الأب يطالب بعودة جثمان ابنه ليتمكن من دفنها هو في نهاية العقد الثاني من عمره، سافر من اجل لقمة العيش،وبعد غربة دامت 3 سنوات سعي فيها لتحسين معيشته ومعيشة أسرته، لم يمهله القدر، ليعيش برغد ويحقق أمنياته رغم محن الحياة التي صادفته، فقد تعرض مصطفى جبر لحادث قتل بشع علي يد مجموعة من الأشخاص خلال مشاجرة في محطة المترو بمدينة روما الإيطالية،ما الدافع لارتكاب الجريمة؟!، وكيف تلقت اسرته خبر مقتل ابنها في الغربة؟! والى التفاصيل المؤلمة..، المشهد الأول: مصطفي جبر الشريف شاب يبلغ من العمر 19 عاماً نشأ وسط أسرة فقيرة ومكافحة حالت الظروف دون ان يستكمل تعليمه فترك الدراسة حتي يستطيع مساعدة والده في مواجهة أعباء الحياة ورغم أنه الشقيق الأصغر من بين ثلاثة أشقاء لكنه كان السند الأساسي للأب فعمل معه في بيع الخضر والفاكهة خاصة مع سفر شقيقه الأكبر عبد الفتاح للخارج ولم يتبق سوى مصطفي وشقيقته الوسطى،حكمت المتزوجة بينما الأم شقت طريقها مع زوج آخر بعد انفصالها عن الأب منذ سنوات، رزقهم اليومي كان يكفيهم بالكاد وأصبح والده يعتمد عليه في كل شيء حتي وصل سنه إلى 16 عاماً فجاءته فكرة السفر للخارج ليعمل ويشق طريقه مثل غيره من قرنائه من الشباب، كانت صدمة بالنسبة للأب الذي كان يعتمد عليه كثيراً فكيف يسافر ويتركه بمفرده، لكنه أصر علي السفر لإيطاليا بطريقة غير شرعية بعد الاتفاق مع أحد سماسرة الهجرة وجهز نفسه بالفعل حتي حان موعد الرحيل، حاول الأب بشتى الطرق أن يمنعه لكنه كان قد أنهي كل شيء في سبيل الهجرة ليكون مستقبله سعياً لتحسين معيشة الأسرة، حمل مصطفي حقيبته ورحل بكل عزيمة وبلا تخطيط للقادم فكل هدفه الوصول للأراضي الإيطالية ثم يشق طريقه هناك. المشهد الثاني: أيام بل أسابيع عصيبة عاشها الصبي الصغيرفي جزيرة منعزلة وسط أمواج البحر عبر مركب صغير يضم المئات من الشباب والصبية الصغار جاءوا لنفس الغرض يشدون من أزر بعضهم البعض حتى لا ييأسون إلى أن وصل المركب للسواحل الإيطالية بعد شهرين في البحر وهناك التقفتهم السلطات الأمنية واتخذت معهم الإجراءات المتبعة بحسب القانون الإيطالي الذي يحظر إعادة المهاجرين دون سن ال 18 عاماً إلى بلدهم الأصلي ويتم إدخالهم في أحد مراكز الإيواء حتى يبلغون السن القانوني،وفي غضون أشهر قليلة استطاع مصطفي استخراج أوراق له وحصل علي الإقامة هناك كما تمكن من الحصول علي فرصة عمل في مغسلة بالعاصمة روما، ظل يعمل ليل نهار حتي يستطيع إثبات نفسه وتكوين مستقبله وتحقيق هدفه المنشود، لكن بمرور الوقت بدأ يشعر أن السفر والغربة لم تحقق طموحه فالعائد المادي من العمل لم يعد يكفيه كما توقع، ذات يوم استيقظ مصطفي مبكراً للذهاب لعمله في المغسلة وتوجه لميدان محطة مترو ليدو في مدينة أوستيا بروما بصحبة أحد أصدقائه المصريين، وحدثت مشادة كلامية بينهما وبين أحد الإيطاليين بسبب سوء تفاهم حدث بينهم علي خلفية زعمه قيامهما بمعاكسة ابنته التي تبلغ من العمر 15 عاماً والتحرش