أجساد ترتجف تجمدت الدماء في عروقها من شتاء أنحدر بصقيعه إلي درجات الصفر، شفاه تصطك ببعضها من برد قارس، يعيشون علي الأرصفة ينامون علي مراتب الغم ويلتحفون بالبؤس!! في كل صباح تمر عليهم أبدان خرجت لتوها من تحت جبال البطاطين والأردية خشية البرد دون أن نقرأ في الأعين ذرة ندم أو نشعر بوحزة ضمير علي حال هؤلاء المشردين الذين يفترسهم برد وصقيع كالطود الهائل كل ليلة ينتظرون موت مرتقب لا ينقذهم منه سوي شمس الصباح الخجلي حينما تمد خيوطها المشعة بالحرارة. في موقف شديد البرودة من جانب الحكومة اعلنت انها لا تملك احصائيات رسمية عن عدد المشردين في مصر وتتضارب الارقام حول اعدادهم بعضها يشط شططا بالغا ويقدر اعدادهم بالملايين ولكن الحقيقة التي لا تخطئها العيون حتي وإن غابت الأرقام الحقيقية انهم موجودين في كل شارع من شوارعنا يقاسمون الكلاب والقطط الضالة أرزاقها!! إذا كانت مصر قد قررت في عامها الجديد ألا يبقي فيها جائعا ولا فقيرا من خلال مبادرة حياة كريمة للقضاء علي العوز والاحتياج فإن هؤلاء المشردين في هذا الشتاء المؤلم يجب أن يكونوا أول المستفيدين من هذه المبادرة الكريمة. هؤلاء المشردون إذا تركوا علي حالهم البائس فإنهم يمثلون خطرا داهما علي أمننا وعلي وطننا فالجوع يورث الذل والوحشية وحينما يتحالف مع برد لا يرحم تصبح ساعتها قطعة الخبز والغطاء أهم من الوطن والفضيلة وقد يتم استغلالهم وينزلقون لمسارات غير شرعية. يجب علي الحكومة من خلال فرق التدخل السريع بوزارة التضامن وجهود المجتمع المدني أن يسارعوا بحصر عدد المشردين في الشوارع وأن تضع لهم برامج تؤمن لهم الدخل المادي اللائق والعلاج الفوري بحيث لا نري في شوارعنا في غضون شهر من الآن مشردا واحدا وقانا الله واياكم شرور العوز والحاجة وعافانا من مصير انتظار الموت ببطء جوعا أو بردا!!