تفاصيل جولة وزيرالتعليم بمدارس البدرشين والصف بالجيزة اليوم    هيئة الرقابة المالية تُصدر «دليل خدمات متكامل» للقطاع المالي غير المصرفي    وزير الدفاع : الاستعداد الدائم لمواجهة المخاطر والتهديدات واجب لا يحتمل التهاون    الكرملين: الرئيس الروسي يلتقي المبعوث الأمريكي «ستيف ويتكوف» غدا    طلائع الجيش يستقبل السكة الحديد في مواجهة قوية بدور ال32 لكأس مصر    موقف الثنائي «الشناوي» من التواجد مع منتخب مصر    ضبط المتهمين بسرقة «كولدير» ببني سويف    طلاب ابتدائية القاهرة يؤدون امتحاني التربية الدينية والرياضيات.. وطلاب الإعدادية يبدؤون امتحانات الدراسات الاجتماعية والتربية الفنية    «السلم والتعبان 2» يكتسح.. و«ولنا في الخيال حب» يلاحقه بقوة في سباق الإيرادات    إعادة التدوير وتسويق المنتجات في ملتقى فتيات أهل مصربشرم الشيخ    وزير الأوقاف: الفائزون بمسابقة القرآن يكرمهم الرئيس السيسى في ليلة القدر    مشروع الجينوم: التخطيط لتحليل 25 ألف عينة بحلول 2027    قسم أمراض الذكورة بقصر العيني يحصد الاعتماد الأوروبي مجددا كمركز تدريبي خارج أوروبا    "معلومات الوزراء": 2 مليار دولار قيمة سوق الذكاء الاصطناعي في أفريقيا خلال عام 2025    موعد مباراة السعودية وعُمان في كأس العرب 2025.. والقنوات الناقلة    متحدث «الوزراء»: الإقبال السياحي على المتحف الكبير فرض ضرورة توفير خدمات جديدة    محامي رمضان صبحي يكشف 3 سيناريوهات أمام المحكمة ويحسم حقيقة دعم الأهلي القانوني    متى يبدأ رمضان 2026 وعيد الفطر؟ توقعات فلكية لموسم العبادة    تشيلسي ضد أرسنال.. تعرف على مدة غياب كايسيدو بعد طرده فى الديربى    محافظ أسوان يوجه بالاستعداد المبكر لموسم الأمطار والسيول    تطعيم 509 آلاف طفل ضد الحصبة بنسبة 90% في أسوان    فاكسيرا: لا يوجد فيروس خطير يهدد حياة الطلاب والترويج لذلك خطأ.. إنفوجراف    «جبران»: منظومة رقمية متكاملة لتطوير الخدمات بالوزارة    بدء تصويت المصريين بالكويت في الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى لانتخابات النواب    «الأرصاد» تكشف تفاصيل آخر تحديث لخرائط الطقس    محافظة الجيزة : المركبة كيوت أرخص من التوكتوك وترخص كسيارة أجرة    الداخلية تضبط مروج صواعق كهربائية وعصي صدمات عبر مواقع التواصل    بالفيديو.. أستاذ قانون: 70% من دوائر المرحلة الأولى ستعاد فيها انتخابات مجلس النواب    رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر يهنئ المجمع العام لكنائس النعمة بانتخاب اللجنة التنفيذية الجديدة    ترامب يتعهد «النظر‌‌» في ضربة للجيش الأمريكي أجهزت على ناجين من قارب مستهدف بالكاريبي    مصر تعلن تصنيع أجزاء من الطائرة رافال محليا في ايديكس 2025    "يوم العلاج بالنباتات والروائح" فعالية بصيدلة حلوان    "التمثيل التجاري" يبحث مع المستشار التجاري الأمريكي تعميق الشراكة الاقتصادية    وزير الصحة يترأس اجتماع اللجنة الاستشارية العليا للتنمية البشرية    هيئة الاستثمار تستعد لإطلاق منصة تراخيص وموافقات إلكترونية موحدة    عاجل- قطر تفتتح مشوار كأس العرب 2025 بمواجهة فلسطين على ملعب "البيت"    «طلع لفظ مينفعش يتقال».. محمد رمضان يكشف كواليس ترحيل "كهربا" من الإمارات    طاهر محمد طاهر يكشف كواليس مشاجرة تريزيجيه أمام الجيش الملكي وأسباب تألقه في عدة مراكز بالأهلي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 1-12-2025 في محافظة الأقصر    الرئيس الإندونيسي يحث حكومته على التأهب لتغير المناخ في ظل