الحب هو المشاعر التي نظل نبحث عنها مادام هناك نبض بين الضلوع, وما بين القلب والعقل مسافات كبيرة في كل شيء حتي في اتخاذ قرارات الارتباط, فقد ينشأ الحب أولا, أو قد يجبر العقل علي أن نحب من اخترناه بحسابات عقلية مجردة ويسمي حب العشرة والمودة بين الطرفين.. ولكن هل يكون للحب تاريخ صلاحية بين الرجل والمرأة؟ وأيهما أقوي وأكثر استمرارا بالعشرة أم حب القلوب؟ هذا ما سنعرفه خلال سطور التحقيق التالي. الشباب: المواقف تحدد المدي الزمني للحب بين الطرفين التعامل مع ما تقدمه الزوجة علي أنه مسلمات ودورها الطبيعي يقتل الحب علم النفس: كل طرف فيه عيوب ..والإنسان زي "القرع" يمد لبره علم الاجتماع: التطلعات المجتمعية جعلت الحب "نَفَسُه قصير" تحقيق: مروة عصام الدين تصوير: محمود شعبان المسئولية تضعف الحب التزامات الحياة توهن القلب وتجعله غير قادر علي ضخ كمية المشاعر التي اعتاد عليها تجاه شريك حياته مثلما كان عليه من قبل, وهو ما تؤكده نفين مسعود - موظفة بأحد البنوك30 سنة- وتقول: أنا متزوجة منذ 7 سنوات, وعندما فكرت في الزواج كان نفسي أتزوج بطريقة مختلفة, غير تقليدية فيها إثارة تخليني أحس أني عايشة قصة حب مميزة, وعندما قابلت فتي أحلامي – أو هكذا تصورت في البداية- كانت الحياة وردية, ولم أفكر في الأعباء أو المسئولية, حتي أن بعض المشكلات التي واجهتنا في فترة الخطوبة كنا نتجاوزها وتغلبنا عليها من أجل إتمام الزواج, وتزوجنا وبدأت المسئولية تتجسد في التزامات تجاه البيت والأولاد وأسرة كاملة, وبدأت ضغوط المعيشة تزداد واحدة تلو الأخرى, فضلا عن ارتفاع الاسعار, هذا غير أن طموحي يزداد ربما أكبر من الامكانيات المتاحة, وبدأت وقتها أعرف أنني تسرعت في الارتباط, وأنني تعجلت الزواج في سن صغيرة دون وعي وإدراك كامل لطبيعة المسئولية أو العلاقة, لذا أنصح أي بنت أن تنتظر, ولا تتعجل, لأن الحب المبكر هو حب غير ناضج يضعفه المسئولية ويقتله ملل الأحداث التي لا تتغير. المواقف تحدد صلاحية الحب أما أحمد أشرف - طالب بكلية الآداب 21 سنة- يقول: كل مرحلة لها طبيعة معينة من الحب أو الانجذاب تجاه الشخص الآخر, وكل حب له إحساس معين, يعني أنا التي أحدد علاقتي بالفتاة التي أحبها هو مواقفها وتصرفاتها معى وتصرفاتها هي التي تحدد فترة هذا الحب أن يستمر أو ينتهي سريعا فالمواقف هي الصلاحية الحقيقية فتصرفات البنت هي التي تجعلني مستمرا معها وتاريخ صلاحية الحب يتحدد بالمواقف بين الناس وبعضها, سواء مع الحبيب أو الأصدقاء, أما بعد الزواج يقل وهذا أمر طبيعي بسبب المسئوليات التي تتزايد و"مش هيبقي فيه وقت للحب أصلاً". بينما يري أحمد عماد- 27 سنة- ممثل مسرحي يقول: النضوج الفكري والعاطفي يجعل للحب تاريخ صلاحية, فكلما ننضج بتفكيرنا ومشاعرنا نري ما لم نكن نراه من قبل وربما هذا يسبب صدمة أو تراجع بعض المشاعر بداخلنا, وكلما تتزايد المواقف بين الطرفين يتراجع الشعور, مما يجعل لدي بعض الناس احساسا "بطلت تحب", وهذا الأمر حدث معي, حيث كنت أرتبط بفتاة لفترة طويلة وهي التي حددت تاريخ صلاحية الحب الذي كان بيننا, فوالدتي عندما كانت في المستشفي لم تسأل عليها ولم تزرها أو حتي تتصل بي للاطمئنان عليها, ولكن كل ما كان يشغل تفكيرها هو "امتي هتيجي تخطبني" رغم أنها عارفة اني في المستشفي ووالدتي حالتها خطيرة ولكن التفكير في ذاتها المستمر ليس في هذا الموقف ولكن في العديد من المواقف جعلني أكتشف أنها أنانية