أسعار الخضار والبطاطس ب الأسواق اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025    للمرة الثانية.. غارات إسرائيلية تستهدف مفاعل نطنز النووي في إيران    ردًا على ترامب.. الحرس الثوري الإيراني: على الجميع داخل إسرائيل المغادرة فورًا    ترامب: اعقتد أن إيران ترغب في التوصل لاتفاق    وكالة إس إن إن: إيران تعتزم مهاجمة قاعدة جوية عسكرية إسرائيلية حساسة    سحر إمامي.. المذيعة الإيرانية التي تعرضت للقصف على الهواء    تشكيل بروسيا دورتموند المتوقع أمام فلومنينسي في كأس العالم للأندية    مكافآت ضخمة للاعبي الأهلي حال الفوز على بالميراس    انخفاض درجات الحرارة والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    وزير الدفاع الأمريكي: تعزيزات عسكرية إضافية إلى الشرق الأوسط لحماية إسرائيل    أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 17 يونيو بالصاغة    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    بوكا جونيور يتقدم على بنفيكا بهدفين في الشوط الأول بمنافسات المجموعة الثالثة    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع عاصمة البحيرة| صور    مصرع عامل في حريق مطعم شهير في الطالبية    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    قناة الأهلي: عقوبة تريزيجيه خصم نسبة من عقده    فايق يكشف قرار الأهلي تجاه إمام عاشور بعد الإصابة    أكسيوس: الولايات المتحدة تبلغ حلفاءها أنها لن تنضم إلى الحرب ما لم تستهدف إيران الأمريكيين    حرب إسرائيل وإيران.. البيئة والصحة في مرمى الصواريخ الفرط صوتية والنيران النووية    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    "سقوط حر" يكشف لغز جثة سوداني بفيصل    مباحث الفيوم تتمكن من فك لغز العثور على جثة شاب مقتول بطلق ناري    محاكمة تشكيل عصابي متهم بسرقة المواطنين بالإكراه ببولاق أبو العلا اليوم    العثور على جثة مسنّة متحللة داخل شقتها في الزقازيق    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    تركى آل الشيخ يزور الزعيم عادل إمام ويعلق: بصحة جيدة وشربت عنده أحلى كوباية شاى    فاروق حسني يكشف تفاصيل مثيرة بشأن المتحف المصري الكبير وموقف غريب لمبارك    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    تراجع أسعار الذهب العالمي رغم استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران    أمريكا: حالات الإصابة بمرض الحصبة تقترب من 1200 حالة    مسئول بالغرف التجارية: التوترات الجيوسياسية تلقي بظلالها على أسعار الغذاء.. والمخزون الاستراتيجي مطمئن    النحاس: زيزو منحنا انطباع أنه لن يستمر في الملعب أكثر من 60 دقيقة    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية الثانية للنظام الجديد والاقتصاد والاحصاء القديم.. اليوم    قطع أثرية بمتحف الغردقة توضح براعة المصريين القدماء فى صناعة مستحضرات التجميل    مستشارة الاتحاد الأوروبي: استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل مصدر قلق    هل تتأثر الزراعة والمحاصيل الصيفية بمصر مع استمرار الحرب؟.. الجبهة الوطنية تكشف التفاصيل    طاقم حكام تشيلي يدير مباراة إنتر ميامي وبورتو بمونديال الأندية    أخبار 24 ساعة.. الوزراء: الحكومة ملتزمة بعدم رفع أسعار الوقود حتى أكتوبر    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    حصاد بنك المعرفة للعام المالي 2024/2025: تحول إلى منصة إقليمية رائدة    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    إيبارشية قنا تستقبل أسقفها الجديد بحضور كنسي    اتحاد المرأة بتحالف الأحزاب يعلن الدفع بمجموعة من المرشحات بانتخابات مجلسي النواب والشيوخ    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير العمل والأكاديمية الوطنية للتدريب يبحثان تعزيز التعاون في الملفات المشتركة    وزير العمل يستقبل المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب- صور    محافظ الإسماعيلية يتفقد مستشفى القنطرة شرق المركزي والمركز التكنولوجي (صور)    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    محافظ المنوفية: مليار و500 مليون جنيه حجم استثمارات قطاع التعليم خلال ال 6 سنوات الأخيرة    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يدشنان القافلة الطبية المتكاملة بمنشأة سلطان    الصحة: لا نعاني من أزمة في أعداد الأطباء.. وبدء تحسين أوضاع الكوادر الطبية منذ 2014    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي أخفاه باباوات الكنيسة المصرية حول حقيقة مواقفهم من إسرائيل؟
نشر في بوابة الشباب يوم 29 - 11 - 2015

"دمه علينا وعلى أولادنا"..شكلت هذه العبارة- التي قالها أنصار السيد المسيح وقت محاكمة اليهود له- العلاقة بين المسيحية واليهودية في الشرق الأوسط على وجه الخصوص. لكنه تشكيل مخل؛ لأن المسيحية ليسj هي الأرثوذكسية المصرية فقط، واليهودية بالطبع ليست هي دولة إسرائيل فقط.
