يقضون معظم حياتهم تقريبا ونصف أجسامهم معلقة فى الهواء .. هكذا تقتضى طبيعة مهنتهم .. أصواتهم لا تفارق أذاننا و نحن نسير فى الشوارع أو فى مواقف الميكروباصات .. كلامنا عن تباعين الميكروباصات، هذه المهنة التى يمتلك أصحابها طبيعة خاصة لأنهم يتعاملون مع معظم طبقات المجتمع.. تصوير: أميرة عبد المنعم حتى ندخل هذا العالم و نكتشف خباياه وقوانينه أو كما يقولون " دستور المهنة " قمنا بجولة في عدد من المواقف مثل عبد المنعم رياض و السبتية و أماكن تجمع الميكروباصات فى منطقة وسط البلد، أول ما لاحظناه هو أن هناك بعض الميكروباصات لا يفضل سائقوها أن يعمل معهم تباع و الفضول دفعنا لطرح تساءل .. عن الفرق بين السائق الذى يكون معه تباع و الآخر الذى لا يعمل معه تباع ، فلاحظنا أن معظم السائقين الذين يعمل معهم تباع يبدون أكثر وجاهة فى شكلهم و تعاملاتهم و ملابسهم و حتى فى طريقة كلامهم و تعاملهم مع الزبائن ، يعنى من الآخر السواقين درجات والتباع قد يكون نوع من الرفاهية للسائق ليكون بذلك " البيه السواق " .. أما بالنسبة للتباعين انفسهم فكل واحد منهم يختلف عن الآخر فى طريقة نداء الزبائن فمثلا لاحظنا أحد التباعين بموقف عبد المنعم رياض و الذى يبدو عليه الهدوء و لا ينادى بشكل عشوائى على الزبائن بل يخاطب كل مار أمامه و يشير إليه بأصبعه و هو واقف مكانه يقول " هرم يا استاذ "، وهناك تباع آخر دائما ما يحاول جذب الراكب بأن يضع يده على ظهره أو يمسكه من يده و بالطبع هذا أسلوب لا يروق لمعظم الركاب.. يقول مصطفى عز الدين 18 عاما ويعمل تباعاً على ميكروباص خط التحرير كورنيش القناطر أنا حاصل على دبلوم صنايع و لم أجد عملاً بعد التخرج، و لأنني أيام الدراسة كنت أعمل مع أحد السائقين فى الإجازات فقررت أن استمر فى المهنة حتى أترقى و أصبح سائقاً ، المهم أنني أحب هذه المهنة بالرغم من أنها متعبة لأن التعامل مع الناس شىء صعب جدا ، لكنها توفر لي الدخل المناسب فوردية عملى مدتها 8 ساعات أتقاضى منها حوالي 30 جنيهاً أى أن دخلى شهرى يصل لحوالى 900 جنيه شهريا وممكن أعمل وردتين في اليوم الواحد لكني أكتفي بوردية واحدة لأن الفلوس ليست كل شىء، كما أرى أن تباع الميكروباص أهم حاجة فيه انه يكون أمين لأن السواق يستأمنه التباع على كل فلوسه وبالتالي ممكن يسرقه.. محمد مصطفى محمد 17 عاما و هو طالب بالصف الثالث الإعدادى و يعمل فى مهنة تباع الميكروباص منذ 3 سنوات على خط التحرير دائرى القناطر يتحدث قائلا : والدى متوفى منذ فترة و أنا رجل البيت فوالدتى ربة منزل و لى أختان واحدة فى كلية الهندسة و الثانية فى معهد عالى ، وكان الحل الوحيد انى أشتغل تباع لأنها مهنة لا تحتاج مهارة و لا شهادات ولا مؤهل و لا تحتاج رأس مال و الحمد لله المهنة توفر لي دخل مناسب لأن السواق اللى بشتغل معاه بيراضينى يعنى الدخل ليس ثابتاً، لكن المشكلة فى شغلى هي أن الركاب أحيانا بيعملوا مشاكل من غير سبب واحد يرفض يأخذ الباقى من العملات المعدنية لكن عموما المشاكل بتخلص بسرعة لأن الأسطى اللى بشتغل معاه راجل عاقل و دائما يتدخل ويقف في صف الراكب، لكن الأهم من كده انى لن أكمل فى مهنة التباع لأنى عايز أكمل تعليمى و بحلم أدخل كلية الهندسة.. محمود محمد 27 سنة و يعمل على خط الإسعاف عرابى مطار يقول عملت فى مهنة التباع و عمرى 17 عاما و خلال هذه الفترة اشتغلت مع سواقين كتير و طبعا الفلوس كانت بتختلف من سواق للتانى وكل حاجة حسب الرزق و دلوقتى الوردية ممكن تكون ب10 جنيهات أو 15 جنيهاً و ممكن توصل ل 25 جنيهاً ، لكن الآن معظم السائقين ليس معهم تباعين إلا فى المينى باص لأنه كبير و لازم يكون فيه تباع يلم الأجرة ، وأهم حاجة ان تكون كرامة التباع من كرامة السواق يعنى لو التباع اتهان فى الموقف يبقى السواق اتهان ، و كل ما كان السواق له كلمة مسموعة بالتالي التباع يكون له وضعه، وبالنسبة للزبائن فتعامل التباع يختلف حسب الخط الذي يعمل عليه ، فزبون خط بشتيل يختلف عن زبون المعادى فى التعامل ، لكن فى كل الأحوال بيكون فى زبون مقاوح و دماغه ناشفة و ممكن نتعامل معاه بأن التباع يهب فيه و يخوفه و بعدين السواق يتدخل على أنه الكبير و يراضيه بكلمتين بس بعد ما نهينه طبعا .. بسام معوض 28 عاما و يعمل على خط الإسعاف 6 أكتوبر يتحدث قائلا : التباع عمل متعب جدا لأنه بيتعامل مع ناس أشكال و ألوان كل واحد فيهم له تفكير مختلف ، علشان كده ممكن نلاقى معظم التباعين بيتكلموا بصوت عالى و طباعهم حادة و أعصابهم مشدودة لكن هما فى الحقيقة ليسوا كذلك و لكن كثرة المشاكل بتخليهم يتحولوا و ذلك حتى يستطيعوا أن يعيشوا ، لكن بعيدا عن أوقات العمل هم ناس طيبين جدا و من اسر بسيطة و كل هدفه فى الدنيا هو البحث عن لقمة العيش. كريم محمد 23 سنة تباع على خط رمسيس 6 أكتوبر أعمل تباعاً من 4 سنوات و تقريبا أمامى سنتين بالكتير قوى وسأرتقي لأعمل سائقا لأني أتعلمت السواقة ، لكن فيه تباعين بيقضوا طول حياتهم يشتغلوا تباعين إما لأنهم يريدون ذلك أو لأنهم ما عرفوش يعملوا قيمة لنفسهم فى الموقف ، لأن التباعين و السواقين فى المواقف مقامات و كل واحد و شخصيته .