يختلف الزمان والمكان والجريمة واحدة، التفاصيل فقط هي ما تزيد من اللحظات قبل الأخير بشاعة تملأها صخبا وضجيجا أو تجعلها تمر في صمت حتى تصعد روح الضحية إلى بارئها تاركة بعض العلامات التي تقود إلى من فتك بها.. أصعب قصص جرائم القتل تلك التي تأتي من أقرب الأقربين، تلك التي تترك بعدها آثار الدماء على كفوف الأشقاء، ودائما ما تأتي بعدها بتغيير جذري في مسيرة حياة أجيال كاملة، ولعل الجريمة الأشهر حينما قتل قابيل شقيقه هابيل فغرس كل معاني الشر في نسل بني الإنسان من بعده، ولكنا جريمة اليوم كانت أقربها تلك ما حدث مع يوسف بن يعقوب الذي تآمر عليه 11 أخا بعدما تنبأ برؤيته "يا أبت أني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين" فتحالفوا على قتله، حتى هدى الله أحدهم بأن يتركوه داخل بئر ربما يأتي أحدهم فيأخذه، لكن أبناء محمد أحمد عمر الخمسة لم يكن فيهم من يتشفع له حينما قتلوا شقيقهم، لم يكن دمهم الواحد الذي يجري في عروقهم دافعا للتردد ولو للحظة، ظلوا يحلمون باستيلائهم على قطعة أرض كانت كل ما يمتلكه في هذه الدنيا لعلهم يتمكنوا من مواراة سوءة أخيهم دون حساب، اعتقدوا أن والدهم قد يفقد بصره من البكاء على دم شقيقهم الذي أخفى لون قميصه الأصلي بعدما يصدق روايتهم التي اخترعوها لتبرئهم من دمه، قتلوه بآلة حادة بدم بارد، لم يفيقوا إلا بعدما رأوا تلك النظرة في عينيه، تلك التي حملت العديد من التساؤلات دون أجوبة منهم، ظل نظره عالق بهم وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، ذلك الشهيق بلا زفير، تمنى أن يقول لهم أن الأرض لن تمنح لأبنائكم عما آخر، لن تنطق بدلا مني في قاعة المحكمة لتبرئكم مما فعلتم بي، لن تعيد النظر لأبيكم إذا فقده من البكاء علي، لن تطرد كوابيسكم المتلاحقة حينما أزوركم في المنام، ليتكم تركتموني لعزيز مصر فقد أعود إليكم بعد السنوات العجاف لأنتشلكم مما أنتم فيه .. مات أحمد أبن ال 26 عاما وآخر ما شهدته أعينه هو الدم الذي لطخ أيدي أشقائه، دم لا يمكن للأيام أن تمحيه أبدا، حرر المحضر رقم 1506 إداري أبو تشت بقنا، والتي تخص قتل أحمد محمد أحمد عمر المقيم ب"لاد المال بحري" بالنواهض- دائرة المركز، والذي اتهم فيه والد القتيل كلا من عامر وشهرته "عيد" (25 سنة– عامل) وعلاء (35 سنة- عامل) و عاطف (30 سنة– عامل) وعصام (28 سنة- عامل) بالتعدي علي نجله بآلة حادة أدت لوفاته لخلافات بينهم علي قطعة أرض بالناحية نفسها، وجاري عرضهم علي النيابة العامة.