تشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية الآن توترات لم تحدث منذ حدوث الثورة.. وذلك عقب سحب الدكتور محمد مرسي السفير المصري من تل أبيب كرد فعل على ما يحدث من اعتداءات صهيونية على غزة.. ورد الجانب الإسرائيلي على ذلك بسحب البعثة الدبلوماسية من القاهرة.. ولكن السؤال الآن.. ما هي الاحتمالات الواردة بين الجانبين.. وهل من الممكن أن تحدث حرب بين مصر وإسرائيل.. وبصراحة.. هل نحن قادرون على هذه الحرب؟.. ما الذي تفكر فيه إسرائيل عقب رد الفعل المصري؟ عقب سحب السفيرين.. ما الذي تفكر فيه إسرائيل الآن؟.. هذا ما يجيبنا عليه د. رفعت سيد أحمد- مدير مركز يافا للدراسات السياسية الذي يتابع ما يحدث داخل إسرائيل- ويقول: إسرائيل لديها هدف محدد نريد تحقيقه بعيدا عن كل المحاولات والضغوط، وهذا الهدف هو إسقاط المقاومة المسلحة في غزة وإدخالها في لعبة السياسة، واللعب على المناورة الانتخابية واستخدام الدم الفلسطيني كورقة انتخابية، وكل المحاولات المصرية لن تأتي بنتيجة لأن الجانب الإسرائيلي حصل على الإشارة والموافقة الأمريكية عقب فوز أوباما بالانتخابات، وهي تتوقع أنه لن يحدث شئ أكثر من سحب السفير، والدليل على قوة موقف الجانب الصهيوني ما حدث في مجلس الأمن عندما أعلنوا أن إسرائيل تدافع عن نفسها ولم يتخذ أي إجراءات، ولذلك سوف يتمادى الجانب الإسرائيلي في هجومه على غزة، ولكننا لن ندخل حرب لعدم القدرة وعدم الرغبة، وهم يعلمون ذلك جيدا، كما أنهم قاموا بسحب السفير الإسرائيلي خوفا من قيام الجانب المصري بطرده من القاهرة، والرأي العام الإسرائيلي يفكر الآن في ردع أي قوة تهدد أمنه، ولذلك لا يهمه أي شئ أو أي ردود فعل مصرية. وماذا سيحدث بعد سحب السفير؟ يقول د. حسن نافعة- أستاذ العلوم السياسية-: الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين وحشية ويجب إيقاف القذف الذي يحدث للقطاع، وكان لابد من أن يكون هناك رد فعل قوي، ولذلك أري أن قرار الرئيس محمد مرسي بسحب السفير كان لابد منه، وتصعيد خطير، ولكن هناك أهداف لقذف إسرائيل لقطاع غزة، ومن أهم تلك الأهداف هو تشويه العلاقة بين الرئاسة المصرية وحماس، وإحراج مرسي وإظهاره في موضع مورط مصر في حرب مع إسرائيل، كما أن إسرائيل تهدف لزيادة الفجوة بين الجيش المصري، والقوي السياسية المطالبة بسحب السفير، ومحاولة إضعاف موقف مرسي الداعم لحماس وقطاع غزة. ويقول الدكتور جمال سلامة- أستاذ العلوم السياسية- رد الفعل المصري كان متناسب مع عمل العنف وهو سحب السفير المصري، أما سفر السفير الإسرائيلي فلم يكن بطلب مصري كما صور البعض، ولكنه جاء بمحض إرادته وقادته، وإذا ارتفعت وتيرة العدوان الإسرئيلي على غزة فمن المرجح أن تزداد حدة رد الفعل المصري، ولكن يجب على القيادة المصرية أن تتوخى الحذر ولا تصعد الموقف مرة واحدة يجب التدرج مع الفعل الإسرائيلي بالرغم من الضغوط الشعبية ورد فعل الشارع المصري الغاضب، فمن الممكن أن يلي ذلك إلغاء اتفاقيات الكويز الصناعية أو إلغاء اتفاقيات الغاز، ولكن الاستدراج لحرب مع إسرائيل هو أمر خطير ويجب أن تستعد مصر الاستعداد العسكرى الكامل قبل الدخول فى هذه المغامرة حتى لا تتكرر أحداث 1967. هل نحن قادرون على الحرب البعض الآن يتحدث عن الحرب.. ولكن يجب أن نكون مدركين.. هل نحن مستعدون لهذه الحرب؟.. وهل لدينا