أسعار الفراخ في البورصة اليوم الخميس 9 أكتوبر    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم ببطولة الصعيد لمراكز الشباب    الجيش الإسرائيلي: وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ ظهر اليوم    بعد إنطلاق ألبومها الأول.. مي فاروق تتصدر تريند جوجل    الأشواط الإضافية تحسم تأهل فرنسا والنرويج فى كأس العالم للشباب.. فيديو    بكام الطن اليوم؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الخميس 9-10-2025 في أسواق الشرقية    حالة الطقس اليوم الخميس 9 اكتوبر2025 فى محافظة المنيا    عاجل- الذهب يحقق قفزة تاريخية جديدة.. إليك آخر الأسعار اليوم في مصر    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    أضرار المشروبات الغازية على الكبد.. دراسة تكشف المخاطر الصحية    مساعد وزير الخارجية الإيراني السابق مهدي شريعتمدار ل«المصري اليوم»: الضغط الأمريكي المتزايد لفرض التطبيع أداة لتفكيك المنطقة (الحلقة 44)    شيخ الأزهر يؤدي واجب العزاء في وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم..ويواسي أسرته    حاكم مقاطعة فولجوجراد: الدفاعات الجوية تصد هجوما أوكرانيا مكثفا بالمسيرات    وزيرة التخطيط تصل بروكسل للمشاركة في النسخة الثانية من منتدى البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي    هشام حنفي: ياس سوروب مدرب مميز وإضافة كبيرة للنادي الأهلي    عاجل - "اختبار للتكتيك وتعزيز للانسجام" اليوم الخميس.. مصر X المغرب في ودية قبل كأس العرب 2025 - 2026    مشوار الفراعنة إلى المونديال.. خطوات ثابتة قادت مصر للتأهل التاريخي إلى كأس العالم 2026    بعد ارتفاع الأخضر الأمريكي.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الخميس 9-10-2025    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الخميس 9102025    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    يعرض قريبًا.. «لينك» ضغطة زر تقلب حياة موظف على المعاش    عروض وأمسيات وورش تشكيلية بالخارجة والفرافرة وموط ضمن احتفالات الثقافة بذكرى النصر    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الخميس 9102025    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    "قبل نهاية الاسبوع" غدوة حلوة.. اصنعي أجمل صينية فراخ بالبطاطس لعائلتك    وزير الرياضة يعلن إجراء تغييرات في الجهاز الفني لمنتخب مصر للشباب    30 دقيقة تأخرًا في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 9 أكتوبر 2025    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    بالطريق الحر.. تصادم دراجتين ناريتين مع نقل أودى بممرض وإصابة آخرين    المعاينة تكشف ملابسات حريق مخزن قطع غيار سيارات بالحرفيين    نائب محافظ القاهرة يستقبل وفدًا كنسيًا من شبرا لبحث سبل التعاون وتعزيز التلاحم الوطني    البطريرك أفرام الثاني يشارك في مؤتمر بإربيل حول "سوريا: بحثًا عن الوحدة في ظلّ التشرذم"    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    7 آلاف محضر بشأن «تراخيص عمل الأجانب» خلال 27 يومًا    ممنوع الضرب.. قرار حاسم حول حظر استخدام العصا أو الخرطوم في المدارس ومحاسبة المسؤولين    مقتل شاب على يد شقيقه الأصغر بسبب خلاف على الميراث في الشرقية    انهيار محادثات الاتحاد الأوروبي بشأن الرقابة على الدردشة دون التوصل إلى اتفاق    البابا تواضروس الثاني: المسيح هو الراعي الأمين الذي يقودنا إلى الطمأنينة والأبدية    وكيل صحة الفيوم تُتابع أداء المستشفيات في اجتماع إشرافي موسع| صور    وزير الرياضة بعد تأهل مصر لكأس العالم: «سيكون هناك تكريم ل محمد صلاح ولاعبي الفراعنة»    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    مصطفى قمر: مبروك لمصر رفعتوا راسنا يا رجالة مستنيين بقى