ملف خاص يكتبه - سامح سامي:
- موقف الكنيسة من إسرائيل لخصه البابا شنوده: هؤلاء احتلوا فلسطين بوعد من بلفور وليس بوعد من الله
- باباوات الكنيسة القبطية لم يتعاملوا مع إسرائيل من منطلق الوطنية فقط
- الوطنية في ذيل قائمة تعامل باباوات الكنيسة القبطية مع إسرائيل.. والخلاف الأبرز حول دير السلطان
- البابا كيرلس السادس عارض تبرئة إسرائيل من دم المسيح والبابا شنوده كان الأكثر تشددا
==
أثارت زيارة البابا تواضروس الثاني بطريرك الأقباط الأرثوذكس الكثير من الجدل بين مؤيد ومعارض. وما يهمني هنا المناقشة الهادئة لزيارة البابا تواضروس الثاني للقدس. وأقول لمن يدافع عن زيارة البابا من الأقباط:"للأسف الكنيسة تؤكد أن موقفها ثابت لم يتغير"، أي ليس هناك مجال للدفاع عن حرية التنقل، أو السماح بزيارة القدس، ولمن يدافع عن موقف البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث أرجوه أن يعلم أن الموقف ليس كله وطني كما يظنون، ولمن يفرق بين السياسة والوطنية أقول له إن الكوارث تأتي من الكلام الناعم غير الحازم، ولمن يدعي أنه من حق الأقباط زيارة القدس أذكره أن من فعل ذلك ومنع الأقباط من الزيارة هو البابا شنوده الثالث نفسه، وبالتالي دفاعك عن زيارة البابا تواضروس انتقاصا لبابا آخر، ومفارقة للتقليد الكنسي.
لكن ما يهمنا أكثر هنا هو بيان موقف الكنيسة الأرثوذكسية المصرية من إسرائيل الذي سبق قيام الدولة الفعلي. فإسرائيل هو شخص "أي يعقوب" وشعب " أي العبرانيين"، ثم تحوّل هذا الشخص إلى فكرة "الصهيونية"، وذلك الشعب إلى دولة "إسرائيل المحتلة".
بداية يجب على القارئ معرفة أن الكنيسة المصرية تمتلك أملاكا في القدس، منها دير السلطان الشهير الذي عليه نزاع بين الكنيسة ودولة إسرائيل، والتي قبل تأسيسها كفكرة أو كدولة، كانت الكنيسة القبطية ترسل بعثات إلى القدس. ويذكر كتاب " أقباط ومسلمون" لجاك تاجر أنه وفق دعوة الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين خلال الحكم المملوكي لمصر (1250-1517)، أصبح لبابا الإسكندرية ممثل في القدس، بعد أن كان الأقباط في عهد المماليك يعانون صعوبات كثيرة للحصول على إذن بالحج إلى الأراضي المقدسة. لكنهم استطاعوا بعد ذلك أن يقوموا كل عام بهذا الغرض تحت رعاية السلطات.
