الحكومة تعلنها رسميا.. اتفقنا على خفض أسعار السلع بنسبة 30%    «ستاندرد أند بورز»: خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    التلفزيون الرسمي الإيراني: وقوع انفجارات قوية قرب أصفهان وسط البلاد    مندوب اليابان لدى مجلس الأمن: قطاع غزة يعاني مأساة إنسانية جراء الحرب المتواصلة    وزير الخارجية الإيراني: إسرائيل «ستندم» على أي هجوم ضدنا    تقارير أمريكية تكشف موعد اجتياح رفح الفلسطينية    محمد بركات: أطمئن جماهير الأهلي لهذا السبب.. وتفكير كولر سيتغير أمام مازيمبي    أصعب أيام الصيف.. 7 نصائح للتعامل مع الحرارة الشديدة    حظك اليوم برج العذراء الجمعة 19-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سوزان نجم الدين تتصدر تريند إكس بعد ظهورها مع «مساء dmc»    خالد حسين محمود: مسلسل الحشاشين كان يحمل هدفين الأول تنويري والآخر معرفي    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    ملف رياضة مصراوي.. ليفربول يودع الدوري الأوروبي.. أزمة شوبير وأحمد سليمان.. وإصابة محمد شكري    هدي الإتربي: أحمد السقا وشه حلو على كل اللى بيشتغل معاه    "ليست أول فرصة يهدرها في حياته".. كلوب يعلق على الانتقادات ضد صلاح    صدمة .. إصابة أحد صفقات الأهلي في الميركاتو الصيفي    هدف قاتل يحقق رقما تاريخيا جديدا في سجل باير ليفركوزن    مواعيد أهم مباريات اليوم الجمعة 19- 4- 2024 في جميع البطولات    وعد وهنوفي بيه، الحكومة تحدد موعد إنهاء تخفيف أحمال الكهرباء (فيديو)    3 ليال .. تحويلات مرورية بشارع التسعين الجنوبي بالقاهرة الجديدة    الجامعة العربية تطالب مجلس الأمن بالاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتبار ذلك سبيلاً للسلام    الهلال الأحمر الفلسطيني: نقل إصابة ثانية من مخيم نور شمس جراء اعتداء قوات الاحتلال    محمود التهامي يحيي الليلة الختامية لمولد أبو الإخلاص الزرقاني بالإسكندرية (فيديو وصور)    أسعار العملات الأجنبية اليوم الجمعة.. آخر تحديث لسعر الدولار عند هذا الرقم    عز بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 إبريل بالمصانع والأسواق    شاهد.. نجوم الفن في افتتاح الدورة الثالثة ل مهرجان هوليود للفيلم العربي    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    متحدث الحكومة: دعم إضافي للصناعات ذات المكون المحلي.. ونستهدف زيادة الصادرات 17% سنويا    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    #شاطئ_غزة يتصدر على (اكس) .. ومغردون: فرحة فلسطينية بدير البلح وحسرة صهيونية في "زيكيم"    البابا تواضروس خلال إطلاق وثيقة «مخاطر زواج الأقارب»: 10 آلاف مرض يسببه زواج الأقارب    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    انطلاق برنامج لقاء الجمعة للأطفال بالمساجد الكبرى الجمعة    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    ظهور أسماك حية في مياه السيول بشوارع دبي (فيديو)    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    فيوتشر يرتقي للمركز الثامن في الدوري بالفوز على فاركو    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر ردًا على طهران    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    تخفيض سعر الخبز السياحي بجنوب سيناء    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    النشرة الدينية.. هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. وما هي أدعية شهر شوال المستحبة؟    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    طريقة عمل الكب كيك بالريد فيلفت، حلوى لذيذة لأطفالك بأقل التكاليف    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أناس عاديون.. رواية تعيد للحب مكانته المفقودة
نشر في أخبار السيارات يوم 19 - 01 - 2019

أثارت رواية »أناس عاديون»‬ للروائية الأيرلندية »‬سالي ورني»ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية وخلقت حالة واسعة من الجدل بين القرّاء علي مواقع وسائل التواصل الاجتماعي في أيرلندا وبريطانيا. وصفها النقاد بأنها رواية تمزج بين النزعة الكلاسيكية والرؤية الحداثية، وتقدم قصة حب في الألفية الثالثة علي غرار قصص الحب في روايات القرن التاسع عشر.
