بدا جليا أن تصاعد توتر العلاقات الصينية - الأمريكية نقل الخلافات بين البلدين من منطقة التنافس إلي الصراع، تجاوزت الفجوة بين البلدين كونها نزاعا تجاريا بين أول وثاني أكبر اقتصاديين في العالم إلي خلافات حول ملفات مشتعلة ما تكاد أن تخبو جذوة واحد منها حتي يشتعل الآخر، ربما يتم التوصل لاتفاق ينهي الحرب التجارية، لكنه لن ينهي صراعا علي الهيمنة العالمية نشب علي جبهات عدة من فنزويلا إلي تايوان وبحر الصين الجنوبي وصولا إلي تكنولوجيا الجيل الخامس لشبكات الهواتف. طلاق اقتصادي بعد تصريحات متبادلة عن تحقيق اختراقات كبيرة في الخلافات التجارية بين البلدين وقرب التوصل لاتفاق ينهي الحرب التجارية، عادت من جديد نبرة التهديد لتسود الموقف بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن العودة إلي سياسة عقاب الصين، وقرر فرض تعريفات جمركية إضافية علي واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار بسبب تنصل الصين من التزاماتها خلال المفاوضات والمماطلة في التوقيع علي اتفاق تجاري. هذه اللهجة التصعيدية أثارت حفيظة الصين، وردت من جانبها بفرض تعريفات جمركية إضافية علي واردات أمريكية بقيمة 60 مليار دولار. هذا التصعيد دفع صحيفة واشنطن بوست، إلي القول إن المفاوصات بين واشنطنوبكين التي استمرت لأكثر من عام بهدف إبرام اتفاق ينهي النزاع التجاري، قد تؤدي بدلا من ذلك إلي اتفاق فقط علي شروط الطلاق الاقتصادي. رغم ذلك لايزال النجاح في إخماد نيران هذه الجبهة والتوصل لاتفاق ممكنا خاصة في ظل استمرار المفاوضات بين الجانبين. لكن، هذا الاتفاق لن يوقف حرب السعي إلي الهيمنة بين الصينوأمريكا. معركة الجيل الخامس الحرب التي تقودها أمريكا علي شركة هواوي الصينية ليست بعيدة عن الصراع المشتعل بين البلدين، تدرك واشنطن خطورة التفوق الصيني في قطاع الاتصالات علي هيمنتها علي هذا القطاع التي دامت لسنوات، لذا لم تتوقف محاولاتها الهادفة إلي وقف التفوق الصيني في مجال تكنولوجيا الجيل الخامس لشبكات الاتصالات. قررت إدارة الرئيس ترامب إدراج شركة هواوي علي القائمة السوداء، ومنع الشركات الأمريكية من استخدام منتجاتها داخل البلاد، لما تمثله من تهديد للأمن القومي. يأتي هذا القرار بعد فشل محاولات واشنطن في إقناع حلفائها باستبعاد معدات هواوي من الجيل الخامس من شبكات الهواتف المحمولة. بحسب صحيفة بلومبرج الاقتصادية فإن واشنطن خسرت معركتها ضد هواوي، لم يستجب للتحذيرات الأمريكية سوي عدد قليل من الدول الحليفة لواشنطن. في المقابل، حققت الشركة مبيعات قياسية، وواصلت مساعيها لفتح أسواق جديدة، متفوقة علي شركة أبل الأمريكية، وعززت مكانتها كمورد عالمي لمعدات الاتصالات الخاصة بالجيل الخامس. فنزويلا.. جبهة جديدة تسبب اشتعال الأوضاع في فنزويلا في فتح جبهة جديدة للصراع بين بكينوواشنطن، وفشلت الولاياتالمتحدة في الضغط علي الصين لتغيير موقفها من فنزويلا وإيقاف دعمها للرئيس نيكولاس مادورو، وتأكيدا لهذا الدعم، استخدمت بكين إلي جانب موسكو حق الفيتو في مجلس الأمن لحماية النظام الفنزويلي. الدعم الصيني لنظام مادورو لم يتوقف، رغم التهديدات المبطنة من جانب خوان جوايدو - المدعوم من واشنطن-الذي نصب نفسه رئيسا انتقاليا لفنزويلا. ونقلت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست عن جوايدو قوله إنه »علي الصين التفكير في مصالحها الاقتصادية الخاصة». قدمت الصين ولاتزال تقدم الدعم المالي والسياسي لفنزويلا وتربطها بها علاقات قوية، حيث تعد بكين أكبر مستثمر في فنزويلا وكذلك أكبر دائن لها بواقع 60 مليار دولار، هذه الجبهة من الصراع الأمريكي الصيني لن تهدأ إلا بتحقيق الاستقرار في فنزويلا، وهو أمر لايزال بعيدا. تحرشات روتينية يعد ملف بحر الصين الجنوبي وتايوان ومسألة الحريات وحقوق الإنسان ساحات للتحرشات الأمريكية الروتينية بالصين، فعادة ما تستدعي الولاياتالمتحدة هذه الملفات وقتما تشاء لممارسة ضغوط علي الصين. مع تصاعد التوتر بين البلدين في الآونة الأخيرة، أعلنت البحرية الأمريكية عن مناورات عسكرية مع الهند واليابان وفيتنام في بحر الصين الجنوبي، وهو ما يعد استعراضا للقوة البحرية في الممر المائي الذي دائما ما تطالب الصين بالسيادة عليه. ما يثير حفيظة الصين أكثر، تلك العلاقات السياسية والعسكرية القوية بين واشنطنوتايوان التي تعتبرها الصين جزءا منها، وهي بمثابة القضية السيادية الكبري لها. رغم أن واشنطن لا تعترف بتايوان كدولة إلا أنها في الوقت ذاته لا تعترف بها كجزء من الصين، ودائما ما ترسل واشنطن قطعا بحرية إلي تايوان أو توقع معها اتفاقات عسكرية ما يقابل بردود عنيفة من الصين.. مع تعدد جبهات الخلافات، تبقي نار الصراع بين الولاياتالمتحدة مستعرة ما بقيت هذه الملفات معلقة دون حل.