أزمة الفيضانات    القاهرة تحتضن فعاليات الاجتماع الرابع والعشرين للأطراف المتعاقدة في اتفاقية برشلونة    بمناسبة الأسبوع العالمي لمقاومة البكتيريا... الثقافة الصحية بمديرية الشئون الصحية بالأقصر تكثف الجهود التوعوية    أوسينات للمزادات: بيع لوحة المسيح على الصليب مقابل 2.94 مليون يورو    "علوم رياضة" قناة السويس تعزز الوعي الصحي في المدارس بمبادرة "صحتنا حياتنا"    بدءا من اليوم.. الحجز الكترونيا فقط لزيارة المتحف المصرى الكبير    ارتفاع أسعار النفط بفعل خطة أوبك+ للإنتاج    «التضامن» تقر تعديل قيد جمعيتين في الجيزة والقليوبية    انتخابات هندوراس.. بدء فرز الأصوات وسط دعم ترامب لعصفورة    دراما بوكس| هنا الزاهد تغيب عن رمضان 2026.. واستئناف تصوير «الكينج» بعد الحريق    موعد غُرة شهر رجب فلكيا لعام 1447 هجريا.. كم مدة رؤية الهلال في مصر؟    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يختتم دورته العاشرة ويعلن جوائز مسابقاته    إخلاء سبيل المعلمة المتهمة في واقعة تلميذ لغات الألومنيوم بكفالة مالية بقنا    مصرع سيدة إثر اصطدام سيارة بها بالطريق الدائري في القليوبية    الداخلية تضبط سايسًا بدون ترخيص بعد مشاجرة ومنع مرور السيارات بالجيزة    كوكا: هذا موقفي من الانضمام ل الزمالك.. وشخص ما لا يريدني في المنتخب    القاهرة تستعد لافتتاحية كبرى بمدينة الفنون والثقافة بعرض "تأثير بيغماليون"    عواصف ثلجية تقطع الكهرباء في ويسكونسن وتلغي مئات الرحلات الجوية في شيكاغو    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 30نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا.... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد توجيهات الرئيس برفع مخالفاتها ومحاسبة المتلاعبين
إخلاء فوري لتعديات الحديقة الدولية بالإسكندرية واستثمار 135 فدانا
نشر في أخبار السيارات يوم 02 - 01 - 2019

تحولت مع الزمن إلي قاعات أفراح ومطاعم ومولات تجارية مخالفة دون تخطيط
»سكون ما بعد العاصفة»‬، هو الوصف الأمثل للموقف هنا في ساحات وأروقة »‬الداون تاون» أو ما يطلق عليه أبناء الثغر »‬أرض الحديقة الدولية»، منذ أسابيع قليلة كانت الفوضي والصخب والعشوائية هي السمات الأكثر بروزا، في المنطقة التي كانت تعج بكل أنواع المخالفات الصارخة، كافيهات تفترش الطرق والأرصفة ومحلات متراصة متلاصقة تفتقد التنسيق الحضاري والمظهر اللائق، والعشرات من قاعات الأفراح تنشر الصخب المتداخل، تزاحم مخيف من السيارات مع المارة بلا ضوابط، وسيطرة للمستغلين لمواقف السيارات لا يعرف أحد تبعيتهم لأي جهة.
الصمت والانتظار هو سيد الموقف اليوم، بعد انتهاء المهلة المحددة للمحلات المخالفة لسداد المبالغ التي حددتها اللجنة المشكلة لتثمين وتقدير حق الدولة بمنطقة الحديقة الدولية، والذي تم بناء علي تقرير هيئة الخدمات الحكومية بصفتها جهة مختصة، وذلك وفق دراسات مدققة لأسعار السوق والموقع ودخل المنشآت، وكان الهدف هو وضع عروض واضحة تضمن حق الدولة وحق المستثمرين. المتقاعسون عن السداد للمبالغ المتراكمة كانوا الغالبية ممن صدرت لهم قرارات الإخلاء، هكذا يقول »‬محمود حسن» مشرف الأمن الذي جلس أمام إحدي المنشآت الترفيهية الخاوية، انتظارا لنقل ما تبقي من مفروشات تابعة لها، ويضيف إن ما تبقي فقط في تلك المساحة من »‬الداون تاون» فرع لأحد المطاعم الشهيرة بالثغر وفرع آخر لكافيتريا معروفة لأهالي الإسكندرية وعدد محدود من المحلات تنتهي عقودها خلال عدة أسابيع، والباقون »‬لموا عزالهم ورحلوا».
