هبة عبدالعزيز »الشخصية المصرية عقيدة يخفق بها قلب المصري»! وددت أن أبدأ مقالي اليوم بهذه العبارة التي استوقفتني كثيرًا، والتي قالها مَن كان يدعو - ببساطة- إلي الحياة، مَن كان يعتقد أنه لا شيء غير الحياة مصدر لكل قيمة ولكل فكرة، والحياة عنده كانت هي أيضًا الهدف لكل قيمة وفكرة، إنه الشيخ والأديب والمناضل »أمين الخولي». هذا الرجل المصري »الأصيل والأصلي» والذي يجد كل مَن يقرأ له - في أي مجال من مجالات إبداعاته- سواء كان ذلك في الأدب، أو الدين، أو الفن، أو البلاغة ، أو النحو- أن فلسفته باختصار شديد كانت تتمحور حول هذه الجملة »مِن الحياة، ولأجل الحياة». وقد يسألني سائل: لماذا »أمين الخولي» - وتحديدًا- اليوم؟! فاليوم - وأقصد تلك الأيام التي نعيشها- اخترت أن أتحدَّث عن شخصية مثل الأستاذ القدير أمين الخولي - ربما- لثلاثة أسباب »متداخلة» وإن لم يكن أكثر! ولعل أولها هو أن نمط حياتنا قد أصبح - بكل أسف- يفتقر - منذ وقت أحسبه طويلًا- إلي التمسك بقِيَم ومعانٍ كحب الحياة، وأهمية الاستمتاع بها، والحرص علي الجمال، والاحتفاظ بروح البهجة، والإقبال علي العمل، واللجوء إلي العلم، والسعي للرقي بصفة عامة ... وغيرها الكثير مما يجعل الهدوء يسود النفوس، والنظام يعم المجتمع. لذا، فما أشد حاجتنا لتسليط بعض من الضوء علي فكر أجدادنا من أمثال الشيخ أمين الخولي، وقد عمدت في هذه النقطة إلي استخدام لقب من ألقابه وهو »الشيخ» فشيخنا اليوم لا تكاد كتاباته تنفك عن كَلِمَتَي »الحياة والحيوية» حيث اتجه إلي تطبيق منهجه الحيوي علي الدين، وقد حرص علي إبراز الطابع التقدمي المتجدد للدين، مُزِيحًا عن وجه الدين كل ما يوجه له من جمود وتخلف. ولأن المساحة هنا لن تسع لسرد المزيد؛ فسأدعو المهتمين لقراءة كتابه »المجدِّدون في الإسلام»، هذا الكتاب القيِّم جدًّا الذي كان غرض شيخنا الجليل منه هو ربط التجديد الديني بالواقع وبالعلم، والذي بدأه بمقدمة لكتابٍ للسيوطي يبرهن فيه علي صحة حديث الرسول الشريف - صلي الله عليه وسلم- القائل بأن الله يبعث في هذه الأمة علي رأس كل 100 عام مَن يجدد لها أمر دينها. وكأنما التجديد بهذا المعني - كما يقول شيخنا- هو ثورة اجتماعية دورية يقوم بها شخص عارف بالحياة، متصل بها ، عميق الفكرة عنها. في الوقت الذي ترسخ في أذهاننا أن الشيوخ غالبًا ما يتحدثون عن الآخرة، وعن العقاب، وعن النار والعذاب.. وما إلي ذلك مما يجعلني دائمًا أتساءل: لماذا يريدون أن يذهبوا بنا إلي هذا المربع الكئيب الضيق؟ وعلي الجهة الأخري، ربما أتساءل أيضًا: ولماذا نحن مستسلمون لأمثال هؤلاء؟ ولحديثنا بقية.