أداؤه كوزير لم يكن مرضيا..ومشاكل التعليم في عهده كانت كثيرة ومتفاقمة..لذلك حاولنا أن نفتش في دفتر انجازاته خلال توليه الوزارة ربما لا نجد سوي ابتسامته الشهيرة وهدوئه الذي كان مستفزا إلي حد كبير.. تصوير : أميرة عبد المنعم لكن يتبقي للدكتور يسري الجمل أنه حتي الآن لم ينضم إلي حكومة طرة .. في مرحلة أصبح فيها ( الوزير بريئا حتي تثبت إدانته ) دكتور يسري الجمل يتكلم عن أسباب فساد الوزراء في الحوار التالي . أليس غريبا أن تكون وزيرا سابقا في حكومة الدكتور نظيف , ولم نقرأ اسمك في قائمة المرشحين لحكومة طره؟ قال ضاحكا : الحمدلله .. عندما توليت الوزارة لم أكن أملك سوي شقتي في منطقة سموحة بالاسكندرية ولم يكن عندي سكن في القاهرة فاضطررت أن أسكن في استراحة الوزارة بالدقي والحقيقة هي كانت دورين : دورا مخصصا للمغتربين ومعلمي الأقاليم ودورا آخر كنت أسكن فيه بمفردي وعشت فيها سنتين حتي حصلت علي شقة إيجار في مدينة نصر وأعتقد أن ما قمت به هو الطبيعي لأن الوزارة خدمة وتكليف لصالح البلد وهذا في ظني هو مفهوم الوزير ويجب ألا يكون لذلك مردود مادي إضافي . وكم كان مرتبك عندما كنت وزيرا؟ والله أنا فوجئت بالمرتب لأني كنت أعمل في الجامعة العربية قبل الوزارة لمدة 29 سنة وقبلها كنت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولذلك عندما أصبحت وزيرا كانت هذه أول مرة أشتغل في الحكومة وطبعا من الناحية المادية لم يكن هناك مكسب مالي وإنما العكس يعني أذكر عندما أمسكت بشريط المرتب في أول شهر وجدت الرقم التالي : 2300 جنيه مصري فقط لا غير فقلت مش معقول يا جماعة يكون ده مرتب الوزير !! في تقديرك ما الذي يجعل الوزراء يتوحشون بهذا الشكل الذي نراه الآن؟ النفس الأمارة بالسوء .. المفروض أن الوزير هو خادم للشعب ويطلق عليه في الخارج : civil servant وهو واجب قومي ولا يصح أن نستغل هذه الخدمة في التربح او الكسب غير المشروع . المفروض أن الوزير عندما يتولي المنصب يكون هناك إقرار ذمة مالية وفيه رقابة مالية وجهاز للكسب غير المشروع وهذه الأجهزة المفروض أنها كانت تعمل وتري الوزير يوم ما دخل ويوم ما خرج وهل تربح واستفاد من منصبه ومن الواضح ان هذا لم يكن يتم من قبل . هل فوجئت بأسماء الوزراء الذين تم حبسهم الآن علي ذمة التحقيقات لا .. أنا فوجئت ببعض الأسماء التي وردت ضمن القائمة مثل المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة السابق الذي كنت أعرفه لأنه أسكندراني مثلي وكنا نشتغل في عمل تطوعي في تطوير التعليم في الإسكندرية وهذا هو المدخل الذي دخلت منه الوزارة وكانت تجربة ناجحة جدا سميت بتجربة الإسكندرية وهو كان مشاركا بها وهو أيضا من الشخصيات التي لها عطاء للمجتمع السكندري . ماذا عن طبيعة علاقتك بالدكتور احمد نظيف حاليا وهل كان قرار تعيينك لشغل منصب رئيس الجامعة المصرية اليابانية محاولة للترضية؟ بعد خروجي من الوزارة التقيته مرة واحدة في افتتاح الجامعة المصرية اليابانية التي توليت منصب رئيس مجلس أمنائها .. والحقيقة أنا بعدما علمت بالتغيير الوزاري التقيت الدكتور نظيف في مكتبه وأبلغني أن هناك جامعة حديثة تنشأ الآن في الإسكندرية فرشحني لرئاسة الوفد المصري بها لأن مجلس الأمناء به 14 عضوا نصفهم مصريون والنصف الآخر يابانيون وبالتالي أنا تم ترشيحي لرئاسة الوفد المصري بها . بصراحة كم مرة اصطدمت بالقيادة السياسية في سبيل تحقيق مشروعات إصلاحية في التعليم ولم تستطع تنفيذها؟ من أول يوم حدث صدام وكلنا متفقون علي أننا غير راضين ولا مقتنعين بمستوي التعليم قبل الجامعي ولذلك في بداية العمل في الوزارة سعينا لعمل نقلة نوعية من خلال خريطة طريق توصلنا إليها عن طريق دراسة شاملة أجريناها حيث اخترنا مجموعة من الشباب المتميزين وأرسلناهم إلي معهد التخطيط الدولي في باريس للحصول علي دراسات في كيفية إعداد استراتيجية لتطوير التعليم في مصر وعاد هؤلاء الشباب ونجحوا في وضع نموذج رائع خرجنا منه بنتيجة مفادها أنه إذا أردنا أن نعمل نقلة نوعية في مصر فلابد من العمل علي 12 محورا تبدأ بالمعلم والمنهج وأسلوب التدريس وبناء المدارس ونظم المعلومات ونظام الإدارة والاتجاه إلي اللامركزية وطبعا جمعنا كل ذلك ووضعنا الخطة ثم وجدنا أن التكلفة لإحداث هذه الطفرة تتطلب 48 مليار جنيه علي مدار خمس سنوات هذا إلي جانب ميزانية الوزارة وهنا حدث الصدام حيث تم عرض هذه الخطة علي مجلس الوزراء بأسلوب علمي وقلنا إحنا عايزين الفلوس دي علشان نعمل طفرة في التعليم وهنا لم تكن الإدارة السياسية واعية لهذه الخطة التي شارك فيها أكثر من 200 من خبراء التعليم والتربية في مصر إلي جانب الخبرات الدولية . كيف كان دور الرئيس السابق حسني مبارك في العملية التعليمية وهل كان قريبا من مشكلات التعليم وواعيا بها؟ مرات التواصل المباشر معه كانت قليلة يعني أنا قابلته كذا مرة .. لكن ما أذكره طوال عملي بالوزارة أنه اهتم بحاجة واحدة وهي موضوع الثانوية العامة وعبر عن انشغاله بامتحان الثانوية الذي يثير شكوي المواطن ولذلك عقدنا المؤتمر القومي لتطوير التعليم الثانوي حتي نصل لحل للمشكلة .. وعدد مرات لقائي به كان قليلا جدا . ومن كان يتابع مشاكل التعليم معك إذن ويراقب أداء الوزارة .. هل كان المسئول عن المتابعة لجنة السياسات؟ لجنة السياسات كانت تعقد اجتماعات حتي تعرف ماكنا نقوم به في التعليم ! يعني كانت هناك لجنة التعليم في الحزب برئاسة الدكتور حسام بدراوي وكانت من آن لآخر تعقد اجتماعات حتي نقول لها إحنا فين وعايزين إيه .. لكن كنا نتمني أن يكون هناك دعم مباشر من السلطة السياسية لمشروعنا الذي سعينا من خلاله لإحداث طفرة في التعليم لكن هذا لم يحدث . وماذا عن دور جمال مبارك وكيف كان يتدخل في العمل الوزاري؟ كنت أشعر أنه عنصر موجود بلا حيثية لأنه ليس وزيرا ولا رئيس وزراء لكنه كان موضوعا داخل دائرة الاهتمام وله صلاحيات من غير ما يكون له أصلا صلاحيات دستورية وهذا كان وضعا غريبا جدا أن تجد شخصا له صلاحيات ويعقد اجتماعات دون سند من القانون أوالدستور وعندما كانت تعقد لجنة التعليم في الحزب كان يناقشنا دون حيثية أيضا المفروض علي الوزير عندما يكون عنده طلب أو اقتراح أو تقرير حول حالة التعليم أن يقدمه لرئيس الجمهورية أو مجلس الشعب لكن لماذا أعرضها علي شخص جمال مبارك؟ ! ابنتك كانت في المرحلة الإبتدائية عندما كنت وزيرا .. هل سعيت لمساعدتها بأي صورة؟ ابنتي كانت بالنسبة لي عنصر مراقبة لمعرفة أخبار العملية التعليمية وقياس التغيير والتطوير الذي يحدث مثل تطوير الكتب فكنت آخذ منها وكنت أستفيد من ملاحظاتها وانطباعتها لا أكثر ولا أقل . هل كنت ضحية ملف أنفلونزا الخنازير وتسريب أسئلة الثانوية؟ لا أعتقد أنني خرجت من الوزارة لهذه الأسباب كما أن التسريبات حدثت في سنة لكن ضبطنا العملية فيما بعد . كيف تستفيد الدولة من تخصصك العلمي الهام وهل كونك وزيرا سابقا يعني انتهاء دورك في العمل العام؟ ميزة أستاذ الجامعة أنه يظل طوال عمره أستاذ جامعة وحتي عندما يأخذ منصبا من المناصب يعود مرة أخري ليكون أستاذا جامعيا والأستاذ عطاء يظل يعطي طوال حياته وعطاؤه لا يتوقف إلي أن ينتقل إلي الرفيق الأعلي وأنا بدأت في مجال الإلكترونيات النووية وأخذت فيها دبلومة ثم عملت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكنت أدرس إلكترونيات نووية وبعد ذلك حصلت علي دكتوراه من أمريكا في هندسة الحاسبات وعندما كنت في الوزارة كنت متصلا بطلابي في الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه والآن أواصل مسيرتي العلمية في الجامعة المصرية اليابانية .