أهالي الإسكندرية ورموز المدينة غمرتهم حالة من الارتياح والتفاؤل بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة تخطيط منطقة الحديقة الدولية، بعد أن أصبحت مخالفاتها القانونية التي شاركت فيها المحليات حديث كل الإسكندرانية، يقول الدكتور طارق القيعي رئيس المجلس المحلي الأسبق وأستاذ الزراعة بجامعة الإسكندرية وأحد المشرفين علي مشروع إنشاء الحديقة الدولية بالثغر إن المشروع كان يمثل تحديا كبيرا للمحافظة وقت إنشائه، الفكرة كانت كيفية إضافة منطقة حيوية جاذبة لتلبية احتياجات أهالي الثغر لمزيد من الهواء النقي ومساحات من الخضرة الشاسعة علي مساحة 135 فدانا كانت مدفنا للنفايات ومخلفات المدينة، ومقلبا لمخلفات أعمال الهدم. في مدخل الإسكندرية الصحراوي، وفي عام 1988 بدأت المواجهة بنقل مدفن المخلفات إلي موقع مناسب وآمن، واستغلال تلك المساحة الشاسعة التي أصبحت مع الوقت في قلب المدينة مع امتداد الزحف العمراني ويضيف الدكتور القيعي كانت الأبخرة والغازات المنبعثة من تلك المساحة مصدرا للتلوث والروائح النفاذة الكريهة وشكاوي واستياء أهالي الثغر ورواد المدينة لذلك كانت الأهمية الحيوية لهذا المشروع الذي أقيم علي رقعة شاسعة من الأراضي وتحويلها من النقيض إلي النقيض من مصدر للتلوث إلي واجهة وإطلالة جمالية وسياحية ومتنفسا لأهالي وزوار المدينة، وفي عام 1990 تم افتتاح الحديقة لدولية بتكلفة 6 ملايين جنيه.
ويؤكد د. القيعي أن الحديقة الدولية كانت أول تجربة في الشرق الأوسط وثاني تجربة في العالم بعد تجربة مدينة ليفربول الإنجليزية للزراعة فوق من 6 إلي 8 أمتار من طبقات القمامة المدفونة، والتي تبلغ درجة حرارتها في عدة مساحات من 80 إلي 90 درجة مئوية بالإضافة إلي وجود كميات ضخمة من غازات الميثان القاتلة لجذور النباتات، ونجحنا في التحدي بتطبيق معالجة علمية دقيقة وخرج المشروع إلي النور بإضافة مساحات خضراء شاسعة فوق مدفن المخلفات والنفايات. ويشير د. القيعي إلي أن الحديقة الدولية عند افتتاحها كانت مسطحات خضراء فقط خالية تماما من أي بناء خرساني »‬مافيش طوبة غير بوابة الدخول» -حسب تعبيره-، حتي جاء عام 1998؛ حينما طرحت المحافظة فكرة إسناد صيانة الحديقة بمساحتها الشاسعة لإحدي الشركات الخاصة كحق انتفاع لمدة 20 سنة وكانت النية فعلا الحفاظ علي الحديقة ومساحاتها الخضراء وصيانتها ولكن الزحف التجاري بدأ منذ ذلك الوقت وانتهي إلي فوضي المخالفات التي لم يستطع أحد إيقافها إلا بتدخل حاسم من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
بداية التلاعب
»‬الأخبار» اطلعت علي صورة من عقد الانتفاع الذي تسبب في زحف المخالفات علي أرض الحديقة الدولية منذ 1998، والذي ينص علي أن تتولي شركة الدلتا الإشراف علي صيانة الحديقة الدولية لمدة 20 عاما مقابل 20 مليونا تدفعها الشركة للمحافظة علي 20 عاما واستغلت الشركة عقد الانتفاع مستندة إلي حقها في إقامة أكشاك لتقديم المشروبات والخدمات للمتنزهين ورواد الحديقة وقامت بتأجير مساحة تلو الأخري لمحلات تجارية ثم كافيهات وفروع لسلاسل تجارية ومواد غذائية ثم مطاعم كبري وعشرات من قاعات