هل هناك ما يدعو لكل تلك المخاوف المشروعة على ثورة 25 يناير خاصة وهى تحقق يوما بعد يوم انتصارا بعد الأخر؟! الإجابة المباشرة والواضحة هى نعم الثورة فى خطر بل هى تتعرض لأخطار كثيرة منها وليس من أهمها ما يتم تداوله عبر الانترنت من رسائل تكشف عن محاور خطة الثورة المضادة التى قد يحركها بعض رموز النظام الراحل والتى كان منها اختفاء الأمن وانتشار الفوضى وظهور بلطجية الانتخابات.. وهو خطر حقيقى وليس مجرد هواجس أو شكوك لا تقف على الأرض.. ومنها التوجس والتفسيرات التى تشكك فى كل كلمة أو رأى يتعاطف ولو على الجانب الإنسانى مع شخص الرئيس السابق حسنى مبارك وإشاعات مقصودة عن حالته المرضية المتدهورة بل ووفاته.. ومنها استمرار بعض الوجوه والشخصيات التى كانت فى خدمة النظام السابق فى مواقعها بعد أن " تحولت " 180 درجة كاملة وخرجت على الناس بقناع الثوار وهى تمارس عملها.. والحقيقة أن كل من يرى فى ذلك خطرا أو مخاطر تهدد الثورة هو على حق رغم أنه قد يكون على صواب أو على خطأ فى ظنونه أو فى تفسير ما يراه ومع ذلك فإن كل تلك الأخطار محتملة وواردة أما الخطر الوحيد والأهم الذى يهدد هذه الثورة لن يكون فقط بمحاور الثورة المضادة ولا باستمرار بعض رموز النظام السابق ولا بكلمات عاطفية عن الرئيس الراحل ولكن هو الوقوع فى نفس الخطأ الذى وقع فيه أوائل المسلمين فى غزوة أحد.. ورغم وجود رسول الله ونبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم معهم وتحذيره لهم بأن لا يتركوا مواقعهم حتى بعد الانتصار على كفار قريش فقد وقعت الهزيمة فى صفوف هؤلاء المسلمون الأوائل فى نفس اللحظة التى فرحوا فيها بالنصر واتجهت أبصارهم إلى غنائم هذا النصر المبكر فكانت النتيجة النهائية هى تماسك فلول الكفار وعودتهم للمعركة ليلحقوا بالمسلمين هزيمة لا يستحقوها.. أريد أن أقول أن هذا ليس هو وقت اقتسام غنائم نصر الثورة وأن مجرد التفكير فى ذلك سيفتح أو هو قد فتح الباب بالفعل لمن يسعى لتصفية هذه الثورة وقد تسأل ولك كل الحق فى السؤال.. هل يمكن أن يعود مبارك مرة أخرى؟ وإذا كانت عودة مبارك مستحيلة فمن الذى يسعى لتصفية الثورة والإجابة هى كل المستفيدين من عهد مبارك والذين يحاولون إغلاق ملفات فساد الثروة وجرائم دم الشهداء وهى ملفات ستظل مفتوحة طالما استمرت الثورة.. والمؤكد أن هناك من يسعى من أول لحظة لهذه الثورة إلى تفكيك تماسك الكتلة الصلبة والقوية من شباب مصر حتى بعد أن انضمت إليها ملايين الشعب ومحاولة تصفية الثورة لها وسائل كثيرة تبدأ بالإغراء والإغواء بالغنائم والمناصب وبريق وأضواء الإعلام المبهرة وترشيح بعض الشباب لمناصب وزارية وتسريب الشائعات فى صفوفهم باتهامات متبادلة بالعمالة للأجهزة وغيرها ولعل هذا الشباب الواعى يتذكر أن أهم ما حققه النظام الراحل من نجاح ساعده على أن يمسك بكل مقاليد السلطة لنحو ثلاثون عاما كان بالدرجة الأولى قدرته على تفتيت الأحزاب المصرية كلها بصراعات من داخلها أضعفتها جميعا وتركتها بلا قيمة فى الوطن وقدرته بجانب ذلك على إغواء الكثير من النخبة بالمناصب والأموال وعلى كل رموز الثورة أن ينتبهوا ولا يتركوا الفيروس القاتل الذى تم تخليقه فى معامل السلطة والثروة الحرام فى مصر يقترب من كيان الثورة فتنقسم إلى تيارات وفرق متصارعة لأن ذلك هو الخطر الوحيد الحقيقى الذى يمكن أن يهزم هذه الثورة العظيمة.