هل هى مصادفة ان يكون الشاعر ابو القاسم الشابى تونسيا ؟ هل هى نبوءة ان يكون هو صاحب بيت الشعر الاشهر فى الادب العربى الذى يقول : اذا الشعب يوما اراد الحياة .. فلابد ان يستجيب القدر ؟ ممكن تعمل ناصح وتقول لى : الذى استجاب هو القدر وليس الرئيس التونسى واسمح لى استنصح انا كمان واقولك : يعنى هو سيادته مش قدر ؟! الحقيقة اننى اتابع بكل اسف الاحداث المحزنة التى تقع على ارض تونس التى كانت معروفة باسم تونس الخضراء ، قبل ان تحرق مظاهرات الغضب الاخضر واليابس .. اتابعها بنية صافية وخالصة .. وان كنت اشك فى صدق النوايا – بما فيها نيتى انا شخصيا - ويدهشنى فى الموضوع ان نشرات الاخبار فى التليفزيون المصرى وكذلك الصحف القومية وغير القومية تنقل الاحداث بكل شفافية منذ لحظة اندلاع المظاهرات حتى مفاجأة هروب الرئيس ، ولا اعرف اذا كان ذلك مقصودا على اعتبار ان مشاهدينا لايفكرون ولا يتأثرون ولايمكن ابدا ان تثير هذه المشاهد فى نفوسهم مايدفعهم للتفكير فى اى شىء وفى اى وقت ( على اساس ان التفكير هو الفريضة الغائبة فى المجتمع كما قلت لك من قبل ) .. أم انها مجرد غلطة سوف تسجلها تقارير لجان المشاهدة والمتابعة فيما بعد وتضع تحتها خطوطا كثيرة باعتبارها من نوعية الاخبار التى تفتح اعين الناس وتحرضهم على العنف .. على مدى الايام الماضية وضعتنى الفضائيات ومواقع الانترنت فى قلب احداث تونس ،ومساء الخميس الماضى استمعت الى خطاب الرئيس التونسى الهارب زين العابدين بن على .. لفت نظرى مايلى : - اولا : انه كان متوترا جدا .. مرتعشا .. مهزوزا وبيخبط فى الميكروفون لكنه اكد بشكل واضح وصريح انه مستمر فى منصبه حتى عام 2014 والمعنى : اعملوا كل حاجة .. بس محدش يقرب من الكرسى .. كان يتشبث ببقايا حلم من خيال فهوى فى اليوم التالى مباشرة الذى حمل مفاجأة هروبه المخزى تاركا خلفه وطنا يحترق - ثانيا : فى خطابه الاخير قال الرئيس الهارب انه بعد 50 سنة فى خدمة الوطن فهم التونسيين وسوف يعمل على راحتهم .. والسؤال : هو سيادته فى الخمسين سنة اللى فاتوا كان بيتفرج على قناة ليبيا مثلا ؟ - ثالثا : قال سيادته إن مستشاريه كانوا يقدمون له معلومات خاطئة طوال الفترة الماضية .. يعنى كانوا يقولون له : كله تمام والحياة بيس والناس مبسوطة ومش عارفة تودى الفلوس فين .. فهل تصل هذه الرسالة الى الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية عندنا الذى يصرح علنا بارتفاع معدلات النمو وانخفاض معدلات البطالة فى مصر .. وبان سيادته سوف يفتح الباب لاستقدام عمال من بنجلادش يحصلون على 400 جنيه فى الشهر بدلا من العمال المصريين الذين يطالبون بزيادة الحد الادنى لاجورهم؟ - رابعا : احساسى ان الرئيس التونسى زين العابدين بن على وجد نفسه فى ورطة كبرى مع الدنيا فى اللحظات التى سبقت القاء خطابه الاخير .. شعرت وانا اشاهده بأن الرجل مستعد لأن يضحى بكل شىء .. بالام والجنين .. بالوطن والمواطنين .. لمجرد ان يعيش .. فقرر اقالة مستشاره السياسى وكذلك الناطق الرسمى باسم الرئاسة .. ووزير الداخلية ومحافظ الولاية التى اندلعت فيها الاحتجاجات حتى يمتص غضب الجماهير لكن نيران الغضب كانت قد وصلت الى مرحلة من الاشتعال يصعب اخمادها .. هو كان يريد ان يطبق المثل الشعبى المصرى القائل : ان جالك الطوفان حط اتخن واحد تحت رجليك ! لكن .. كل هذه القرابين لم تعد لتكفى .. رقاب المسئولين الفاسدين لم تعد لترضى شعبا ( جاب أخره ) .. على فكرة .. اعيش الان صراعا بين رغبتى فى ان اكتب المزيد وخشيتى من ان يفهم ما اكتبه كما اقصده .. لذلك اكتفى بهذا القدر الان واترك لحضرتك المساحة لتحلم ... سلامو عليكو !