وصفت موسوعة ويكيبيديا شارع الفجالة بأنه أحد أسباب الفوضى المؤدية من وإلى ميدان رمسيس، ولعل هذا لأنه أحد الشوارع التي تحتضن نوعين من أكثر أنواع التجارة حيوية وهما الكتب الخارجية والأدوات المكتبية، والسيراميك والأدوات الصحية.. تصوير: محمود شعبان وبرغم هذا إلا أن سكان المكان القدامى يجزمون بأنه كان من أجمل شوارع القاهرة في الماضي حيث كان يتسم بالنظافة والهدوء إلا أن عوامل الزمن غيرت ذلك مثلما غيرت كل شئ.. يقول رشدي صديق-أحد السكان القدامى-: كان يسكن هذا الشارع الشيخ زكريا أحمد، حيث كان منزله في 54 شارع كامل صدقي-الفجالة سابقا- وكان يأتي يوميا من معهد الموسيقى مترجلا إلى منزله فيشتري 10 أرغفة بخمسة قروش وبخمسة آخرين 120 قرص طعمية، وخلال فترة الخلافات بينه وبين أم كلثوم والتي مرض على أثرها جاءت له أم كلثوم لزيارته مرتين الساعة الرابعة فجرا. وبالرغم من تغيير اسم الشارع من الفجالة إلى كامل صدقي باشا- وزير المالية- منذ زمن بعيد إلا أن اسم الفجالة ظل هو الاسم العالق في أذهان الناس وحينما سألنا عن السبب لم نجد إلا أقاويل.. يقول فرج محمود-أحد السكان-: هناك أقاويل عن أن المنطقة كانت تزرع محاصيل الفجل ولذلك أطلق عليها الفجالة، ولكن لا يوجد ما يؤكد هذه المعلومة، وجاء تغيير أسم الشارع في عهد الباشاوات فكان كلا منهما يتم تسمية شارع باسمه ويسكن فيه، ولكن لا أحد ينكر أن الشارع زمان كان نظيف وهادئ كثيرا عما هو عليه في الوقت الحالي، إلا أن كل هذا تغير بعد أن أصبح شارع تجاري. وقد كان أول نشاط تجاري في هذا الشارع هو بيع وطباعة الكتب قبل أن يتحول لبيع الأدوات المدرسية والأدوات الصحية وبرغم انتشار النوعين الأخيرين وسيطرتهما على الشارع إلا أنك تجد أحد محلات الفراشة أو الحلوى ولذلك كان لابد السؤال عن السبب.. محمود صديق-صاحب محل حلوى-يقول: منذ السنوات الأولى من القرن التاسع عشر وتجارة الكتب موجودة بهذا الشارع حتى كان مشهورا باسم شارع العلم وإن كان لم يسمى بهذا الاسم رسميا حيث كانت المكتبات على صفي الشارع وليس مجرد محلات للأدوات المكتبية، فكنا نرى نجيب محفوظ وهو يتمشى بهذا الشارع ليذهب إلى دور النشر لطبع كتبه فكان متسما بالتواضع والنشاط، ثم بدأت تجارة الأدوات الصحية من خلال محلين فقط في نهاية الثلاثينات وهما محل عطا الله عبد الملك وزكي شاروبين ومع بداية الخمسينات بدأت تنتشر هذه التجارة في الشارع محل تلو الآخر حتى احتلوا الشارع كله حيث يأتي أصحاب المحلات ليقنعوا أصحاب الأنواع الأخرى من التجارة ليشتروا محلاتهم حتى أصبح الشارع بهذا الشكل! ويضيف جميل صديق-صاحب محل فراشة-قائلا: جئت إلى هذا الشارع عام 1967 وكانت تجارة الكتب هي التجارة الأوسع بالشارع، ولكن جاءت هذه التجارة بعد أن كانت المنطقة كلها خمارات ومقاهي ومحلات بقاله فقط حيث كان يسكنها الكثير من الأجانب وتحديدا الأرمن. أما عبد الرحمن سيد أحمد- تاجر أدوات صحية -: الفجالة حاليا تعمل في تجارة الكتب والأدوات الصحية فقط لا غير وهذا لأن المبدأ عموما في مصر هو أن عندما تنجح تجارة معينة في أحد الشوارع يتحول باقي الشارع كله لخدمة هذه التجارة، وهذا ليس من خلال المحلات فقط ولكن من خلال باعة الأرصفة أيضا الذين يتأثرون بنوع التجارة الرائجة في الشارع الموجودين فيه. ويختتم الحديث محمد عبد العاطي- صاحب مكتبة- قائلا: يعتبر تحول محلات الكتب ودور النشر إلى مكتبات أمر طبيعي لأنه لم يعد هناك الإهتمام الكبير باقتناء الكتب ولذلك كان لابد من التغيير، ولذلك أصبحت الكتب الخارجية والأدوات المكتبية هي الصفة الغالبة على مكتبات الشارع، ولكن يظل الكتاب هو الأهم حتى وإن كان كتابا دراسيا بدليل أن العديد من المكتبات غلقت نتيجة ما عرف بأزمة الكتاب الدراسي وهو ما أثر على الفجالة ككل خلال الفترة الماضية وعادت تنتعش مرة أخرى بعد إعطاء التصاريح للكتب الخارجية.