخر , وهذا هو الفرق بين خلافات الدول والأفراد والتي تستند إلي إجراءات رسمية بناء علي ترتيبات محددة من خلال تحقيقات مشتركة يتم الاتفاق عليها من الجانبين ، ثانيا ، أن الاعتذار يستوجب التعويض المادي والمعنوي فمثلا في الواقعة التي حدثت منذ فترة بين إسرائيل وتركيا لم تريد تركيا سوي الاعتذار كتعويض معنوي ليس أكثر فهي ليست بحاجة إلي التعويض المادي لما في ذلك من أثار تترتب عليه وفقا للمواثيق الدولية لأنه اعتراف بالمسئولية القانونية عما حدث وكذلك الحال مع مصر , كما أن الاعتذار يؤكد أن موقف مصر صحيح ، ثالثا ، أن بعد الاعتذار من حق مصر أن تعدل في بعض الأمور المتعلقة بعد أفراد قوات الأمن داخل المنطقة الحدودية بما يحفظ لها أمنها واستقرارها علي نحو أكبر . ويضيف قائلاً : وقد خرج إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي منذ يومين في حوار تليفزيوني علي القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي ليؤكد أن إسرائيل نجحت من الوقوع في فخ الوقيعة الذي نصبه أعداء إسرائيل لتخسر علاقتها مع مصر .. وأن المصابين من المصريين بنيران الجيش الإسرائيلي جاء عن طريق الخطأ علي حد زعمه , وأكد في حواره إن إسرائيل لن تعتذر، ولكنه فقط أعرب عن أسفه لسقوط قتلى وجرحى مصريين نتيجة لخطأ عسكري من القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي المرابطة على الحدود المصرية، ويجرى الآن التحقيق في ملابسات هذا الحادث، ، وباراك لديه تقييمات مختلفة لأنه رجل عسكري وله اعتبارات مختلفة وهناك أراء داخل إسرائيل حول تقديم الاعتذار لمصر, وأنه يرجع عدم تقديم اعتذار رسمي لأنهم لا يريدون أن يتحملوا مسئولية هذا الاعتذار والتي تحدثنا عنها في الأسباب الثلاثة السابقة ولكن من المؤكد أن اتفاقية كامب ديفيد يعتبرونها كنز بالنسبة لهم وعن إمكانية استغلال مصر لهذا الحادث وطرح فكرة تعديل بعض بنود الاتفاقيات السياسية والتجارية مع إسرائيل أعتقد أن هذا ربما يكون مستبعداً نوعا ما وخاصة فيمن يتحدث حول كامب ديفيد والتي من أجلها لم تنطق إسرائيل بالاعتذار حتى هذه اللحظة ولكن ما يمكن تعديله لن يكون خارج إطار الواقعة , لأنها ترتبط بحادثة حدودية كبيرة ولكنها ستكون مرتبطة أكثر بأحد الملاحق الخاصة بالترتيبات الأمنية داخل المنطقة ج والتي تقع داخل حدودنا المصرية. ومن جهة أخري أكد الدكتور طارق فهمي رئيس وحدة إسرائيل بمركز دراسات الشرق الأوسط أن هناك فارقاً كبير بين اللغة الدبلوماسية في مصر واللغة التي تتحدث بها إسرائيل وللأسف ما تنقله وسائل الإعلام المصرية عن إسرائيل كلام عام وإنشائي, لأن إسرائيل لم تعتذر كما صورت وسائل لإعلام فالاعتذار لا تبديه سوي الدولة ممثلة في رئيس الدولة أو رئيس وزارائها أو وزير خارجيتها والنظام الإسرائيلي مختلف عن معظم النظم السائدة في العالم ، حيث أن رئيس الدولة هو مجرد رمز شكلي وعندما خرج شيمون بيريز رئيس إسرائيل وأعتذر فهو اعتذار شكلي ليس أكثر ولكن الذي يعتذر هو رئيس الوزارء أو وزير الخارجية ولكن في حقيقة الأمر يتبين أن إسرائيل لم ولن تعتذ ر والأمثلة عديدة ما بين موقفها السابق مع تركيا وموقفها الذي يسبق عليه مع الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما قامت بعمليات تجسس ضدها ، ورغم احتجاز جاسوسها "جوزلان ليوناردو" إلا أن رفضت إسرائيل أن تبدي اعتذاراً للولايات المتحدة الصديق لها ، وذلك لأنها تعي جيدا أن الاعتذار معناه أنه سوف يحيل الأمر من اعتذار رسمي لدوله إلي التزامات يدفعون بصددها تعويضات تقررها اللجنة الدولية وتدخل مع مصر في لعبة الموائمة الأمنية وفي دائرة الاستخبارات الأمنية والسياسية ,وإسرائيل لن تعتذر حتى لا تكون في موقف ضعف ، ولكن لدي مصر العديد من أوراق الضغط التي يمكن أن تستغل هذا الموقف لصالحها والتي يمكن أن تلوح بها لإسرائيل والأوراق عديدة منها أن مصر يمكنها الضغط بفتح ملف قرية أم الرشراش التي قامت إسرائيل ببناء ميناء إيلات عليها ، وأيضاً ومن الملفات المسكوت عنها كنيسة دير السلطان والتعويضات التي لم تدفعها إسرائيل حتى الآن والمقررة عليها نتيجة سنوات الاحتلال ، حيث قامت تدمير البنية الأساسية وسرقة المياه الجوفية فكلها حقوق يمكن أن تلوح وتفتح ملفاتها مرة أخري والتي سوف تشكل أوراق ضغط قوية علي الجانب الإسرائيلي.