تشرفونا فى كأس العالم    « احتفالًا بالتأهل للمونديال».. سعد سمير يطالب بفتح استاد القاهرة مجانًا في مباراة مصر أمام غينيا بيساو    رسمياً.. مواصفات الورقة الامتحانية ل مادة العلوم المتكاملة شهر أكتوبر 2025 للثانوية العامة    إصابة رئيس مباحث شبين القناطر.. ومصرع عنصرين إجراميين في مطاردة أمنية بالقليوبية    رسمياً.. منهج العلوم في امتحانات شهر أكتوبر 2025 للمرحلة الابتدائية (مواصفات الورقة الامتحانية الكاملة)    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 بعد قرار التأمينات الاجتماعية (تفاصيل)    كُتبت فيها ساعة الصفر.. حكاية «كراسة حنان» التي احتوت على خطة حرب أكتوبر    منها منتجات الألبان.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى جرثومة المعدة (تفاقم الألم)    أسهل طريقة لعمل البليلة في ساعة.. شرط النقع    السيسي يُعبّر عن خوفه من الثورة والتغيير .. وناشطون: فات الأوان يا عميل    مدير حملة العناني ل بوابة أخبار اليوم: دعم الرئيس ساهم في الإنجاز التاريخي لمصر    استشاري نفسي: نسبة الطلاق بين الأزواج في مراحل متقدمة من العمر    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    نقيب المحامين: الرئيس أعاد المادة 105 لزيادة ضمانات حقوق المواطن    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقدمات الأجزاء جاءت برؤية وتقاليد مصرية خالصة : 5 حكايات من «وصف مصر»
نشر في أخبار السيارات يوم 30 - 03 - 2019

بمناسبة صدور طبعة جديدة من موسوعة »وصف مصر»‬، تكون مناسبة لتنشيط الذاكرة تجاه هذا العمل الموسوعي، الذي حاول تقديم بانوراما متكاملة عن الحياة في مصر، من مختلف جوانبها الحضارية والثقافية والفنية، راصدا ملامح مدنها وأهم ما يميزها، متوقفا عند جدارياتها ومعابدها وطيورها وأسماكها ونيلها والأساطير المتنوعة التي نسجت حوله.
علي مدار أجزاء هذه الموسوعة التي تصل إلي 37 جزءا، شاهدنا ملامح من عصر فات، احتفظ هذا العمل برونقه وجاذبيته، لكن في المقدمات الخاصة بالطبعة العربية، حكايات موازية، لما رواه الفرنسيون، حكايات ربما لم يتوقف أحد لقراءتها بإمعان، رغم أنها تضيء جوانب مختلفة لهذه الموسوعة التي كتبها علماء فرنسيون، لكن المقدمات جاءت برؤي مصرية خالصة، تعكس ثقافتنا، التي لا تمنعنا –علي سبيل المثال- من أن نقدم تأبينا لزهير الشايب في تحقيق صحفي كامل المهنية- أكثر من ثلاثة مصادر- نشر بتوقيع ابنة المترجم د. مني زهير الشايب في مقدمة الجزء العاشر، -وأيضا- عبر أجزاء مختلفة من الموسوعة هناك إشارات إلي تدخلات حدثت علي النص الأصلي، والأهم أن هذه المقدمات خلقت لدينا حكايات لا تقل في جاذبيتها؛ عما ورد في الموسوعة في لغتها الأصلية »‬الفرنسية».
هنا أتوقف عند حكايات روتها هذه المقدمات، تزيل اللبس عن أسئلة منطقية كثيرة، منها إذا كانت الموسوعة في لغتها الأصلية نتاج عمل جماعي »‬علماء الحملة الفرنسية»، فلماذا الترجمة لاسيما في الأجزاء الأولي نتاج عمل فردي، وسؤال آخر ماذا حدث في الأجزاء التي تمثل أكثر من ثلثي الموسوعة وصدرت بعد رحيل المترجم القدير زهير الشايب، هل هي نتاج جماعي أم فردي.. أسئلة وحكايات جديرة بأن تروي عن الموسوعة الأشهر في الثقافة المصرية والإنسانية.
الحكاية الأولي
هذه الحكاية مرتبطة بالسؤال السابق؛ لماذا أقدم زهير الشايب منفردا علي هذه المغامرة، وهي ترجمة »‬وصف مصر» بشكل شخصي، ولماذا لم تقم الترجمة علي جهد مؤسسي؟.
كان علينا أن ننتظر أجزاء عديدة حتي نتمكن من أن نطلع علي إجابة للتساؤل السابق، حدث ذلك عنما كتبت د. مني زهير الشايب مقدمة الجزء العاشر، الذي جاء بعد سنوات من رحيل والدها، في هذه المقدمة تكشف أن هذا المشروع تعثر في دهاليز المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب، وهذا الكشف يأتي في رواية العالم الكبير الراحل د. رؤوف عباس.
