هل تتذكر دومًا ما قرأته ؟.. كنت ابحث في مكتبتي عن كتاب تاه مني في زحمة الكتب، فوجدت أعمالا أدبية رائعة قرأتها ولا أتذكرها! بل أنني لا أتذكر إنها بحوزتي في الأصل؟ في بحث قدمته الاكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي عن »القراءة والتذكر» تقول: »أن هذا يحدث حينما يكون عقلك في مكان آخر بينما عيناك تتابعان كل كلمة فيما تقرأ، ولكن في هذه الحالة أنت لا تنتبه إلي الكلمات، فعقلك يهيم بعيدًا ويركز علي شيء آخر، وبالتالي لا يتم تسجيل معاني الكلمات في ذاكرتك، ويحدث ذلك في حالة صعوبة المادة أو تعقيدها، وقد يكون موضوع الكتاب غيرمثير، أوليس مكتوباً بنص جيد، وبالتالي تشعر بالملل، وقد تكون المشكلة جسمانية» متعبًا، أوحزينًا أو غاضبًا من شيء ما أو تشعر بالتوتر والضغط ، الخلاصة هي أنك بحاجة إلي استيعاب المعلومات بشكل أفضل». ورغم أن هذه الدراسة أكاديمية، فإنها بعيدة تماما عما يحدث معي، انني أقرأ جيدا، وعلي درجة عالية من التركيز، ومع ذلك لا أتذكر! وهناك العديد من الدراسات التي تؤكد علي كيفية الاحتفاظ بذاكرة قوية وكيفية الاستيعاب ، والتذكر، ورغم اتباع كل هذه النصائح ، فإن هناك أفكارا كثيرة تقع من الذاكرة ليس لضعفها وإنما لإمتلائها. أين تذهب قراءتنا؟ أين تذهب كل هذه المعلومات التي استفدنا منها يوما من قراءة رواية أو كتاب أو قصة أو قصيدة؟ أين تذهب تلك الأفكار بعد أن نكون رشفناها واستوعبنا كل ما فيها ذات يوم؟ هل تموت بداخلنا أم تتحول إلي صور أخري، غير واضحة المعالم مثلما كانت موجودة علي الورق بين دفتي الكتاب؟ قد ننسي العناوين والأفكار والمؤلفين !! لكننا لا ننسي ماتركته هذه الكتب بداخلنا ، بعضها غير نظرتنا للحياة، وبعضها أعاد لنا الثقة في قضية شائكة ، وبعضها أخذنا إلي عوالم لم نكن نعرف عنها شيئا، كل القراءات تضعنا أمام أنفسنا كي نكتشف العالم من حولنا ، حيث تقودنا إلي حل مشاكلنا ، ليس مهما أن تتذكر اسم المؤلف أو عنوان العمل الذي قرأته، المهم الأثر الذي تركه هذا الكتاب فيك.إن ما نقرأه يصير مع الوقت موقفا أو فكرة أو وجهة نظر، أو رؤية مستقبلية. فالقراءة لا تفني ولكنها تتحول بداخل عقولنا إلي معجزة المعرفة.