- التجاوزات ضد الجيش أصابتها بالألم فقررت أن تؤلف رواية بعنوان "حكايتى مع البيادة" - البيادة أقل مفردات الزى العسكرى شأناً ولكن من يرتديها يؤمن بمبدأ التضحية من أجل الوطن - لم أستطع أن أحمل سلاحا لكن فى يدى قلم أدافع به عن بلدي - أنصار "يسقط حكم العسكر" ولدوا فى عصر سلام ولكن لم يدركوا أن السلام يحتاج لقوة تحميه استفزتها بعض التجاوزات غير اللائقة من أنصار "يسقط حكم العسكر"، وشعرت بالضيق من لفظ "عبيد البيادة" فقررت أن تؤلف رواية بعنوان "حكايتي مع البيادة".. إنها الكاتبة غادة نوارة التى قررت أن تحكى عن قصة زوجها وعمها ودورهما فى الدفاع عن الوطن خلال حرب 1973، حيث جعلت من البيادة وهى إحدى مكونات الزى العسكرى رمزا للتضحية والوفاء .. هذه الرواية التى تحمل بين صفحاتها تفاصيل تجربة إنسانية تستحق التأمل تصدرت قائمة الأكثر مبيعا مؤخرا.. فمن هى غادة وماذا عن حكايتها مع البيادة؟.. التفاصيل فى سطور الحوار التالى: في البداية.. من هى غادة نوارة ولماذا اخترتِ لكتابك اسم "حكايتي مع البيادة"؟ أنا مواطنة مصرية مثل كل المواطنين المصريين الذين هزتهم الأحداث الخطيرة التي مرت على بلدنا، خريجة إعلام قسم صحافة وحصلت على دبلوم السياسة الدولية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ودرست خمس سنوات في معهد ديني للقرآن وعلومه، عملت في الصحافة عدة سنوات وتوقفت لأتفرغ لأولادي، وحالياً أكتب في بوابة روزاليوسف، وانفعالي مع الأحداث الماضية كان بشكل مختلف لكوني زوجة ضابط سابق بالقوات المسلحة، وقريبة من حقائق الأحداث وليس فقط ما يُبث في وسائل الإعلام المختلفة، أو تحاول التيارات السياسية المختلفة ترويجه لصالح أهداف خاصة وليست أهداف وطنية، ولكوني صحفية يجب علي القيام بدوري في المجتمع. والحقيقة أن مصطلح "عبيد البيادة" الذي كان يُروج له استفزني، وقررت أن يضم الكتاب في عنوانه كلمة البيادة، وقد تكون البيادة أقل مفردات الزي العسكري شأناً ولكن من يرتديها هو الوحيد الذي يؤمن بمبدأ التضحية بحياته في سبيل الدفاع عن بلده. هل ساعد اسم "حكايتn مع البيادة" فn إحداث رواج للكتاب، أم أنه كان عاملا سلبيا؟ حكايتي مع البيادة كان جاذباً للناس، وخصوصاً الذين يحبون الجيش، البيادة بالنسبة لهم غالية وعزيزة؛ لأنهم يدركون وطنية من يرتديها والتضحيات التي يقدمها، وطبعاً العنوان يكون عاملاً مهماً في الترويج للكتاب، والحمد لله كتابي ضمن الكتب الأكثر مبيعاً في إحدى المكتبات التي يُباع فيها الكتاب. الراوية تبدو تجرية شخصية.. ما الذى دفعك لكتابتها؟ أحكي في الكتاب عن كل رجال الجيش الذين كان لي علاقة مباشرة معهم، عن زوجي وعمي الذي قضى سبع سنوات في الجيش منذ 1967 حتى 1974. وكانت بعض التجاوزات والشعارات ضد الجيش تعنى بالنسبة لي أننا نواجه مشكلة في التنشئة والتوعية والتعليم، مشكلة في القدوة التي فقدها هؤلاء الشباب؛ بسبب أن هذه القدوة أصبحت سيئة، وبسبب الأخطاء التي ارتكبتها الأنظمة السابقة فقد هؤلاء الشباب الثقة في مؤسسات