أصوات حفرت مكانها في الذاكرة ولم تستطع الأيام رغم تقلباتها أن تمحوها، وهي أصوات ارتبط سماعها بأوقات معينة .. فلا تكاد تسمعها حتى تستعيد ذاكرتك أحداثا وذكريات ، وتوجد أصوات كثيرة ارتبطت عند المصريين بقدوم شهر رمضان ، فقد تميزت مصر بأصوات رائعة في قراءة القرآن وتفسيره وانشاد الابتهالات والتواشيح بطريقة رائعة ، وفي السطور القادمة سنتجول أياماً في حياة نجوم ظلت أصواتهم في أذهان ملايين المصريين مرتبطة بشهر رمضان ، أصوات خاشعة كانت موهبتها سر الصدق الذى مازال يفوح من نبراتها رغم رحيل معظم اصحابها منذ سنوات طويلة ، فهي أصوات كانت جسرا لكلمات السماء تنقله إلي القلوب لتطير بالأرواح إلي عنان السماء . وفي الحلقة الرابعة نتوقف مع الشيخ طه الفشنى الذى كان المؤذن الأول لمسجد سيدنا الحسين بالقاهرة ، ولاتزال تسجيلاته شاهدة على نبوغه وعلمه بأصول التلاوة فضلا عن ميراثه فى الإنشاد الدينى الذى ارتبط بشهر رمضان فى مصر والعالم الإسلامى ، ولد في بنى سويف عام 1900، والغريب أنه بدأ حياته مطرباً .. لكن النشأة الدينية والدراسة فى الأزهر الشريف حسمت مساره ، وكان يسهر عشاق صوته حتى الفجر ليستمعوا إليه عبر الإذاعة في رمضان وهو يتلو القرآن الكريم ثم يؤدى الابتهالات ويرفع الأذان، وأيضا حين ينشد التواشيح بمولد السيدة زينب، وقد حفر اسمه بين أعلام فن التواشيح مع الشيخين طوبار والنقشبندى ، كما كان من المصاحبين للشيخ مصطفى إسماعيل فى تلاوة القرآن بقصرى عابدين ورأس التين طيلة 9 سنوات، ولما بدأ التليفزيون المصرى إرساله كان الفشنى من أوائل القراء الذين افتتح إرساله بهم، وقد تعرض لمحنة مرضية في أواخر حياته بعدما أصيب بمرض في حنجرته وفقد صوته فجأة ، ولم يفلح الأطباء فى علاجه، وعندما ذهب للحج وبينما كان الحجيج فى البقعة المقدسة يوم عرفة .. كانت الحشود تستعد لصلاة العصر، وفجأة شق الفضاء صوت جميل يؤذن للصلاة، ولم يكن غريباً عن المصريين، كان صوت الفشنى الذى استرده بفضل الله، وقد توفي عام 1971 تاركا خلفه كنوزا من التسجيلات القرآنية والإنشاد الدينى . .. .. .. .. ..