وأشار جاك تاجر إلى أوجه الشبه بين المسلمين والمسيحيين في مصر، حيث تعلق الأقباط بالحج إلى كنيسة القيامة بالقدس كي ينالوا لقب «حاج» ولا يفوتهم أن يحيطوا سفرهم إلى القدس بنفس المظاهر التي كان يحيط بها المسلمون سفرهم، فكانوا يذهبون على هيئة قوافل عددية.
وظل التقديس "الحج" هدفا لكل المسيحيين في مصر، كغيرهم من المسيحيين حول العالم. لكنه لم يخفت إلا بعد تأسيس دولة إسرائيل، إلا أنه لم ينقطع، حتى مع عنفوان قرار البابا شنوده الثالث منع السفر للقدس؛ لأن قرار البابا شنوده كان توظيفا سياسيا بالأساس، لقرار سابقه البابا كيرلس السادس الذي كان قراره يخص "شأن إداري كنسي".
وقد شهد أربعة بابوات للكنيسة القبطية الأرثوذكسية نشأة إسرائيل كدولة في 1948، وهم البابا يوساب الثاني (1946-1956)، وبعد رحيله ظلت الكنيسة ثلاث سنوات بدون بابا على كرسي مار مرقص الرسولي، ثم جاء البابا كيرلس السادس (1959- 1971)، وبعده البابا شنودة الثالث (1971- 2012)، وأخيرا البابا تواضروس الثاني (2012- )
والبابا يوساب الثاني، وهو أحد الباباوات المثيرين للجدل في تاريخ الكنيسة، معروف عنه أنه ترهبن بدير القديس الأنبا أنطونيوس 1900 باسمه الأصلي اقلاديوس، وكان له من العمر 15 عاما، ثم أوفده البابا كيرلس الخامس في بعثة علمية إلى أثينا سنة 1902. وبعد عودته تولى مناصب دينية كثيرة، وفي سنة 1912 عين رئيسا لأديرة الأقباط في القدس وفلسطين ثم وكيلا عاما لأيباراشية الكرسي الأورشليمي، وهو الكرسي الذي كان يجلس عليه أنبا آبراهام مطرانا، والذي توفى وبسببه سافر البابا تواضروس الثاني للقدس.
ثم جاء البابا كيرلس السادس الذي كان على علاقة طيبة مع الرئيس جمال عبد الناصر، وتزامن مع فترة بابوية الأنبا كيرلس السادس ظهور صريح للصهيونية العالمية التي واصلت حملاتها الإعلامية لإقرار وثيقة التبرئة من دم السيد المسيح، ولمحو عبارة " دمه علينا وعلى أولادنا"، ونجحت في تعبئة الرأي العام الأوروبي والأمريكي. وفي جو هذه الحملة افتتحت الدورة الثالثة للمجمع المسكوني للفاتيكان في 16/5/1964 وعرضت فيها الوثيقة للمناقشة. وقد طالب أحد الكاردينالات أعضاء المجمع المسكوني بضرورة "الاقتداء بالمسيح في محبته للشعب اليهودي". ورفض الفاتيكان كثيرا فكرة التبرئة إلا أنهافي النهاية تمت في 1964، وأثار قرار الوثيقة في أوساط الطوائف المسيحية الشرقية – خاصة في مصر وفلسطين وسوريا- عاصفة من الانتقادات تركزت بالدرجة الرئيسية على انكار صلاحية المجمع المسكوني الفاتيكاني "الكاثوليك" لتغيير نصوص الإنجيل الصريحة.
وفي مصر أعلنت الكنيسة القبطية برئاسة البابا كيرلس السادس في 26/9/1964 معارضتها لاقرار الوثيقة واتهمت الصهيونية بتضليل الكنيسة الكاثوليكية. وبعد نكسة 1967 وهزيمة مصر أمام دولة إسرائيل المحتلة، ومحاولتها تهويد القدس، قرر البابا كيرلس السادس منع زيارة الأقباط إلى الأماكن المقدسة؛ وذلك بعد أن مكنت إسرائيل بعض الرهبان الأحباش من الاستيلاء على الأديرة القبطية، وخاصة دير السلطان، وكذلك كنيسة القيامة، فكان موقف البابا كيرلس احتجاجا على تعنت إسرائيل مع الأقباط، والاستيلاء على ممتلكاتهم هناك.