ولدت روني في دبلن عام 1991، وبدأت تنشر قصصاً قصيرة منذ سنوات فقط. وفي 2017، نشرت روايتها الأولي "محادثات مع الأصدقاء"، التي حققت نجاحاً كبيراً فور نشرها، وتُرجمت إلي لغات عدة، ما حجز لمؤلفتها مكانة بارزة علي الساحة الأدبية العالمية. واعتبر النقاد تلك الرواية واحدة من أهم الروايات الأولي التي صدرت باللغة الانجليزية منذ عقود. ويُفسر نجاح الرواية الأولي حالة الترقب التي سبقت إصدار "أناس عاديون" في أغسطس الماضي، لكن أحداً لم يتوقع أن تثير الرواية نقاشات اجتماعية واسعة حول مفهوم الحب في الوقت الراهن.
تتمحور الرواية حول قصة حب بين مراهقيّن يعيشان في مدينة أيرلندية صغيرة ريفية الطابع، يجمعهما فصل دراسي واحد ويباعد بينهما وضعهما الدراسي والاجتماعي. تعيش ماريان في عزلة عن زملاء الدراسة وتعاني من بعض التخلف الدراسي وضعف الثقة في النفس، بينما يحظي كونيل بشعبية كبيرة في المدرسة والمدنية، نتيجة تفوقه الدراسي وقدرته علي الاندماج مع أقرانه. ويقف المراهقان علي طرفي نقيض علي المستوي الاجتماعي كذلك، إذ تعمل والدة كونيل خادمة لدي عائلة ماريان، ولا يُتاح لهما الالتقاء وتبادل الحديث إلا عندما يذهب كونيل كل مساء إلي منزلها لاصطحاب أمه.
تتأجج مشاعر الحب بين الفتي والفتاة، لكنهما يكتمان تلك المشاعر، لأن كونيل يعتقد أن التفاوت الاجتماعي الضخم سيحول دون هذا الحب. ومن جهة أخري، ظنت ماريان أن كونيل لا يمكن أن يحبها بسبب انعزاليتها وغرابة أطوارها من وجهة نظر زملاء الفصل، وتخشي أن تتعرض لمزيد من سخريتهم إن هي اعترفت بحبها.
تستمر العواطف المكتوبة في صدر ماريان وكونيل، حتي بعد التحاقهما بنفس الجامعة في العاصمة دبلن، ويظلان في مراوحة لا تهدأ بين محاولات البوح والإنكار، خصوصاً مع تغير الأوضاع في الجامعة، حيث انزوي كونيل علي نفسه ونظر إليه الزملاء في الجامعة علي أنه قروي ساذج وفقير لا يجب أن يلتحق بجامعتهم، بينما تخلصت ماريان من عزلتها وشعورها بأنها غريبة الأطوار، استناداً إلي وضعها المادي والاجتماعي المتميز.
يعيش كل من كونيل وماريان حياة جيلهما الصاخبة بكل تفاصيلها المألوفة في المجتمع الأيرلندي، ولكن هذه الحياة لا تستطيع تشويه قيمة الحب الحقيقية في قلبيهما وعقليهما. وتستمر الحوارات والنقاشات بينهما، بما يكتنفها من محاولات الإخفاء والإفصاح، لدرجة يشك معها القرّاء أنهما سيعترفان بالحب ويُدركان أنهما أهدرا وقتاً طويلاً في مراوغة قدرهما المُشترك.
وتعتمد روني علي الحوار في تطوير حبكتها والكشف عن ذهنية بطليّها. وفي سبيل ذلك، استخدمت الكثير من الحوارات القصيرة، سريعة الأداء ومزدوجة المعني. كما جعلت من المحادثات علي وسائل التواصل الاجتماعي (الشات) بين البطلين وسيلة للإيحاء الخجول بالمشاعر، علي غرار حوارات الصالونات في القرن التاسع عشر. وتجري المراسلات بين البطلين عن طريق الرسائل الإلكترونية، ونري كونيل يجلس طويلاً أمام شاشة اللاب توب لصياغة عبارات لا تفضح حبه المكبوت ولا يبعث برسالته إلا بعد أن يتأكد أن حبيبته ليست (أونلاين)، في مشاهد تذكرنا بكتابة الخطابات المطولّة والمراوغة عند إرسالها في الروايات الكلاسيكية.
