رئيس جامعة حلوان يهنئ السيسي والأمة الإسلامية بحلول عيد الأضحى المبارك    وزير الخارجية يؤكد لنظيره الرواندي ضرروه التهدئة بمنطقة البحيرات العظمى    «يمامة» يكشف حقيقة توافق «الوفد» مع قوى سياسية لخوض انتخابات الشيوخ 2025    محافظ بني سويف يتلقى التهاني بعيد الأضحى من قيادات الكنائس والطوائف المسيحية    وزيرة البيئة تدعو المواطنين إلى تجنب السلوكيات الخاطئة في ذبح الأضاحي    وزير الكهرباء يبحث مع AMEA POWER الإماراتية زيادة التعاون فى الطاقة المتجددة    هجمات المطارات.. هل تدفع روسيا للرد على أوكرانيا؟    ترامب يقرر مراجعة مدى كفاية إجراءات مصر لفحص مواطنيها قبل سفرهم لأمريكا    قرار تاريخي.. منظمة العمل الدولية تعتمد فلسطين عضوًا مراقبًا    الرئيسان المصري والإيراني يشددان على ضرورة تفادي الانزلاق إلى صراع عسكري بالمنطقة    "أمر طبيعي".. لاعب بالدوري التشيكي يكشف حقيقة تواجده مع الأهلي في مونديال الأندية    جلسات تحفيزية بمعسكر الزمالك قبل موقعة نهائي الكأس    «إساءة لنا».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على سب هاني شكري لجمهور الأهلي    طارق يحيى: حظوظ الزمالك متساوية مع بيراميدز للفوز بكأس مصر    «يسافر مع الخطيب».. الغندور يكشف موعد طائرة زيزو إلى أمريكا    فك شفرات القنوات.. ضبط المتهمين بالتعدي على «الملكية الفكرية» بالعبور    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    طرح البوستر الرسمي لفيلم «The Seven Dogs»    احتفالا بالعيد.. عروض مجانية لقصور الثقافة بمتحف الحضارة ونادي 6 أكتوبر    وزير الدفاع الأمريكى: شبه إجماع بين أعضاء الناتو على رفع نسبة الإنفاق إلى 5%    مها الصغير تغني في "معكم منى الشاذلي".. وتؤكد: الرجل هو الأمان    محمد منير يستعد لطرح أول أغانيه مع روتانا    تهنئة عيد الأضحى 2025.. أجمل العبارات المكتوبة (ارسلها لأحبائك الآن)    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    اللهم اجعل أول يومنا فلاحًا وآخره نجاحًا| أدعية مستجابة للرزق وفك الكرب في يوم عرفة    مفتي الجمهورية يحسم جدل حكم صلاة العيد للنساء في الشارع    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    رئيس هيئة التأمين الصحي يزور مستشفى أطفال مصر    علاج 1607 مواطنا في قافلة طبية بقرية مبارك ىالشرقية    جامعة بنها تشارك في النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    المصرية للاتصالات WE تعلن الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس في مصر    أول تعليق من بسمة بوسيل بعد تحسن حالة نجلها آدم تامر حسني الصحية    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    العودة للزمالك أو الاستمرار.. رئيس البنك الأهلي يكشف لمصراوي مصير نيمار    أثناء كلمة مندوب إسرائيل.. انسحاب وفد مصر من مؤتمر العمل الدولى بجنيف تنديدًا بجرائم الاحتلال    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    21 ألف جنيه تراجعًا بأسعار "باجاج كيوت" أرخص مركبة جديدة بمصر.. التفاصيل    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    الأهلى يرفع شعار التحدى فى كأس العالم للأندية بعد صفقات الميركاتو    هزات كريت تصل إلى الإسكندرية.. والحديث عن تسونامي لم يعد بعيدًا.. خبيرًا باليونسكو يكشف ل "الفجر"    هيئة التأمين الصحي الشامل تعلن مواعيد العمل خلال إجازة عيد الأضحى    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    «في وقفة عرفات».. موعد أذان المغرب بالمحافظات    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    الهلال يعلن إنزاجي مديرا فنيا للأزرق لمدة موسمين    «24 ألف ماكينة ATM».. خطة البنوك لتوفير النقد للمواطنين خلال إجازة العيد    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    تعليم القاهرة تعلن أماكن مقار لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة    من مسجد نمرة إلى جبل الرحمة.. الحجاج يحيون الركن الأعظم في تنظيم استثنائي    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فساد القياصرة !
