سألني الدكتور أسامة الباز عما إذا كان الإخوة السوريون قد اقترحوا طريقة معينة يتلقون بها الرد علي رسالتهم . فقلت له: إننا لم نتطرق لهذا الأمر . ولك أن تختارطريقة مناسبة للرد ماداموا اختاروا هم طريقة لإرسال رسالتهم . فسألني عما إذا كنت مستعدا لحمل رسالة بالرد إليهم . ماداموا منحوك ثقتهم لحمل رسالتهم . فترددت قليلا قبل أن أجيبه رافضا ذلك . لأني خشيت أن يكون الرد سلبيا بالرفض بعد أن أحرق السوريون كل المراكب خلفهم . وتجاوزوا في خصومتهم كل حدود الشطط . مما ترك أثرا سلبيا في نفوس المصريين . فقلت للدكتور أسامة: أفضل أن يكون ردكم عن طريق سلطنة عمان التي كانت البلد العربي الوحيد الذي لم يقطع علاقته بمصر بعد اتفاقية كامب ديفيد، أسوة ببقية العرب . كما أنها تحتفظ بعلاقات جيدة مع السوريين . فأبدي الباز إعجابه بالفكرة . وافترقنا علي وعد بالتواصل . عدت إلي مجلة أكتوبر . ففوجئت بقرار فصلي من العمل بلجنة ثلاثية بحجة أنني لم أقم بطلب مد إجازتي التي كنت قد حصلت عليها لمدة عام . فقدمت لهم إيصالا ببرقية كنت قد أرسلتها من دمشق قبل موعد انتهاء إجازتي بأسبوع أطلب فيه مد الإجازة لمدة عام قادم . فادعي المسئولون بالمجلة عدم علمهم بذلك . وأن شيئا كهذا لم يصلهم . فتوجهت- من فوري- إلي نقابة الصحفيين لأتقدم بشكوي طالبا فيها التدخل لإعادتي إلي العمل ، خاصة أنني عدت بدعوة شخصية من صلاح جلال- نقيب الصحفيين وقتها- وذلك بعد تولي مبارك بادئا صفحة جديدة تسقط بها كل الاتهامات الموجهة لي بدءا من قلب نظام الحكم وانتهاء بالهجوم علي مصر. وهناك فوجئت بقرار من مجلس النقابة بإسقاط عضويتي بها؛ بحجة أنني لم أسدد الاشتراكات مدة ثلاث سنوات متتالية . فتوجهت- فى التو- إلي الأستاذ عبد العزيز محمد المحامي – رحمه الله - وكان وقتها المستشار القانوني للنقابة . إلي جانب كونه أحد أقطاب حزب الوفد المعارض . فشرحت له ظروفي . لأجد منه تعاطفا واضحا مع حالتي . لاقتناعه بسلامة موقفي . فوعدني خيرا بعد أن طلب مني صورة من البرقية التي أرسلها لي نقيب الصحفيين طالبا عودتي إلي مصر بصفتي أحد الصحفيين المنتسبين للنقابة . وبعد يومين تلقيت اتصالا منه يطلب مقابلتي . ليخبرني برفض المجلس إصدار قرار بإعادة عضويتي بالنقابة بعد دفع الاشتراكات المتأخرة . واقترح عليَ إقامة دعوي قضائية ضد النقيب الذي خاطبني في برقيته كصحفي نقابي، بينما هو كان قد وقّع علي قرار بفصلي . وهو ما يعني أنني تعرضت لعملية خداع يجب تصحيحها . وحين أوضحت للأستاذ عبد العزيز أن ظروفي المالية لا تسمح بالإنفاق علي هذه الدعوي فتبرع الرجل مشكورا بالسعي فيها مجاناً . وأخذ علي عاتقه الاستمرار فيها حتي النهاية مهما كلفه الأمر. مضي عام كامل قبل أن ينجح الأستاذ عبد العزيز محمد في استصدار حكم من المحكمة باسترجاع عضويتي بالنقابة . فأخذت صورة الحكم وتوجهت بها إلي أنيس منصور طالبا تنفيذ الحكم وإعادتي إلي العمل . فما كان رده عليَ سوي عبارة مقتضبة: (علي جثتي) ثم واصل كلامه قائلا : أنت إيه اللي رجعك بعد ما كنت بتهاجمها في سوريا ولبنان ؟! قلت له: إن مصر التي كنت أهاجمها ماتت برصاصتين في المنصة . أما مصر التي أحبها وأدافع عنها بروحي فباقية وخالدة . ولا أستطيع ولا يمكن أن أهاجمها . لكم مصركم يا أستاذ أنيس ولنا مصر ! خرجت من مكتبه مغمورا بشعور جارف من اليأس بعد أن فقدت آخر أمل لي في العيش بكرامة في وطني .