إعلام الاحتلال: مقتل 6 ضباط وجنود فى غزة وعلى الحدود مع الأردن خلال اليوم    جاهزية 75 قطعة أرض بمشروع «بيت وطن» لتوصيل الكهرباء في القاهرة الجديدة    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    جامعة الإسماعيلية الجديدة تستقبل طلابها بجاهزية كاملة للعام الدراسي    تجهيز 558 مدرسة لاستقبال 186 ألف طالب بالعام الدراسي الجديد في بورسعيد    وزير التعليم ومحافظ الجيزة يفتتحان 3 مدارس جديدة استعدادًا لانطلاق العام الدراسي الجديد    المشاط تلتقي وزيرة الدولة للتجارة الإسبانية خلال فعاليات منتدى الأعمال المصري الإسباني    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    أسعار المستلزمات المدرسية 2025 في محافظة الدقهلية اليوم 18+9-2025    الوزير " محمد صلاح ": الشركات والوحدات التابعة للوزارة تذخر بإمكانيات تصنيعية وتكنولوجية وفنية على أعلى مستوى    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين من الهلال الأحمر المصري عبر قافلة زاد العزة ال40    أشعر بكِ جدا.. ملك إسبانيا ينزل من المنصة ليصافح سيدة فلسطينية ويتحدث عن غزة    بعد افتتاح سفارتها في القدس.. فيجي الدولة الجزرية الصغيرة التي أثارت جدلًا دوليًا    محمد صلاح يرفع شعار الأرقام خلقت لتحطم    إنتر ميامي يتفق مع ميسي على تجديد تعاقده    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    المشدد 15 عاما وغرامة 200 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار في المخدرات بالشرقية    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    بعد اختفاء إسورة أثرية.. أول تحرك برلماني من المتحف المصري بالتحرير    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تقدم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    نائب وزير الصحة تشهد إطلاق ورشة عمل للإعلاميين حول الصحة الإنجابية والتنمية السكانية    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    "الرحلة انتهت".. إقالة جديدة في الدوري المصري    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    اليوم.. افتتاح الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    النقل تناشد المواطنين الالتزام بقواعد عبور المزلقانات حفاظًا على الأرواح    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخبار اليوم تنشر صفحات من مذكرات عادل حموده »47«
رسالة من مبارك بعد إخراجي من روز اليوسف : « لن ننسي دفاعك عن الوطن في وقت تخاذل فيه كثيرون »
نشر في أخبار السيارات يوم 30 - 11 - 2018


عادل حموده
مبارك حماني من سهام الخصوم وهيكل ومانديلا قدما لي خارطة طريق جديد
هيكل اعترف بأنني وسعت هامش الحرية في كتاباتي ولكنه عاد وانتقد نقل المطرودين من صحفهم إلي الأهرام !
نشرت اعتراضات زوجة خالد محي الدين
ضد روزاليوسف ولا أتوقف كثيراً عن الانتقادات التي توجه لي
هيكل فضّل الحوار مع روز اليوسف عن الحديث
إلي سي إن إن بمناسبة مرور 20 سنة علي زيارة السادات إلي القدس !
ما ان تسرب خبر خروجي من روز اليوسف حتي اتصل بي هيكل علي التليفون المحمول ليعرف تفاصيل ما جري .. استفاد هيكل من وجودي في روز اليوسف .. كانت المجلة النافذة الصحفية الوحيدة المتاحة أمامه للتعبير عن آرائه الجريئة بعد أن سدت في وجهه المنافذ الأخري .. بل وكانت تلك المنافذ منصات هجوم عليه لا تتوقف قذائفها .
كان ما نشر هيكل ضد مبارك علي صفحات المجلة سببا من أسباب التخلص مني فقد اعتبرني مبارك كما قلت من قبل رئيس أركان تنظيم هيكل في الصحافة المصرية ولم يكن ذلك صحيحا وكل ما في الأمر أن نشر آراء هيكل كان يجذب القراء إلينا ويحقق زيادة في التوزيع وكانت سياستي التحريرية تلبية رغباتهم مهما كانت خطرة .
والحقيقة أن هيكل في بعض الأحيان فضل روز اليوسف عن وسائل إعلامية عالمية واعترف بذلك في مقدمة الطبعة الأخيرة من كتابه »حديث المبادرة»‬ الصادر عن دار الشروق في نوفمبر 1977 حيث قال نصا :
»‬ كانت شبكة قنوات الأخبار التليفزيونية الأمريكية »‬سي إن إن» أول من نبهني إلي أن عشرين سنة قد مضت علي الزيارة الشهيرة التي قام بها الرئيس أنور السادات إلي القدس في شهر نوفمبر سنة 1977 والتي داهمت العالم العربي مثل زلزال تتوالي حتي اليوم توابعه .
