الحمد لله انتصرنا وحققت مصر واحدا من أعظم إنجازاتها الفنية وفازت بشرى وماجد الكدوانى بجوائز التمثيل الأولى في مهرجان دبي عن فيلم 678 الذي قدم صورة مزرية للسيدات والفتيات المصريات المطاردات من كل الاتجاهات بالذئاب البشرية المسماة سابقا بالرجال الذين لم يعد لديهم وفقا لهذا الفيلم وغيره الكثير وكذلك العشرات من الدراسات والأبحاث التي تقوم بها جمعيات حقوق المرأة –غالبا- إلا التحرش والاغتصاب فقط .. معلش فضي بقى ، فنحن في مصر وفقا لما أتابعه حاليا في معظم الصحف والبرامج التليفزيونية والأفلام والدراسات والأبحاث التي لا يتجاوز عدد عينتها المختارة غالبا ألفين أو ثلاثة ألف شخص لم يعد لدينا ما يشغلنا أو يؤرقنا إلا التحرش ، فالمتحرشون في مصر ووفقا لعنوان تقرير طويل نشرته صحيفة "ميل آند جارديان" البريطانية يجوبون الشوارع بعد أن تحول التحرش تحول لسرطان اجتماعي يهدد كيان المجتمع المصري وأشار التقرير إلى أن المرأة المصرية لم تعد تشعر بالأمان أثناء سيرها في الشارع إلى حد أن بعضهن يفكر في مغادرة مصر لهذا السبب .. والله كلام كبير لكن أين الحقيقة فيه وكم أمرآة غادرت لهذا السبب..أيضا محطة (السى إن إن) لم يفتها معالجة الظاهرة التي وصفتها بالمتفشية وقد استندت في تغطيتها لدراسة أجراها احد مراكز حقوق المرآة على عينة مكونة من (1010 ) فتاة وسيدة وجاءت النتيجة العلمية الدقيقة أن 83% من المصريات تعرضن للتحرش و98% من الأجنبيات تعرضن لنفس الأمر .. بالله عليكم بماذا يكون الرد ؟؟ ألف امرأة - عفوا ألف وعشرة - هل يصلحوا كعينة معبرة عن مجتمع يبلغ عدد سكانه 83 مليون نصفهم تقريبا من النساء .. أنا هنا لا أشكك في النتائج ولا ادخل في ضمائر هذه المؤسسات الحقوقية التي يحقق أصحابها الثراء الشديد من مثل هذه الدراسات والأبحاث التي تكون موجهة غالبا وفقا لأجندة الجهات الأجنبية المانحة.. كما لا أجرؤ على نفى وجود حالات تحرش في مصر لكن يبق السؤال : هل هي بهذا القدر من الضخامة وهل هي فعلا تحولت لظاهرة وهل الفتيات في مصر يسرن في الشارع مرعوبات وهل كل سيدات مصر المكافحات المحترمات في مختلف الأعمال يتعرضن للتحرش؟.. ثم ما هو التعريف الدقيق للتحرش الذي يتحدثون عليه هل هى كل كلمة تقال من متهور في الشارع تعتبر تحرشا .. هل كل تلامس مقصود أو غير مقصود في المواصلات العامة هو تحرش؟ .. هل كلمة مجاملة من رئيس لمرؤوسته تحرش؟ .. إذا كان الأمر كذلك فلنجلس جميعا في البيوت لان كلها أمور تحدث منذ بدأت المرآة النزول للتعلم والعمل وتعاملنا معها جميعا وفقا لمنظومتنا الأخلاقية الراقية بلا إفراط في ردود الأفعال أو تفريط في كرامتنا وحقوقنا في احتكاك أنساني ومهني وعلمي مهذب مع الرجال اللهم إلا قليلا عندما تكون التجاوزات صارخة وتلاقى ردود الفعل المناسبة لها .. لماذا أذن هذه الرغبة فى أثارة القلق في حياتنا وترويع فتياتنا حتى تشعرهن أنهن مستهدفات دائما و عاجزات عن حماية أنفسهن وهذا غير حقيقي دائما. أعود وأكرر إن إنكار وجود تحرش في مصر أمر مستحيل لكن الهدوء في التناول والتأني في المعالجة مطلوب