ناشطة في مجال حقوق الإنسان وكاتبة سياسية وشاعرة، اختارتها مجلة نيوزويك الأمريكية ضمن أكثر 150 سيدة مؤثرة على مستوى العالم، ولقبتها مجلة التايم الشهيرة ببطلة حقوق الإنسان في العالم الإسلامي، وكرمتها مؤسسة الدايلي نيوز ضمن أشجع 17 ناشطاً ومدوناً على مستوى العالم، وفازت للعام الثاني علي التوالي بلقب " أشجع سيدة في الشرق الأوسط "، وهي حاصلة على درجة الماجستير في السياسة والعلاقات الدولية من الولاياتالمتحدة ، وتعمل حالياً على الحصول على درجة الدكتوراة في الإدارة السياسية للعامة، وحالياً هي المدير تنفيذي لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، ولها عدة عدة مؤلفات أهمها كتاب مصور عن الثورات السلمية في العالم عام 2007 وديوان شعري بعنوان "لام ألف – لا" بالعامية، ورغم كل ما سبق .. عمرها لا يتعدي 31 عاماً ! بالتأكيد نحن لا نحتاج لمقدمة أكثر من ذلك لحوارنا معها .. تصوير: محمود شعبان كيف توليت عدداً من المناصب الدولية في سن مبكرة؟ منذ دراستي بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية كنت أضع خطة لنفسي, وبدأت في العمل العام والإهتمام بالقضايا الإجتماعية مثل موضوع الختان وقدت حملة " طالبات ضد الختان " في أواخر التسعينيات، وكان هذا الموضوع من التابوهات التي لا يتحدث فيها الناس, خاصة جاء قبل إصدار القوانين الخاصة بهذه القضية, وربما كان وعي الناس تجاه هذا الموضوع أقل بكثير مما عليه الآن، وبالتالي كان إقناعهم صعباً، وفي هذا الوقت بدأت الاتجاه لمجال حقوق الإنسان، وعملت في الصحافة لمدة عامين كمترجمة لكنني لم استمر بسبب وفاة والدي التى أثرت في بشكل كبير، وعرفت وقتها أن الحياة قصيرة لابد أستغل كل يوم في عمري لأتقدم خطوة إلي الأمام, أما المحطة الأخرى التي أضافت لي فكان حصولي مؤخرا علي الماجستير من " فليتشر سكول " بأمريكا وحصلت علي منحة في العلاقات الدولية , وتحديدا حول العلاقات المدنية العسكرية في أوقات الأزمات، وقد أعجبني الموضوع كثيرا وبدأت الدراسة به في بداية 2010 , وطبعا حدوث الثورة أفادني بشكل كبير جدا لأنها كانت تجربة حية وعملية أمامي مما أدي إلي تأخر مناقشة الرسالة حتى هذا العام, وهذه الدراسة أفادتني كثيرا خاصة وأنني كنت أدرس مع 35 طالباً وافدين من 35 دولة مختلفة، وبالتالي فهذا التنوع أعطاني ثراء كبيراً جدا ومنحني التعرف علي ثقافات مختلفة . نتوقف بالتحديد عند مرحلة المركز الإسلامي الأمريكي .. كيف توليت رئاستة وعمرك 25 عامأً فقط ؟ وجدت كل من حولي يثقون بي في سن صغيرة، وأتذكر عندما تم افتتاح فرع المركز في مصر وأصدار بيان عن تولي رئاسته داليا زيادة التى عمرها 25 عاماً معظم الصحف وقتها أعتقدت أن هناك خطأ وكتبت أن عمري 52 سنة ! والغربيون لا يعرفون المجاملات في تولي المناصب، وبالتأكيد هناك مميزات أهلتني لهذا المنصب، وكان الهدف الأساسي منه التواصل مع الشباب في العالم الاسلامي من أجل تغيير صورة المسلمين وخلق حوار بين الاديان, وكانت هناك مرشحات كثيرات لهذا المنصب ومنهن أسماء كبيرة عملت بالادارة الامريكية لفترة, وكانت بداية معرفتي بهذه المنظمة من خلال كتابة مقال عن حقوق المرأة في المجتمع المصري الذي حصلت بسببه علي جائزة " أنا ليندا " , وبعدها