إذا كنا استطعنا بفضل ثورة25 يناير أن نقضى على التوريث السياسيى, فما زلنا فى الفن لم نستطع التخلص من التوريث الفني ونعاني من هذه الظاهرة التي هي في الحقيقة من أخطر الظواهر، والتى انتشرت فى مصر فى الآونة الأخيرة فالأمثلة كثيرة على التوريث أمثال أبناء الفنان عادل إمام ومحمود عبد العزيز وسمير غانم وصلاح السعدنى، وغيرهم ليس فى مجال التمثيل فحسب بل فى أكثر من مجال كالإخراج والإنتاج.
الفن شئ عظيم ويعبر عن شخصية الدولة ومكانتها بين الدول الأخرى، فمصر لها الفن العريق الخاص بها والذى يميزها عن غيرها، ولكن مع ظهور التوريث الفنى دفنت المواهب وكان التوريث هو سيد الموقف الأمر الذي جعلنا نحقق فى هذا الموضوع أملا فى الوصول إلى حل سريع وجذرى للقضاء على هذه الظاهرة.
يقول على جاد، طالب بكلية الاعلام جامعة القاهرة، "التوريث فى الفن عار وبيظلم مواهب كتير خصوصا إن معظم أبناء النجوم مبيكونوش على قدر الموهبة بتاعت أهاليهم". ويرى أحمد حسن طالب بكلية الحقوق جامعة بنها، إن التوريث فى السينما يمكن أن يطلق علية لفظ مهزلة أى حد ممكن يدخل ابنه لمجرد إنه ابن الفنان فلان أو الفنان علان.
بينما يؤكد يوسف أشرف، طالب بكلية التجارة، "ما يحدث للفن سيقضى عليه إن اجلا أو عاجلا فأنا أناشد كل مسئول عن الفن فى مصر الإسراع للحفاظ على تراثنا من الضياع والإهمال والتوريث موجود من زمان فى مجتمعنا". ويشير محمد حسن، مهندس إلكترونيات، "إحنا اتعودنا على كدا من زمان إن ابن الممثل ممثل وابن الظابط ظابط وابن الدكتور دكتور، البلد للأسف ماشية بالكوسة وحالها مش هينصلح فى يوم وليلة يعنى دا محتاج سنين لأن المشاكل كتيرة مش فى الفن بس لأ فى كل المجالات تقريبا".
وتقول يارا عبد العاطى، ربة منزل، "أنا مع التوريث الفنى فى حاجة واحدة بس لو فعلا ابن الفنان دا أو الفنانة مبدع وعنده موهبة فى الحالة دى يستحق إنه يمثل لكن التوريث مبيفرقش بين موهبة ولا لأ والتوريث ظاهرة انتشرت فى مصر ودا طبعا غلط جدا".
وتوضح نورا أحمد، طالبة بكلية الأداب جامعة عين شمس، "أنا ضد التوريث فى كل حاجة والواسطة للأسف موجودة وهى سبب أساسى ورئيسى فى التوريث الفنى على وجه الخصوص والفساد بشكل عام يعنى، وأنا شايفة إن مواجهة التوريث الفنى صعب جدا والمشكلة دى مستحيل تتحل لأنها موجودة فى كل دول العالم تقريبا".
الفن ديموقراطية وفى هذا السياق، تقول الناقدة الفنية حنان شومان، إن التوريث الفنى أحنا فى بلد فكرة توريث المهنة فيها مسألة قديمة قدم التاريخ سواء فى مجال الطب أو الهندسة وبالتحديد فى مجال الفن.
وتضيف شومان، أن فكرة أن الابن يرث مهنة والده حيث يعتبر الابن والده مثله الأعلى بالنسبة له ويريد أن يكون مثله ليس خطئا، مشيرة إلى أنه فى المطلق ليست ظاهرة سلبية ولكن حين تتحول إلى أن الابن يرث والده لأنه يملك مفاتيح المهنة وليس الموهبة عندها تكون الظاهرة سلبية. وتتابع الناقدة الفنية :"الفن هو المهنة الوحيدة فى البلد التى يوجد بها ديمقراطية فلا يمكن أن يصل الابن أو الابنة للنجومية اعتمادا على واسطة أبيهم لأن الفنان هو انتخاب جماهيرى ولا يمكن أن يحب الجمهور فنان بالواسطة وهناك امثلة كثيرة على ذلك". وتشير إلى أنه للأسف الشديد لدينا فكرة تسيطر الآن على الوسط الفنى وهى فكرة الخاطر وهى أن يعمل المخرج أو المولف خاطر للنجم فى العمل فيقوم باشراك ابنه او ابنته فى العمل وذلك تقديرا للنجم الكبير الأب . وتوضح الناقدة الفنية ماجدة موريس، أن التوريث للأسف من أسوأ الأمور وليس التوريث فى الفن فقط بل التوريث موجود فى كل شئ من حولنا ومن المفترض الا يصل الفن الا للموهوب فقط والكثير فشل فى ايصال ابناءه الى الفن.
وتضيف موريس، "أى شخص غير مؤهل للتمثيل أو الفن بصفة عامة ينصرف الناس عنه بسرعة وعلينا أن نحترم الموهوب والمبدع بغض النظر عن عائلته"، مشيرة إلى أن أقرب مثال تجربة مسرح مصر وتياترو مصر فهؤلاء الشباب وصلوا إلى هذا النجاح بفضل مواهبهم وإصرارهم على النجاح ومعظمهم ليس له قريب أو ما يسمى بالواسطة فى المجال الفني.
وتؤكد الناقدة الفنية، توريث الفن شئ خطأ وحين يصل مجتمعنا إلى التوريث كعادة متأصلة فى حياتنا فستكون العواقب وخيمة، لافتة:" ما نقدرش نكتشف التوريث فى أى حاجة تانية إنما فى الفن يتم اكتشافه بسرعة"، لافتة إلى أن المجتمع لابد أن يكون مؤهل ويحصل كل شخص على حقه كاملا.
الفن لا يورث وفى نفس السياق، يقول الناقد الفنى طارق الشناوى، إن توريث الفن خلال الأعوام الماضية لم ينجح وفشل أبناء معظم الفنانين أن يكونوا نجوم شباك مثل آبائهم ولم يتميز منهم سوى حالات استثنائية قليلة جداً.
ويضيف الشناوى، الفن لا يورث ولا علاقة له بالنشأة فى أسرة فنية، وثورة يناير أنهت سيناريو التوريث لكن هذا السيناريو واصل طريقه فنيا دون أن توقفه أى ثورة، مشيرا إلى أن ثورات الربيع العربى أوقفت سيناريو التوريث فى العديد من الجمهوريات العربية مصر وتونس وليبيا واليمن، ولكن يبدو أن الثورة لم تمر بعد على الوسط الفنى.
ويتابع:" مساعى أغلب النجوم لتوريث الفن والموهبة والشهرة لأبنائهم فشلت خاصة مع ظهور نماذج مثل الفنان محمد رمضان الذى نشأ فى أسرة ليس لها أى علاقة بالفن واستطاع أن يحقق نجاحات كبيرة خلال الفترة الأخيرة فى السينما والدراما متفوقاً على عدد من منافسيه من أبناء نجوم كبار".