يبدو أن دعابة " كذبة إبريل" سوف يقوم المصريون بتغيرها إلى شهر يونيو، فكم الشائعات التى أطلقت خلال الأيام الماضية فى مصر والتى زادت بشكل كبير وملحوظ مع ليلة الثلاثاء الماضى 19 يونيو ، مما دفع مستخدمى مواقع التواصل الإجتماعى " الفيسبوك وتويتر" إلى تسمية هذا اليوم مازحين " بعيد الشائعات المصرى" .. ومما زاد من الأمر تعقيدا هو تواجد عدد كبير من الشباب والحركات السياسية فى ميدان التحرير فى هذا اليوم للمشاركة فى مليونية الإعتراض على الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس العسكرى ، فترددت بينهم هذه الشائعات لتنتشر كالنار فى الهشيم ، وفى ظل غياب حلقة الوصل بين المسئولين عن إدارة البلاد والنخب السياسية والشارع المصرى وعدم قيام اى جهة بتكذيب اى شائعة من هذه الشائعات ، كان لابد إلى تحويل الشائعة والأخبار الكاذبة إلى حقائق وواقع عند الكثير من الناس ، وهذا أخطر ما فى الشائعة وهو تحويلها لحقيقة ، ليكون من الصعب بعد ذلك أقناع الناس بالحقيقة الأصلية ، خاصة وأن كل الشائعات التى ترددت كانت من العيار الثقيل ، فبدايتها عندما خرج الدكتور محمد مرسى المرشح لرئاسة الجمهورية فى مؤتمر صحفى فجر يوم الثلاثاء ليعلن فوزه فى انتخابات الرئاسة ، لينزل أنصاره بعد ذلك إلى ميدان التحرير محتفلين بفوزه ، وظلت كل هذا طبعا دون اى رد فعل من جانب اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة والذى ساعد على هذا كانت معظم وسائل الإعلام التى ظلت تذيع النتائج التى يعلنها مندوبين كل مرشح ، وتزداد سخونة الموقف بعد رد فعل حملة الفريق احمد شفيق الإنتخابية ، التى عقدت مؤتمرا صحفيا هى الأخرى تعلن فيه تقدم شفيق على مرسى وأن كل ماقاله منافسهم ماهى إلا أخبار غير صحيحة ، ويظل الشارع فى حالة قلق لينقسم بعد ذلك على نفسه فهناك من صدق شائعة أن مرسى هو الفائز وأى كلام غير ذلك فسوف يكون كذب وتزوير ، والنصف الأخر صدق أن شفيق هو المتقدم وأن اى نتيجة غير ذلك ستكون بسبب إنعقاد صفقة بين العسكرى والإخوان. لتخرج بعد ذلك الشائعات من إطار مرشحين الرئاسة وتدخل فى دائرة قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ، وتنشر أخبار عن قيام حملة إعتقالات كبيرة لهم وعلى رأسها خيرت الشاطر ومحمد البلتاجى ، وذلك لتقديمهم للنيابة العامة بتهم دفع رشاوى مالية لثلاثة موظفين بالمطابع الأميرية لتسويد البطاقات الإنتخابية لصالح محمد مرسى، وما أكد هذه الشائعة شائعة أخرى وهى أن الجيش بدأ فى إعادة إنتشار قواته فى المحافظات وهذا بسبب ورود معلومات أن هناك حدثاً جللاً سيحدث ، والذى فسره البعض أن هذا الحدث هو إعلان شفيق رئيسا للجمهورية وهذا ما سوف يحدث لوقوع صدام مع الإخوان المسلمين، كما بدأ يتردد بين الناس فى وسائل المواصلات والشارع وعلى المقاهى أن هناك تعليمات من مصادر أمنية رفيعة المستوى للبنوك وشركات الصرافة بإتخاذ الحرص اللازم لورود معلومات بأن هناك أعمال شغب وعنف ستقع فى الشارع ، وتكبر الشائعات بغياب الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب السابق عن حضور احد البرامج التلفزيونية ، ليفسر ذلك الفعل بأنه بسبب اجتماع سرى بين الكتاتنى والفريق سامى عنان وبعض قيادات القوات المسلحة وهو ما نفاه ليلتها الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة نفيا قاطعا ، إلي جانب طبعأ شائعة الإنقلاب العسكري بعدما شوهدت مدرعات علي أطراف القاهرة تقوم بعمليات تأمين اعتيادية .. واخيرا حتى كتابه هذه السطور شائعة وفاة الرئيس مبارك إكلنيكيا ، وهو ما نفاه محاميه فريد الديب فى أكثر من مداخلة تلفونية بالعديد من برامج " التوك شو"، فتخيلوا شائعات بهذا الحجم يمكن أ ن تذهب بنا إلى أين ؟! . تجيبنا على هذا السؤال رغداء السعيد مدربة المهارات البشرية ، التى بدأت حديثها بتعريف كلمة شائعة هى أصلها كلمة شعاع ، فالشعاع هو أكثر شئ يصل إلى أبعد نقطة يمكنه الوصول إليها وفى أسرع وقت ، وبدأت فكرة الشائعات مع عصر الدولة الرومانية فكان الحكام الرومان يستخدمونها كبالونة إختبار للشعب حتى يستشعروا رد فعله عن اى قرار يريد أن ياخذه الحاكم ، خاصة لو كان قرار مصيرى مثل قرارات الحروب وتعين الوزراء وقادة الجيش، وتنتشر الشائعات بشكل كبير عندما تتوافر بيئتها الخصبة ، وهذه البيئة تكون اكثر خصوبة فى الدول التى بها ثوارات او حروب أو إنقلابات ، ومايزيد من تصديق الشائعة أن هناك ناس تريد من داخلها أن تصدق هذه الشائعة ويبدائون ايضا فى ترويجها ، والمسئول الأول هنا عن ترديد هذه الشائعات هم المسئولين عن إدارة البلاد فلم يخرج عنهم بيان ينفى او يؤكد مايتردد من اخبار ربما تكون كاذبة وشائعات ، فالصمت الرهيب هذا كان خاطئ جدا بالإضافة إلى أنقسام الشارع المصرى نصف يريد تصديق بعض الشائعات والنصف الأخر يريد تصديق الشائعات المنافية لها وهذا طبعا يمكن أن يدخلنا فى صراع وعدم التوافق على أمر واحد ، ولايقف تاثير الشائعة إلى توصيل الناس الى هذه المرحلة ، بل يجعل البعض الأخر فى حالة لامبالاه ، وهذا مايريده الحاكم حتى يفقد الجميع الأمل ويمرر هو مايريد من قرارات.