في استجابة لتظاهر مئات الآلاف في هونج كونج علي مدار الايام الماضية، أرجأت السلطات دراسة مشروع قانون مثير للجدل يسمح للصين بمتابعة خصومها السياسيين في الإقليم الذي كان يعتبر ملاذا آمنا لهم من الحزب الشيوعي الحاكم. وتسببت الاحتجاجات في انخفاض البورصة في هذا المركز المالي العالمي بأكثر من 1.5%. ورغم ذلك، دعا منطمو الاحتجاجات إلي مواصلة التظاهر والامتناع عن العمل بدءا من اليوم ولحين إلغاء دراسة القانون المقترح، وليس إرجاءه فقط. كما تعرضت خدمة الرسائل المشفرة الشهيرة »تليجرام» لهجوم سيبرالي تسبب في تعطيل الخدمة في آسيا منذ يومين. ولجأ المتظاهرون إلي تطبيق تليجرام للتهرب من مراقبة المسئولين الحكوميين لهم. وكشف مسئولو تليجرام أن التطبيق تعرض »لهجوم قوي من قبل قراصنة انترنت أدي إلي حجب الخدمة مؤقتا في قارة آسيا.. وتظهر عناوين بروتوكولات الانترنت أو ما تمسي »أي بي» معظمها من داخل الصين». ويسمح القانون الجديد لسلطات الإقليم بتسليم المشتبه بهم والمطلوبين إلي الصين لمحاكمتهم هناك. وعلي مدار الايام الماضية، احتشد الآلاف من المحتجين أمام مقر البرلمان والأبنية الحكومية للتظاهر ضد هذا القانون المقترح، فيما استخدمت الشرطة أمام مقر البرلمان رذاذ الفلفل ضد المتظاهرين، ولوَّحت لهم بلافتات تحذرهم من استعدادها لاستخدام القوة إذا لم يتوقفوا عن التجمع. ويتمتع إقليم هونج كونج بدرجة عالية من الاستقلال الذاتي في ظل جمهورية الصين الشعبية بموجب الإعلان الصيني - البريطاني المشترك. ووصفت هذه الاحتجاجات بأنها الأكبر في الإقليم منذ عودته إلي السيادة الصينية عام 1997، حيث طالبت حشود قدرها المنظمون بأكثر من مليون شخص، بإلغاء مشروع القانون الذي تدعمه بكين والذي يقضي بتسليم المطلوبين لها. وحذر نائب رئيسة الحكومة، ماثيو شونج، المتظاهرين من مواصلة الاحتجاجات، وطلب منهم، في رسالة فيديو، احترام القانون، وسط انتشار عناصر شرطة مكافحة الشغب. ووصف مراقبون الاحتجاجات في هونج كونج بأنها إعادة لمظاهرات حراك المطالبة بالديمقراطية في خريف عام 2014. وتدافع سلطات الإقليم عن هذا القانون، مدعية أنه قادر علي سد فراغ قانوني والحيلولة دون أن تكون المدينة ملجأ لبعض المجرمين. كما برر مسئولون من الحكومة دفاعهم المتكرر حول القانون المقترح بأنه يشمل ضمانات مناسبة، بينها حماية القضاة المحليين المستقلين الذين سينظرون في كل قضية قبل الموافقة علي التسليم، مشيرين إلي أنه أيضا لا يتضمن تسليم من قد يتعرضون للاضطهاد السياسي أو الديني أو التعذيب والمهددين بالإعدام. ومن جهتها، أدانت وزارة الخارجية الصينية بشدة »السلوك العنيف» للمتظاهرين في هونج كونج. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية جينج شوانج إن »الحكومة الصينية ستواصل دعمها القوي لحكومة هونج كونج الخاصة في تعديل القانون». واشنطن حاولت استغلال الفرصة لإدانة الصين عندما قالت المتحدّثة باسم الخارجية الأمريكية مورجن أورتيجاس إنّ الولاياتالمتحدة تشاطر العديد من سكان هونغ كونغ قلقهم بشأن عدم وجود ضمانات في التعديلات المقترحة، وهو أمر قد يقوّض الحكم الذاتي لهونغ كونج وقد تكون له عواقب سلبية علي التقليد الراسخ فيها بحماية حقوق الإنسان وان المظاهرات التي شارك فيها مئات آلاف الأشخاص أظهرت بوضوح معارضة الرأي العام» لهذا النصّ الذي قد يقوّض وضع الحكم الذاتي لهونغ كونج إلا ان محاولتها لم تجد استجابة لدي المحتجين.