في هذا الجزء دونت مني قصة هذه الموسوعة، وكيفية دخول والدها لحقل الدراسات التاريخية والترجمة، إذ سجلت في صفحتي 8 و9 من الجزء العاشر ما نصه: »‬ويروي لنا الدكتور رؤوف عباس كيف نشأت علاقة زهير الشايب بالترجمة فيقول: كان أول لقاء بيني وبين الفقيد الغالي في منتصف الستينيات، عندما كان زهير أمينا بدار المحفوظات بالقلعة... واتسعت دائرة الباحثين الشبان الذين عرفوا الأمين زهير لتشمل: عبد الرحيم عبد الرحمن، وعاصم الدسوقي، ولطيفة سالم. بدأ زهير يضيف دائرة جديدة إلي دوائر اهتمامه، هي دائرة الدراسات التاريخية. فجالس المؤرخين وعرف طريقه إلي الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، فانضم إلي عضويتها، وقدمناه إلي المغفور له أحمد عزت عبد الكريم رئيس الجمعية وإلي أستاذنا أحمد عبد الرحيم مصطفي، فرحبا بالأديب الشاب وشجعاه علي المساهمة بنصيب في الدراسات التاريخية عن طريق ترجمة أحد المراجع الفرنسية الهامة، وهكذا بدأ زهير الشايب اتصاله بالدراسات التاريخية بترجمة عمل مارسيل كولومب »‬تطور مصر».. ونجح مشروع الترجمة في اجتذاب زهير الشايب إلي حقل الدراسات التاريخية، فكان يقرأ بنهم بالغ مختلف المراجع التي تعالج أطرافا من تاريخ مصر المعاصر ليستعين بما يكونه من خلفية تاريخية علي ترجمة النص ترجمة أمينة إلي اللغة العربية. وراق هذا العمل لفقيدنا الكريم فترجم مجموعة من أبحاث هامة للمؤرخ الفرنسي المستشرق أندريه ريمون، نشرها في كتاب بعنوان »‬فصول من التاريخ الاجتماعي للقاهرة العثمانية». وأصبحت عملية الترجمة انغماس زهير في قراءة مراجع تاريخ مصر العثماني لينقل النص بأمانة إلي اللغة العربية، وزاد اقترابه من الدراسات التاريخية، وأصبحت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بيته الذي يأوي إليه كلما حن إلي تاريخ مصر. ثم كانت ترجمة وصف مصر.. فقد عقدت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية مؤتمرا دوليا عن المؤرخ المصري الجبرتي، حضره عدد من المؤرخين الأجانب.. وتضمنت توصيات المؤتمر ترجمة وصف مصر، وأسندت التوصية مهمة الترجمة إلي المجلس الأعلي للفنون والآداب.. وإذا بزهير الشايب يتقدم إلي أستاذنا المرحوم أحمد عزت عبد الكريم يعرض عليه المساهمة في هذا العمل، فرحب به وبمبادرته.. لكن تعثر مشروع الترجمة في دهاليز المجلس الأعلي.. فصمم الفقيد أن يتولي وحده القيام بهذا العمل الضخم الذي يحتاج إلي جهد لجنة كاملة من المترجمين».
في هذا الجزء لم تكتف مني بشهادة د. رؤوف عباس عن والدها، بل جمعت شهادات لعدد من المؤرخين والأدباء الذين قدموا بورتريها للجوانب المختلفة للمترجم والأديب زهير الشايب.
الحكاية الثانية
إذا كانت مني زهير هي التي كشفت عن السر في قيام والدها منفردا في البدء في ترجمة وصف مصر، بعد أن تقاعس المجلس الأعلي للفنون والآداب عن القيام بهذه المهمة، لكن ماذا كتب هو نفسه في مقدمته للموسوعة في الجزء الأول من ترجمتها؟.
