سنة من حكم الإخوان الكئيبة كانت السبب في حالة نفسية سيئة للكثيرين لكنها كانت للسبب نفسه محفزا للكاتب محسن عبد العزيز للعودة إلي التاريخ كي يستمد من شخصياته العظيمة القوة والأمل، والدافع وراء كتابه رجال حول الوطن. كانت لحظة الخطر التي تعرضت لها مصر خلال فترة حكم الإخوان الكئيبة وما تلاها، الدافع وراء الكتابة والبحث عن هذه الشخصيات العظيمة، بهدف واحد، ووحيد، هو الإيمان بأن الوطن الذي أنجب أمثال هؤلاء العظماء لا يمكن أن يسقط أبدا. كنت ألوذ بما قدم هؤلاء العظماء من أعمال جليلة في ظروف حالكة، مستلهما القوة والأمل للحاضر المستقبل اللذين أراهما علي حافة الخطر بالحكم الجهول. هذا ما يقوله محسن عبد العزيز في كتابه الصادر عن دار بتانه. والرجال العظماء الذين استمد منهم الأمل كاتبنا تنوعت مجالاتهم بين زعماء مثل عبد الناصر، ومبدعين مثل يحيي حقي ويوسف إدريس وصلاح جاهين وأمل دنقل، ومفكرين مثل لويس عوض وفؤاد زكريا، وقادة عسكريين مثل الفريق الشاذلي والمشير الجمسي، وصحفيين كبار مثل هيكل وأحمد بهاء لدين وعبد الوهاب مطاوع، ومصلحين مثل الإمام محمد عبده. بعضهم التقي بهم وحاورهم وبعضهم حاور أفكارهم بعد أن غيبهم الموت يقول: شخصيات كثيرة في التاريخ كنت أتمني أن أقابلها فأتعلم الحكمة والجلد، وصممت علي ذلك، حتي الذين غيبهم الموت قابلتهم وتحدثت مع أفكارهم، وكنت أفرح لفرحهم وأحزن لحزنهم، ويرتعد جسدي لمواقفهم النبيلة من أجل الحق والخير والعدل والجمال. أولئك الرجال لم يموتوا كما تذهب الظنون، فهم أحياء بالكلمة الصافية التي غيرت حياة الملايين، وما الحياة والتاريخ إلا سير هؤلاء العظماء وأعمالهم التي لا تروح علي مر الزمن. تقوم الحضارات وتتقدم الأوطان بكلماتهم وما ينفثونه فيها من قوة الإيمان وعظمة الأمل، ومهما اشتدت الأعاصير وعصفت الرياح، يبقي الوطن صلبا شامخا بأفكارهم النضرة. وتاريخ مصر الذي يمتد لأكثر من سبعة آلاف عام، ما كان له أن يستمر مخترقا الأزمان والسنين إلي الحاضر والمستقبل لولا رجاله العظام الذين حملوا مشعل الفكر والحضارة طوال الرحلة المديدة. ولأن مصر وطن لا يخلو أبدا من عظماء الرجال، حتي في أشد لحظاته ضعفا، فإنه يمرض ولا يموت كما يقولون ، وسريعا ما يهب واقفا علي قدميه عفيا، كنيله ونخيله، مرسلا إشعاعه ورسالته في العدل والتوق إلي الحرية للعالم.