823 شهيدا ونحو 6467 مصابا في أحداث الثورة وجمعة الغضب.. و31 شهيدا و292 مصابا في أحداث ماسبيرو.. و46 شهيدا و471 مصابا في اشتباكات محمد محمود.. واستشهاد 17 وإصابة 1917 في أحداث مجلس الوزراء.. كل هؤلاء شباب .. بجانب أن الثورة كانت شبابية في المقام الأول , وهناك من فقدوا أعينهم بجانب إصابات وإعاقات كبيرة .. ولكن ما المقابل الذي حصل عليه هؤلاء الشباب .. ؟ ! ما الذي كسبوه من كل ذلك .. فملخص العام كله منذ 25 يناير وحتي الآن يؤكد أن الثورة عملها الشباب .. ولكنهم خسروا كل حاجة .. تفاصيل ذلك وأسبابه نتعرف عليها في هذا التحقيق .. لو نظرنا للمشهد في 25 يناير نجد ملايين الشباب يخرجون إلي الشوارع ويطالبون بإسقاط النظام بجانب مطالب بتطهير مؤسسات الدولة , ومطالب اقتصادية بوضع حد أدني وحد أقصي للأجور وتوفير فرص عمل , والبحث عن العدالة الاجتماعية , ولكن كانت النتيجة أنه لم يحصل أي شاب علي منصب في كل الوزارات التي تم تشكيلها , وعندما قرروا الترشح في الانتخابات لم ينجحوا , بجانب ارتفاع معدل البطالة , وحتي عندما قرر الدكتور كمال الجنزوري إنشاء وزارة للشباب تراجع في كلامه وأبقي علي المجلس القومي . من الشباب الذين شاركوا في الثورة وفي الانتخابات .. يقول محمد عواد - منسق عام اتحاد الثورة المصرية والمنسق العام لحركة ' شباب من أجل الحرية والعدالة '-: الشباب حتي الآن لم يحصل علي حقه بالرغم من التضحيات الكبيرة التي قدمها , وأري أن سبب ذلك هو عدم سير الثورة في مسارها الصحيح , وذلك بسبب سياسات المجلس العسكري , فلم يلتفت إليه أحد من المسئولين في الحكومات التي تم تشكيلها , أما عن الانتخابات فالشباب كان مشغولا في المطالب العامة التي كان ينادي بها طوال العام منذ قيام الثورة , والاعتصامات بداية من اعتصامات إقالة أحمد شفيق وغيرها من الأحداث التي تعرضت لها الثورة , وخصوصا أن المطالب لم تكن تتحقق إلا بضغط هؤلاء الشباب في الميدان , فكل ذلك منع الشباب من الوجود في دوائرهم الانتخابية ولم يتعرف الناس عليهم بالشكل الكافي , والإعلام تم توجيهه وتسخيره للنخبة التي جاءت من النظام السابق , هذا بجانب أننا كنا نتوجه للميدان كلما كانت هناك أحداث ساخنة , فأنا رشحت نفسي ولكني انسحبت بسبب أحداث محمد محمود , ولكن كانت تواجهنا جميعا أيضا أزمات مادية وانعدام الدعم الكافي من الجميع , وأري أن الشباب سوف يحصل علي حقه عندما تعود الثورة لمسارها الطبيعي وتكون هناك رؤية مستقبلية حقيقية للبلد , ومع مرور الوقت سوف يقوم الشباب بعمل قواعد جماهيرية تساعده بالطبع . ويقول د . أشرف عجلان - مؤسس حركة ' كلنا مصريون ' وأحد أعضاء ائتلافات الثورة -: معظم الشباب الذين خرجوا في الثورة ينتمون للتيار الليبرالي , ولذلك فهم في أعين الناس مجرد ناس متمسكين بالخطوات الحقيقية للثورة وأحيانا يعطلون الاستقرار , ولكنهم موجودون في الشارع , ويعاقبون علي تمسكهم بالثورة , ولكن الشيءالمؤكد والذي يعلمه الجميع أن هؤلاء الشباب هم المستقبل الحقيقي للبلد وسوف يحصلون علي فرصهم كاملة ولكن في المستقبل , ولكن الناس لم يقوموا باختيارهم لأنهم يبحثون عمن يحقق لهم الاستقرار في المستقبل