ورحل البابا كيرلس السادس، وجاء بعده البابا شنوده الثالث فكان الأكثر وضوحا في مسألة علاقة الكنيسة القبطية بإسرائيل، كفكرة وكدولة، حيث رفض البابا شنوده الثالث في نقابة الصحفيين، فكرة وجود شعب الله المختار، قائلا إن "الشعب الإسرائيلي المحتل لفلسطين ليس شعب الله المختار"، وكان غرضه من ذلك سد الطريق أمام أفكار "الصهيونية المسيحية" التي تؤمن بأن قيام دولة إسرائيل عام 1948 كان ضرورة حتمية؛ لأنها تتمم نبؤات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وتشكل المقدمة لمجيء السيد المسيح الثاني إلى الأرض كملك منتصر، حيث يعتقد الصهاينة المسيحيون أنه من واجبهم الدفاع عن الشعب اليهودي بشكل عام، وعن الدولة الإسرائيلية العبرية بشكل خاص.
ثم أكمل البابا شنوده الثالث، الذي سمي ب" بابا العرب"، مواقفه الرافضة لشعب إسرائيل المحتل فلسطين، حيث قال أكثر مرة إن "هؤلاء احتلوا فلسطين بوعد من بلفور، وليس بوعد من الله، وإنهم يتخذون من آيات كتابية يحرفونها ويفسرونها كما يحلو لهم تبريرا لأفكارهم ومواقفهم العنصرية".
وكان البابا شنوده الثالث كثيرا ما كان يتحدث عن منع زيارة القدس- الذي هو قرار سابقه البابا كيرلس- بسبب تعنت إسرائيل، وعدم تنفيذها حكم قضائي يقضي باستعادة دير السلطان رسميا إلى الكنيسة، وكان يقول :"ويسرى هذا القرار تلقائيا طالما أن الدير لم يتم إستعادته، أو لم يصدر قرار من المجمع بخلاف ذلك"
ولكن بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، وخلافه مع الرئيس أنور السادات رفض البابا شنوده الثالث السفر للقدس من منطلق وطني، قائلا عبارته الشهيرة :"الأقباط لن يسافروا للقدس إلا مع المسلمين بعد تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي"، بل كثيرا ما دعا البابا شنوده الأقباط المتشوقين إلى زيارة القدس لضبط النفس، وعدم الاندفاع العاطفي؛ لأن الوقت المناسب لم يحن بعد.
وكانت تعتبر الكنيسة، أيام البابا الراحل الأنبا شنوده الثالث، أن سفر الأقباط لإسرائيل "رحلات فردية"، وينطبق عليهم الحرمان الكنسي، أي عدم "التناول" عقب القداس الإلهى، وهو أحد أهم أسرار الكنيسة السبعة، ولم يتغير الموقف كثيرا مع حلول البابا تواضروس وجلوسه على كرسي الإسكندرية خلفا للبابا شنوده، فقد صرَّح بأنه: :"لا تغير في موقف الكنيسة في ذلك الموضوع منذ عهد البابا الراحل شنودة الثالث ولا علاقة لنا بالكنائس التي تسمح بالسفر"، ويقصد بالكنائس هنا، الإنجيلية والكاثوليكية. لكن يلاحظ أن المنع في عهد البابا تواضروس لا تواكبه أو تصاحبه تهديدات كنسية أو حرمات دينية، بل ينظر إلى كل حالة لزائر على حدة، كما اختفت كذلك مسألة الاعتذارات الرسمية على صدر الصحف الرئيسية في الدولة، التي كان معمول بها أيام البابا شنوده الثالث. وجاءت زيارة البابا تواضروس الثاني الأخيرة للقدس لتفتح باب الجدل المجاني حول مدى تغيير مواقف الكنيسة القبطية من زيارة القدس، ليتبين لنا أن موقف الكنيسة من زيارة القدس موقف فردي يتخذه رئيس الكنيسة أو مجمعه المقدس، فلا يكون له علاقة في الأغلب بالوطنية، أو بالمسيحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.