كانت الساعة الخامسة عصرا عندما كان يقوم المهندس محمد فاروق بإيقاف سيارته أمام بيته بميدان صقر قريش بالمعادى الجديدة بعد عودته من عمله ، ليصعد للمنزل ويجلس مع أسرته ثم ينزل ليذهب إلى مقر رابطة شباب المعادى التى يترأسها ، ففى مجال العمل التطوعى كان يقوم بمجهود كبير وملموس هو وزملاؤه بعد الثورة ، خاصة مع الباعة الجائلين الذين أنتشروا بالمنطقة والذى حاول مرارا وتكرارا أن ينظم وقوفهم وأن يجد لهم ساحة خالية ليقفوا فيها بعيدا عن الكتلة السكانية. إلا أن القدر وأحد هؤلاء الباعة الجائلين أرادوا شيئا أخر للمهندس الشاب، فقد جاء بائع موز وطلب من المجنى عليه الإبتعاد وأن يقف سيارته فى أى مكان أخر، فقال له فاروق أنا أقف بالسيارة أمام منزلى ، هذا غير أن وقوفك أنت هنا ممنوع فهذا ليس سوقاً بل شارع عمومى مخصص لسير السيارات والمواطنيين ، وعليك أن تذهب وتقف على الرصيف أو تذهب لتقف بجوار زملائك بالسوق، حتى لاتتسبب فى إعاقة حركة الطريق، لكن يبدو أن بائع الموز لم يفهم لغة الحوار الذى بدأ بها فاروق معه، فكان الرد من البائع هو السب والقذف بجميع الألفاظ الخارجه ، والتهديد والوعيد بتحطيم أى سيارة ستقف أمامه ، فتطور الأمر إلى أشتباك الأثنين بالأيدى ، حتى تجمع كل الباعة الجائلين بالمنطقة وظلوا ينهالوا بالضرب على المجنى عليه ، ثم بدأ أربع أشخاص من بينهم البائع صاحب المشكلة بضرب فاروق بآلات حادة ليقوم بعدها بائع الموز بضرب المجنى عليه " بمفك" فى الرقبة ليسقط المهندس الشاب قتيلا على الأرض فى لحظتها، فينقل بعد ذلك إلى مستشفى جراحات اليوم الواحد لعمل الإسعافات الأولية له ، إلا أنه توفي قبل وصوله للمستشفى. وبعدما علم أصدقاؤه وعائلته ملء الغضب قلوبهم وعقولهم ، فأعلنوا الثورة على الباعة الجائلين بميدان صقر قريش وقاموا بإغراق بضاعتهم بالجاز ثم اشعلوا فيها النيران وحطموا جميع الأكشاك المخالفة هناك ، كما قاموا بتشكيل لجان شعبية لحماية المنطقة خوفا من عودة الباعة للإنتقام ، وفي أثناء أشتعال الموقف جاءت قوة كبيرة من قسم شرطة البساتين والنجدة للسيطرة على الموقف ولمنع تكرار الإشتباكات بين الأهالى والباعة الجائلين. يقول أحمد محمد 25 سنة محامى وأحد شهود العيان على الواقعة.. البلد أصبحت فوضى كل يوم نسمع عن جريمة قتل لأسباب " تافهة" ، والشرطة تأتى فى أخر الفيلم كالعادة ، فأين شرطة المرافق ؟! فبعد الثورة أنتشر البائعين بالمنطقة حتى تحولت من حى هادئ إلى سوق عشوائى الكلمة الأولى والأخيرة فيه إلى البلطجية والباعة الجائلين، ومن يعترض يكون مصيرة مثل محمد فاروق. أما تامر على 26 سنة محاسب من أهل المنطقة يؤكد أنهم لن يتركوا الشارع فاللجان الشعبية سوف تعود مرة أخرى لمنطقة صقر قريش ، للسيطرة على الفوضى والعشوائية فإذا كانت الشرطة لن تفعل شئ فنحن لدينا القدرة على حماية منطقتنا وإيقاف كل بلطجى عند حده. هذا ويهدد العشرات من شباب الحى بقتل اى بائع سيعود مرة أخرى للوقوف بالمنطقة ، وأن الشعار الذى سيرفعونه فى الفترة القادمة هو " عنف بعنف ، حريق بحريق، بلطجه بلطجه". فى إتصال هاتفى لبوابة الشباب بمأمور قسم شرطة البساتين التى تتبع دائرته مكان حدوث الجريمة أكد لنا أن الخدمات الأمنية سوف تكثف على مدار الأسابيع القادمة بمنطقة صقر قريش ، وأن البائعين تم التنبيه عليهم بعدم العودة مرة أخرى وإخلاء المربع السكنى بالكامل، وبالنسبة للجناة فقد تم القبض عليهم ليلة أمس وهم 4 باعة جائلين وتم تحرير محضر بالواقعة وعرضهم على النيابة صباح اليوم.