بعد مرور أكثر من 27 يوماً علي اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في دور انعقادها الثاني ( يوم الجمعة 15 مارس 2019 ) وجدتني في حيرة من أمري، وسألت نفسي: هل اختلط عليّ الأمر أنا الآخر-رغم خبرتي في هذا المجال-وتركز اهتمامي مع الكثيرين من زملائي علي تشكيل هيئة مكتب النقابة ( الوكيلان والسكرتير العام وأمين الصندوق ومعهم النقيب ) في الموعد المتعارف عليه قانوناً ولائحياً بعد انتهاء الانتخابات ؟!.. ولم تدم حيرتي كثيراً، فرغم إني من أنصار التمسك بالقانون واللائحة الداخلية، فإني مقتنع تماماً وقبل كل ذلك أنه يجب أن تكون هناك قاعدة قانونية سليمة لا تطرق إليها أية شكوك قانونية أو تاريخية، ولائحة منضبطة » تسير » الأمور الإجرائية والشكلية بالطريقة الصحيحة.. وهذا يكون بالنسبة لي أفضل كثيراً من تشكيل هيئة مكتب » تسير بالبركة ».. وبناء عليه فإني مع تريث نقيب الصحفيين في تشكيل هيئة المكتب واللجان لبعض الوقت في محاولة للتوافق أولاً ثم بحث أولويات العمل النقابي في المرحلة الصعبة القادمة ثانياً.. ولأننا انشغلنا بنتائج الانتخابات فلم نلحظ ولم نول اهتماماً واجباً بعدد من التوصيات المهمة التي وافقت عليها الجمعية العمومية للنقابة وعلي رأسها إضافة بنود تتضمن مواد خاصة بتأديب أعضاء النقابة ( في إطار آلية التأديب ) في اللائحة الداخلية ليتم العمل بها لحين التدخل التشريعي بتعديل قانون نقابة الصحفيين وسدا للفراغ التشريعي الذي حدث بالارتداد إلي قانون النقابة رقم 76 لسنة 1970 والذي أصبحت مواد التأديب-كغيرها-غير مواكبة للتطور الحادث في العمل الصحفي، وتم تعويضها بما جاء في القانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، والذي تم إلغاؤه أيضا بناء علي ما جاء في القانون 180 لسنة 2018 في شأن الصحافة والإعلام والمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام.. وقد أثار إلغاء القانون 96 لسنة 96 كثيراً من التساؤلات بشأن ميثاق الشرف الصحفي الذي صدر في 26/3/1998 خاصة فيما يتعلق بما جاء في الباب الثالث من الميثاق من إجراءات تنفيذية فلم تشمل توصيات الجمعية العمومية إذا ما كان سيتم الأخذ بما جاء في الإجراءات التأديبية من إنذار وغرامة ومنع من مزاولة المهنة لمدة لا تتجاوز سنة ثم شطب الاسم من جدول النقابة.. وكما قالت توصيات الجمعية العمومية فإن هذه المواد التأديبية سيتم العمل بها في اللائحة الداخلية لحين التدخل التشريعي بتعديل قانون النقابة!. وهو ما يؤكد أن مكانها الصحيح هو قانون النقابة وليس اللائحة الداخلية.. وهو ما قد يزيد » الربكة » النقابية رغم أنه إجراء مؤقت، فاللائحة الداخلية لها اختصاصات معروفة ليس من بينها مواد قانونية مهمة !.. ولكني أري أن كثيراً من توصيات الجمعية العمومية يمكن أن تكون بداية جيدة من صنع الصحفيين أنفسهم لوضع قانون جديد لنقابتهم يتناسب مع كونها نقابة لنخبة المفكرين والمثقفين في بلدنا، وعلينا في هذا الإطار أن ننفذ تكليف الجمعية العمومية لمجلس النقابة بعقد جلسات استماع وندوات بين أعضائها لمناقشة مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بالمهنة قبل إقرارها.. وهذا ما سيوصلنا في النهاية إلي الأخذ بتوصية الجمعية العمومية بعدم الموافقة علي إجراء تعديلات علي قانون نقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970 إلا بعد العرض علي الجمعية العمومية. كما حدث في المواد الخاصة بالتأديب.. ولتكن هذه هي البداية الحقيقية لعمل قانون جديد للنقابة.. وفي كل الأحوال فإن الأمر يستأهل الدعوة لمؤتمر عام للصحفيين-كما قلت من قبل-تحت رعاية القيادة السياسية لبحث مشاكل المهنة والعاملين فيها والوسائل المتاحة لمواجهتها لوضع النقاط فوق الحروف لنبدأ مرحلة جادة من المصارحة والمكاشفة.. وعاشت حرية الصحفيين ونقابتهم القوية.