كثيرون يتساءلون قائلين، إذا كان كتاب التوراة اليهودية قد تنبأ عن مجيء المسيح فلماذا لم يؤمن اليهود بيسوع المسيح، بل بالعكس من هذا نجدهم رفضوه؟ إن النبوءات عن المسيح في العهد القديم من أهم ما يقرر ألوهية رسالته وعبثا يحاولون أنكارها وفسروا آيات الأنبياء عنه حسب أغراضهم حتي صاروا ينتظرون شخصا آخر أخلاقه تخالف وتنافي أخلاق المسيح.. ويقول العلامة »مماني» أن اليهود المتلتقصة أرواحهم بقذارات المادة بعد أن سحقت نفوسهم اضطهادات الرومان والسلوقيين وهم ممتلئون بالضغينة والشر لم يكونوا ليقبلوا مسبحا، كما جاء يسوع فقيرا وضعيفا بل يحلمون بمسيا أرضي يكون ملكا مدرعا مسلحا وداودا ثانيا ومحاربا جبارا سفاك دماء.. يحلمون بمسيا ذي ثروة يستطيع بها بناء هيكل سليمان.. كانوا يحلمون أن يشاهدوا ملكا جبارا تخر تحت اقدامه ملوك الأرض مقدمين له الجزية صاغرين.. بالذهب والفضة وليس بالمحبة والاحترام إن خطأ اليهود قد قام من أنهم نظروا الي المسيح كرسول أمتهم فقط كملك دنيوي مما جعلهم يلتفتون الي ما قيل بشأن مجده ويتغاضون عن المسيح المتألم.. ومن يراجع اقوال المؤرخ اليهودي »يوسيفوس» عن يهود مصر المسيح يجد أنهم كانوا اشرارا للغاية وقد أنحط كهنتهم انحطاطا عظيما يحتم معه ألا تقبل مفاسدهم تعاليم المسيح الطاهرة المقدسة ومع علمهم التام بأن المسيح يأتي من بيت لحم كما أنبأ انبياؤهم أغمضوا أعينهم عن تلك النبوءة ولم يقيموا لها وزنا ولا أعتدوا بأعمال المسيح العظيمة.. والسؤال الآن لماذا مازال يهود العصر الحالي يصرون علي عدم أيمانهم بالمسيح بالرغم من وجود أدلة المسيحيين علي صدق دينهم والجواب هو أن الأسباب التي دعتهم الي عدم الإيمان قديما بالمسيح هي نفسها الأسباب التي تجعلهم يرفضون الايمان به الآن فهم مازالوا شعبا أنانيا يعتقدون أن الله لهم وحدهم وأن النبي الآتي سيكون خاصا بهم وسيعيد لهم مجدهم العالمي.. وطالما هذه الأماني الباطلة راسخة في نفوسهم فلن يستطيعوا أن يؤمنوا بمسيح سماوي يأتي لجميع البشر.. والغريب أن هذا الشعب المتمسك بالتوراة وحريص علي الالتزام الحرفي بالوصايا والشريعة يكون أشد أنكارا لما جاء في التوراة عن نبوءات صريحة عن المسيح ومن المعروف أن جميع فئات اليهود كانت رافضة له.. فالفريسيون نالوا من المسيح الكثير.. قال عنهم اسمعوا كلامهم ولا تفعلوا أفعالهم.. ووصفهم بأنهم مراءون يأكلون أموال الأرامل مشحونون بالأثم والرياء.. وشبههم بالقبور المبيضة من الخارج ومن الداخل مملوءة عظاما ونجاسة.. أما الصديقيون فهم حزب الكهنة اليهودي كانوا يربحون من التجارة والربا داخل الهيكل وقام المسيح بطردهم من الهيكل ووصفهم بأنهم لصوص وكان هؤلاءالصديقيون يعملون لحساب الحكام والرومان وجباة ضرائب وظهور المسيح سيفسد أعمالهم.. والهرودوسيون كانوا حزبا سياسيا مؤيدا لهيردوس الملك ويخشون أن ينتزع السيد المسيح استقرارهم ومستقبلهم السياسي.