فإذا كانت هناك مراكز حقوقية تقول أن نسبة التحرش فاقت ال83% فأن أمامنا أيضا نتائج مسح المجلس العالمي للسكان عن الشباب والنشء في مصر لعام 2009 بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء والتى كشفت عن أن 44% من الإناث تعرضن للتحرش الجنسي أي أن النسبة انخفضت في دراسة أخرى .. لكن كيف لا نهلل ونمسك بأبواق إعلامية وبحثية هدفها الإثارة والثراء على حساب اى شيء ونهدم في صورة مجتمعنا تحت شعار حرية الرأي والتعبير وعدم دفن رؤؤسنا في الرمال .. ولا اعرف دائما عن أي رمال يتحدثون لكن المؤكد أنهم يدفعون نحو الرمال الناعمة التي ستبتلع داخلها كل قيمنا ليجبرونا على تصديق صورة من وحى خيالهم عن مجتمعنا هم المتسببون فيها بدليل أن تقرير التنمية البشرية لعام 2010 أرجع وجود التحرش - والذي وصفه بأنه ظاهرة جديدة على المجتمع المصري - لانهيار السلوكيات التي كانت تحافظ على التقاليد ..السلوكيات المحافظة التي أصبح المتمسك بها يلقى الاستهجان من إعلام وباحثين وسينمائيين يتشدقون بالحرية غير المحدودة والتي تأتى ثمارها دائما في دور العرض حيث أن ظاهرة ما سمي بالتحرش الجماعي لم تظهر إلا في السينمات حيث يشاهد الصبية والمراهقين أفلام مصرية " ثقافية " تثير غرائزهم ثم بعد ذلك نعمل أفلاما عن التحرش ..يا ناس اتقوا الله في أبنائنا وكفاكم متاجرة بهم وبمجتمعنا وحتى يتأكد الجميع من أن من يدعوا أنهم يبحثون عن حل هم أحد أسباب الموضوع ، فدراسة موثقة من مركز البحوث الاجتماعية والجنائية أرجعت زيادة نسب التحرش للبطالة والإطلاع على المواقع الإباحية التي لا يزيد ما تتضمنه الكثير عما نشاهده في بعض أفلامنا المشبوهة. التحرش مشكلة لابد أن نبحث لها عن حلول مجتمعية متكاملة دينيا واقتصاديا وثقافيا بدلا من المتاجرة بها بما يسيء لنا .. فالمعالجة المتزنة بلا تضخيم أو تقليل هي الحل ومعالجة الأسباب هو الوسيلة وتخصيص أبحاث لإيجاد طرق لرفع مستوى الوعي الاخلاقى بقيم المجتمع التي من المفترض أن تسود والعمل على غرسها داخل أبنائنا أفضل من مليون دراسة تستخدم ضدنا في الخارج .. وبرامج تتحدث عن العلاقات السوية بين الشباب والفتيات وفكرة التآخى بينهما كزملاء دراسة أو عمل أفضل من برامج الفضائح ودخول العالم السري للمراهقين الذي يبدو أن الإعلانات عن طريقه أكثر.. أيضا الأفلام التي لا هم لها إلا رصد كل ما هو غريب وشاذ عن مجتمعنا وليت الرقابة تراجعها لأن المسألة أصبحت خارج السيطرة حيث لم نعد نرى أنفسنا فوق الشاشة ولم نعد نشاهد مجتمعنا العادي الطبيعي الذي نعيشه كل يوم .. وحشتنا صورة الشاب الجدع اللي بيحمى بنت منطقته والطالب الشهم اللي بيوصل زميلته وقصص الحب النبيلة التي تنتهي بالزواج الحلال وليس العلاقات الشاذة والمحرمة .. عندما نقدم صوراً سينمائية بلا مناظر لن نجد التحرش ولن نجد تعليقا مثل الذي صدر من أخ عربي سمعته عقب عرض فيلم 678 يقول بأن الهرم في مصر مخروم..تعليق مخز لن تمحوه من ذاكرتى مليون جائزة لهذا الفيلم ..أعيدوا جميعا يرحمكم الله النظر في معالجة هذه القضية قبل فوات الأوان. الهام رحيم