»ميرامار» ليست اسما لرواية محفوظ التي تدور في بنسيون قديم بالإسكندرية ، وإنما هي اسم أشهر فندق سياحي يقع علي» شاطئ سانت مونيكا» بولاية كاليفورنيا الأمريكية، كمكان للاستجمام والساونا والتمتع بمناظر المحيط الباسيفكي، وهو أيضا ميرامار برشلونة القصر العريق الذي تحول إلي فندق سياحي علي الطراز الكتالوني، يُمكن للضيوف الاستمتاع بمركز اللياقة البدنية الموجود في الفندق أو الاسترخاء بجانب المسبح الموسمي الخارجي، إلي جانب المسبح الداخلي وحوض الاستحمام الساخن وساونا وغرفة بخار ووحدات دش يعمل بالضغط وكبائن للعلاج. هكذا تضفي الاسماء علي الأماكن أسماء واحدة ولكنها تحمل استدعاءات مختلفة، ميرامار محفوظ مكان اساسي في رواية محفوظ أن لم يكن أحد الأبطال الاساسيين، يمكن الوقوف عنده في الرواية مثلما حدث معي عندما توقفت أمام فندقي ميرامار الأمريكي والاسباني في رحلتين منفصلتين وكأن الاسم يطاردني بأحداث رواية محفوظ في مخيلتي وأنا واقفة أمام شاطئ سانت مونيكا أتأمل المكان بأحداث رواية محفوظ التي تداعت بأحداثها مع فروق المكان في الثلاث بلاد ، حينما كان »بنسيون» في الإسكندرية كان قصرا في برشلونه وفندقا فاخرا في سانت مونيكا، في رواية محفوظ امتد المكان واتسع ليشمل الاسكندرية ثم القاهرة لتدور أحداث الرواية انطلاقا من » بنسيون ميرامار» الصورة المصغرة للمجتمع وصراعته، فهناك الخادمة الفقيرة، وهناك الإقطاعي الكبير، الاشتراكي وغيرهم. حينما طرح محفوظ رؤيته، بطريقة أدبيّة، للصراعات الطبقية، السياسية، الاجتماعية، والفكريّة من خلال الشخصيات التي تعكس المجتمع المصري في ستينيات القرن الماضي، فهو المكان الذي يلجأ إليه عامر وجدي، الشيخ العجوز، ليخلو إلي نفسه، وليطمئن إلي عبق الماضي. وهو المكان الذي يلجأ إليه طلبة مرزوق وكيل الوزارة السابق، ليجد فيه المقرّ الأخير لحياته ولا يتردد في نهاية الأمر في الدخول في مغامرة غرامية مع ماريانا صاحبة البنسيون ليكتشفا في النهاية خيبتهما، والبنسيون هو المكان الذي يلجأ إليه منصور باهي الشاب الهارب من القاهرة بعد أن خان صديقه فوزي وأودي به إلي السجن وسلبه زوجته دريّة. والبنسيون هو المكان الذي لجأت إليه زهرة هاربة من القرية حيث أراد أهلها تزويجها كارهة من شيخ عجوز. وسرحان البحيري يترك الشقة التي استأجرها لعشيقته صفية بركات ويلجأ إلي البنسيون من أجل زهرة. والبنسيون ملك ماريانا العجوز اليونانية، وهو بالنسبة إليها مكان ارتزاق. وتتفق زهرة مع الجميع في أنهم لجأوا إلي البنسيون هرباً من الماضي وهرباً من مكان لايريحهم ولكنها تختلف عنهم جميعاً في براءة نظرتها إلي البنسيون وطبيعة موقفها منه، فهي أرادته مكاناً للخلاص، وحاولت فيه اكتساب رزقها بالعمل خادمة، للتحرر من القيد المادي.. هكذا تضفي الأسماء علي الاماكن ذكريات وحكايات.في لحظة شرود أمام شاطئ سانت مونيكا.