لم يذكر الشايب أي أمر متعلق بتعثر مشروع الترجمة في دهاليز المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب، وقد أرجع الرغبة في قيامه بهذا العمل إلي كونه مبادرة فردية، تأتي في إطار الكشف عن تاريخ مصر المجيد، وذلك كرد فعل علي هزيمة 1967، ففي الأسطر الأولي من التقديم في الجزء الأول يقول: »‬علي الرغم من أن وراء هذه المبادرة لترجمة وصف مصرككل مبادرة فردية –دوافعها وأسبابها وظروفها الخاصة- إلا أنها ينبغي أن توضع ضمن إطار أوسع وأشمل من تلك الدوافع والأسباب الخاصة لتربط بذلك الاهتمام الكبير الذي بدأ المفكرون المصريون يولونه لتاريخهم الحديث والمعاصر بعد صدمة 1967. فمنذ تلك الصدمة الهائلة، بدأت الكتب –مؤلفة ومترجمة- تصدر تباعا تتحدث عن تاريخ مصر ودور مصر.. وهكذا لم يعد التاريخ –وتاريخ مصر بالذات- مجرد دراسات أكاديمية لا يتولاها إلا المختصون، وإنما أصبح ثقافة أصيلة لكل مثقف وطني تشغله أمور بلاده. ومنذ ذلك الوقت بدأ يتشكل ذلك الإطار الثقافي الواسع الذي أشير إليه، ويسعدني أن أضع اليوم في داخل هذا الإطار كتابنا الذي يشكل دراسة كاملة عن ذلك السفر الضخم، الذي لا يفوق شهرته إلا طول إهمالنا له: كتاب وصف مصر، أو مجموعة الملاحظات والأبحاث التي أجريت في مصر أثناء حملة الجيش الفرنسي، وهذا هو عنوان ذلك السفر الضخم».
في هذا الجزء يتعرض زهير الشايب لتقديم مواصفات هذه الموسوعة، التي طبعت باللغة الفرنسية مرتين، الأولي وقد استغرق العمل فيها من 1809 إلي 1822، وقد ظهر المجلد الأول منها عام 1809، وكتب علي غلافه وكذلك علي غلاف المجلد الثاني أنه قد طبع بأمر صاحب الجلالة الإمبراطور نابليون الأكبر، لكن بقية المجلدات التسعة قد ظهرت بعد سقوط نابليون، لذا كتب علي غلافها بأنها قد طبعت بأمر الحكومة، أما الطبعة الثانية فقد صدرت من 26 مجلدا و11 مجلدا للوحات وأطلس جغرافي، وهي الطبعة التي بدأ العمل فيها من عام 1821 وانتهي في عام 1929.
ويصف الشايب الفروق بين الطبعتين بأنها طفيفة، ويمكن إجمالها فيما يلي »‬1- كانت الطبعة الأولي مهداة إلي »‬الامبراطور نابليون» أما الثانية فهي مقدمة إلي »‬صاحب الجلالة الملك»، 2-بدأت الطبعة الأولي بمجلدات الدولة الحديثة الثلاثة أما الطبعة الثانية فبدأت بوصف العصور القديمة، 3- تشتمل الطبعة الثانية علي مقدمة تقع في حوالي 180 صفحة من حجم هذه الطبعة من وضع فوربيه، ونجد هذه المقدمة نفسها في المجلد الأول من اللوحات، 4- تشتمل الطبعة الثانية علي دراسة لم ترد في الطبعة الأولي وتتناول هذه الدراسة جامع أحمد بن طولون وحياة منشئه.
وقد اعتمد زهير في ترجمته علي الطبعة الثانية، كما هو مبين من ترتيب المجلدات.
الحكاية الثالثة
تتعلق هذه الحكاية بسؤال حول هل التزم زهير الشايب بالنص الفرنسي أم حدثت تدخلات، و هل حدثت تدخلات –أيضا- من قبل من استكملوا الموسوعة أم كان هناك التزام تام بالنص الأصلي.
الحقيقة أنه لم يكن هناك التزام تام بالنص الفرنسي، منذ الجزء الأول الذي ترجمة زهير الشايب، رغم أنه قد حرص علي أن تكون ترجمته دقيقة وأمينه، مهما كان خلافه مع المطروح، وإن كان هذا المنهج لم يمنعه من حذف عبارات.
بداية يشير الشايب في إطار ترجمته لدراسة شابرول دي فولفيك أن يلتمس »‬له العذر في بعض الأمور التي التبس عليه فهمها، بل في بعض الأخطاء التي وقع فيها، وبخاصة في مجال المعتقدات والشرائع، ولقد آثرت هنا أن أقدم ترجمة كاملة أمينة نصا وروحا لكل ما ذكره المؤلف خاصا بنا وبمعتقداتنا، وسوف يلاحظ القاريء أنني قد آثرت عدم التدخل إلا في أضيق نطاق ممكن لاعتبارات عديدة لا بأس من طرح بعضها:
1- أننا هنا بصدد أثر علمي هام ينبغي أن يحظي بالاحترام.
