لم تكن تتوقع »آية» المشهد الذي ستشاهده بعد دقائق من عودتها إلي بيتها، القطط التي ترعاها تحتضر، الأم تحتضن صغارها في صمت، وقلبها يعتصر حزنا عليهم، مازالت تلك اللحظات عالقة في أذهان الفتاة العشرينية التي رفضت والدتها محاولات تربية أي حيوانات أليفة داخل البيت، فلجأت إلي طردهم . ورغم مرور 7 سنوات علي ذلك المشهد المؤلم، ظلت »آية» تبحث عن القطط والكلاب والطيور في الشوارع عوضا عن مصدر ألم تسببت فيه والدتها، رغما عنها ودون علمها، تحاول إسعادهم والتخفيف عنهم وتقديم يد العون لهم بكل ما تملك، »قدر الإمكان أقدم الطعام والشراب لأي قط أو جرو في الشارع أو الخيل والطيور» تقول »آية» . في وجهة نظر »آية» الرحمة لا تتجزأ ولا تقبل التصنيف، وكل كائن حي يتنفس ولا يستطيع أن يتكلم مسئولية الانسان»، تحكي آية عن تجربتها المريرة، وهي إيداع ما بقي حيا من القطط التي طردتها والدتها، في دار خاص للرعاية قرب البيت، وتواظب علي زيارتها يوميا وتقديم الطعام والشراب لها، وكما تقول لنا آية التي تعمل في مجال الترجمة فهي تخصص لها يومين في الأسبوع تقضيهما بالكامل داخل دار رعاية الحيوانات، أما بقية الأسبوع فتكتفي ب 8 ساعات فقط علي فترات متقطعة، حيث تلهو معها وتطعمها بيديها، »حقهم عليّ واتمني لو اقدر أقضي معهم طول الأسبوع»، تقول بكل ثقة مضيفة: الوفاء لدي الحيوان أعلي بكثير من الإنسان، إذا أطعمته أو دللته حفظ لك الجميل وشعر بالحب تجاهك بدون أي مقابل». »أمي أصبحت حنونة علي الحيوانات بمرور الوقت» بهذه الكلمات تتذكر التجربة القاسية التي عاشتها والدتها بعد طرد القطط التي كانت ترعاها في بيتها، حيث تحولت إلي النقيض تماما، تسترسل »آية»: أختي توفت بعد تلك الواقعة مباشرة، فشعرت أمي أنه ذنب القطط التي توفت في حضن أمها، فصارت أكثر رحمة مني عليها، بل وتطعم الطيور في شرفة بيتنا بيديها. بتلك التجربة تحولت والدة »آية» إلي شريك لها في رعاية القطط والكلاب معها، »أنا وأخوتي الثلاثة نحرص علي تحضير الطعام لهم والشراب يوميا ونرعي عددا قليلا منهم خارج المنزل مراعاة لشعور أمي بالذنب». الساعات الطويلة التي تقضيها »آية» برفقة الحيوانات الأليفة جعلتها تفكر أن تحتفل بعيد ميلادها ال27 في الشارع وسط أكثر الكائنات التي تحبها علي الأرض، »فكرة غريبة لكنها مُحببة إلي قلبي، بدلا من الكعك والشموع والأصدقاء والعائلة، قررت أن احضر الطعام للقطط والكلاب وأقضي معهم يوم ميلادي» . نفس طاقة الحب والرحمة لا تفارق »آية» طوال العام، فهي تفكر كيف تنقذ الحيوانات علي طريقتها الخاصة، »سافرت إلي الخارج مرات عديدة، ولاحظت أن الحيوانات تتم معاملتها بصورة جيدة، وشوارع بعض الدول خالية من الحيوانات لأنهم يعتبرونها أرواحا تستحق الحياة والرعاية»، المنطق ذاته تبحث عنه »آية» بحيث يتم تخصيص مأوي لها في كل منطقة، لأن لها حق الحماية والحياة، علاوة أن الرزق يوزعه الخالق علي الأرض بالتساوي. المشاهدات العنيفة ضد الحيوانات الأليفة في الشوارع علاوة علي قتلها وتسميمها أمور لم تعد »آية» تتحمل أن تراها »آية» علي كل حال، موضحة »أصبح تركيزي حاليا كيف أستطيع حمايتهم من شرور البشر وعنفهم، ووقف قتلهم بصورة بعيدة عن الرحمة» .