عملت بشكل تطوعي لمدة عامين مما أهلني لتولي هذه المهمة، ومن الاعمال التي قمت بها في مجال حوار الحضارات ترجمة كتابات مارتن لوثر كينج , وكيف استطاع الأمريكان من أصول أفريقية في إحداث تغيير مجتمعي بدون القيام بأي أعمال عنف,، وهذا ما كانوا يحتاجون إليه .. وهواختيار شخصية تستطيع إحداث تغيير اجتماعي بامكانيات بسيطة جدا . . لكن عملك التابع لأحدي المراكز الامريكية قبل الثورة .. ألم يعرضك للاتهامات بالعمالة والتخوين ؟ هذا حدث معي مثل الآخرين, وقالوا عني أنني عميلة وأتعامل مع اليهود والأمريكان، وفي البداية لقلة خبرتي كنت أتأثر كثيرا وأغضب مما يقال عني لأنني وقتها لم أكتسب الخبرة الكافية للتعامل مع مثل هذه الأمور، ولكنني كنت أصر علي الاستمرار فيما بدأته بدون الإهتمام بما يقال عني، أيضاً مضايقات أمن الدولة كانت كبيرة لدرجة أن التهديدات كانت تأتي لي بشكل واضح وصريح، ولكنني صممت علي الاستمرار والأمر بالنسبة لي أصبح مسألة حياة أوموت , لكن فى الوقت نفسه كنت حذرة وبدأت أعرف ما هي الاخطاء القانونية التي وقع فيها الآخرون وتجنبتها تماما، حتى كتابة النقد من خلال مدونتي لم أقم به حتى لا أتعرض للقبض عليّ, وقبل أى عمل كنت أقوم به كنت أحصل علي ترخيص مثل إقامة مهرجان القاهرة لحقوق الإنسان, فالأمور لم تكن سهلة علي الإطلاق أيام النظام السابق. خلال توليك منصب مدير مركز الحوار الإسلامي الأمريكي .. هل شعرت بأى تغيير في لهجة الحوار بين الإسلاميين والغرب؟ بالفعل حدث تغيير لكن علي المستوي الشعبي وليس علي مستوي الإدارة الأمريكية , وهذا التغيير حدث منذ أيام أحداث سبتمبر 2001, وبدأت أمريكا علي مستوي الإدارة تهتم بالدول الإسلامية علي عكس الشعب الذي اتخذ موقفا معاديا للشعوب الإسلامية، ولكن بعد ظهور العديد من المنظمات التي تسعي لتوضيح الوجه الحقيقي للإسلام وإيجاد نقاط تواصل بدأ الشعب الأمريكي يعرف أكثر وتغيرت نظرته بشكل إيجابي، بينما تحول الأمر من جانب الإدارة خاصة وأن أمريكا بدأت تشن حملاتها ضد الإسلاميين تبريرا لتحقيق أهداف خاصة بها في العراق وأفغانستان تحت مسمي " مطاردة الإرهاب " , حتى أن عدداً من الجنود الذين ذهبوا في هذه الحروب عندما عادوا أكدوا أن المجتمع الأمريكي أساء فهم الإسلاميين. ماذا يعني لك فوزك بلقب " السيدة الأكثر شجاعة في الشرق الأوسط " للعام الثاني علي التوالي ؟ الجوائز حافز للتشجيع وعلامة علي أنني أسير في الطريق الصحيح, والفوز بهذا الجائزة ثم وضع اسمي ضمن السيدات الأكثر تأثيراً في العالم حمسني بشدة، خاصة وأن حيثيات فوزي بالجائزتين كانت مرتبطة بعملي في نشر ثقافة العمل السياسي غير العنيف وحقوق المرأة خاصة في قضايا التحرش والختان, وغيرها من الأنشطة والتدريبات التي ساهمت في خروج الربيع العربي بهذا الشكل, وبعد كما حصلت علي العديد من الدورات التدريبية في مؤسسة " كامباس " في صربيا والمركز الدولي للعمل غير العنيف بأمريكا , ولم أتوقف عند هذه المرحلة وبدأت بعدها أعقد ندوات لتدريب الشباب في العالم العربي كله علي فكرة استخدام أدوات العمل غير العنيف في إحداث التغيير الاجتماعي. لكن الحصول علي دورات في صربيا كان موضع إدانة للعديد من النشطاء الشباب ؟ هناك مؤسسة في صربيا تسمى " كامباس " أسسها مجموعة من الشباب الذين قادوا الثورة ضد النظام الحاكم هناك في التسعينيات, وبدأوا يصمموا العديد من التدريبات للدول التي تعاني من نظم ديكتاتورية، وهذه الكورسات متاحة للجميع علي الانترنت . بما أنك مهتمة بشون وقضايا المرأة كيف تري وضعها المجتمعي الآن؟ بشكل عام أري أن وضع المرأة في المجتمع في حالة سيئة جداً، والاهتمام بقضايا المراة يتراجع بشكل كبير، وهذا ليس بسبب الإخوان .. لكنها مشكلة قديمة لها علاقة بطريقة تفكير المجتمع , وهذه القضية حتى يحدث تغيير جذري بها تحتاج إلي وقت وسن التشريعات التي تحمي حقوق المرأة وتوعية الناس, وبالتالي من الأفضل أن نسيرفي الوقت الراهن باسلوب التوعية المزدوجة، بمعني أننا نقوم بسن القوانين التي تساعد المرأة في تحسين وضعها اجتماعيا من ناحية .. ومن ناحية أخرى نقوم بتوعية الطبقات الاجتماعية الأقل تعليماً. وكيف ترين التغيير الذي طرأ علي المجتمع المصري فيما بعد ثورة 25 يناير ؟ هناك تغيرات سلبية كثيرة .. ولكن من الأمور الايجابية كسر حاجز الخوف لدي المصريين، لكن هذا في الوقت نفسه أدي إلي أن رفع معدلات " البجاحة " وأصبح أي شخص يعطي لنفسه الحق في فعل أي شيء حتى ولو كان مخالفاً للقانون, وهذا لأن الناس فسرت رفع حاجز الخوف بشكل خاطئ نظراً لغياب سيادة القانون , فضلا الاحباط الذى ساد المجتمع بعد استبعاد قطاع كبير من الشباب الذين شاركوا في الثورة من السلطة، ومن بين هؤلاء الشباب من ضحي بارواحهم وانفسهم من أجل حدوث تغيير ايجابي, ولكن هيمنة فصيل واحد علي مقاليد الحكم جعلت كثيرين يشعرون بالاحباط . حسب خبرتك السابقة في مجال مناهضة التحرش ضد المرأة .. هل هذه القضية أخذت الاهتمام الكافي رسمياً ؟ هذه القضية قديمة في المجتمع وليست جديدة , لكن الاهتمام الحكومي ومن قبله الاجتماعي بها لم يكن علي قدر الاهمية , والمجتمع يرمي بالعبء الأكبر علي الفتاة بأنها السبب لما يحدث لها، والمشكلة في مجتمعنا تسمي ب " الدور النوعي ورد الفعل الاجتماعي "، فالبنت عندنا نربيها علي أنها شرف الاسرة ولابد أن تحافظ علي نفسها، وبالتالي لوحدث لها أي شيء لا تتحدث عنه وتضطر للصمت لأن المجتمع يلومها ويترك الفاعل, وتبدأ سلسلة من المبررات للواقعة والتي تدينها بأنها قامت بفعل ما شجع الولد علي القيام بهذا الأمر أوأنها كانت ترتدي ملابس غير ملائمة وهكذا بدون أن نتحدث عن الغياب الاخلاقي أو الديني لدي الشاب نفسه, وهذا لا يعني فقط أننا نعيش في مجتمع " ذكوري " .. بل نعاني أيضا الكبت السياسي, فالسلطة الاعلي كانت تكبت من تحتها وهكذا، وبالتالي كانت من وسائل التفريغ النفسي لدي الشاب أن يضايق الفتاة , وأكبر دليل علي فكرة الكبت السياسي أن فترة ال 18 يوماً خلال الثورة لم تسجل حالة تحرش واحدة . أي فتاة في عمرك تفكر في الارتباط والزواج .. فهل تعتقدين أن هذه الخطوة قد تشكل عائقاً أمام تحقيق أهدافك؟ ربما انشغالي بالعمل العام أخذني عن التفكير في الزواج، لكن هناك رجال يصلون إلي درجة الغيرة من نجاح المرأة , وبما أننا لدينا العقلية الاجتماعية بأن الرجل لابد أن يكون أعلي في مركزه الوظيفي واكثر دخلاً من زوجته .. فلابد أن تظهر المرأة في مرحلة لاحقة للرجل, ولكن عموماً الزواج ليس عائقاَ عن النجاح والعمل.