القدرة على التفوق على الجيش الإسرائيلي؟.. يرد على هذه الأسئلة اللواء طلعت مسلم- خبير الشئون العسكرية والاستراتيجية- ويقول: عندما نتحدث عن الحرب يجب أن نضع في الاعتبار عدة أشياء لأنها ليست مجرد جيش ضد جيش، فتحتاج إلي إعداد للحرب وإعداد سياسي واقتصادي وإمكانيات وإعداد الشعب للحرب، وإعداد مسرح العمليات في الحرب وكل ذلك يكاد يكون منخفض لدينا، أو نستطيع أن نقول أننا لدينا استعداد في نواحي ولكن لا يوجد استعداد في نواحي أخرى، فالقوات المسلحة لدينا قوية جدا وتتدرب، وموجودة غرب القناة، ولكن قوات إسرائيل ليست في حاجة إلي أن تعبر حاجز لكي تصل لنا، وبالتالي في حالة نشوب حرب ستكون هناك فرصة لإسرائيل لتصل إلي النقاط الرئيسية في مصر، ولو تحدثنا عن التسليح المصري فأغلبه من الولاياتالمتحدة، وفي نفس الوقت هي المورد الرئيسي لإسرائيل وتضمن لها التفوق على كل الشعوب العربية، وبالتالي هناك تفوق تسليحي إسرائيلي على مصر نتيجة لطول الاعتماد على الولاياتالمتحدة في التسليح، كما أننا سنكون في حاجة إلي قطع غيار وذخيرة من الولاياتالمتحدة، وعلاقتها بإسرائيل يجعلنا لا نطمئن إلي وقوفها بجانب مصر وإمدادها لنا بالتأكيد. ويضيف قائلا: يجب أن نراعي أن الدولة التي تخوض حربا يجب أن تنظر إلي اقتصادها قبل أي شئ، فالاقتصاد المصري بالشكل الحالي لا يكفي الاحتياجات العادية، ولا نستطيع أن ندخل حربا دون أن نضمن الحصول على احتياجاتنا الضرورية، لأنه بالتأكيد أن خطوط المواصلات ستتعرض للاعتراض من الجانب الإسرائيلي وربما من الولاياتالمتحدة نفسها، كما أن الشعب الذي يهتف ويريد الحرب هو في الأساس غير معد للحرب، لأننا منذ زمن طويل ونحن بعيدون عن الحرب، ولا يعرفوا الحرب سوي في الأغاني والمناسبات الوطنية، حتى أن كل أماكن معيشتنا ليست مجهزة للحرب، وهل هناك وسائل أخرى للحماية وملاجئ للحماية فأعتقد أن كل ذلك غير موجود، لذلك فنحن في حاجة لوقت كبير للإعداد للحرب، إلا إذا كنا مجبرين عليها، وما يجبرنا على الحرب عدة أسباب، أهمها هي أننا لا نستطيع أن نعمر سيناء إلا إذا كنا نستطيع أن ندافع عنها ولذلك يجب تغيير شروط معاهدة السلام معهم، لأنها لا تسمح بوجود قواتنا في الخطوط المحددة في المعاهدة، وتسمح بقوات في غرب المضايق ولكن لها حدود بالنسبة للدفاع الجوي والطيران، وفي شرق المضايق قوات خفيفة لا تصلح للقيام بعمليات دفاعية، وهناك العريش ورأس محمد بها نقاط ممنوع نشر القوات بها، وعلى المدى البعيد فلا يمكن أن نغفل أنها العدو الأول لمصر والحرب ستأتي في يوم من الأيام. ما الذي يحدث في رفح الآن؟ بالتأكيد أهل رفح متأثرين بما يحدث في غزة.. فيقول معتز الطهراوي- من قبيلة الطهراوي في رفح-: أسكن في آخر بيت على الحدود مع فلسطين، وكل يوم نصحي على صوت (الطخ)، ولكننا تعودنا على سماع الضرب، وقلبنا جمد، ولكن بيوتنا تتأثر بشدة مع الضرب، لأنها تهتز جدا والزجاج يتحطم، وفيه خسائر طبعا لدينا، لدرجة أننا قضينا الليل في الشارع خوفا من تدمير المنازل، كما أنه من قبل سقط لدينا صواريخ إسرائيلية ونخشى أن يحدث ذلك الآن، كما أن الفلسطينيين في رفح في حالة صعبة جدا بسبب الضرب الوحشي الذي يحدث، ولكن ما باليد حيلة، وربنا يقف مع أهل غزة، كما يوجد تواجد أمني مصري كبير على الحدود، وحتى المستشفيات مستعدة لاستقبال المصابين الفلسطينيين.