بها، وتطور الأمر بعد قيام والد الفتاة بالاستعانة ببعض أقاربه وأصدقائه، الذين حضرواواعتدوا علي الشابين باللكمات والطعنات بالأسلحة البيضاء حتي سقطا علي الأرض وسط بركة من الدماء وتدخلت الشرطة التي ألقت القبض علي المتهمين ونقل المجني عليهما في حالة خطرة لمستشفى جراسي في بوليسلينيكو أمبرتو، ثم نقل الشاب مصطفي إلى المستشفى الجامعي الروماني وخضع لعملية جراحية لكنه لفظ انفاسه الأخيرة هناك متأثراً بجراحه بينما يتلقى زميله العلاج، وحالته بين الحياة والموت في المستشفى، فيما تم احتجاز جميع المتهمين وعددهم 7 أشخاص وأحدهم من اكوادور في سجن ريجينا كويلي في روما للتحقيق معهم في الواقعة. المشهد الثالث: انتقلت " أخبار الحوادث " لقرية الكرما التابعة لمركز السنطة بالغربية حيث يعيش جبر الشريف والد الشاب مصطفي في منزل متواضع للغاية، وتنتابه حالة من الحزن العميق منذ علمه بوقوع الحادث الأليم وتطل عليه ابنته للاطمئنان عليه من حين لآخر،تحدث الأب المكلوم قائلاً:"أنه علم بالواقعة من خلال أحد أقاربه، أخبره أن نجله مصطفي توفي في مشاجرة بينه وبين بعض الإيطاليين، فأصيب بصدمة كبيرة وسقط علي الأرض مغشياً عليه لم يصدق ما حدث ثم بدأ يستعيد وعيه ويتواصل مع ابن شقيقه الذي يعمل في ايطاليا لمتابعة آخر الأوضاع مضيفاً ابني مصطفي كان يساعدني في العمل قبل سفره لكنه أصر علي السفر رغم إلحاحي عليه بعدم السفر نظراً لكون شقيقه الأكبر مسافراً لإيطاليا منذ 7 سنوات وقلت له، "حاتسيبنى لواحدي مش كفاية أخوك مسافر"، لكنه فاجأني وهاجر، وهاتفني من هناك وأخبرني بعد شهور أنه عمل في مغسلة بالعاصمة الايطالية روما، وكان يتصل من حين لآخر علي فترات متباعدة نظراً لظروف عمله ولقلة امكانياته المادية فكان يقول لي دائماً أن الشغل بسيط والحال ضيق وقبل الحادث بشهرين عاد شقيقه الأكبر عبد الفتاح للبلد وكان يستعد هو الآخر للعودة قبل العيد، وبدأ في تجهيز نفسه واشترى بعض الملابس والهدايا استعداداً للعودة لكنه قتل غدرًا قبل أن أراه وينهمر والده في البكاء مردداً، "حسبي الله ونعم الوكيل"، قائلاً، منذ وقوع الحادث ولم نعلم شيء عن التحقيقات أو كيفية نقل الجثمان وعودته لمصر مضيفاً أنه قام بتقديم طلب للجهات المختصة لإعادة الجثمان علي نفقة الدولة، لكن حتي الآن لم يتم البت فيه ومازال الجثمان في ثلاجة المستشفى مطالبا، وزارة الخارجية بالتدخل لمتابعة التحقيقات،وشحن الجثمان لدفنه بقريته، حيث ان ظروفه المادية صعبة للغاية،نافياً ما تم تناوله عبر الصحف الإيطالية بشأن قيام نجلة بمعاكسة إحدى الفتيات قائلاً، أن نجله علي خلق متسائلاً،هل من المنطقي أن يحق لشخص أن يعتدي علي آخر بهذه الطريقة لمجرد سوء تفاهم؟! أما شقيقة المجني عليه، وتدعي حكمت جبر، فتقول أن شقيقها كان شاب جدع وفي حاله، ويسعى للعمل لا غيره،بهدف أن يحسن من معيشته ومعيشة الأسرة، فقرر السفر وتحمل المعاناة حتي يحقق ما يريد لكن القدر لم يمهله مطالبة بالقصاص من قتلة شقيقها.