خط التماس بين جنوبلبنان وإسرائيل لن تحرض عملية »درع الشمال» الإسرائيلية ضد أنفاق حزب الله علي مواجهة عسكرية بين الطرفين، ففي حين تستبعد دوائر عسكرية في تل أبيب رداً عسكرياً من حزب الله علي العملية، تتعامل إسرائيل ب»مشرط الجراح» لتفادي التصعيد؛ فلا تعتزم احتلال منطقة في الجنوباللبناني، ولا تضع في خطتها تصفية أحد عناصر حزب الله، بحسب ما نقلته »معاريف» عن ضابط كبير في قيادة جبهة إسرائيل الشمالية. وتقتصر أهداف عملية »درع الشمال» علي كشف وتدمير أنفاق هجومية، تبدأ من نقاط عسكرية تابعة لحزب الله في عمق الجنوباللبناني، وصولاً إلي خط التماس في شمال إسرائيل. رغم ذلك، اهتمت تقديرات إسرائيل باستقراء رد فعل حزب الله علي عمليتها، مشيرة بحسب صحيفة »ها آرتس» إلي أنه حتي إذا أوعزت إيران إلي الحزب بمواجهة إسرائيل، فلن يرضخ للتعليمات، نظراً لظروفه الاقتصادية العصيبة، وضعف موارد تمويله، وإنهاك عناصره في الحرب السورية، والخلل الواضح في إعادة ترتيب قيادات الخطوط الأمامية منذ اغتيال القيادي عماد مغنية، فضلاً عن تعويل الحزب في مواجهته المحتملة مع إسرائيل علي عمود خيمة آخر غير الأنفاق. ما يمكنه تصعيد الموقف بين الجبهتين، وفقاً للتقديرات، مساس إسرائيل بعناصر الحزب، أو قيامها بعملية برية في مناطق النزاع بالجنوباللبناني، خاصة أنه بعد انسحاب إسرائيل من تلك المناطق، ظلت تبعية 13 نقطة منها محل نزاع بين حكومة لبنان والحزب، ولن يتردد الحزب في تبرير التصعيد مع إسرائيل بمحاولة الاحتفاظ بال13 نقطة، التي يدور الحديث عنها. وأشارت التقديرات ذاتها إلي أنه حتي في حالة التصعيد، لن يتجاوز رد حزب الله استهداف القوات الإسرائيلية المتواجدة في المكان. ورغم المناورات العسكرية الميدانية، التي أجرتها إسرائيل لفيالق من قواتها مؤخراً لدي دول أوروبية من بينها رومانيا استعداداً للمواجهة مع إيران أو حزب الله، بحسب صحيفة »معاريف»، إلا أن تقديرات الأجهزة الاستخباراتية العسكرية في تل أبيب تؤكد أن بواعث حزب الله في خوض مواجهة جديدة مع إسرائيل ضئيلة للغاية، وذلك في ضوء مشاركته في الحرب السورية، وما ترتب عليها من تردٍ لوضعه الاقتصادي والسياسي، إذ تشير لغة الأرقام إلي مقتل ما يربو علي 2000 من عناصره في تلك الحرب، بالإضافة إلي إصابة عشرات الآلاف، ما يعني فقدان الحزب ثلث قوته القتالية. وفي حين يري الكاتب العسكري الاسرائيلي عاموس هارئيل أن أنفاق حزب الله تمهد لهجوم غير مسبوق لحزب الله علي إسرائيل، تؤكد تقديرات الدوائر العسكرية في تل أبيب أن ظروف الحزب الاقتصادية العصيبة تحول دون التصعيد مع إسرائيل، موضحة أن تلك الظروف تعود إلي العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة علي الحزب وإيران، لاسيما أن طهران كانت تمول الحزب سنوياً بما يتراوح بين 800 مليون إلي مليار دولار، فضلاً عن 400 مليون دولار، اعتاد نصر الله تحصيلها سنوياً من أرباح صفقاته المختلفة خارج لبنان، لاسيما العقارية منها؛ ويواجه الحزب صعوبات معقدة في تحويل تلك الأموال إلي لبنان لتمويل أنشطته العسكرية. ولا تضع إسرائيل أنفاق حزب الله علي رأس أولوياتها العسكرية، لاسيما أن رصدها ليس وليد اليوم وإنما يعود لعدة سنوات، بحسب تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي يعالون، الذي أكد أنه جري غض الطرف عنها خلال الفترة السابقة لتضليل قيادة الحزب، لكن ما يشغل إسرائيل هو مشروع نصر الله، الرامي إلي تطوير منظومة صواريخ الحزب، لتصبح أكثر دقة في إصابة الهدف. وتركز التقديرات الإسرائيلية علي الدور الإيراني في احتمالية تصعيد حزب الله أمام إسرائيل، مشيرة إلي أن حزب الله بات صاحب حسابات خاصة، وأنه لن يهرول للتصعيد ضد إسرائيل إذا تلقي إيعازات بذلك من إيران؛ فرغم توفيق الحزب في الانتخابات الداخلية اللبنانية، وهو ما منحه قوة ونفوذاً في البرلمان، لكن لبنان بأسره ينتظر نتائج لجنة التحقيق الأممية في عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري؛ فمن غير المستبعد تورط الحزب في عملية الاغتيال، واشتعال الداخل اللبناني ضد نصر الله ورفاقه. وتعزو الدوائر الاسرائيلية في نهاية تقديراتها استبعاد تصعيد حزب الله ضد إسرائيل إلي الوضع العصيب الذي تمر به قيادته، فحسن نصر الله يقيم منذ فترة طويلة في مخبأ سري تحت الأرض، ويجري اتصالاته مع القيادات عبر الڤيديو كونفرانس، فضلاً عن أنه منذ اغتيال عماد مغنية قائد أركان الحزب في 2008، يواجه نصر الله صعوبات في تعيين خليفة يتمتع بكفاءة ومؤهلات مغنية العسكرية.