القريب , والشباب لا يحقق هذا في المستقبل القريب , ونجح التيار الإسلامي بالرغم من أنهم تخلوا عن الثورة , والشباب المبهر سيحصل علي حقه عندما يتوازن الميدان ويحصلون علي فرصهم الحقيقية في الحياة والعمل وفي كل شيء , مع ملاحظة أن الغرب لا يريد لنا ذلك , كما أن السلطة في مصر وجدت أن هذا التيار الليبرالي الشبابي ليس له تأثير في الشارع للأسف , لذلك تحالفت مع التيار الإسلامي وهو ما جعل فرص الشباب تنعدم . أما عن رأي حركة 6 أبريل في ذلك .. فيقول عمرو أسامة - عضو المكتب السياسي بالحركة -: إن الشباب الذي يعمل في العمل العام لا يريد أي مكاسب ولا يبحث عن مناصب في الدولة , أما عن الانتخابات وعدم توفيق الشباب فهذا يعود إلي أنهم لا يتقنون عمل خطاب سياسي موجه للشارع , فهم رأوا أنفسهم شبابا قام بثورة واعتقدوا أنهم بذلك يستطيعون أن ينجحوا في الانتخابات , ولكن الحقيقة أن الشارع ليس مع هؤلاء الشباب , كما أنهم طوال الوقت مشغولون بالثورة وبالميدان والمليونيات وابتعدوا تماما عن المواطنين في الشارع , فيجب أن يكون هناك نزول للناس في الشارع , وهذا سيحدث عندما ينتهي الشباب من قضيته وهي الحرية والعدالة والديمقراطية , وأن نعيش في دولة يحترم فيها حق الشباب وآدمية المواطن , فبعدها نستطيع أن نقدم خطابا سياسيا وليس خطابا ثوريا . ومن الشباب الذي رشح نفسه في الانتخابات أيضا عمرو بدر .. والذي قال : الشباب الذي خرج إلي ساحات وميادين مصر هم الذين فجروا شرارة الغضب والتغيير وهم الذين يجب أن يستكملوا ثورة 25 يناير عن طريق بناء مؤسسات مصر واختيار نواب في مجلس الشعب ينحازون للفقراء والبسطاء وحقهم في الحياة , فهؤلاء الشباب خرجوا لكي يغيروا مصر , ولكنهم أدركوا أن الثورة لم تكتمل بعد وأن الانتصار الحقيقي سيحدث عندما يحصل الشعب المصري علي حقه في تطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين والمفسدين ورجال نظام مبارك , ويحصلون علي حقهم في العمل , وعندما يحصل الفقراء علي حقهم في العلاج والتعليم والأجر العادل والإسكان والبيئة النظيفة وكوب الماء النظيف والحريات العامة . وقد سألنا عددا من الشخصيات في الشارع .. لماذا لم تختاروا الشباب في انتخابات مجلس الشعب فكانت إجاباتهم كالتالي : يقول أيمن عبد ربه - بكالوريوس تجارة -: الوضع الحالي في مصر لا يحتاج إلي تجارب , ولذلك فضلنا عدم اختيار الشباب الآن , وإعطاءهم فرصة للتعلم واكتساب الخبرة ومن ثم اختيارهم والاعتماد عليهم بعد ذلك . كما يقول عبد الوهاب سيد - موظف -: الشباب في حاجة إلي خبرة كبيرة حتي يستطيعوا أن يشاركوا في صنع القرار , ولكن ليس معني أنهم خرجوا وقاموا بثورة أنهم يحكمون البلد ويسنون القوانين , كما أن المرحلة المقبلة من أخطر المراحل في تاريخ مصر ولذلك تحتاج لأهل الخبرة . أما شريف محمد - ليسانس آداب - فيقول : الشباب لم ينجحوا لأنهم لم يستطيعوا أن يقفوا في وجه الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية , والذين اهتموا بالمواطن العادي في الشارع , ولكن الشباب اهتموا بالميدان فقط . كما يقول أسامة عبد الحي - كلية تجارة -: هناك ظلم وقع علي الشباب , ليس فقط في