" لم يعد هناك مكان للفن الجيد في شباك المنافسة بدور العرض السينمائية في ظل حروب توزيع فوضوية تعمل على قتل الفيلم الجيد لصالح الرديء".. هذا ما أكده أحد المنتجين معبّرا عن حال السوق السينمائية في مصر.. فعندما تشهد دور العرض السينمائية طرح فيلم من الأفلام الهادفة والتي تحقق النجاح في الكثير من المهرجانات نفاجأ بعد أسابيع قليلة برفع هذا الفيلم من دور العرض ووضع مكانها أفلام تصنف تحت مسمى الإسفاف.. وهو ما يجعلنا أمام حقيقة أن هناك من يتحكم في عرض الأفلام في دور العرض وعرض الأفلام بها.. وقبل موسم أفلام الصيف نتساءل.. من الذي يتحكم في ذلك ومن له سلطة عرض الفيلم أو سحبه من السوق؟.. المخرج داود عبد السيد من المخرجين الذين تضرروا من التحكم في دور العرض السينمائي بعد سحب فيلمه" قدرات غير عادية" بطولة خالد أبو النجا ونجلاء بدر.. ويقول: فوجئت بسحب الفيلم من دور العرض بعد فترة قصيرة من عرضه، فنحن نعاني من وجود فوضى وحروب للتوزيع وغياب ضوابط منظمة لتوزيع وعرض الأفلام في دور العرض السينمائية لمصرية، واستمرار عرض الفيلم بالسينمات يعتمد على قدرته في تحقيق الإيرادات فقط، عكس ما يحدث بالخارج، وأصحاب دور العرض بمصر يعرضون أفيشات الأفلام لجذب الجمهور، ولا يقومون بعرض الأفلام نفسها، ويكتفون بفتح قاعات أكثر للأفلام التي تستطيع أن تحقق إيرادات أكبر، وبالخارج عرض الأفلام هناك ليس لعبة تحكمها الإيرادات كما هو الحال لدينا، وأصحاب دور العرض يبحثون عن مصالحهم في عرض الأفلام أما الناقد علي أبو شادي- رئيس هيئة الرقابة على المصنفات الفنية الأسبق- فيقول: شركات الإنتاج الاحتكارية هي المتحكمة في عرض الأفلام في أي سينما، فهناك شركتان تمتلكان 75% من دور العرض، والفيلم الذي لا يحقق إيرادات في فترة قصيرة يتم سحبه وخصوصا أن الشركة لها 50% من الإيراد، كما أن تلك الشركات تقوم بخفض عدد الحفلات لأي فيلم لصالح أفلامها، فالسوق السينمائية تعانى مشكلة احتكار دور العرض السينمائي، مما يجعل المنتج الصغير أو الموزع الذي لا يمتلك دورا للعرض عرضة للخسارة، خاصة أن الشركتين في حالة تنافس شديد تصل إلى حد الخصومة، لذلك لابد من تفعيل قانون منع الاحتكار، كما أنه كان هناك نظام اسمه" hold over" ويعني أن الفيلم إذا حقق نسبة 25% من عدد الكراسي الخاصة بالسينما في أول أسبوع من عرضه، وإذا استمر الفيلم محافظا على مستواه يتم عرضه لأسبوع آخر، ولا أعلم إن كان يتم تطبيق هذا النظام بجدية أم لا، ولكن يجب تطبيقه ويعلق المنتج محمد العدل- رئيس لجنة الشكاوى بغرفة صناعة السينما- على ذلك قائلا: أرى أن السبب الرئيسي لهذه المشكلة هو دخول الموزع لمجال الإنتاج، فأصبح هو المالك لكل شيء، وقد قضي تماما علي المنتج الفرد الذي وجد نفسه في مهب الريح لأنه لو أنتج فيلماً أين سيعرضه ومتي؟، فالموزع يتحكم في نوعية الأفلام الموجودة داخل دار العرض، فهناك نوعين من الجمهور، الأول هو جمهور لدار العرض فعلي سبيل المثال هناك جمهور يثق في سينما معينة فيذهب للسينما وهو واثق أنها تعرض الأفلام التي تتوافق مع هواه، أما النوع الثاني فهو جمهور الفيلم وهو جمهور يبحث عن فيلم لنجم معين بصرف النظر عن مكان العرض، فعندما يتحكم الموزع في دار عرض معينة ويرغمها علي عرض أفلام شركته فقط فهذا يفقد الفيلم نصف جمهوره علي الأقل، والحل الأمثل أن يكون التوزيع بمفرده والإنتاج كذلك ودور العرض أيضا، ويجب أن تتدخل الدولة التي تمتلك أكثر من 15 دار عرض تستطيع من خلالها عرض جميع الأفلام لكل الموزعين والمنتجين الصغار