الدولة، وبعد العمليات الإرهابية شعرت أن مصر تواجه خطرا حقيقيا، لأن الشباب الذي من المفترض أن يشارك في البناء والتنمية والدفاع عن بلده نجده يهين جيش بلده الذي يحميه ويدافع عنه، أو يشارك في عمليات إرهابية، شعرت بالعجز، وأنا بالطبع لا أستطيع حمل سلاح والدفاع عن بلدي، ووجدت أنني مازلت أمتلك قلماً ويقيني أنه كالسلاح نستطيع أن ندافع ونبني به. أنت زوجة لضابط سابق بالقوات المسلحة.. ألم يمانع في أن تنشر قصة حياته في رواية؟ الحقيقة أن زوجي لم يمانع، ولكنه لم يكن يتخيل أنني سأنهي هذا العمل لأنه يعرف أنني أعطي الأولوية لأسرتي، ولكنه فوجئ بعد عدة أشهر أنني على وشك الانتهاء من الكتاب، وعندما قرأه لم يجد ما يمنع نشر بعض من خصوصياتنا في سبيل أن يدرك الناس الحقائق ويعرفوا الطبيعة الصعبة التي يعيشها ضباط الجيش وأسرهم. في ملخص بسيط.. ما الرسالة التي أردت أن تصل إلى الناس من خلال روايتك؟ بلدنا عظيمة وجميلة وتستحق منا التضحية كي تخطو خطوات للأمام وبالإرادة والعزيمة نستطيع معاً أن نحقق ما نريد، ونشارك في الإصلاح ومواجهة الفساد والبناء والتنمية، فالمصريون الذين بنوا حضارة منذ آلاف السنين هم أنفسهم الذين عبروا القناة وحطموا خط بارليف وانتصروا على أعتى الجيوش تسليحاً وتحصيناً. هل كانت هناك ردود فعل سلبية بمن يصفون من يحبون الجيش المصرى بأنهم "عبيد البيادة"؟ حتى الآن- الحمد لله- لم أتلق أي ردود فعل سلبية، بل على العكس كانت ردود الفعل إيجابية خاصة عندما صارحت المحيطين بي بفكرة الكتاب، فكنت أسمع عبارات "والله برافو عليك - شاطرة – ده هيكون كتاب مهم جداً - ياريت الشباب يقرأوه"، وظهر رد الفعل الإيجابي هذا في حفل توقيع الكتاب، حيث شعرت ليس فقط بدعم الناس وتضامنهم مع فكرة الكتاب كفكرة وطنية، ولكن باحتفائهم بمواطنة مصرية تحاول القيام بأي عمل بسيط لبلدها، وكان كتابي أيضاً فرصة لصديقات لي استشهد آباؤهن في 67 و73 وشعرن أن هذا الكتاب يتحدث عن تضحيات آبائهن وبطولاتهم. منذ ثورة 25 يناير ومرورا بالعديد من الأحداث ووصولا لثورة 30 يونيو.. وظهور مصطلح "يسقط حكم العسكر" .. و"عبيد البيادة" وغيرها.. كأسرة ضابط بالجيش، كيف كنتم تتعاملون مع هذه المواقف والأحداث؟ التجاوزات في حق الجيش والهتاف ضده أصابني بالألم؛ لأنني شعرت أن تعبي وحرماني من زوجي ليقوم بعمله لا يقدره هؤلاء، ثم بعد ذلك العمليات الإرهابية صدمتني؛ لأني لم أكن أستوعب كيف يُستهدف ويُقتل من يحمي الوطن. وأنا شاركت في ثورة يناير بهدف وطني للتغيير للأفضل، وتوقفت بعد ذلك عن المشاركة عندما شعرت بالخطر عندما حاول البعض الانحراف بالثورة عن مسارها الصحيح في اتجاه إسقاط مؤسسات الدولة، ولم يعترض زوجي على مشاركتي، ولكنه كان يحذرني من وجود أجندات خارجية وأياد خفية تحاول العبث بالوطن، وهذا ما اتضحت صحته للجميع فيما بعد بالرغم من سخرية الكثيرين من هذا الكلام.. وطبعاً شاركت وأولادي في ثورة الشعب المصري 30 يونيه للتخلص من حكم الإخوان. رصدتِ التغيرات التي حدثت في المجتمع المصري في السنوات الماضية والتناقضات التي يتميز بها المجتمع المصري الآن.. ما أبرز هذه التغيرات والتناقضات؟ كل واحد يطلب ممن حوله التغيير ولا يطلبه من نفسه، معظم الناس ينتقدون الفساد الذي انتشر في المجتمع المصري وأصبح كالسرطان، ومع ذلك يشاركون هم في هذا الفساد بدفع رشاوي عندما يقومون بإنهاء مصالحهم وأوراقهم، تحول كل شىء في مجتمعنا لعمل تجاري بمعنى الاستثمار في معظم قطاعات الدولة في التعليم والصحة والفن والإعلام وهكذا، ولكن كان ينبغي قبل الاستثمار في أي مجال أن يلتزم المستثمرون بالمعايير المهنية والأخلاقية في هذه المجالات، وتحولنا لمجتمع استهلاكي غير منتج يهتم بالمظاهر على حساب الجوهر والجودة والتقليد الأعمى لكل ما هو غربي والتنصل من هويتنا المصرية والعربية والإسلامية، فالشباب يتباهون بالحضارة الغربية وينسون أن الحضارة المصرية والإسلامية كانت المنهل الذي نهل منه الغرب في وقت كانوا يغطون في نوم عميق. لماذا لا يدرك بعض الشباب طبيعة الدور الذي يقوم به الجيش المصري وخطورته.. وكيف ألمحت لذلك في روايتك، أو كيف حاولت تصحيح المفاهيم لديهم؟ لا يدرك بعض الشباب طبيعة الدور الذي يقوم به الجيش، لأن هذه الأجيال لم تعش الانتصارات والبطولات التي عشناها ولم يعرفوا التضحيات التي يبذلها رجال القوات المسلحة، ولم يعرفوا لماذا رجال جيشنا العظيم هم خير أجناد الأرض، هؤلاء الشباب ولدوا في عصر سلام، ولم يعرفوا أن السلام يحتاج لقوة تحميه، ولم يدركوا أنه كان على جيشنا استمرار التدريب والتسليح ليقي بلدنا شر الحروب، ويكون مستعدا في أي وقت لحماية بلدنا والدفاع عنها وعدم الانزلاق إلى ما آلت إليه بعض الدول العربية بسبب ما يسمى بثورات الربيع العربي.. إن وعي الشباب أمن قومي، وللأسف هؤلاء الشباب يواجهون- على مواقع التواصل الاجتماعي- حرباً نفسية يبث خلالها أعداء الوطن السموم والشائعات التي بتكرارها قد يصدقونها ويفقدون الثقة في أنفسهم وفي مؤسسات بلدهم الوطنية، وخطورته أن الروح العدائية والانهزامية والشك والإحباط لا تبني الأوطان ولا تحقق التنمية، بل تحقق الأغراض الدنيئة لأعداء الوطن. كزوجة ضابط .. كيف تابعتِ الدور الذي قام به الجيش المصري منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن؟ القوات المسلحة هي العمود الفقري لمصر والذي ظل صامداً يواجه التحديات والمخاطر التي واجهتنا في الفترة الماضية، وقوة هذه المؤسسة ووطنية رجالها وإخلاصهم وتضحياتهم هو الذي حال دون سقوط بلدنا كباقي الدول من حولنا، واقتصاد القوات المسلحة القوي هو الذي جعلها تعتمد على نفسها، وخاصة في هذه اللحظات الفارقة من عمر الوطن، وبعد توقف السياحة وهروب الاستثمارات وتوقف معظم قطاعات الدولة عن العمل، استطاع هذا العمود الصلب الوقوف مع الدولة والحفاظ على الحد الأدنى من مقوماتها والحفاظ على مؤسساتها والحيلولة دون سقوطها، كما أن القوات المسلحة تحملت هذه التجاوزات والشعارات، وأفشلت المحاولات العديدة للوقيعة بين الشعب والجيش لجر البلد لحرب أهلية.