قبل ثورة 25 يناير, كان هناك نوع من الإحباط متسرب إلي داخل معظم الشباب المصري, وتحديدا طلاب الجامعات, فبمجرد وصولهم للسنة النهائية بالدراسة الجامعية, يشعر الجميع بالكآبة, وعدم الرغبة في إنهاء الدراسة, لأن حياته بعد ذلك ستتحول لجحيم, فكل حياته مجرد أحلام لا يتحقق منها شيء.. هو يحلم بوظيفة تناسب مؤهله , لكنه متأكد أنه لن يراها إلا إذا كانت لديه واسطة , ويعرف أن المقهي ونواصي الشارع هي المكان الذي سيتلقفه بعد التخرج في الكلية , نفس الأمر بالنسبة للبنت , والتي تفقد الأمل في العمل بشهادتها , وتجلس في انتظار ابن الحلال . هل تحولت هذه الروح السلبية , داخل طلاب الفرق النهائية بالكليات , هل أصبح لديهم أمل في بكرة , هل تغيرت تصوراتهم عن الحياة وعن فرصهم في الحصول علي وظيفة بعد التخرج , وأن الوظيفة وتكوين حياة مستقرة , لم يعد فقط مجرد أحلام .. في السطورالمقبلة أجرينا عددا من الحوارات مع مجموعة من شباب الجامعات لنعرف منهم .. شايفين بكرة إزاي؟ ! إنجي أحمد , وهي تدرس سياحة وفنادق , وطالبة بالفرقة الرابعة , تقول : المستقبل أصبح مبهما , فالصورة لم تعد واضحة في أي شيء , وأنا شخصيا لا أعرف ماذا سأفعل بعد التخرج , الثورة لم تقدنا للأفضل , فأنا لم أعد أذهب للجامعة , ولم أعد اهتم بالدراسة مثلما كان الحال سابقا , فأنا ومثلي العديد من الفتيات نخاف من الذهاب للجامعة فلم يعد هناك أمان , زمان قبل الثورة كنت مبسوطة , وعايشة كويس , كنت آكل وأشرب وأحلم بالمستقبل , وأترفه أيضا , الآن أنا آكل وأشرب لكن لا مجال للترفيه ولا الأحلام , لأنه ليست هناك صورة واضحة لهذا البلد , وقد تتضح هذه الصورة بعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية , فأنا طالبة جامعية , لم اشعر بأي تغيير في الجامعة , ' قالوا يللا ثورة الناس كلها طلعت للشوارع ', لكن للأسف الثورة دمرتنا , الآن فلا أمل في شيء . ويختلف معها في الرأي محمد عادل رجب وهو طالب بالفرقة الرابعة بكلية آثار قائلا : قبل الثورة كنت مثل الملايين من الشباب مصابا بالإحباط , ولا أعرف ماذا سأفعل بعد التخرج , كنت أعرف أن الواسطة والمحسوبية , هما الطريق الأمثل للحصول علي وظيفة , والتفوق الدراسي ليس له قيمة , لكن بعد الثورة هذه الصورة تبدلت بالنسبة لي , أنا وعدد من زملائي , فلم نكن نتخيل أننا سنهتم بالدراسة في الفرقة الرابعة بهذه الدرجة , فلدينا أمل بأن هناك مستقبلا جيدا ينتظرنا , نفس الوضع بالنسبة للأساتذة بالكلية نشعر منهم أنهم يريدون أن يعلمونا شيئا , وهذا لم نشعر به من قبل , كل شيء تغير للأفضل , وفكرة الجلوس علي المقهي بعد التخرج لم تعد موجودة , حتي لو لم أحصل علي وظيفة في مجالي , فأنا لدي رغبة في العمل والمشاركة أكثر من الماضي . أما فاطيمة طارق , وهي تدرس علوم كمبيوتر , فتقول : لا أري أي مستقبل باهر ينتظرنا في ظل الأوضاع السيئة التي يعيشها البلد , رغم أن الأوضاع كانت سيئة قبل الثورة , إلا أنه كان يمكن أن نحقق أحلامنا , بصراحة الأحلام كانت ممكنة , حتي لو كانت مجرد أحلام , أما الآن فالحلم نفسه ليس ممكنا , لأنه ليس هناك بلد , فيه بلطجية , لو ينفع يبقي فيه أحلام وبلد في وجود البلطجية فهل ينتظرنا مستقبل باهر !, أنا كان يمكنني أن أحقق 70% من أحلامي قبل الثورة , أما الآن فالنتيجة صفر , وتضيف فاطيمة قائلة : حماسي للدراسة لم يتغير , بل بالعكس , أنا لم أعد أذهب للجامعة لأنه لم يعد هناك أمان , الفكرة أننا خارج نطاق الخدمة , وخارج نطاق الأحلام حتي تهدأ أوضاع البلد وتستقر , وقتها نقول : هل المستقبل أفضل أم لا؟ أما خالد محمد وهو طالب بكلية الحقوق فله رؤية مختلفة بعض الشيء , حيث يقول : أنا والدي يعمل سكرتيرا لوزير الخارجية , وقبل الثورة كنت أعرف أنني سأعمل بالخارجية عن طريق الواسطة , ولكن هذا لن يكون في مجال دراستي , ولكن بعد الثورة تغيرت الصورة بالنسبة لي وزاد سقف أحلامي , لماذا لا أعمل في مجال دراستي , لماذا لا أعمل في سلك النيابة كما أنني خريج كلية حقوق , وأنا قبل الثورة لم أكن مهتما بالدراسة بالشكل الكافي لأنني كنت أعلم أن هناك وظيفة تنتظرني في الوقت الذي سأتخرج فيه , أما الآن , فأنا مهتم أكثر بالدراسة , لأن أحلامي كبرت , ولم أعد أخاف وأن أحلم , بكل شيء ممكن , بالتأكيد الثورة غيرت في الكثير , وأعطتني القدرة علي الحلم , وعلي صنع المستقبل , وأن أعمل بوظيفة أريدها وأحلم بها تتوافق مع قدراتي , وليست وظيفة أحصل منها علي مقابل مادي فقط . أما زميله عبد اللطيف محمد فيقول : قبل الثورة , لم أكن أحلم أو أفكر في أي مستقبل , وكنت أري معظم الشباب من خريجي الجامعات , وسوء حالتهم , فمعظمهم لا يعمل , وإن حصل علي فرصة فهي بعيدة عن تخصصه ومجال دراسته , وبالتالي فالاهتمام بالدراسة لم يكن يفرق كثيرا , لأن النهاية واحدة , وهي الشارع , أما الآن فالصورة تغيرت , بدأت أعيد تفكيري , أسعي للحصول علي تقدير في الدراسة , ولكن التفاؤل ليس بالدرجة الكبيرة , فبالتأكيد مازالت هناك واسطة ومازالت هناك أخطاء , ولكن الفرق أنه الآن يمكننا الحلم , أصبح هناك احترام لقدرات الشباب وليس للواسطة والمحسوبية , وأعتقد أنه بعد 5 سنوات من الآن ستصبح الحياة أفضل , وسيكون هناك مستقبل باهر ينتظر أي طالب عندما يحصل علي مؤهله الدراسي , وسيستطيع أي شاب ان يعمل في المهنة التي يحبها وليس المهنة التي يجبر عليها . أما مصطفي خالد عبد الفتاح , فيقول : أنا شخصيا حجزت مكانا علي المقهي قبل الثورة , ومكاني محجوز حتي بعد الثورة , لأنه لا أمل في هذا البلد , لا أمل في تعليم ولا عدالة ولا غيرها , مصر كما هي لم تتغير بعد الثورة عن قبلها , وإن كانت الصورة تغيرت للأسوأ , بصراحة أنا كنت متفائلا في أيام الثورة الأولي , وشعرت أن ما حدث سينقلنا نقلة كبيرة , وسيفيدنا نحن كشباب بالدرجة الأولي , ستكون هناك فرص عمل , وسيكون هناك فرص للزواج , وستحل جميع المشاكل , لكن الأحداث المؤسفةالتي تمر بها البلد يوميا لا تبشر بالخير , أنا غير متفائل بالمرة , ولم يعد لدي أحلام , المستقبل غامض , ولا أمل في شيء , ورغم أنني أدرس بكلية الحقوق إلا انني سواء قبل الثورة أو بعدها أعلم جيدا أنني لن أعمل في مجالي , ولن أعمل في سلك النيابة , ممكن اعمل اي حاجة أو اعمل في شركة كهرباء , لأن هذه بلدنا . وتقول فاطمة حسين درويش , وهي طالبة بالفرقة الرابعة بكلية الآداب , جامعة عين شمس : لا أعرف ماذا سأفعل بعد التخرج , لأن الحياة في مصر الآن غير مبشرة ولا تدعو للتفاؤل , أنا ومعظم زميلاتي رغم أننا كنا نعلم أن خوض سوق العمل والحصول علي وظيفة كان أمرا صعبا قبل الثورة , إلا أنه كان متاحا , كان يمكن أن اذهب لعملي في أي وقت دون خوف أو تردد من المجهول الذي ينتظرني , لكن الآن لا يبدو أن هناك أملا في عمل أو غيره , لم تعد لدينا أحلام , الأمور غير مستقرة , حتي الكلية نفسها لم تعد الكلية التي تعودناها لم يعد هناك الاحترام المتبادل , كل هذه أمور انعكست علي حياتنا .