نشر في بوابة الشباب يوم 07 - 02 - 2012

تقديراً للكاتب الكبير لبيب السباعي وبداية من اليوم ، ننشر 40 مقالاً من مقالاته التى سبق وتواصل فيها مع قراء مجلة الشباب خلال السنوات الماضية من خلال عنوانه الثابت " تواصل على ورق " ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يسكنه فسيح جناته .بعيدا عن نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية وبصرف النظر عن أن هذا الدستور المشوه أعطي لرئيس جمهورية مصر السابق وحتي بعد تعديله يعطي للرئيس القادم سلطات مرعبة فإن المهم والمطروح الآن هو : ما هي مواصفات الرئيس القادم لحكم مصر؟ وذلك قبل أن نختلف علي اسمه وهل هو البرادعي أو موسي أو نور أو الصباحي أو غيرهم فإن الأهم هو أن نحدد ملامح هذا المواطن الذي سيرفعه الشعب ليجلس علي مقعد الرياسة .
والحقيقة فإن أولي المواصفات التي أتمني أن نختار بها رئيس مصر القادم ألا يكون زعيما وأن يكون مجرد مواطن تتوافر فيه المعايير المعروفة من حيث الكفاءة والنزاهة والقدرة وغيرها من المواصفات بعيدا عن هالة الزعامة !! فمصر لا تريد زعيما يحكمها فتكون النتيجة أن يتحكم فيها وفي شعبها .. والمدهش أن نظل نتمسك بعقدة يرددها البعض وهي أن مصر تحتاج إلي زعيم يكون حاكما لها رغم أن ظاهرة زعامات الأشخاص قد اختفت من العالم كله عدا دولنا العربية التعيسة حيث مازال الرئيس فيها هو بالضرورة الزعيم والقائد والقيادة التاريخية , وتاريخنا مع الزعماء وصناعة الزعماء تاريخ مؤسف بل ومخجل .. فنحن الذين صنعنا من أنور السادات زعيما وقائدا تاريخيا ملهما , وبجوارنا ليبيا التي تقدم الآلاف من أبنائها شهداء بالقصف الجوي لشعبها من ' زعيمها ' معمر القذافي وفداء له بالروح والدم فعلا .. والعراق الذي مازال يدفع من دم الشعب ثمن زعامة صدام حسين وحتي الصول علي عبد الله صالح أصبح زعيما لليمن ويهدد بلاده بالفوضي عند غيابه , ولم يجد البشير ما يمنعه هو الآخر من الرقص بالعصا لتأكيد زعامته للسودان حتي ولو كان ثمن زعامته الوهمية تقسيم السودان نفسه .
وفي الوقت الذي يتكدس فيه الزعماء في دول العالم العربي مع كل تخلفها لا نسمع عن زعيم واحد في دولة أوروبية .. فلم نسمع عن الزعيم ساركوزي أو الزعيم برلسكوني أو حتي الزعيم أوباما .. لأنه في هذه الدول وغيرها من دول العالم يظل رئيس الدولة هو مجرد مواطن موظف بدرجة رئيس جمهورية وبالتالي عليه واجبات والتزامات ويخضع للسؤال والحساب إذا اقتضي الأمر .