2 – أنه ليس كل ما يقال عنا صحيحا علي إطلاقه، وإن كان ينبغي علينا في كل الأحوال ألا نخشي أية فكرة غير صحيحة.
3- أنه قد آن الأوان لنواجه بشجاعة ما يقال عنا، فنتجاهل ذلك أو الصمت عنه ليس هو الوسيلة المثلي، فذلك الموقف لن يعني إلا تسليمنا ولو بشكل سالب بصحته، ومعرفة ما يقال عنا هي أفضل وسيلة لمواجهته ودحضه.
4 – إن الأقوياء لا يخافون معرفة ما يقال بشأنهم، ولا أظن أحدا يجادل في قوي عقيدتنا. وأنني فيما فعلت إنما كنت أصدر عن تقديس كبير للإسلام ولنبيه الكريم، كما أنني فيما التزمت به من أمانة في النقل كنت أقرب ما يكون إلي روح الإسلام الذي ينهض أول ما ينهض علي الإقناع العقلي والذي لا يستوي –بنص آياته- الذين يعلمون والذين لا يعلمون. بل إن المؤلف لم يكن دقيقا كذلك في حديثه عن بعض الطقوس المسيحية، وقد آثرت أن أترك كل شيء علي حاله: ذلك أنه لا القارئ المسلم ولا القارئ المسيحي سوف يلجآن لكتاب وصف مصر لدراسة الشرائع والعبادات، فلهذه وتلك، عند هذا وذاك، المصدر الذي يعرفانه جيدا».
ولكن رغم ما ذكره، هل لم يتدخل الشايب في هذا الجزء، بوضوح يجيب أنه تدخل بالفعل، فيسجل في ص 11 من الجزء الأول من الموسوعة: »‬وبرغم كل شيء فإن واجب الأمانة يقتضي أن أعترف بما يأتي:
1- أنني قد حذفت من الجزء الخاص بالأقباط نصف جملة وجدت أن اللياقة تقتضي حذفها.
2 – أنني حذفت هامشا كاملا أثار عند نشره بمجلة الثقافة ردود فعل لم أكن أتوقعها، ولا يتجاوز هذا الهامش أربعة سطور.
3- أنني حذفت آخر عبارة في الكتاب ( حوالي سطر ونصف ) إذ وجدت من الأفضل ألا تترك هذه الجملة طعما مريرا في حلق القارئ بعد صحبة ممتعة مع مؤلف حاول جهده أن ينصفنا طيلة مؤلفه.
لكن هل حدثت تدخلات في الأجزاء الأخري من الموسوعة التي صدرت بعد رحيل زهير الشايب، وقام بترجمتها ابنته مني أو فريق عمل كما حدث في بعض الأجزاء، لاسيما بدءا من الجزء العشرين، إذ كان هناك اكثر من متخصص يتولي الترجمة.
هناك بالفعل تدخلات، لكنها لم تقترب من النص الأصلي، وقد سردت مني في الجزء ال 15 الذي يحمل عنوان »‬لوحات الدولة القديمة» إلي أن هناك خلطا لدي بعض العلماء الفرنسيين فيما يخص شرحهم لبعض الأشخاص الموجودين في المعابد وطبيعة عملهم، وقد عالجت هذا الأمر، حسبما دونت في مقدمة هذا الجزء »‬وقد دعت الضرورة أحيانا أن يتدخل المترجم لإيضاح عبارة أو تصحيح خطأ، وهو ما سنجده موضوعا بين معقوقتين حرصا علي سلامة وتمام النص الأصلي».
وفي الجزء ال 11 كشفت مني أنها ميزت ما أضافته بأنه وضعته بين قوسين: »‬هذا وقد حرصت أن أحافظ علي منهج الترجمة المتبع منذ المجلد الأول، وهو تقديم ترجمة كاملة أمينة نصا وروحا للأصل الفرنسي، مع المحافظة علي سلامة وسلاسة سبك العبارة العربية، والتزمت بعدم التدخل في النص الأصلي، وإذا دعتني الضرورة للتدخل كنت أميز ما أورده في المتن بوضعه بين معقوقتين أو وضعه في الهامش مع الإشارة أنه من صنع المترجم».