واعتذرت لشبكة التليفزيون الأمريكية وشعوري أنه ليس هناك داع لتقليب مواجع مصرية وعربية أمام جمهور عالمي .
وفي اليوم التالي مباشرة جاءتني روز اليوسف ممثلة في نائب رئيس تحريرها الأستاذ عادل حمودة وكان طلبه هونفس الطلب الذي اعتذرت عن تلبيته لشبكة التليفزيون الأمريكية وأفضيت للزميل الصديق بما لم أقله لغيره لأن عرض الأشجان علي الغرباء هوان .
»‬ لكن الزميل والصديق لم يقتنع وظنه أوحسن ظنه أن الحديث أمام جمهور مصري وعربي ليس تقليبا للمواجع وإنما هوفحص جديد بالدرس لتجربة سياسية غير مسبوقة ولعلها غير ملحوقة في تاريخنا .
»‬ وكان عادل حمودة يحمل معه نسخة من كتاب صدر لي قبل عشرين عاما تقريبا بعنوان »‬ حديث المبادرة »‬ وكان يرجع إلي صفحات منه أثناء لقائنا وحديثنا والكتاب يحوي مجموعة مقالات بدأت نشرها بعد أربعة شهور من الزلزال ثم ضمها جميعا غلاف ظهرت به في بيروت أوائل مايوسنة 1978 أي بعد ستة شهور فقط .
وهكذا .. تحدث هيكل إلينا بعد أن اعتذر لأهم شبكة تليفزيونية إخبارية في الولايات المتحدة مما يؤكد أنه كان واثقا أن ما سيقول سيصل إلي جمهور عريض يسعي إليه داخل وخارج مصر .
ولكن ما ازعج مبارك أكثر كان نشرنا لانتقادات هيكل ضده .. وربما لهذا السبب تحمس مبارك لإقصائي عن روز اليوسف مضيفا سببا اضافيا للأسباب الأخري التي دفعته لاتخاذ قراره .
بعد أسابيع قليلة من الاقصاء تحدث هيكل إلي محمد عبد القدوس في صحيفة الشعب عني قائلا :
»‬ إن عادل حمودة من ألمع الصحفيين المصريين الذين ظهروا في الفترة الأخيرة بصرف النظر عن اختلاف البعض علي أسلوبه وآرائه ومن مميزاته أنه أعطي هامشا من الحرية يزيد عما هومألوف وهذه إيجابية لصالحه فمهمة الصحفي باستمرار أن يعمل علي توسيع هامش الحرية المسموح به بحكم الظروف وواقع الحال الذي لا يمكن إنكاره » .
لكن .. لم تمر أسابيع أخري حتي استنكر هيكل أن تكون صحيفة الأهرام التي نقلت إليها ملجأ لكل طريد في الصحافة فقد سبقني إليها عبد الرحمن الشرقاوي كاتبا متفرغا أيضا بعد أن اجبره السادات علي ترك منصبه رئيسا لمجلس إدارة روز اليوسف عقب تظاهرات الطعام في 18 و19 يناير 1977 .
ولم أشأ أن اعاتب هيكل وإن اعتذر لي بأسلوب غير مباشر قائلا : »‬ لم أكن أقصدك فيما قلت ولكني قصدت تحميل الأهرام بعشرات الصحفيين الذين نقلهم إبراهيم نافع من جرائدهم المعارضة لضمان تجديد انتخابه نقيبا » .
والحقيقة أنني لم أكن أتوقف كثيرا عند ما يوجه لي من انتقادات بل كنت أنشرها بنفسي في الصحف التي توليت مسئولية تحريرها فالحرية حق للقارئ قبل الكاتب ولا ثقة تنبني بينهما لوغابت عن الحوار .. ولعل المثل الصارخ هنا رسالة السيدة سميرة سليم زوجة خالد محيي الدين التي أعلنت فيها أنها ستقاطع روز اليوسف بسبب جرأتها في نشر الموضوعات الجنسية حتي لوفاضت عليها الصبغة العلمية .
وما أن عرف هيكل بأن محمد عبد المنعم سيتولي إدارة وتحرير روز اليوسف حتي امتعض بوجهه دون تعليق .