الأفراح والمناسبات وحينما تصاعدت حدة الاعتراضات من المجتمع السكندري ورموزه وأعضاء المجلس الشعبي المحلي غيرت الشركة اسمها ومجلس إدارتها وأعلنت إفلاسها كحيلة للتهرب من مسئولياتها واصطنعت عقدا مع شركة جديدة من الباطن، وقامت الأخيرة بتأجير مساحات متتالية من الأراضي بعد تقسيمها للمحلات وفي عام 2004 صدر قرار بفسخ تعاقد حق الانتفاع للشركة مع المحافظة، ووجدت الجهات التنفيذية بالإسكندرية نفسها تواجه واقعا فرض نفسه علي الأرض بالزحف المتزايد للمنشآت التجارية دون سند قانوني، ودون تسديد مستحقات الدولة ممثلة في محافظة الإسكندرية. وتأتي إحدي المخالفات الصارخة التي اطلعت عليها »‬الأخبار» كنموذج لمخالفات مشابهة، ممثلة في حصول أحد الفنانين الأكاديميين المرموقين من أبناء الثغر علي مساحة تتعدي فدانين منذ عام 1999 بهدف إنشاء حديقة بيئية علمية، لكن مع مرور الوقت وبعد عامين تحولت المساحة إلي قاعات أفراح متراصة وغير مرخصة بالمخالفة للقانون، وتراكمت المديونيات علي الأكاديمي السكندري حتي بلغت 9 ملايين جنيه لم يسددها حتي الآن.
مخالفات صارخة
الخبير القانوني السكندري والمحامي محمد الشامي يقول إن أراضي الحديقة الدولية تعكس حالة الفوضي المعمارية بعروس البحر التي حان لها أن تتوقف، منشآت تجارية فرضت أمرا واقعا علي المدينة وأهلها، بلا تنسيق ولا تخطيط إنشائي مقامة علي أكثر من 125 فدانا هي مساحة أرض الحديقة الدولية بالإسكندرية، تمثل صداعا مزمنا لكل محافظي الثغر، الذين لم يتمكنوا من تحصيل المديونيات المتفرعة من مستثمر رئيسي قام بتوزيع الأراضي والمنشآت علي 18 مستثمرا من الباطن، وهم بدورهم قاموا بالتربح من خلال التوزيع علي 230 مستأجرا من باطن الباطن. ويضيف الشامي أن المخالفين أقاموا علي تلك الأراضي المملوكة للدولة ممثلة في محافظة الإسكندرية، مجموعة من المشروعات مثل عشرات قاعات الأفراح والكافيهات والمطاعم والمنتجعات السياحية والأندية الرياضية والاجتماعية ومولات تجارية ومحلات تجارية. وأن المديونيات تراكمت بشكل هرمي من المستثمرين الصغار إلي الكبار ومن ثم إلي المحافظة، وعجز المحافظون واحدا تلو الآخر عن وضع حلول نهائية لتلك المديونيات، إلي أن جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وحسم الأمر بقرار حازم ونهائي يقضي بتطبيق القانون علي الجميع ،خلال زيارته الأخيرة للثغر لافتتاح مشروع بشاير الخير 2، وإسناد ملف مديونيات مستثمري الحديقة الدولية إلي المنطقة الشمالية العسكرية بالتنسيق مع محافظة الإسكندرية ومديرية الأمن، بعد أن تجاوزت المديونيات المستحقة للدولة 427 مليون جنيه، علي الرغم من أن الدخل السنوي لاستثمارات الحديقة الدولية يبلغ ما يقرب من 500 ألف جنيه، من المفترض أن يتم سدادها للمحافظة، ولكن تقاعس المستثمرون عن سدادها حتي تراكمت مديونياتهم. ويضيف الخبير القانوني أن قضية مخالفات ومديونيات أرض الحديقة الدولية بالثغر قد أثيرت منذ عام 2004 من خلال عدة بلاغات باتهامات بالإضرار بالمال العام وعدم اتخاذ الإجراءات التنفيذية الواجبة لتحصيل مستحقات الدولة واسترداد الأراضي المتعدي عليها، منذ صدور قرار