هذا الحوار – رغم قصره - لا يحتاج منا لمقدمات لأنه مع جمال مبارك، الرجل الذى كان حتى أقل من عامين مستقبل مصر وحامل همومها وصانع الإنجازات والمعجزات بدافع حبه لبلده ووطنه ، وهذا ليس لأنه ابن الرئيس ، لكن لأن عقله لا يمل ولا يكل من التفكير من أجل رقي البلد والوصول بها إلى مصاف الدولة المتقدمة، عينه لا تعرف النوم لأنه مشغول دائما بهموم المواطن البسيطهذه هي المقدمة التي ربما سيكتبها عدد كبير من الصحفيين إذا أتيحت لأي منهم فرصة لقاء جمال مبارك وإجراء حوار صحفي معه، بل كنا سنكتب ما هو أكثر من ذلك، والأغرب أن الأسئلة والأجوبة كانت ستتم صياغتها من قبل مسئولين في مقر الرئاسة. بالتأكيد إجراء حوار مع جمال مبارك كان ومازال حلما لكل الصحفيين، كان حلما قبل الثورة لأنه الرئيس المنتظر ووريث عرش مصر، ومازال حلما بعد الثورة، لأن الوريث تاهت أحلامه في أيام معدودة وسقطت الإمبراطورية التي ظل يحلم بها ويخطط لها لسنوات تحت أقدام الشباب في 18 يوما. اليوم جمال مبارك يسكن في زنزانته بطرة بعيدا عن القصر الرئاسي، ينتظر حكما يوم 2 يونيو القادم، وما بين أحلامه وتطلعاته للرئاسة، والتي انتهت، هو الآن يفكر في مصيره ب الآن وبعد أن ضاع الحلم الرئاسي، هل تشعر بالندم على ما اقترفته في حق هذا البلد؟ أولا أنا لا أشعر بالندم لأنني لم أقترف ذنبا بحق هذا البلد، والجميع يعرف أن أسرتي ووالدي الرئيس مبارك، ووالدتي سيدة مصر الأولى، وشقيقي علاء نكن حبا واحتراما لهذا البلد الذي تربينا فيه، وهذا الشعب، وكل ما يثار من اتهامات حولنا كلها مجرد شائعات واتهامات لا أساس لها من الصحة، ومن يستطيع أن يثبت شيئا فليفعل، أما بخصوص الحلم الرئاسي، فأنا مواطن مصري ومنة حق أن أكون رئيسا لمصر، ولم يكن هناك ما يمنع ذلك، فأنا كنت أشارك في الحياة السياسية في مصر بصفتي جمال مبارك، وليس لكوني ابن الرئيس. تقول إنك من حق الترشح لرئاسة الجمهورية، فلماذا لم تفعل ذلك الآن، طالما أنه لم يصدر ضدك حكم قضائي نهائي؟ لم أفكر في ذلك، لأن كل ما يشغل بالي الآن هو الحصول على البراءة من التهم الموجهة لي ولأسرتي، ولوالدي الذي خدم البلد كثيرا عندما كان قائدا للقوات الجوية، وشارك في صناعة نصر أكتوبر، وأيضا وهو رئيس، بعد أن قام بتجنيب مصر ويلات صراعات ومغامرات عديدة، كان يمكنها أن تقود مصر للهلاك. وما هي المغامرات والصراعات التي جنبها والدك لمصر؟ ليس كل ما يعرف يقال، والكواليس السياسية كان يحدث بها الكثير سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو العالمي، والعاملين بالسياسة يعلمون ذلك تماما، وكانت هناك ضغوط على مصر في قضايا عدة، ولكن السياسية المصرية التي كان يقودها والدي كانت تتعامل بحكمة وموضوعية مع كل الأمور دون تهور أو قرارات سريعة وعفوية قد تقود البلاد والشعب للهلاك. هل تعتقد أن إذا ترشح والدك للانتخابات القادمة مثلما يطالبه بعض محبيه هل سينجح؟ أنا لا اشك أن الشعب المصري والغلابة من ابناء هذا الشعب يكنون حبا واحتراما وتقديرا كبيرا لوالدي، وحتى بعد محاولات تشويه صورته من قبل بعض السياسيين، إلا أنه مازال لديه تواجد، حتى من غيروا صورة والدي بداخلهم فهم أيضا يحترمونه ويقدرونه ويرون فيه افضل من كل الموجودين على الساحة، وأعتقد أن الخراب الذي أحدثه الشغب والتمرد الذي حدث في 25 يناير 2011، خرّب مصر وقادها لأوضاع سيئة، وبالتالي فوالدي إذا خاض الانتخابات ستكون فرصه أفضل من اي مرشح موجود على الساحة. ومن هو المرشح الذي تتوقعه أن يجلس على كرسي مصر؟ من هؤلاء الذين ترشحوا لرئاسة مصر، وما هي مؤهلاتهم وخبراتهم السياسية، لا توجد مقارنة بين ايا منهم ووالدي، هل تعتقد أن الكرسي الذي جلس عليه جمال عبد الناصر ومن بعده أنور السادات وحسني مبارك يجلس عليه أحد من هؤلاء ؟! تقول الشغب والتمرد الذي حدث في 25 يناير؟ نعم شغب وتمرد وايدي خفية خارجية أرادت العبث باستقرار مصر، وهذاما كنت أتحدث عنه، فهم فشلوا في جر مصر لويلات عديدة وصراعات مختلفة بسبب حكمة والدي وقرارته الصائبة، فحاولوا اللعب على الداخل وهؤلاء نجحوا بالفعل في هز استقرار مصر وغثارة فوضى وفتنة بين ابناء الوطن الواحد، وهذا ما نراه الآن في الشارع المصري. ومن هم هؤلاء، هل هي دول أم منظمات؟ بالتأكيد دول ومنظمات، ولكن لا يجب أن أتحدث في أمور تتعلق بالأمن القومي المصري، لأن هناك جهات مختصة بالتاكيد بها الكثير من الرجال الذين يعملون لمصلحة مصر ويحاولون دائما التصدي لهؤلاء الذين يسعون لخراب مصر. كيف ترى والدك الآن؟ سأظل أحبه وأحترمه لأنه من افضل القادة الذين حكموا مصر، ولن أقول كلمات تعاطف، وشفقة لأننا اقوياء وسنظل هكذا حتى لو حكم علينا بالإعدام، فنحن لا نخاف أحد، فوالدي كان دائما يفكر في مصلحة وهذا ما سيذكره التاريخ، حتى وإن كانت الحقائق مشوهة في هذه الأيام. البعض يتهمك بأنك السبب فيما وصلت إليه عائلتك الآن، ما ردك؟ هذا الكلام ليس حقيقيا ، فهؤلاء ليست لديهم أسباب مقنعة لتمردهم وانقلابهم على الشرعية في مصر، فنقلوا دفة الهجوم من على والدي لأبنائه، ولكن هذا كلام فارغ عار من الصحة، فأنا ابن بار لهذا البلد، تربيت على أرضه وشربت من نيله، وكان يمكنني أن أسافر لأي مكان في الدنيا بعد بعد أن تنحى والدي، ولكني لم أفعل ذلك، واضمن حياة افضل، ولكني لم افعل ذلك، لأنني لست جبانا ولا اي فرد من اسرتي. بالمناسبة هل تنحى والدك أم أجبر على التنحي؟ ما حدث من شغب في ميدان التحرير لم يكن سببا في تنحي والدي عن الحكم، فوالدي رحل بإرادته عن حكم مصر خوفا على البلد، وأن تقودها الأحداث للأسوأ، فهو قرر أن يبتعد لتهدأ الأمور، ولكن من الواضح أن المشكلة لم تكن في والدي، فهناك من يسعى لتدمير مصر، وليس لتدمير مبارك فقط، وأنا أعرف وبحكم قربي من والدي أن ميدان التحرير كان يمكن إبادته بما فيه، ولم يكن يعترض أحد من الخارج، وهناك قوى خارجية وشخصيات داخلية نصحت والدي بذلك، لكنه رفض أن يفعل ذلك بأبناء وطنه. وهل كانت لديكم عروض من دول عربية للسفر إليها بعد التنحي؟ بغض النظر عن فكرة العروض، وإنة كانت تمثل مدى حب وتقدير العرب لوالدي واحترامهم له كقائد عربي لن ينساه التاريخ، فنحن كنا نستطيع أن نسافر لأماكن عدة ولكن الفكرة نفسها كانت مرفوضة من جميع أفراد الأسرة. كيف ترى اسرة مبارك الشعب المصري الآن بعد ما حدث لها؟ الشعب المصري صورة لم ولن تتغير بداخلنا، وسيظل ابناء هذا الشعب هم أهلنا نحترمهم ونقدرهم، ونكن لهم كل الحب، وإن كان قلة منهم قد انقادت غصبا عنها خلف المخربون إلا أننا نلتمس لهم العذر، وما زلت أصر أن الأيام ستظهر الحقيقة، وسيظهر التاريخ ما قدمه مبارك لمصر. كيف ترى مستقبل إبنتك فريدة، وابن شقيقك علاء؟ أعتقد أن ألأولاد لن يكون لديهما اي مشاكل أو زوجتي وزوجة علاء ستوضحان لهما ملابسات الأمور، وتفاصيل ما حدث، والأولاد يعلمون مدى حبنا لبلدنا وهم كذلك أيضا. هل ستنصحهم بالابتعاد عن لعبة السياسية؟ هذا الخيار متروك لهم لأنها حياتهم، فأنا لست ديكتاتورا. هل يمكن أن تحدثنا عن آخر 18 يوما في حكم مبارك؟ كل ما أريد أن اقوله، أن ما حدث لم يكن متوقعا، لأن كل التقارير كانت تؤكد أن هناك حالة من الرضاء الشعبي تجاه الرئيس ولكن كان هناك بعض غضب تجاه بعض الوزراء والحكومة، والشعب كان يلمس تدخلات الرئيس لحل بعض الأزمات التي كانت تستعصى على الحكومة، وما أريد أن اقوله أن الشرطة لم تنسحب أمام المشاغبين، ولكننا فضلنا أن لا يكون هناك صدام دموي بعد أن تطور الأمر وتدخلت عناصر خارجية استخدمت اسلحة نارية وهو ما كان يمكن ان يحول الأمر لمواجهات دامية وسط القاهرة، وكان قرار والدي مهما في هذه اللحظة بتجنيب المن والبلد ويلات ذلك، ما أود أن اقوله أن مبارك طوال ال18 يوما كان حريصا على عدم إراقة نقطة دم مصري، ولم يكن حريصا على الاحتفاظ بالكرسي، وحرصه على البقاء لفترة كان لمصلحة مصر. ماذا تقصد ببقائه لفترة لمصلحة مصر؟ أيا أن والدي كان يتمنى أن يرحل عن الحكم بعد أن تنتهي فترة حكمه بشكل طبيعي، بحيث يكون هناك كيان للدولة يشرف على عملية انتقال السلطة بشكل افضل من الوضع السيء الذي تعيشه مصر الآن، واحب أن أؤكد أنني واسرتي ووالدي نعيش فترة حزن على ما فيه مصر وما يعانيه شعبها من متاعب. هل سيكتب جمال مبارك مذاكراته عن الفترة التي قضاها داخل القصر الرئاسي؟ هذا الأمر لم أحسمه بعد، ولكن هناك كثيرين عرضوا على ذلك، ولكن أنا لا أتاجر بتاريخ مصر، فما سأكتبه يعتبر شهادة على فترة مهمة في تاريخ مصر، وسيحمل كواليس 30 سنة كاملة قضيتها داخل قصر الرئاسة وتعايشت فيها مع كل كبيرة وصغيرة. كيف ترى مستقبل مصر؟ الوضع سيء جدا، وأنا غير متفاءل، حتى بعد إجراء انتخابات رئاسية، فبعد انتخابات البرلمان لم يتمكن أعضائه من تقديم حلول لأي مشكلة، وأعتقد أن هناك سنوات قادمة سيئة ستعيشها مصر بسبب ارتفاع اصوات المنتفعين والعملاء وأصحاب المصالح الشخصية.