ولكن ما أن ذكرت له أن ذلك كان اختيار لطفي الخولي حتي طلب من سكرتيرته جيهان الاتصال به وما ان انهي المكالمة معه حتي قال لي : »‬ معلوماتك صحيحة » .
كان هيكل قد عين الخولي رئيسا لتحرير مجلة الطليعة التي جمعت علي صفحاتها كتاب اليسار بعد خروجهم من المعتقلات وإعلان حل تنظيماتهم ودعم مسيرة عبد الناصر .. وظلت الطليعة تصدر عن الأهرام نحو12 سنة قبل أن يغلقها السادات بسبب توجهها لتحل محلها مجلة مختلفة عنها تماما .. مجلة »‬ الشباب وعلوم المستقبل »‬ التي رأس تحريرها صلاح جلال قبل أن تقتصر فيما بعد علي الشباب متناسية علوم المستقبل وإن حققت نجاحا مذهلا بتولي عبد الوهاب مطاوع رئاسة تحريرها .
ولكن موقف الخولي تغير بعد تولي مبارك الحكم وتعاون معه في تنفيذ المهام السياسية التي تطلب منه بما في ذلك المشاركة في ترويض الرئيس الليبي معمر القذافي .
حدث أن كتب وائل الإبراشي تحقيقا صحفيا عن سهرات ونفقات وعلاقات أحمد قذاف الدم في القاهرة وكان الرجل يشغل منصبا رفيعا يسمح له بتنسيق العلاقات بين مصر وليبيا فلم يقترب من تصرفاته أحد وما أن نشر التحقيق في روز اليوسف حتي ادعت جهات رسمية انها هي التي تسدد فواتيره وهنا تدخل الخولي لتسوية الأزمة بيننا وبين قذاف الدم كاشفا عن أدوار خفية لم نكن نعرفها ولكن ذلك لم يمنع القذافي من سحب قذاف الدم إلي ليبيا وإعادة تأهيله في دورات خاصة .
وكان التطبيع مع إسرائيل من الأدوار الهامة التي لعبها الخولي بتكوين جمعية أنصار السلام التي ضمت في عضويتها باحثين في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية يحملون درجة الدكتوراة وفي الوقت نفسه ترك نظام مبارك المعادين للتطبيع يقيمون مؤتمرات مضادة لنشاط الجمعية بل إن الدكتور أسامة الباز سرب لنا أسماء أعضاء الجمعية موحيا باستباحة النيل منها فقد كان نظام مبارك علي ما يبدوغير مقتنع بالتطبيع مع إسرائيل واكتفي في ذلك المجال بأمور شكلية وإن اجبر علي مشروع ميدور لتكرير النفط بمشاركة بين رجال أعمال من هنا وهناك .
كان محمد عبد المنعم عضوا في جمعية السلام ومن أشد المتحمسين لها ولعل ذلك ما جعل الخولي يرشحه لتولي مسئولية إدارة وتحرير روز اليوسف ليغير سياستها تماما .
تسلم عبد المنعم منصبه في يوم 23 إبريل 1998 وبعد خمسة أيام نشرت المجلة افتتاحية موقعة باسم روز اليوسف جاء فيها :
رحبت روز اليوسف مساء الخميس الماضي بالكاتب الصحفي القدير محمد عبد المنعم رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وقد التقت القيادة الجديدة بأبناء القبيلة الصحفية العريقة من مختلف الأجيال والاتجاهات والأعمار ودار حوار مفتوح دافئ تناثرت فيه الأفكار حول هموم العمل الداخلي حيث شغل الجميع هم واحد هوإعادة تشغيل كل الطاقات والكفاءات الصحفية المهجورة في روز اليوسف .
وشملت اللقاء روح من المودة والأمل واستبشرت كافة الأقلام خيرا بالمرحلة الجديدة التي أكد الأستاذ محمد عبد المنعم أنها اتصال موضوعي وثيق بتاريخ روز اليوسف وتراثها في التنوير وكشف الفساد ومطاردة التطرف والإرهاب وتأكيد الوحدة الوطنية وعدم المساس ببنية الوطن القوية وترسيخ القيم والحفاظ علي مصالح الوطن العليا .
وروز اليوسف إذ تحتفي بقيادتها الجديدة تعاهد قارئها علي الاستمرار في محاربة الفساد مدعومة في حملات بحبر الحقيقة مستندة في دعواها إلي الوثائق منزهة عن التوتر والهوي .
»‬إن صفحة جديدة من حياة روز اليوسف قد فتحت ونحب أن نؤكد أنها صفحة تنتمي إلي المستقبل بأكثر مما تنتمي وتتعلق بدفاتر الماضي ».