زمان كانت ظروف العالم تسمح بوجود زعماء مثل كينيدي ونهرو وديجول وعبد الناصر وبن بيللا وسوكارنو ونكروما وغيرهم .. وكانت المرحلة نفسها تسمح بزعامات للأشخاص أما الآن - ومنذ سنوات طويلة - يعيش العالم مرحلة زعامة الدولة .. ويصبح دور الدولة وقدرتها علي التأثير في محيطها الإقليمي والدولي هو الذي يحدد مكانتها أو زعامتها بصرف النظر عن شخص الرئيس في هذه الدولة .. وأمامنا الولايات المتحدة الأمريكية علي سبيل المثال وقد شهدت سلسلة من الرؤساء تفاوتت قدراتهم الشخصية بدءا من ريجان وبوش وكلينتون وبوش الابن وأوباما بل ومنهم الرئيس نيكسون الذي أقيل من منصبه بسبب اتهامه وإدانته بالكذب علي الشعب الأمريكي .. ورغم هذا التفاوت في قدرات الرؤساء الأمريكيين ظلت أمريكا الدولة تحتل نفس المكانة التي تحتلها في زعامة العالم !! ولم نسمع يوما من ينادي بالزعيم أوباما الذي يفتديه الشعب الأمريكي بالروح والدم أو يرفض محاسبة الزعيم كلينتون باعتباره القيادة التاريخية لأمريكا أو من يطالب بعدم الاساءة للرئيس القائد نيكسون لأنه رمز لأمريكا !! الرئيس في هذه الدول مجرد مواطن وموظف ونحن نريد لمصر رئيسا من هذا النوع .. رئيسا يعرف من أول يوم لتوليه الرياسة أنه مواطن وموظف لدي الشعب المصري وليس زعيما علي هذا الشعب وليس مطلوبا في رئيس مصر أن يتمتع بكاريزما الزعامة التي تجعلنا نضطر لقبول أخطائه .
والمهم قبل ذلك وبعده أن يتم التخلص من خبراء صناعة الزعيم وهي صناعة مصرية أصيلة بدأت منذ عهد الفراعنة حيث تتولي بطانة النفاق مهمتها في تحويل الحاكم من إنسان عادي إلي فرعون ونصف إله حتي لو لم يكن هذا الحاكم يملك ما يؤهله للزعامة أو الفرعنة .. فقد كان رئيس مصر السابق حسني مبارك في الحقيقة نموذجا للموظف التقليدي بل وظل عقله الباطن هو عقل الموظف الذي يتحايل للحصول علي يوم الإجازة فإذا اضطرته الظروف لمناسبة ما أن يشهد احتفالا أو يلقي خطابا أو كلمة في ذكري مثل السادس من أكتوبر أو 23 يوليو أو المولد النبوي اختار لذلك يوما سابقا علي يوم الاحتفال حتي لا يفوته يوم الإجازة الرسمية !!
ومع ذلك فإن أبواق وطبول الإعلام المريض بداء النفاق نجحت في أن تجعل من هذا الموظف الذي كانت أقصي طموحاته باعترافه شخصيا هو منصب سفير لمصر في لندن قائدا وزعيما وملهما وعلامة فارقة في التاريخ المصري وجعلت من كل كلمة ينطق بها مهما بلغت سذاجتها هي خلاصة الحكمة والعبقرية التي يعجز أمثالنا عن إدراك عمقها وعظمتها وتحتاج لآلاف المقالات لتفسير عبقريتها فعندما قال في بداية حكمه ' اسمي محمد حسني مبارك ' دقت طبول النفاق إعجابا وتهليلا بعبقرية الرئيس الجديد الذي أبدع في التعبير ببلاغة عن عشرات القضايا لمجرد أن قال اسمي حسني مبارك .. بل إن صحف مصر كلها صدرت يوما وعناوينها الرئيسية جملة واحدة قالها مبارك في خطاب من خطاباته التاريخية وهي جملة ' مصر هي مصر ' وكأن ذلك اكتشاف لم يتوصل إليه أحد قبل سيادته أو كأن أحدا قد شك في أن مصر هي زامبيا مثلا !! أما عندما قال لوزير الداخلية السابق حسن الألفي عقب حادث الأقصر :' ده شغل تهريج ' فقد انفجرت ماسورة المقالات التي تحلل وتفسر وتشرح عبقرية الجملة التاريخية للرئيس التاريخي وأن هذه الجملة العبقرية ترسم ملامح العمل الوطني في المستقبل وظلت صناعة الفرعون الزعيم تزدهر حتي وصلت إلي عنفوانها في مناسبة عيد ميلاد الزعيم حيث بلغت الجرأة بكبري الصحف القومية في مصر لأن تكتب لسيادته ' مصر ولدت يوم ولدت ' ومعها كان اتفاق جوقة النفاق بالكامل علي أن تحديد مدد زمنية لمنصب رئيس الجمهورية هو أمر للرؤساء القادمين بعد مبارك لأن مبارك حسب كلامهم استثناء تاريخي وقيادة تاريخية لا يجوز القياس عليها .
