نظرة المجتمع وارتفاع مصاريف السكن أكبر مشاكل تواجه الطالبات المغتربات.. والطلاب أزمتهم في الطبيخ كتبت : إسراء عادل نورهان علم الدين نور الدين عادل لا يمكن أن تخطو خطوة الآن في شوارع وميادين القاهرة، خاصة حول أسوار الجامعات ولا تصطدم بإعلان عن " سكن للطالبات أو دور "للفتيات للمغتربات " أمامك، وهن فتيات جئن من مختلف المحافظات بهدف التعليم والدراسة أو العمل بحثاً عن ذاتهن ولتحقيق أحلامهن، ولكن دون أن يدركن أن تحقيق ذلك لن يكون بهذه السهولة التي يعتقدها كل منهن عند وصولها، فلا تعلم كل منهن أنها ستعانى من أشياء عدة، أبرزها: نظرة المجتمع "المهينة" التي تنظر للفتاة المغتربة علي أنها فتاة هربت من قيود وقواعد والديها كي تعيش حرة تفعل ما تشاء وقتما تريد، وهذا غير صحيح، فضلاً عن طمع واستغلال البعض لهن، مادياً ومعنوياً ، لحاجتهن للمأوي، أو لعدم توافر شروط المدن الجامعية مع بعضهن من الطالبات أو بسبب أي ظرف آخر. حاورنا بعض تلك الفتيات ومن ضمنهن (نورهان أحمد) وهي فتاة يعيش والداها ببلد آخر وهى طالبة بكلية الآداب جامعة حلوان، اضطرتها الظروف أن تعيش بمفردها في سكن للطالبات والمغتربات مقابل 450 جنيهاً شهرياً، علاوة علي مصاريف الطعام والخدمات لعدم قدرتها علي السكن بمفردها في شقة أهلها . فتسرد "نورهان" معاناتها مع فكرة الاغتراب قائلة: "أنا عن تجربة عشتها أقول: إن في مصر فكرة أن بنت تعيش لوحدها حاجة صعبة جداً، فبجانب بعد البنت عن أهلها وقرارها بأنها تتحمل مسئولية نفسها من الألف للياء، نظرة المجتمع للبنت المغتربة نظرة "مهينة" بتشوفها أنها بنت مش محترمة وأهلها مش خايفين عليها عشان يسيبوها في مكان لوحدها من غير رقابة، وده مش حقيقي، أنا أهلي عارضوا بشدة قراري بأني أعيش في مصر لوحدي، بس إصراري علي أن أكمل تعليمي وأحقق حلمي وتمسكي به هو اللي شجعهم يدعموني، علاوة علي المضايقات اللي بنتعرض لها من تحرش لفظي و إهانة واستغلال بسبب ظروفنا". وتستكمل نورهان حديثها قائلة:" نفسي الناس تفهم إن البنت المغتربة دي زيها زي أي بنت بس كل الفرق إن ظروفها مختلفة، ويومها زي يوم أي واحدة طبيعية، إن مكنش أكتر بسبب أنها لوحدها، وعشان ده مش هيحصل، فنصيحتي لكل بنت في ظروفي أنها متهتمش بكلام الناس وتتفرغ لدراستها وشغلها؛لأن هو ده اللي هي جت عشانه وهو ده اللي قادر يخرس لسان أي حد". بينما تقول (أسماء .م) وهي فتاة من محافظة البحيرة وطالبة بكلية الألسن، نحن لازلنا في بداية العام الدراسى الجديد فلا تواجهنا أى مشاكل حتى الآن، والمكان الذى نسكن به متوفر به كهرباء ومياه وغاز وثلاجة ودولاب وتليفزيون "رضا احنا عايزين ايه اكتر من كده!"، بغض النظر عن أزمة نقص المال والتى تواجهها كل الطالبات المغتربات اللاتي يسكن خارج المدينة الجامعية التي تعاني من عدة مشاكل، أبرزها أن المدينة الجامعية التي كنت أسكن بها علي سبيل المثال بحلمية الزيتون كان يوجد بالغرفة الواحدة ما يزيد على خمسة عشر فتاة، وهذا ما لا يتحمله بشر، فضلا عن انتهاء صلاحية الأطعمة التى تقدم للفتيات وعدم توفير الأمان والحماية والخصوصية لهن، فضلاً عن قذارة المكان وعدم نظافته، كل تلك الأسباب دفعت بالعديد من الفتيات إلى الفرار من المدينة الجامعية إلى مساكن المغتربات والتى تعد أرحم بكثير من سكنهن بالمدينة الجامعية، حيث يتوفر لهن العديد من الخدمات . ولكن لا تزال المشكلة لدي " أسماء " وغيرها هى في استغلال أصحاب السكن لهن فى" الأجرة" ، فتقول أسماء: " ندفع شهرياً 300 جنيه وهذا يعد أقل الأجور حاليا لأى سكن للطالبات المغتربات، علاوة علي اشتراك المياه والكهرباء والمصاريف الشخصية، الأمر الذى يعد عبئا كبيرًا علينا، وعلى أهالينا مما يضطرنا أحياناً إلى الاقتراض من