بهذا الاضطراب في التعبير استقبلت روز اليوسف »‬ فارسها »‬ الجديد وخرج من الجحور صحفيون عجزوا عن مجاراة المجلة في نجاحها السابق ليدعوا أننا كنا غزاة حان الوقت ليحررهم من ظلمنا باعتبارهم كفاءات مضطهدة أبعدت واهملت لخوفنا من قدراتهم الهائلة وكأن أصحاب المواهب يمكن أن يقبلوا بالموت دفنا .
ولم يسألهم عبد المنعم عن سوابق أعمالهم؟ .. ولم يسألهم لماذا قبلوا بالظلم وهم من يرفعون الظلم عن الناس بحكم مهنتهم ؟ .. ولم يسألهم لماذا لم يعبروا عن موهبتهم في أماكن أخري لم تكن تتردد لوكانوا علي حق في السعي إليهم ؟ .
لم يسألهم عبد المنعم لأنه كان يعرف الإجابة ولكنه استخدم شهاداتهم في التشهير بنا والتقليل من نجاح تجربتنا التي لم يستطع مجاراتها أوالاقتراب من أسوارها وهوما جعل أرقام توزيع المجلة تنهار فور تسلمه المنصب فالقارئ ليس ساذجا ليصدق كلام من يتعجب من تصرفاته .
وانشغل عبد المنعم بالحجر متجاهلا البشر .. فقد بادر بتغيير دورات المياه .. وانشغل بدهان مباني المؤسسة .. ودفع الفواتير من ثمن أرض باعها كنا قد اشتريناها في مدينة قليوب لنقيم عليها مطبعة حديثة بعد أن أصيبت ماكينات المطبعة القديمة بالضعف وصعوبة رؤية الصور التي خرجت من بين انيابها باهتة .. كما باعت المؤسسة أرضا اشتريناها في شرم الشيخ لنقيم عليها مشروعا تجاريا يساهم في دعم نفقات المؤسسة كما فعلت مؤسستا الأهرام وأخبار اليوم .
أكثر من ذلك اشتري عبد المنعم قصرا مجاورا للمؤسسة وانفق الكثير علي ترميمه ليشعر برفاهية المنصب دون ان يهتم بالإنفاق علي التحرير أوالاستجابة لطلباته مما أدي إلي ضعفه وتراجعه مهنيا وكان من الطبيعي أن ينصرف القراء عن شراء المجلة وشاعت بينهم عبارة : »‬ لمَ نشتري أونقرأ روز اليوسف ؟» .. وضاعفت تلك العبارة من كراهية عبد المنعم لي .. فقد كان اسمي يذكره بفشله .
بدا تصرف عبد المنعم مثيرا للدهشة .. خاصة وأنه كان بيننا مساحة من الود تقابلنا فيها بعد مشاحنات وصدامات سابقة جري تجاوزها .. والدليل علي ذلك إنني بادرت بالاتصال به مهنئا .. وتصورت انه يمكنه قبول نصائحي في التعامل مع مؤسسة غريبة عنه ولها طبيعتها الصحفية الخاصة والمختلفة عن مؤسسة الأهرام التي عمل بها بعد ترك الخدمة ضابطا في القوات الجوية بعد هزيمة يونيوليستعين به هيكل في ترجمة مجلات الطيران الحربي لمواجهة التفوق الإسرائيلي في الجوالذي انهي الحرب في ساعاتها الأولي بضرب المطارات المصرية .
كانت النصيحة الوحيدة التي وجهتها إليه أن يحافظ علي طاقم تحرير المجلة الذي تعبنا في تكوينه وان لا يضربه أويغيره بدعوي ارتباطه بعصر سابق .. ولكنه .. لم يستجب للنصيحة متصورا أنني أريد السيطرة علي المجلة عن بعد دون أن يدرك أن روز اليوسف كانت في تلك اللحظة صفحة من الماضي وانطوت .. وبدا ذلك واضحا برفضي لكل الحوارات والندوات التي دعيت إليها للحديث عنها .. ودون أن يتصور أن همي لم يكن بما كان وإنما بما سيكون .