محافظ الإسكندرية رقم 802 لسنة 2004 الخاص بإلغاء التخصيص الممنوح لشركة »‬دلتا مصر» للتنمية السياحية والعقارية لتطوير وتنمية وإدارة الحديقة الدولية بالإسكندرية بمساحة إجمالية قدرها 125 فدانًا لمدة عشرين عامًا، بموجب عقد انتفاع مؤرخ منذ شهر مايو سنة 1998، وذلك بعد ثبوت عدم الالتزام ببنود العقد والتعدي علي مساحات مملوكة للدولة مخصصة للنفع العام وإهدار المال العام بما يتجاوز 300 مليون جنيه وقتئذ، تراكمت وتزايدت حتي بلغت 427 مليون جنيه العام الحالي. ويشير الشامي إلي أن شبهتي التواطؤ أو الإهمال من الإدارات الهندسية بالمحليات واضحة، وفي كل الأحوال فإن القانون لابد أن يأخذ مجراه بتنفيذ قرار الفسخ وما يترتب عليه من آثار بمطالبة المستأجرين بالمديونيات المستحقة، فإذا كانت الشركة المفسوخ عقدها قد لجأت إلي حيلة قانونية بإشهار إفلاسها بعد أن قامت بإدخال شريك لها في الإدارة، فإنها بذلك تكون قد أخطأت في صحيح القانون، ومن ثم يكون كل عمل قانوني أو إداري تال للفسخ لا قيمة له ولا سند له من القانون، ويوضح الخبير القانوني أن محكمة النقض قد تعرضت لتلك الظاهرة وهي قيام المستأجر أو المنتفع بعمل شركة مع آخر، واعتبرت ذلك إيجارا من الباطن وحكمت ببطلان هذه الشركات. أما عن الدفع بحسن نية المستأجرين الجدد من الشركة الجديدة وعدم علمهم بما تم من إجراءات، فإنه مردود عليه بأن البطلان لا يتبعه إلا بطلان، ولا مكان في تلك الحالة للجهل بالقانون، ويلفت الشامي إلي أن المثير والمريب هو عدم قدرة الجهة الإدارية طوال سنوات المخالفات في العهد الماضي علي تنفيذ القانون، وهو ما يدعو للشك في أحد أمرين أولهما ضعف الإدارة وثانيهما شبهة التواطؤ من الإدارات المحلية.
منظومة جديدة
المهندس ياسر سيف رئيس لجنة الثقافة بالمجلس المحلي السابق للإسكندرية ورئيس الجمعية الدولية للتنمية والثقافة يري أن المساحة الشاسعة لمنطقة الحديقة الدولية و»‬الداون تاون» تحتل موقعا غاية في الحيوية، وتعد هي المطل والواجهة للمدينة للقادمين إليها من الطريقين الصحراوي والساحلي، ومن منظور معماري فإن المنطقة سوف تشهد عملية إعادة إحياء بعد أن كادت الفوضي والعشوائية أن تقضي عليها، ويتوقع سيف أن تدخل المنطقة ضمن منظومة التطوير الحضاري لعروس البحر فهي متاخمة لمنطقة مطار النزهة القديم، وأيضا تمتد عبرها منطقة مأوي الصيادين العشوائية التي يجري تطويرها بإنشاء بشاير الخير 3، وبمنظور أفقي وجغرافي نجد أن هناك رؤية إنشائية علمية تعمل علي رسم خارطة جديدة لمدخل عروس البحر الشرقي، يليق بالطابع السياحي للمدينة ويحول دون تكرار مظاهر التلوث البصري وعشوائية البناء وفوضي النشاط التجاري الذي لايخالف القانون فقط، بل يجافي الذوق العام، ويستهدف الربح السريع فقط بلا مراعاة لترك بصمة جميلة لرواد المنطقة، لأن الأنشطة التجارية المخالفة التي تكدست بها منطقة الحديقة الدولية بلا رقابة ولا ضوابط، كانت تتبع جميعها منهج »‬الفهلوة» وسياسة »‬اخطف واجري» ،فهي منشآت أصحابها يدركون أن وجودهم مؤقت وعابر ومصيره إلي زوال، لذلك كان هدفهم هو كيفية استغلال زبائنهم بأقصي سرعة وأقصر وقت.
