وزير العمل والأكاديمية الوطنية للتدريب يبحثان تعزيز التعاون في الملفات المشتركة    تحالف الأحزاب يدفع بمجموعة من المرشحات في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ    وزير التعليم يبحث مع وفد الوكالة الألمانية سبل تعزيز التعاون    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال إنشاء مجلس مدينة السنبلاوين والممشى الجديد    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بنقابة المنوفية.. ويطالبهم بالتسلح بالفكر والعلم    النفط في عين العاصفة.. تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل يشعل الأسعار    صور | إيران وإسرائيل.. موجة نزوح واسعة للمدنيين مع تجدد القصف المتبادل    بوكا جونيورز يواجه بنفيكا في صدام مرتقب بكأس العالم للأندية 2025    الاتحاد السكندري يعلن استقالة محمد مصيلحي من رئاسة النادي بشكل نهائي    على طريقة ريا وسكينة.. إحالة تاجر فاكهة للمفتى لقتله شخص بقطعة قماش بشبين القناطر    ضبط المتهم بالشروع في قتل طالب بدمياط    أمين الفتوى يوضح حكم الجمع بين الصلوات في السفر    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    وزيرا الشباب والعمل يشهدان احتفال مرور 10 سنوات على انطلاق «مشواري»    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    تطبيق صارم للمواعيد الصيفية لفتح وغلق المحلات.. وتشكيل لجان فرعية للمتابعة    التضامن تعلن تبنيها نهجا رقميا متكاملا لتقديم الخدمات للمواطنين    تفاصيل القبض علي المتهم بتقييد نجلته وسحلها بالشارع في حدائق أكتوبر    وزير الثقافة يشارك في إزاحة الستار عن "استديو نجيب محفوظ" بماسبيرو    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    مجانا حتى 21 يونيو.. فرقة بني مزار تقدم "طعم الخوف" ضمن عروض قصور الثقافة    توقيع بروتوكول الشراكة بين اسوان والهيئة العامة لقصور الثقافة    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    إيران تعلن إسقاط 3 طائرات مسيرة إسرائيلية    رئيس جامعة القاهرة يستقبل رئيس المكتب الثقافي الكويتي لبحث التعاون ودعم الطلاب الوافدين    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    الجامعة الألمانية تنظم ورشة عمل مع هيئة الدواء والمهن الطبية عن اليقظة الدوائية    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يدشنان قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    أردوغان: تركيا مستعدة للوساطة بالمفاوضات النووية بين أمريكا وإيران    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    سفير إيران لدى الكويت: لسنا بصدد توسيع الحرب ولن نتوانى في الدفاع عن سيادة بلادنا بحزم    تصنيف الاسكواش.. نوران جوهر ومصطفى عسل يواصلان الصدارة عالمياً    نائب رئيس هيئة الرقابة المالية: 75 مليون جنيه للتأمين الطبي و15 مليونا ضد الأخطاء المهنية    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    مراسلة القاهرة الإخبارية: صواريخ إيران تصل السفارة الأمريكية فى تل أبيب.. فيديو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    وزارة التعليم: ليس ضروريا حصول الطالب على نفس رقم نموذج الأسئلة بالثانوية    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    إصابة 3 أشخاص بطلقات بندقية فى مشاجرة بعزبة النهضة بكيما أسوان    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب ال1300 صفحة عن صاحب « القاهرة الجديدة
شوقي بدر يوسف: ببليوجرافيا نجيب محفوظ لم تنته برحيله
نشر في أخبار السيارات يوم 22 - 09 - 2018

يتمتع الناقد السكندري شوقي بدر يوسف بدأب شديد في عمله، وبآراء نقدية ترتكن إلي معرفته الدقيقة بمسيرة من يتحدث عنه، إذ لا يكتفي بقراءة أعماله، بل يبحث عن صورة هذا الأديب أو ذاك لدي الآخرين نقادا وباحثين، ومن بين نتاجاته المتنوعة، تجئ موسوعته »ببليوجرافيا نجيب محفوظ»‬ لتكون من أكبر المؤلفات التي تتعرض لأدبه، فيما يقرب من 1300 صفحة، في جزئين.
