علي عتبته الحديدية التي أكلها الصدأ من كل جانب تري سطورا من حضارة كتبت اسمها بحروف من نور » باب القنطرة » الذي إُنشِئ في العصر الفاطمي أمام سور القاهرة الغربي المحاذي لخليج أمير المؤمنين وكان بمثابة الباب الذي يفتح لأي قوافل مهاجرة أو تستقبلها القاهرة وذلك لوجود قنطرة علي خليج أمير المؤمنين، وظل اسم باب القنطرة وميدان باب القنطرة متداولين في مخططات القاهرة حتي بني مسجد الشعراني ودفن فيه العالم الزاهد الشيخ الشعراني، ليغير المواطنون اسم المنطقة إلي ميدان باب الشعرية وشارع الشعراني. يقف »باب القنطرة» شاهداً علي حضارة تلك الفترة من عمر مصر، ولكن توقفنا عندما دهست أقدامنا القمامة الملقاة علي جانبي »ممر الشعراني» والذي يبلغ طوله ما يقرب من 10 أمتار يربط ميدان باب الشعرية ومدخل » الوكالة الشعرية ».. أما الممر من الداخل فجعلنا نشعر وكأننا نعيش بين ثنايا عالم مخيف لا يحكمه سوي الظلام الدامس الذي يجعل كل من تطأ قدماه داخل الممر يتحسس حوائطه كي لا يقع علي الأرض ومع ذلك الظلام الذي تعيش كل دقائقه إلي أن تصل إلي البر الثاني حيث الوكالة أو الميدان.. المشهد الأول لتلك القمامة الملقاة علي الأرض برائحتها النفاذة والتي تجعل كل من يسوقه حظه العثر إلي ذلك العالم بأن يسد أنفه حتي لا يتأذي من تلك الرائحة.. لندخل إلي معالم المشهد الثاني لتلك الثلاجات التي وضعها عدد من الباعه الجائلين للدرجة التي سدت الممر وجعلت عملية السير داخله تصل إلي أعلي درجات الصعوبة.