لا تفكر إلا في مصلحتها دون النظر لاعتبارات أخري وهو ما جعل الفجوة تزداد بتكرار المواقف وأن يتراجع كل منا للحد الذي يصل لدرجة "عادي". أما محمد عادل -مصمم أزياء- 25 سنة فيري أن الحب متجدد ولكن ما يقلل احساسنا بالحب تجاه الآخر هو تغير الشخصية, كل فترة عن الأخري فالشخصية تنضج وتتغير تقريبا كل 4 سنوات وفقا لما قرأته في الكتب, وهو ما يجعل احساسي بالفتور يبدأ كلما اكتشفت جوانب في شخصية من أحبها لا تتناسب معي أو لا تتفق مع تفكيري وما تربيت عليه, فأنا أقبل الآخر ولكن هناك بعض العيوب التي لا يمكن التعامل معها حتي أن الفتاة أصبحت لا تشعر بحبي لها مثل الاول. وتقول ايمان أحمد - تعمل بإحدي بشركات دعاية وإعلان- 35 عاما: "الحب ممكن يخلص لو مفيش تفاهم لما كل طرف ينزل القناع اللي كان لابسه قدام الاخر, ورغم أن فيه ناس كتير تكون علي طبيعتها إلا أن المعاملة والمواقف تجعل كل طرف يظهر علي حقيقته, فبعد الجواز يقل الحب لأن الزوج بدلا من أن يكون مشاركا زي الاول يتراجع ويرمي بالمسئولية علي زوجته مما يشكل أعباء اضافية ويفضل اصدقاءه أهله والخروج معهم علي أن يقضي معها وقتا ممتعا أو يخرجوا معا علي اعتبار أنها موجودة هتروح فين!! هذا غير أن أي فتاة تحب - مهما كبرت- أن تعيش دور البنوتة الصغيرة ولو لفترة قصيرة تحتاج الي دلع ورعاية مثل الزرع لو اهتممنا به سيطرح وردا, ولكن إهمال الازواج واعتبار أن ما تقوم به زوجته مسلمات وبديهيات يقتل الحب بداخلها ويهدد كيان الأسرة. أرفض نمطية الحب بينما تختلف معها علياء محمد حسن- موظفة حكومية- وتقول: الحب ليس له تاريخ صلاحية, لأن وجود مدة محددة للحب بين الناس مش هنعرف نعيش مع بعض ولكنه يختلف في قوته ودرجته وطريقة التعبير عنه, فلابد من كسر الروتين وتجديد الحب حتي لا يتم العيش علي أساس العشرة فقط ولكن لابد من اضافات جديدة كل فترة وأن يكون فيه مشاعر مضافة ومتجددة, ويتم التعبير عنها بطريقة غير نمطية أو معتادة ومن الخطأ أن يظهر كل طرف كل مالديه أمام الطرف الاخر مرة واحدة أو في بداية الزواج فالبحث عن جوانب الشخصية واكتشافها يحقق متعة في حد ذاتها, ولابد من التفاهم والاحترام فهو أهم شيء لكسر الملل. أما آية طارق - مدربة تنمية بشرية- فتقول: كل مرحلة ولها ظروفها واشكال مختلفة ودرجات مختلفة فالعلاقة بين الرجل والمرأة تختلف من وقت لآخر, فالناس مع الوقت اهتماماتها تتغير واحتياجاتها تتغير, كما أن في فترة يأخذ من الطرف الاخر اشباعات معينه واهتمامات معينة لم يعد يجدها وبالتالي تتحول اهتمامته لشخص آخر قد يكون ليس لديه كل شيء ولكن علي الاقل لديه ما يفتقده, وأعتقد أن هذا السبب الرئيسي لتغير وتعدد العلاقات خاصة لدي الرجل, فأغلب الرجال يحبون التجديد والبحث عن الغموض في المرأة أو يبحث عما لم يجده في حبه الاول. ويقول أسامة حسن كلية الحقوق عازف موسيقي أندرجراوند أن مدة الحب بين الطرفين تتوقف علي حسب النية لدي كل منهما, يعني لو أن الموضوع مجرد ملء لفراغ عاطفي سيكون مؤقتا أو لو كان الحب حقيقيا "وواخد الموضوع جد" سيختلف كثيرا, فالحب الحقيقي يكون دافعا للنجاح والتطور وتحدي الكون من أجل من أحب, ولكن المشاعر ربما يأتي الوقت وتتغير لأن الطرفين "زهقوا" من بعض ولابد من البعد لفترة ثم العودة لكي تسير الحياة بشكل أفضل فالروتين يخلق الملل ويجعلني أرفض الآخر, والرجل لازم يأخذ الست علي "قد عقلها" ويضحك عليها بكلامه الحلو. أما علي