ترجمة واصدار طبعة جديدة وثالثة باللغة العربية من دائرة المعارف الإسلامية الشهيرة ب «موسوعة الإسلام» مشروع ثقافى كبير تتبناه تونس. وهذا منذ أن حصلت على حقوق الترجمة من مؤسسة « بريل» بهولندا فى عام 2010. لكن يبدو أن انجاز هذا العمل الثقافى المهم لقراء اللغة العربية اعترضته عراقيل ومنعرجات وتعديلات. وفى هذا الحوار مع الأكاديمى والأديب الشاعر خالد الوغلانى المدير العام لمعهد تونس للترجمة وهو التسمية الجديدة التى اتخذها قبل أشهر المركز الوطنى للترجمة هناك اطلالة على مشكلات وآفاق ترجمة ونشر النسخة الجديدة من دائرة المعارف الاسلامية ، وحيث ورث المعهد هذه المسئولية عن المركز. ولهذا العمل المعرفى الضخم بلغاته الأصلية الانجليزية والفرنسية والألمانية نسختان مطبوعتان من قبل. الأولى توالت اجزاؤها بين عامى 1913 و 1938. والثانية مختصرة بين عامى 1954 و 2005. لكن سرعان ما تبعتها مؤسسة « بريل» باطلاق أجزاء نسخة ثالثة جديدة اعتبارا من عام 2007. وبالنسبة للترجمة الى العربية فقد صدرت طبعة فى القاهرة خلال عقد الستينيات وأعيد الطبع فى الشارقة بدولة الإمارات اعتبارا من عام 1998، وذلك فى 33 مجلدا. وفيما يلى نص الحوار لماذا ترجمة هذا العمل الكبير بكل ما قد ينطوى عليه من تكاليف واشكاليات؟ هذه الموسوعة مهمة للفضاء العربى والإسلامى. فهى مرجع أساسى لكل باحث فى الجوانب الدينية والتاريخية والثقافية.وهى تتطرق الى الديانات الأخرى التى عاشت فى هذه الفضاء. وكذا الى مختلف الآداب وتاريخ العديد من الشعوب. وهى بحق موسوعة شاملة لكل عناصر الحياة الثقافية. وعلى هذا النحو هى مرجع لانظير له ولا مفر من التعامل معه بالنسبة لدارسى التاريخ والانسانيات.ولا تتوقف قيمة المقالات «المداخل» بما هو مكتوب بها فحسب. بل ولأنها توفر للباحث والقارئ ببلوغرافيات فى موضوعاتها. لكن مالذى يمكن ان تضيفه ترجمة جديدة لما تمت ترجمته وطباعته من قبل فى القاهرة والشارقة ؟ ما جرى ترجمته وطباعته فى القاهرة مع عقد الستينيات لم يكن ترجمة كاملة للموسوعة. كما انه حمل تدخلا فى النصوص الأصلية. وعلى نحو لا يفصل بين رأى المترجم وبين ما كتبه مؤلف النص الأصلي. أما بخصوص طبعة الشارقة فلم أطلع عليها للأسف. لكن ما أعلمه أن الناشر لم يشتر حقوق الترجمة والنشر باللغة العربية من مؤسسة « بريل». واعتقد ان هذا لم يكن بسبب ضيق ذات اليد. وأخشى أن يكون السبب هو أن الناشر يضمر تدخلا فى أصل النص. وماهى قصة تعاقد تونس مع مؤسسة «بريل» بهولندا بشأن هذه الترجمة الجديدة ؟ توليت مسئولية المركز الوطنى للترجمة فى إبريل 2014. وبالتالى لم أكن موجودا لحظة الاتفاق. لكن ما أعرفه أن « بريل « عندما اسندت حقوق الترجمة والنشر بالعربية للمركز فانها كانت على وعى بموضوعية المترجم التونسي. واتخذت قرارها استنادا الى ما قدمه المركز من ترجمات اعتبارا من تأسيسه عام 2006 ،وما حصلت عليه هذه الترجمات من جوائز عالمية. ومؤسسة « بريل» ومقرها «ليدن» بهولندا لها تاريخ يعود الى نحو 300 سنة تقريبا. واصدرت موسوعات أخرى. ومن بينها موسوعة عن القرآن الكريم بالإنجليزية. كم هى تكلفة التعاقد مع «بريل» ؟.. وكيف تطور فى ظل المتغيرات التى مر بها المركز فالمعهد بتونس؟ العقد الذى جرى توقيعه فى عام 2013 تكلفته 60 ألف يورو، يدفعها المركز (فالمعهد) لمؤسسة « بريل « على أقساط. وسيكون الأخير منها مع نهاية اصدار الترجمة. وفى البداية كان الاتفاق هو ترجمة الطبعة الثانية من الموسوعة فى 12 جزءا، وعلى ان تجرى ترجمة ونشر جزء واحد كل ثلاث سنوات وأن يصدر الجزء الأول فى عام 2016. لكن مع انطلاقنا فى العمل صادفتنا مشكلات. ومن بينها أخطاء تحملها الطبعة الثانية واختلافات بين نسختيها الإنجليزية والفرنسية. ونحن نترجم عن اللغتين معا ،لكننا نعتمد بالأساس على الانجليزية ونستأنس بالفرنسية. والعديد من المستشرقين كتبوا للموسوعة باللغة الفرنسية بالأصل. وأيضا طرأت مشكلة أخرى عندما أوقفت وزيرة الثقافة الأسبق الدكتورة لطيفة الأخضر العمل بالمشروع ومعه مشروع آخر لتدريب المترجمين. لقد تخوفت الوزيرة من تكاليف مشروع ترجمة الموسوعة وتشككت فى قدرة المركز على انجازه. واختلفت شخصيا معها بهذا الشأن. وتدخلت أطراف سياسية بيننا. وفى النهاية رجعنا الى المشروع. لكن فى الأثناء تقدمت مؤسسة «بريل» بمقترح يطمئن الوزيرة ويطمئنهم على جاهزيتنا لانجازه كاملا. وانتهى الأمر عبر اللجنة المشتركة من مؤسسة بريل ومركزنا (قبل ان يصبح معهدا) الى أن نختار بالتعاون معهم مجموعة مداخل تمثل مختصرا لأهم مافى الموسوعة. وهكذا توصلنا الى 209 مداخل سيقع ترجمتها وطباعتها فى مجلد واحد من المقرر ان نصدره قبل نهاية عام 2018. وهى مداخل مختارة من الطبعتين الثانية والثالثة للموسوعة بالانجليزية. وعلما بأن الطبعة الثالثة التى بدأ نشر أجزائها اعتبارا من عام 2007 هى قيد الانجاز فى بلدها. وقد وصلوا فقط الى حرف (k). لكن هذا المجلد المختصرمجرد مرحلة أولى. واتفاقنا مع «بريل» أن يترجم المعهد الطبعة الثالثة كاملة. وهى بالأصل مختصرة مقارنة بالطبعتين السابقتين. وما نعلمه أنها أكثر تكثيفا ودقة. ومتى تنتهى ترجمة ونشر الطبعة الثالثة من الموسوعة هذه ؟ لا نعرف ماهو المدى الزمنى بالضبط. لأن الموسوعة فى لغتها الأصلية قيد الإنجاز هناك. لكن أعتقد بأنه 25 سنة كى ننجز هذه الترجمة الكاملة. هذا على الأقل. فى كم مجلد أو جزء ستصل الترجمة الجديدة للموسوعة ؟ فى عام 2018 سنكون قد أنهينا ترجمة ونشر المجلد المختصر المنتخب وانطلقنا الى ترجمة النص الكامل للطبعة الثالثة. وحقيقة لانعرف فى كم مجلد ستكون؟. وهذا لأن هذه الطبعة تصدر الآن بلغاتها الأصلية على هيئة كراسات. ثم يجرى تجميعها لاحقا فى مجلدات كاملة. هل فى اختيار مداخل الطبعة المقررة عام 2018 توخيتم الابتعاد عن الديانة والعقائد قدر الإمكان تجنبا للمشكلات ؟ بالعكس. . فى اجتماعات اللجنة المشتركة مع المؤسسة الهولندية طلبت « بريل» التركيز على مثل هذه المداخل التى تتناول العقيدة والفكر الإسلامى وجوانب مهمة من التاريخ. ونحن من جانبنا أردنا ان يكون هذا المنتخب المختصر شاملا لأهم المجالات التى تعالجها الطبعة الجديدة من الموسوعة، بما فى ذلك الأدب والحضارة. لكن علينا ان نلاحظ أن مساهمات العرب فى الكتابة هى أكثر فى الطبعة الثالثة الجديدة. وهذا ينعكس على المداخل التى اخترناها للترجمة فى هذا المنتخب المختصر. هل كل المترجمين من تونس ؟ وهل هناك توجه للاستعانة بمترجمين من خارجها ؟ الآن هم كلهم توانسة. وربما نستعين بمترجمين غير تونسيين سواء أكانوا عربا أو من غير العرب مستقبلا ووفق موضوع وتخصص النص.