ولم يشعر هذا الإعلام المنافق بالخجل للحظة وهو يرفع بكل بجاحة شعار ' مصر مبارك ' وأن العالم يحترم مصر ويقدرها بسبب شخصية الزعيم التاريخي بل إن صداقات سيادته للرؤساء الأجانب وإعجابهم بحكمته وعبقريته ومحبتهم لشخصه الكريم هي التي جعلت دولهم تسقط ديون مصر مرة وتقدم لها المعونات مرة أخري وجعلت رئيس أي دولة في العالم عندما يواجه مشكلة لا يجد أمامه سوي أن يهرع مسرعا للزعيم يسأله الرأي والمشورة وينهل من حكمته مع تأكيد أن من أهمل سماع تحذيرات ونصائح الزعيم كان مصيره هو الضياع والعبرة موجودة في صدام حسين وفي حوادث الإرهاب في العالم التي رآها الزعيم ببصيرته قبل وقوعها بسنوات وحذر منها رغم أن هذا الزعيم عجز عن أن يري غضب الشعب الذي يحكمه ..
باختصار نريد لمصر موظفا بدرجة رئيس للجمهورية يدرك أنه مثل كل المصريين مجرد إنسان وليس نصف إله .. والأهم أن نقف بحزم ضد أي محاولة من كهنة الفساد السياسي والإعلامي لتحويل هذا الموظف إلي فرعون باسم الزعامة .
وحتي يمكن أن نستعد للوقوف ضد كهنة الفساد السياسي والإعلامي فإن الأمر يتطلب مواجهة حاسمة الآن ضد ما تشهده مصر من محاولات الثورة المضادة للانقلاب علي ثورة 25 يناير وتفريغها من مضمونها وهي الثورة المضادة التي يزعم البعض أنها وهم وخيال وهؤلاء نسألهم عن تفسير لبعض المشاهد الغريبة التي نراها في المشهد المصري منذ 11 فبراير .. منها مثلا مشهد محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية السابق وهو يتلقي التحية العسكرية من ضباط الشرطة الذين جعلوا من أجسادهم حائطا بشريا يحمي العادلي من عيون الناس داخل قفص الاتهام حتي اضطر رئيس المحكمة المستشار المحمدي قنصوة لأن ينهرهم ويقول ' عايز أشوف المتهم '! ومنها استمرار زكريا عزمي يزاول عمله في القصور الرئاسية ! ومنها عدم الاقتراب من محاسبة صفوت الشريف علي دوره البشع في تدمير وإفساد الحياة السياسية في مصر ومنها بدء كشف المستور في جريمة موقعة الجمل وتورط كبار رموز الحزب الفاسد ومنها مشهد إثارة الفتنة الطائفية التي اختفت في مصر أيام الثورة وعادت فقط علي يد الثورة المضادة ومنها الشائعات التي تهدف إلي ترويع المواطنين من العصابات التي تقطع الطرق السريعة أو مهاجمة المدارس وغيرها .
وإذا لم يكن كل ذلك من صناعة الثورة المضادة فمن يصنعه إذن؟
بالمناسبة وللتوضيح ليس مقصودا بالثورة المضادة التي يسخر البعض من وجودها هو إعادة مبارك أو أحد من أسرته إلي كرسي الحكم لأن ذلك من المستحيلات طبعا لكن هذه الثورة المضادة هدفها هو استمرار مضمون النظام الفاسد الذي لم يسقط بالكامل حتي الآن وحماية الفاسدين والتستر علي ملفات الفساد وهي كثيرة وما ظهر منها حتي الآن ليس سوي قشرة لإرضاء الرأي العام كما كان يفعل الرومان في القرون الأولي حين يلقون ببعض الأشخاص إلي الأسود التي تلتهمهم ويفرح المتفرجون من الشعب وينسون فساد القياصرة !!
لبيب السباعى
مجلة الشباب – إبريل 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.