ويلعب الزمن دوراً محورياً في تطور حبكة الرواية وإثارة تشويق القارئ. وتحمل عناوين الفصول بعض دلالات زمنية؛ مثل "وبعد مرور شهر"، "وبعد مرور خمس دقائق". لكن هذا لا يعني أن الزمن يسير علي نحو خطيّ عبر الرواية، بل تستخدم الكاتبة تقنية "الفلاش باك" بقوة لكي تلقي بالضوء علي الحاضر وتكشف مدي عمق العلاقة وتعقيدها، إضافة إلي الكشف عن مدي تطور الشخصيات عبر الزمن.
وتنسج روني شبكة علاقات واسعة بين البطلين وزملاء المدرسة الثانوية والجامعة، في محاولة لثبر أغوار مراهقي الألفية الثالثة والوقوف علي دوافعهم النفسية ونزواتهم ومفاهيمهم المختلفة حول الحياة والحب. وتخلص الرواية إلي أن القلق والتوتر والارتباك والتردد والشعور بالندم هي سمات جيل الألفية الثالثة، ما يعني أن ماريان وكونيل أناس عاديون بالفعل، وأن قصة الحب المشحونة بالخجل والتردد ليست أثراً من الماضي.
سيشعر القارئ أن أحداث رواية "أناس عاديون" تكررت من قبل في عشرات الروايات الانجليزية في القرن التاسع عشر، والتي استهلكتها السينما العالمية في منتصف القرن الماضي. وسوف يشعر القارئ العربي كذلك أنه رأي تلك الأحداث من قبل في مئات الروايات والمسرحيات والمسلسلات المصرية القديمة.
ما الجديد الذي تقدمه سالي روني في روايتها إذاً؟ إنها تقدم قصة حب علي الطراز الكلاسيكي في دولة غربية، حيث طرأ تغير رهيب علي طبيعة العلاقات الإنسانية والاجتماعية منذ ستينيات القرن الماضي. تقدم روني قصة حب عُذري في الألفية الثالثة، بعد أن قضي التطور الرهيب في وسائل التواصل علي بقايا المفاهيم القديمة للعلاقات الإنسانية. والأغرب، أن روني لا تستحضر لحظة تاريخية من الماضي، أو حتي تقيم موازاة كبيرة بين عالمها وعالم روميو وجولييت مثلا، بل تتحدث عن مراهقيّن يعيشان في اللحظة الراهنة بمنظور كنا نعتقد أنه انتهي منذ زمن بعيد.
وأعتقد أن نجاح الرواية لا يكمن في وصولها إلي القائمة الطويلة لجائزة مان بوكر أو اختيارها كأفضل روايات 2018، أو حتي في سيل المقالات التي تمتدحها، ولكن في طرحها القوي المُقنع الذي استطاع أن يجعل من الحب قضية رأي عام، تتباين حولها الآراء ويحتدم حولها الجدل. وبنظرة خاطفة علي بعض النقاشات حول الرواية علي وسائل التواصل الاجتماعي، وسوف ندرك أن عدداً كبيراً من القراء يتعاطف مع بطليّ الرواية، في حين يسخر آخرون من مجرد وجود هذا الصنف من البشر.
لقد أثارت الرواية حنيناً جماعياً إلي الماضي، وكشفت عصباً اجتماعياً عارياً في قلعة التكنولوجيا والحداثة، كما وجّهت ضربة قوية لمفهوم الحب التعاقدي الذي يسود المجتمعات الغربية منذ ستينات القرن الماضي. ولقد أثبتت روني بروايتها، شديد البساطة والتعقيد، أن الحب الحقيقي هو تجربة إنسانية عابرة للزمن والتقاليد، وهو الدافع الحقيقي للتغيير والتحرر من الأوهام.
"أناس عاديون" ليست مفارقة من أي نوع، ولا تنطوي علي أي قدر من السخرية، أو تحاول سحبنا إلي مضارب الماضي البعيد، ولكنها محاولة لإثبات أن الحب العُذري مفهوم إنساني وليس مجرد حقيقة تاريخية، وأنه موجود دائماً في أعماقنا. ولا يقتصر هذا الحب، من منظور الرواية، علي الشعراء ومُرهفي الحس والمنتمين إلي عصر الفروسية الغابر، بل ينمو في قلوب أناس عاديين جداً، يعيشون علي هذا الكوكب في اللحظة الراهنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.