زهير رغم أنه حذف بعض الجمل كما سبق أن بينا، وذلك من منطق الحرص علي المشاعر الدينية، إلا أنه منع نفسه من أن يستكمل موضوعات وجدها ناقصة، كما أشار إلي ذلك في الجزء الرابع، واكتفي بتسجيل التالي: »‬وقد كنت أود أن ألحق بهذه الدراسة دراسة أخري للمؤلف عن المقاييس المصرية القديمة، وهي التي كانت ولاتزال تستعمل في مصر حتي وقت مجيء الحملة الفرنسية، لولا أنني خشيت أن أخرج عن حدود المنهج الذي أتبعه وهو تقديم دراسات الدولة الحديثة أو الحالة الحديثة لمصر بالشكل الذي بينته في مقدمات المجلدات الثلاثة السابقة كما كنت أود أن أقدم دراسات قصيرة أخري تناولت بعض الحرف والصناعات التي أشار إليها المؤلف في الباب الثاني ولم يوفها حقها اكتفاء منه بما جاء في هذه الدراسات التي وصفها غيره، مثل دراسة بوديه عن دبغ الجلود، ودراسة روزبير عن معامل التفريغ ودراسة ديكوتيل عن ملح النوشادر، لكن ذلك كان من شأنه أن يزيد من حجم هذا المجلد لحد قد لا يكون مناسبا».
في الوقت الذي منع نفسه من أن يستكمل موضوعات وجدها ناقصة، إلا أنه في الجزء الثاني يشير بوضوح إلي أنه اضطر إلي التدخل في جمع موضوعات وراء بعضها وجد أن المنطق يحتم ذلك »‬وهكذا يجدنا القارئ الكريم نخلع من عندياتنا أسماء وعناوين علي دراسات جاءت بوصف مصر مبعثرة علي مجلداته المختلفة، وليس في هذا تحريف من أي تنوع، فلقد كان عسيرا بل مستحيلا تقديم دراسات وصف مصر كما جاءت في ترتيبها في الأصل الفرنسي».
الحكاية الرابعة
لم يقتصر ظهور اسم زهير الشايب فقط في هذه الموسوعة، بل ظهر اسم ابنته مني بعد ذلك، إما وهي تترجم وحدها مجلدا، أو تقوم بالمراجعة، لكن –أيضا- ظهر توقيع زوجته في مجلدين، وإن كان زهير وجه لها الشكر علي جهدها، وذلك في الجزء الأول: »‬كما أني حين أقدم شكري للسيدة زوجتي فأنني لا أفعل ذلك من قبيل اللياقة وإنما هو عرفان حقيقي بما قدمته لي من عون كبير، برغم ظروفها الصعبة كأخصائية اجتماعية وربة بيت وأم»، في حين قامت بنفسها بتقديم الجزء التاسع بعنوان »‬الآلات الموسيقية المستخدمة»، وفي الأسطر الأولي تشير إلي أنها قامت بذلك بدلا من زوجها الذي رحل: »‬كان المأمول أن تكون هذه المقدمة بقلم مترجم الكتاب، زوجي وأستاذي المرحوم زهير الشايب، ولكن شاءت إرادة الله أن يجف المداد في القلم، وأن يتوقف النبع عن الجريان، وأيضا، أن يترك المترجم هذا المجلد مخطوطا، ليضاف لذلك الجهد المضني في حقيقته، الدائب في سعيه، الصادق في غايته، الجليل في فائدته». كما قدمت الجزء الثالث عشر.
الحكاية الخامسة
في مقدمته للجزء الأول، أشار إلي أن وصف مصر بدأ نشره في مجلتي الثقافة الجديدة والإذاعة والتليفوزيون قبل أن يتم النشر في كتب: »‬ولن يفوتني أن أوجه شكري للأخ الدكتور عبد العزيز دسوقي رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة وكذلك الأديب الفنان الأستاذ ثروت أباظة رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، لما قاما به نحوي من تشجيع حين أفردا صفحات مجلتيهما لنشر أجزاء كبيرة من وصف مصر، مما أحيا الاهتمام بالكتاب وقت أن كاد الكتاب أن يصبح فيه نسيا منسيا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.