من جهته قال البرلماني حسني حافظ عضو مجلس النواب عن دائرة سيدي جابر، إن منهج مواجهة العشوائية في فكر الرئيس السيسي لا يتمثل في تشديده علي ضرورة التصدي بقوة القانون لأي بناء مخالف فقط. بل يمتد إلي مواجهة الفكر العشوائي الذي يناقض التفكير والتخطيط العلمي، ورفض أساليب »‬الفهلوة» وتسيير الأمور دون تخطيط مسبق، لأن هذه الأساليب هي التي تتوالد عنها حالات الفساد والإهمال والرشاوي والمحسوبيات التي تعاني منها الإدارات المحلية في الأحياء وبعض المديريات الخدمية والتنفيذية، وقد اكتسب الرئيس بمنهجه العلمي ورؤيته للمستقبل ثقة واسعة، بعد أن شهد الواقع تحديدا في الإسكندرية بتغيير معالم الحياة في مشروعات بشاير الخير، ثم ما اطلع عليه الإسكندرانية من ملامح تطوير في شريان جديد هو محور المحمودية، وأخيرا في مواجهة العشوائية حتي في الأنشطة التجارية المخالفة، ومطالبته بعقود موحدة للمستثمرين تضمن حقوقهم ومكاسبهم في إطار قانوني محدد، وكذلك تضمن حقوق الدولة التي هي حقوق الشعب في استثمار ناجح ومضمون لموارده.
بروتوكول انضباط
د. عبد العزيز قنصوة محافظ الإسكندرية صرح بأن المحافظة قامت بتوقيع بروتوكول تعاون مع المنطقة الشمالية العسكرية للإشراف علي إدارة وتطوير منطقة الحديقة الدولية، وذلك بإعادة تخطيط المنطقة بما يعود بالنفع علي المواطن السكندري وتحويلها إلي موقع سياحي واستثماري جاذب ضمن التخطيط العمراني الجديد للثغر، بما ينعكس علي الوضع الاستثماري للمنطقة مع إعادة تخطيطها للاستفادة من كل المساحات المتاحة بها وإعادة استثمارها بالتنسيق مع محافظة الإسكندرية، كما تقوم المنطقة الشمالية بتحصيل المديونيات القديمة المحددة وفقا لتقرير هيئة الخدمات الحكومية واتخاذ جميع الإجراءات القانونية لتجديد التعاقد مع الجهات التي يتم الاتفاق معها من شركات بالأسعار المحددة من المثمن القانوني كحد أدني. كما تضمن البروتوكول إشراف المنطقة الشمالية العسكرية علي تنفيذ برنامج دقيق منضبط لتشغيل وإدارة وتأمين وحراسة منطقة الحديقة الدولية، وكذلك إدارة الإعلانات واللوحات الإعلانية بها، من خلال التأجير وحق الاستغلال للمناطق المتميزة داخل المنطقة بالتنسيق مع المحافظة، كما تقوم بالإشراف علي إدارة أماكن انتظار السيارات والاستراحات وبوابات الدخول والخروج. وبدأت المنطقة الشمالية العسكرية بالفعل بإخلاء المناطق التي لا يتم تجديد التعاقد بها وذلك ضمن برنامج إعادة طرحها للمستثمرين بالتنسيق مع المحافظة، وذلك بعد انتهاء التعاقد القديم وفقا للقانون. وتنفيذا صارما لتوجيهات الرئيس السيسي بالحفاظ علي حقوق الدولة ومنع التلاعب أو التربح أو التهرب من المستحقات الواجبة السداد. يذكر أن جميع عقود المتخلفين عن السداد تم فسخها اعتبارًا من نوفمبر 2018، وأبرمت عقود جديدة، بعد انتهاء مهلة 6 أشهر لأصحاب قاعات المناسبات والمطاعم للإخلاء وإتمام إجراءات النقل إلي »‬بشاير الخير 3» لمن يرغب في التجديد.
كل المظاهر التي يشير إليها الواقع علي الأرض في منطقة الحديقة الدولية تشير إلي أن عروس البحر تنتظر حدثا سعيدا مع بدايات العام الجديد، وتبدأ من مدخلها الشرقي منظومة التطوير الإنشائي الأفقي في الحيز العمراني المضاف إلي المدينة التي كادت عشوائية التمدد الرأسي في البناء المخالف أن تفتك بالألق التاريخي للثغر، وتقضي علي رونقها الحضاري وتراثها المعماري الشاهد علي مكانتها المميزة وسط المدن الساحلية العالمية، كل خطوة الآن محسوبة وموقوتة علي طريق استعادة عروس البحر المختطفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.