انتخابات مجلس الشعب , ولكن أيضا لم يتول أي شاب أي منصب , وكل الوزراء برئيسهم عواجيز , فهل قمنا بثورة حتي يستمر العواجيز في حكمنا , فيجب أن يحصل الشباب علي فرصته كاملة , ولكن ما يحدث هو دليل علي أن الثورة تمت سرقتها . ويقول محمد إبراهيم - موظف ببنك -: الشباب يستطيع أن يقوم بثورة ولكنه لا يستطيع أن يعبر بالبلد من المرحلة الانتقالية , والتي تحتاج إلي سياسيين , كما أن الشباب متهور , ولديه ديكتاتورية في الرأي , وهذا ما يحدث في ميدان التحرير , فيقررون أنهم لا يريدون رئيس الوزراء وطلباتهم يجب أن تكون مجابة , وهذا لا ينفع في السياسة وفي المرحلة التي نمر بها . ويعلق د . حسن نافعة - أستاذ العلوم السياسية - علي ذلك قائلا : الشباب بالفعل أخطأ عندما تفرق إلي شيع وأحزاب وائتلافات , ونظروا إلي طموحاتهم الشخصية وتركوا الثورة تسرق منهم , فالثورة كلها سرقت في الحقيقة , وذلك لأن الذين أداروا المرحلة الانتقالية لم يديروها بسياسة التغيير , ولم نصل للمجتمع الذي يطمح إليه الشعب كله , ولكن لا يجب أن نلقي باللوم علي الشباب فقط , لأن القوي المضادة للثورة لعبت دورا خطيرا في ذلك وفي إشعال هذه الانقسامات التي وقع فيها الشباب , بجانب أن الواقع السياسي لم يمكن الشباب ليكون لهم وجود في شيء , ولكني بالرغم من كل ذلك فلست متشائما وأعتقد أننا عندما نوحد الهدف سوف ننتصر , بجانب أننا يجب أن نتجنب سلبيات ما حدث . هذا علي المستوي السياسي .. أما علي المستوي الاقتصادي .. فقد زادت معدلات البطالة في مصر بمعدل 3% لتصبح 12% في 2011, وذلك وفقا لآخر إحصائية صادرة عن منظمة العمل الدولية .. ويعلق علي ذلك الدكتور أحمد الغندور - الخبير الاقتصادي وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق - قائلا : من الطبيعي جدا أن تزداد معدلات البطالة ويتأثر الشباب بالظروف الاقتصادية , حيث إنه لم يكن هناك أي بذرة من بذور التنمية , ولا يوجد أي سياسة للعدالة الاجتماعية , فكيف لا يكون هناك بطالة , والعد التنازلي لهذا المعدل يتوقف علي من يتولي السلطة واهتمامه بالعدالة الاجتماعية , ويجب أن يمهد الشعب الطريق لأن يتولي السلطة الثوار الحقيقيون , ويحتاج الشباب الآن إلي سياسة اقتصادية تعتمد علي التنمية ومن ثم توفير فرص العمل , كما أن الظروف الاقتصادية الحالية تحتاج إلي الثورة ذاتها ومبادئها لكي نري التنمية والعدالة الاجتماعية المطلوبة . أما عن رأي علم الاجتماع في هذه الظاهرة فيقول د . علي ليلة - أستاذ علم الاجتماع بآداب عين شمس -: مبدئيا من يقم بثورة لا يجب أن يبحث عن ثمنها , ولكن بطبيعة الحال الشباب يحتاج إلي وقت حتي يحصل علي أشياء ومكاسب كثيرة من ثورته , ولكن الظروف هي التي تؤجل ذلك وليس المجتمع أو الحكومة , فعندما تكون هناك ظروف اقتصادية أفضل من الوقت الحالي سيكون هناك فرص كثيرة للاعتماد علي الشباب , بجانب أنه سيكون هناك فرص عمل , وفرصة للدولة لإعطاء الشباب كل ما يريده من إسكان وعمل ومناصب أيضا , ولكن في علم الاجتماع أي مناصب بجانب الثورة فهي أشياء هشة , وبشكل عام من المتوقع أنه من 5 إلي 10 سنوات سوف يستطيع الشباب الحصول علي كل شيء وكل المناصب .