قال الدكتور محمد البلتاجى، عضو اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور إن الإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة عن ما يحدث الآن بمصر سواءا من صدور قرارات غير صحيحة أو المحاولات المستميتة لتعطيل العمل بالتأسيسية حتى يأتي يوم العاشر من ديسمبر 2012 وقت عرضها على رئيس الجمهورية لتحديد موعد للاستفتاء العام على الدستور ، لتظل حالة الفوضى ويستمر نزيف الوطن جدالا واستقطابا . وأشار خلال كلمته التي ألقاها بالمؤتمر الجماهيري الكبير الذي عقد مساء الثلاثاء بميدان المديرية بمدينة بني سويف تحت عنوان " الشعب يكتب دستوره " إلى أنه مستعد لتقبيل يد كل مواطن ينتقد مادة فى الدستور بشرط أن يكون هدفه إنجاز العمل وليس تعطيله ، وانتقد ما أسماه " منصات إعلامية " تعمل ليل نهار يمتلكها ويديرها فلول النظام السابق الذين يعملون على إثارة الغبار حول كل من يريد العمل، مشيرا إلى أنهم يستهدفون استمرار الفوضى وعدم الاستقرار ليستمر فسادهم . وقال البلتاجي خلال المؤتمر الذى شهده خمسة آلاف مواطن إن هناك جهات ومصادر إعلامية تحاول الآن فرض أشياء بعينها على الشارع المصري لإثارة البلبلة ، كما حدث فى موضوع سن الزواج للقاصرات ليثيروا الرأى العام في موضوع لم يتم طرحه على التأسيسية من الأصل ، مشيرا إلى زعمهم أن الدستور يتم تفصيله على مقاس رئيس الجمهورية، وهذا كله كلام ليس له أساس من الصحة ، على حد تعبيره . ونفى البلتاجي أن تكون هناك أية نية لأسلمة مواد الدستور الجديد كما يشاع ، وقال أنه ولأول مرة منذ 14 قرنا يوضع دستور بنصوص حاكمة تؤكد على شرائع غير المسلمين ، مشيرا إلى أن مواد الخلاف الموجودة الآن هي التي كانت موجودة فى دستور 71 بما فيها المادة 68 الخاصة بمساواة الرجل والمرأة ، والتى لاقت اعتراضا كبيرا، وتم رفعها بسبب جملة " بما لا يخالف الشريعة " . وقال إن جماعة الإخوان رفضت النزول فى جمعة تطبيق الشريعة بميدان التحرير لأن الشريعة الإسلامية هى مطلب كل المصريين وليست مطلب فصيل بعينه بل هى مطلب كل المسلمين من المغرب وموريتانيا غربا إلى إندونيسيا وماليزيا شرقا " ونحن ندرك حالة الفزع والتخويف التى تتبناها النخبة التي تريد إفشال كل شيء بنظرية اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس " . وأكد البلتاجي أن القوى السياسية تراهن الآن على مسألة الوقت فهى تسعى بكل قواها لتعطيل العمل والإنجاز الذى تم بالجمعية التأسيسية حتى تنتهي مدة ال 6 أشهر وبعدها سيدخل الوطن فى دوامة تحتاج لعشرات السنين للخروج منها " لأنهم لايرضون الآن بتشكيل جمعية من 100 شخصية شارك في تشكيلها نحو 760 برلمانيا يمثلون الشعب فهل يوافقون على تشكيل جمعية يقوم على تشكيلها فرد واحد حتى وإن كان هو رئيس الجمهورية ؟ " . وأضاف " نحن ندرك تماما أن التغيير الحقيقي لم يبدأ بعد وأن الحالة التي نحن عليها اليوم من الفساد المستشري في قطاعات الدولة تحتاج إلى قوانين جديد للإدارة المحلية والأجهزة الرقابية حتى نستطيع مكافحة هذا الفساد فنحن لانملك آلية الآن لمساءلة أي مسؤول فاسد ، وأمل هؤلاء ومن يعاونوهم في الإعلام هو الرهان على ضياع الدستور واستمرار حالة الفوضى في البلاد " . وهاجم البلتاجي المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام قائلا إن من المطالب الأساسية للثورة منذ أن قامت كان تغيير النائب العام الذي كان أحد الأعمدة الرئيسة لنظام مبارك " متعجبا ومشيرا إلى أنه " لو كان لدينا نائب عام حاسب الفاسدين أيام مبارك ، لما كان هناك داع لقيام الثورة أصلا ، لكن للآسف إن الذين طالبوا بتغيير النائب العام هم من يدافعون الآن عنه " . وقال البلتاجي تعليقا على ما أسماه المعترضين من أعضاء التأسيسية " التعديل .... نعم ، التعطيل .... لا " إن " الدستور ليس مشروعا للإسلاميين " وأن ما يقال حول هذا الموضوع " كذب وتضليل " ،مؤكدا أن المصريين " لا يريدون شعارات ومزايدات " ، لافتا الى أن لمادة الثانية ، بقيت كما هي ولم تتغير والخاصة بمباديء الشريعة . واضاف " أننا طلبنا من هيئة كبار العلماء بالأزهر ووقعت عليه في حضور شيخ الأزهر تحديد ما هية المباديء ، ووافق ممثلون عن كافة الكنائس والقوى الوطنية على هذا التعريف لكلمة " مباديء " وقال إنه لا مجال للمزايدة عليها الآن ، مشددا على أن قضية المادة الثانية هي قضية المسلمين والمسيحيين في مصر وأن الجمعية لن تمرر تطبيق الشريعة لأن المشروع الإسلامي ليس في حاجة لتمرير نصوص " هو رغبة إسلامية ولن يحميها نص " . وقال " إننا نحرص بمسؤولية على التوافق مع الجميع من أجل الوطن و المادة التي تتضمن حرية إقامة دور العبادة تعد إنجازا غير مسبوق " وقد وضعنا نصا دستوريا يصون ويحمي حق غير المسلمين في بناء دور عبادتهم بشكل طبيعي وليس استثنائي " . و اوضح البلتاجى أن المسودة تتضمن " حرية الاعتقاد والإبداع والحصول على البيانات والمعلومات والوثائق ، وحرية الصحافة والطباعة ، والمظاهرات بمجرد الإخطار والجمعيات بمجرد الإخطار وهناك أبواب أخرى تحقق التوازن بين الحرية والمسؤولية " لأننا لا نخشى من الحرية ونثق في الشعب الذي سيصونها " . وقال إن المنصات الإعلامية تقول إن المسودة لدستور يقولون عنه انه ينحاز للأغنياء " وأقول إنها تتضمن نصا يؤكد أن لكل مواطن غير قادر على إعالة نفسه وأسرته الحق في الضمان الاجتماعي بما يضمن له حد الكفاية " كما تضمن نصوصا حول " الحق في التعليم المجاني المطابق لمعايير الجودة والمسكن الملائم والماء النظيف ، وأن الدولة تلتزم برعاية ذوي الإعاقة وأن تهيء المرافق العامة بما يوافق احتياجاتهم " . وقال إن " الأجهزة الرقابية تتمتع بالاستقلال لأول مرة في مصر ، وتقاريرها علنية تنشر للرأي العام بالصحف ووسائل الإعلام ، وتناقش خلال 90 يوما في البرلمان ، وتقوم أجهزة الرقابة بإبلاغ النيابة والقضاء في المخالفات فورا للتحقيق فيها ، وأن تعيين رؤساء هذه الأجهزة سيكون من قبل رئيس الجمهورية بعد ترشيح البرلمان لهم لمدة 4 سنوات لا تجدد ،لافتا الى ان المسودة تتضمن نصوصا تتعلق بالمحكمة الدستورية تضمن قيامها بالفصل في دستورية التشريعات وأن تكون الرقابة من قبلها سابقة وليست لاحقة . واضاف ان النظام السابق كان يستخدم هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة لصالحه ، وقررنا في التأسيسية أن نفعل دورها لصالح المجتمع وليس لصالح النظام الذي كان يقربها وقت أن يشاء وأن يبعدها وقتما شاء " . وإختتم البلتاجي كلمته بقوله " إننا رغم هذه الضغوط قررنا العمل مخلصين للوطن دون استجابة للاستفزاز " ،مشيرا إلى أن التأسيسية " عانت من أوضاع تحتاج إلى تصحيح وأن أعضاءها يتعاملون بمسؤولية من أجل صالح الوطن ، مؤكدا أن المصريون لن يتركوا الأمور تسير على ما هي عليه الآن ، مضيفا ان التأسيسية تسعى إلى تجويد مشروع الدستور فهو ليس كتابا منزلا من السماء ونحن لسنا ملائكة " مؤكدا أن " التوافق مسؤولية الجميع وعلى الذين يهددون بالانسحاب أن يدركوا أن المواطنين واعين ، فنحن أمام مسؤولية تاريخية ، يجب أن نكون على قدرها " .