زميلاتنا حتى نستطيع العيش، فضلاً عن السمعة التى يطلقها علينا البعض بسبب العيش بمفردنا بسكن للطالبات، فدائماً ما نواجه بمن (يلقح علينا بالكلام)، علي أساس أن الفتاة المغتربة هي فتاة منحلة بعيدة عن أهلها لها مطلق الحرية فى كل شىء والولوج لأى مكان أيا كان، حتى وإن كان محظورًا وغيرها من الاتهامات والنظرات الساقطة الذى تتعرض له كل منا. وقالت (أسماء أحمد) طالبة بكلية العلوم: إن رحلتهم بدأت هذا العام عند وصولهن لأحد سكن الطالبات مع سيدة أعطتهن شقة واتفقت معهن على دفع تأمين 300 جنيه أيضا، ولكن مقدما قبل أن يسكن وكانت تلك أولى المشاكل التى واجهتهن، حيث لا يعطى صاحب السكن أبدا ما يثبت بأن تلك الفتاة أعطته نقودا، ولهذا من الوارد جدا أن تأتى تلك الفتاة فلا تجد لها مكانا نظرًا لتكدس الشقة بالطالبات الأخريات، ووقتها لن يكون لديها الحق فى المطالبة باستعادة نقودها، فتسرد " أسماء " أولي تجاربها مع " النصب" مثلما وصفت قائلة: كنا نسكن بشقة صغيرة تحتوى على غرفتين، كل غرفة تحتوى على أربعة أسرة مما يتيح لثمانى فتيات بالعيش فى هذه الشقة، ولكن حدث ما لا نتوقع، حيث جاءت إلينا تلك السيدة بثمانية أخريات طالبة منا أن ينام كل اثنتين على سرير واحد، مما يخالف ما تعاقدنا عليه، فضلاً عن عدم الشعور بالراحة والخصوصية، الأمر الذي اضطرنا في وقت متأخر من الليل أن نترك السكن أنا وأصدقائى، وأتينا إلى هذا المكان الذى يملكه رجل صالح ساعدنا بكل شىء، بالرغم من أنه لم يستلم نقوده كاملة حتى الآن. وعن فكرة الاغتراب والسكن بعيداً عن الأهل والسكن ببلد غريبة سواء بهدف الدراسة أو العمل تعلق "أسماء": أهلنا ساعدونا على ده نعود علشان في يوم الأيام نرجع لهم بشهادة محترمة ويفتخرون بنا أمام الجميع " ، لذلك هم على أتم الاستعداد أن يتحملوا ألم البعد عنا فضلاً عن المصاريف الزائدة حتى نصبح أفضل ونرفع رأسهم أمام الناس، فمعظمنا لا يعمل ولا يمتلك وظيفة يمكنه من خلالها تحمل تكاليف نفسه " أما (دعاء ) الملتحقة بكلية الآداب قسم جغرافيا وهي من محافظة البحيرة أيضاً فتقول: كل ما نريده هو سكن آخر للفتيات بالمدينة الجامعية يتوفر فيه النظافة والأمان والخصوصية والمعاملة الطيبة لعيش حياة كريمة نحن نعيش مهانات جميعًا ليس لنا ظهر نحتمى به وهذا كله من أجل الدراسة والعلم... الفكرة لا تختلف كثيرا عند الشباب، حيث يقول عبد السلام علاء ( 19 عاماً ) طالب بالفرقة الثانية بقسم صحافة بإحدي الكليات الخاصة : أتيت إلي القاهرة قادماً من المنصورة لأجل تحقيق حلمي منذ الصغر حيث كنت أرغب دائماً بأن أصبح صحفيا مشهورا ، ولكن عند تحقيق هدفي واجهتني العديد من العقبات مثل صعوبة المعيشة بدون الأهل . فلهذا توجب علي المعيشة مع أربعة من أصدقائي المغتربين مثلي ، نقوم بتأجير مكان للسكن ونقسم قيمة الإيجار علينا، وكل فرد يدفع قرابة 600 جنيه شهرياً لتوفير الطعام ونقوم بإعداد الطعام بأنفسنا، فتارة يكون لذيذا وتارة أخري نلجأ للوجبات السريعة إذا كان طبخنا سيئا والوجبات السريعة تصيب الفرد بأمراض عديدة . وأضاف هيثم محمد ( 20 عاماً ) طالب بالفرقة الثالثة كلية الهندسة بإحدي الجامعات الخاصة : معاناتي كمغترب من الإسكندرية هي ظروف المعيشة الصعبة حيث أعيش برفقة أصدقائي من الجامعة، ونتحمل تكلفة إيجار السكن الباهظة سوياً، كذلك نعاني من كثرة الأعطال من الكهرباء والصرف الصحي في السكن . بينما وصف محمود عبد السلام ( 20 عاماً ) المغترب من أسيوط حال الطلاب المغتربين : حياتنا كمغتربين إننا يومياً نقوم بتقسيم أعمال المنزل من نظافة وإعداد الطعام فيما بيننا ، وقد أوضح أن الطالب المغترب يحاول قدر الإمكان انتقاء شريك سكنه، بحيث يكون زميله في نفس القسم حتي يذاكروا موادهم سوياً .