حسام - طالب في كلية صيدلة- فيقول: الحب له مسافة معينة ولكن الزواج المبكر يتسبب في انتهاء الحب بسرعة ولكن الزواج المتأخر وبعد نضج سيكون أفضل لذا أنا أفضل أن تكون العلاقات العاطفية الحقيقية تبدأ متأخرا حتي يكون الواحد عرف المعني الحقيقي للحب ويتمسك أكثر بالطرف الآخر. وتحلل الدكتورة ميرفت العماري - استشاري علم النفس- أن هناك أنواعا من العلاقات منها حقيقية أو مجرد منظر خارجي ولكن العلاقات الخارجية مع الوقت تذهب وما يهم هو إنسانية التواصل, ولكن نحن في أزمة أننا نريد كل شيء علي أفضل ما يكون دون أن ننظر أولا إلي عيوب أنفسنا ونقيم أنفسنا بشكل عادل , لكن كل طرف في علاقات الحب لا يري مساوئ الآخر ويراه الأفضل وبعد فترة تبدأ هذه المساوئ تظهر واحدة تلو أخرى وهو ما يسبب حالة الرفض, ونحن عندنا مشكلة أن الناس ليست صادقة مع نفسها, والناس تتخيل أن الصورة الحقيقية للحب في الافلام أنها انعكاس للواقع, وكل طرف متوقع ومنتظر من الطرف الآخر الأفضل ولكنه لا يقدم الأفضل وهنا تأتي الفجوة بين ما نأمل وما نحن عليه أو نبادر به فكل واحد منا ينتظر حتي يبادر الآخر, وكلمة "متعودهاش علي كده" التي نجد كل الأهل أو الاصدقاء ينصحون بها ولكنها في الحقيقة ليست نصيحة بقدر ما تمثل ضررا, فكل واحد يتصرف علي طبيعته التي يحبها ويقول "اللي عايز يعبر عن مشاعره بطريقة مختلفة أو ربما تكون غريبة يفعل ولا ينتظر ماذا سيقول عنه من حوله, ويغير كل فترة في طريقته" وهذا بالنسبة للرجل أو المرأة علي السواء, فالنمطية في التعبير عن المشاعر أو عدم تجددها فضلا عن روتين الحياة والمسئولية يأخذ كثيرا من الحب إلي أن يصبح عاده نمارسها وكلمات فارغة من مضونها..لا أنصح بالتجديد حتي يستمر الحب مدي الحياة لأنه مطلوب, لأن الانسان "زي القرع يحب يمد لبره ويشوف اللي عند غيره وناقصه دون أن يدرك أنه نفسه لديه نواقص". وعن تأثير غياب الحب وانتهاء صلاحيته علي الحالة الاجتماعية يقول الدكتور علي ليلة استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس:إن الحب يمر بعدة فترات, فالفترة الأولي تتغلب عليها العاطفة الي حد كبير بشكل ما, بما يجعل الدنيا كلها تصبح وردية فالعاطفة تبدأ حتي يقبل الانسان الآخر بكل ما فيه في فترة معينة, وبعد فترة يكتشف كل طرف سلوك الآخر ويدخل العقل فيها ينتقد ولكن العاطفة تكبح جماح العقل, في السلوك والتصرفات والتي يختلف فيها كل طرف عن الآخر مهما كانت درجة التوافق بينهما وكلما تقدم الزمن تحول الحب العاطفي إلي حب عقلاني كل طرف عرف سلوك الآخر, ويتكيف مع أخطائه حتي أن عيوبه يبدأ يبررها وهذا بالنسبة وهذا بالنسبة للقطاع الاعظم من البشر ولكن هناك بعض الاشياء لها لخبطة وكل طرف يظهر اهتماماته الاخري ويبدأ كل طرف يبدأ يبرز العيوب الموجودة مسبقا فضلا عن أن القدرة علي المغفرة والغفران تتضاءل ويبدأ يحدث لديه اشباع خارجي بشكل ما وتنتهي العلاقة, فغياب الحب يجعل النفور المجتمعي والمشكلات الاجتماعية تزداد فعندما يبدأ الشخص في اتخاذ قرار الانفصال مثلا لعدم وجود الحب أو عدم الشعور بالراحة يجعل هناك حالة من التوتر بين العائلات والأسر فضلا عن شتات الأسرة والأطفال, بما يجعل كل طرف يريد أن يستكمل حياته مع انسان آخر, وهنا ينعكس على جوانب أخري علي المجتمع, أهمها زيادة الإنجاب وزيادة التوتر والضغط العصبي والمسئولية علي عاتقه بما يزيد من حالة النفور بين الأفراد وعدم الاستقرار الأسري.