لم يثق عبد المنعم في نيتي .. ولم يستجب لنصيحتي .. بل علي العكس نشر مقالات تشوه ما فعلت في روز اليوسف .. وحذر محرريها من التعامل معي .. بل وأطاح بطاقم التحرير الذي ساعدني وساندني .. وجاء عبد الله كمال إلي مكتبي في الأهرام يستشيرني فيما يفعل إزاء المعاملة السيئة التي يلقاها من عبد المنعم هو وزملاؤه الذين ارتبطوا مهنيا بتجربتي .. ونصحته بالصمت .. وترك الوافد الجديد يجرب مساعدين جدداً حتي يقتنع من تكرار الفشل أن طاقم التحرير الذي كونته هوالأفضل .. وهوما حدث فيما بعد .. حين وجد عبد المنعم في عبد الله كمال أفضل مساعد له .. ولكن .. ذلك لم يكن بلا مقابل .
فرض عبد المنعم علي كمال ان يعلن توبته مما اسماه »‬ مرحلة عادل حمودة » التي خلقت منه صانعا للصحف .. ونفذ كمال ما طلب منه بلا تردد .. بل سارع بالهجوم علي شخصي دون مبرر سوي إرضاء عبد المنعم بعد أن أفرط في مديحي كما سأكشف فيما بعد .
ويوم خرجت من روز اليوسف اتصل بي الدكتور أسامة الباز وكان في رحلة خارجية ليبلغني برسالة من مبارك حرص علي قراءة نصها : »‬ إننا لن ننسي لك موقفك في الدفاع عن الوطن في وقت تخاذل فيه كثيرون ولا يعني انتقالك إلي الأهرام أنك مغضوب عليك ولكنها مرحلة فرضتها ظروف مؤقتة لتهدئة خواطر غاضبة ولكن سرعان ما ستمر لتعود إلي ممارسة دورك المهني والوطني المشهود له بالبراعة والنقاء ».
ولابد أن اعترف بأن تلك الرسالة كانت بمثابة درع حماية لي من سهام شدت لتصيبني في مقتل .. سهام جمعت بين خصوم متنوعين ( صحفيون ورجال أعمال ووزراء بل ورئيس حكومة أيضا ) وجدوها فرصة للقضاء عليّ بلا قيامة .
وفيما بعد عرفت من شخصيات مقربة من مبارك أنه تعمد الحديث عني بكلمات طيبة في كثير من الاجتماعات التي عقدها في تلك الأيام في إشارة واضحة منه بعدم النيل مني وشكرته ممتنا في حواري مع المذيعة اللبنانية جيزل خوري عبر برنامجها الذي كانت تقدمه علي فضائية لبنانية .
واشهد أن هيكل أشاد بموقف مبارك قائلا : »‬ إنه رئيس لا يميل إلي إيذاء أحد عمل معه من قبل » .
ويومها نصحني هيكل بالتروي حتي استوعب ما حدث واستعيد لياقتي المهنية قائلا : »‬ كن مثل أبوجلمبوالذي يبحث عن جحر آمن في عمق البحر إذا ما أصيبت قشرة حمايته وما أن تشفي حتي يعود للقتال من جديد » .
وراح هيكل يترجم نصيحته إلي مواقف تعرض إليها بعد أن أخرجه السادات من الأهرام .. ولكن .. كنت معجبا أكثر بأسطورة طائر النورس الذي يسترد حياته بنفسه بعد الممات .
والحقيقة أن هيكل كان النموذج الذي وضعته أمامي وأنا أعيش تلك المرحلة المضطربة من حياتي المهنية .. كيف نقوم بعد أن نقع ؟ .. كيف نستفيد من الظروف الصعبة ولا نلعنها ؟ .. كيف نواجه التحديات ولا نهرب منها ؟ .
هنا أتذكر قصة رواها نيلسون مانديلا في مذكراته دعمت فلسفة هيكل وساعدتني :
»‬ عاش رجل في بيت تسكنه الأرواح الشريرة .. فعل كل ما في وسعه لإخراجها .. ولكنه .. فشل .. ثم قرر مغادرة البيت ووضع جميع امتعته في عربة وانطلق بحثا عن بيت آخر .. في الطريق التقي صديقا سأله : أين تذهب ؟ .. وقبل إجابته صدر صوت من العربة قائلا : »‬ إننا مرتحلون » .. كان الصوت لأحد الأرواح الشريرة التي ظن أنه خلفهم وراءه .. ولكنه في واقع الأمر كان يرتحل معهم .. والمغزي من القصة : »‬ لا تهرب من مشاكلك بل واجهها لأنك في حال لم تعالجها فلن تبارحك أبدا .. عالج المشكلة التي تطرأ عليك وواجهها بشجاعة » .
وهنا جمعت بين خبرة مانديلا وتجربة هيكل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.