قال نبيل فهمي، وزير الخارجية، الثلاثاء، إن مصر تدرك من البداية أن كل دولة من الدول الثلاث (إثيوبيا والسودان ومصر) لها رؤيتها وتقييمها الخاص لمشروع سد النهضة الإثيوبي، ولا تتوقع أن يكون (التقييم) متطابقا، لأن تلك هي طبيعة الأمور. وأضاف في حوار أجرته معه قناة الشروق السودانية، الثلاثاء، أن هذا لا يعني عدم وجود مسؤولية على الدول الثلاث للجلوس سويا من أجل التوصل إلى تفاهمات مشتركة تحقق المنافع للجميع، وتحول دون وقوع أضرار على أي طرف، ولا تملك أي من الدول الثلاث رفاهية التصرف على غير هذا النحو لأسباب فنية واقتصادية وقانونية وسياسية، لأن دول حوض النيل الشرقي تشترك في نهر دولي واحد، ولها حقوق وواجبات تجاه التعامل مع هذا النهر، كما أن لها مصالح مشتركة يجب أن تعمل على الحفاظ عليها، وعلاقات تاريخية لا يمكنها التضحية بها. وتابع ردا على سؤال حول تقييم الوزير للعلاقات السودانية المصرية في أعقاب ثورة 30 يونيو، أن العلاقات المصرية السودانية لها سمات خاصة وفريدة، لا يجب أن يتم تقييمها وفقا لمعايير عادية أو نمطية، فهي علاقة جوار جغرافي، وميراث تاريخي، والتحام عضوي بين شعبي وادي النيل، فضلا عن مصالح مشتركة لا تتأثر بتغير النظم الحاكمة أو الظروف المحيطة. وأشار إلى أن الخرطوم كانت المحطة الأولى في جولاته الخارجية، للتأكيد على خصوصية العلاقة بين البلدين، وأعرب عن اعتقاده بأن الزيارة التي قام بها وزير خارجية السودان إلى القاهرة مؤخرا، واللقاءات الثلاثة التي جمعت بينهما على مدار الأيام الماضية في مناسبات مختلفة، تؤكد جميعها أن هناك رغبة مشتركة لدى الطرفين للنهوض بالعلاقات الثنائية إلى مستواها الطبيعي تحقيقا لتطلعات الشعبين المصري والسوداني. وأوضح عن دور السودان في اجتماعات الدول الثلاث في الخرطوم، أن مصر قدرت الجهود التي قامت بها الخرطوم خلال جولات التفاوض الفنية الثلاث لمحاولة التوصل إلى التفاهمات المنشودة، وتأمل في استمرارها في القيام بهذا الدور الإيجابي، وأن تسعى لمحاولة تنحية المصلحة الخاصة التي يتوقع أن تعود عليها من بناء السد، مقابل تسهيل التوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة الدول الثلاث دون الإضرار بأي طرف. وتابع أن ما يقلق مصر ويزعجها في الوقت ذاته، أن إثيوبيا غير راغبة في تفهم الشواغل والاعتبارات المصرية المشروعة، وغير مستعدة للدخول في أي حوار جاد يضمن تحقيق أهدافها التنموية مع عدم الإضرار بأمن مصر المائي، حيث إن لدى مصر أفكارا ومقترحات عديدة من شأنها أن تسهم في تقريب وجهات النظر من أجل التوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة جميع الأطراف، إلا أن المشكلة تكمن في عدم وجود شريك جاد لديه الرغبة والإرادة السياسية للتوصل إلى تلك التفاهمات، ويصر على استكمال البناء دون الالتفات إلى أي اعتبارات، وهو إجراء لا يمكن القبول به أو السكوت عليه.