اصيب الاسد بمرض ارهقه و كانت تفوح من فمه رائحة كريهه و لكن كبرياؤه منعه من الاعتراف بالواقع فمر يوما على الحمار و ساله هل تفوح من فمى رائحه كريهه ؟ فرد الحمار دون فطنه ...نعم فرائحتك مزعجه جدا فزمجر الاسد و هجم عليه وافترسه و بعد ايام مر الاسد على الدب و ساله نفس السؤال ...هل تفوح من فمى رائحة كريهه ؟ فاراد الدب ان يهرب من مصير الحمار فاجاب حاشا يا سيدى فرائحتك ذكيه و لم اجد اروع منها عند كل الحيوانات فغضب الاسد و انتهر الدب وقال له كيف تتجرا لتنفاق ملك الغابه يا مرائى فهجم عليه و لم يستطع الدب الفرار و احتار الاسد فى امره فقد اراد ان يفهمه الحيوانات دون رياء و لكن ايضا دون مساس بكرامته كملك للغابه و بعد يومين مر على القرد وساله عن الرائحه ؟ ووقتها كان القرد فوق اعلى شجر الغابه و توسل اليه الاسد كى ينزل فاعتذر القرد و اخبره بانه يعانى من البرد فلايستطع النزول حتى لاينقل له العدوى فيعطله عن مهامه كملك الغابه و فى نفس الوقت لايستطع الاجابه لانسداد انفه من البرد ...ففرح الاسد و مدح حكمة القرد الذى هرب من مصير الحمار و الدب و استطاع ان يفهم الاسد و يجيبه دون رثاء او رياء ...و ما اكثر الحمير و الدببه فى عالمنا و ما اندر القرود فالحكمه و العقل صارا اخر الحلول المطروحه على الساحه والنتائج الحتميه تشتت و احباط و لخبطه لم تشهدها مصر فى امر الحروب و الهزائم فقد تسمع الكلمه و نقيضها فى نفس الجمله ولم يعد طقس انكار الواقع التى مارسته الحكومات و الحكام عقودا فعال تلك الايام التى خرجت فيها العقول من محبسها لتمييز ما بين الزيف و الحقيقه و التدين و التطرف و الحريه و الانحراف والتحايل و كله بالتاريخ تلك الاله الزمنيه التى لم يتمكن حتى الان احدا الفرار من الانخراط بين تروسها فبالامس فى 24 ابريل تحل ذكرى مذابح الارمن التى تنكرها تركيا برغم تسجيل التاريخ و علماء الاباده الجماعيه لها و اعتراف عشرين دوله من الاممالمتحده بها و اكبر دليل على حدوثها هو تشتت الارمن فى العديد من البلاد كمصر و سوريا و لبنان و العراق و يعد السلطان عبد الحميد الثانى هو اول من ارتكب تلك الجريمه ما بين عامى 1894 و 1896 حتى التصقت باسمه و سميت بالمجاذر الحميديه و هى طريقه منهجيه مارستها الدوله العثمانيه للتخلص من مواطنيها الارمن و السوريان و اليونانين و الاشورين الذين حاولوا الاستقلال عنها و فى اثناء الحرب العالميه الاولى تكررت محاولة الاباده الجماعيه للارمن للتخلص من مئات القرى الارمنيه شرق تركيا لتغيير ديموغرافية تلك المناطق زعما من انهم سيتعاونون مع روسيا ضد تركيا لذا ففى عام 1915 اعدمت السلطات التركيه رموز الارمن فى ساحات المدينه و نظمت هجرات جماعيه من الاناضول لبقية الارمن بعد تجريدهم من اموالهم و الطعام و مصادر المياه و دفعهم للرحيل وسط الصحراء القاحله و الطرق الوعره و بالطبع فقدوا اكثر من خمس و سبعين فى المائه من اعدادهم و بالرغم من انهم اقليات مشتته الا انهم لازالوا يحافظون على هويتهم الدينيه و تصنيفهم كارمن كاثوليك و ارذوكس و لازالت لهم لكنات اشبه بالنوبيه و القبليه التى تنطق و لاتكتب و لازالوا يحتفلون بذكرى 24 ابريل و كانه التاريخ الاخير لهم فى صفحات الزمن .....فالتاريخ مهما كانت قسوته فسيظل يكتب شهادات ميلاد لبلاد و شهادات وفاه لشعوب و لكنه الان فى بلادنا على وشك ان يكتب رساله من ملايين المصريين الى من سيتولى انشاء الله الحكم .....يا سيدى ارجوك افهمنى...شكرا... منى عوض كاتبة روائية وباحثة فى التاريخ