حول هذا الجهد والدافع إليه وتفاصيل عمله، جاء هذا الحوار، الذي أشار في بدايته إلي أنها صدرت عن المجلس الأعلي للثقافة متزامنة مع مئويته عام 2011، وأضاف أنها جزء من منظومة ببليوجرافية كبيرة تستهدف السرد في العالم العربي، وعند بعض مشاهير العالم الذين ترجمت أعمالهم إلي العربية. وهي منظومة انطلق العمل فيها منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، شملت الكاتب والجنس الأدبي السردي والتيارات والمدارس النقدية المصاحبة له.
وواصل: في مئوية نجيب محفوظ تم اجتزاء سيرته الببليوجرافية من هذا العمل الببليوجرافي الكبير حين طلب المجلس الأعلي للثقافة بالاشتراك مع مكتبة الإسكندرية إنجازه تمهيدا لإصداره في المئوية، ضمن عدد من الكتب التي كان مقررا إصدارها. ومن ثم فقد صدر هذا العمل في جزئين كبيرين عن المجلس الأعلي للثقافة، كما قامت مكتبة الإسكندرية بوضع هذه الببليوجرافيا وبعض المواد المصاحبة لها من مطبوعات وصور علي موقع ذاكرة مصر الخاص بالمكتبة.
هل كان نجيب محفوظ يعلم بأنك تعد ببليوجرافيا عنه؟
لم يكن يعلم، لكني أخبرته بها في لقاء جمعني به في لقائه الأسبوعي في فندق (سوفتيل المعادي) يوم 28 ديسمبر 2005 أثناء مشاركتي في مؤتمر »‬الرواية والتاريخ» بالمجلس الأعلي، وكان مصاحبا لي في هذا اللقاء الروائي الراحل محمد الجمل. ولم يعلّق كاتبنا الكبير علي ذلك وإنما ابتسم ابتسامة ذات معني فهمت منها مباركته لهذا الجهد.
هل هناك أعمال ببليوجرافية أخري تناولت إبداع نجيب محفوظ؟
بعد فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988 بدأ الاهتمام الإعلامي والبحثي داخل مصر وخارجها يتزايد بطريقة غير عادية، وأخذ المتخصصون بهذا الحقل في الاهتمام بإعداد قوائم عن عالم نجيب محفوظ الإبداعي مثل: »‬نجيب محفوظ في المرآة .. ببليوجرافيا عن صاحب جائزة نوبل» إعداد مركز الخدمات البببليوجرافية والحساب العلمي بدار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2003، »‬نجيب محفوظ ببليوجرافيا تجريبية وسيرة حياة ومدخل نقدي»، د. حمدي السكوت، وقد صدرت ضمن سلسلة مكتبة نجيب محفوظ.. عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2007، كما قام الأستاذ الدكتور سامي سليمان بإعداد ببليوجرافيا نجيب محفوظ نشرت قوائمها بإحدي أعداد مجلة فصول.
كيف تم إنجاز هذا الجهد الكبير لإعداد الببليوجرافيا؟
حتي الآن لا أعرف كيف تم هذا الجهد، فهو جهد استمر العمل فيه ضمن منظومة كبيرة وكان نجيب محفوظ واحدا من أكثر الأسماء المحتفي بها، نظرا لقيمته وثقل حجمه في إبداعنا السردي المعاصر.
إذن كيف جمعت هذه المادة الغزيرة في مجملها؟
هو جهد كما ذكرت بدأ من فترة طويلة، لكنني قمت بتطويره ضمن التطوير الذي أدخلته علي الضبط الببليوجرافي العام من خلال DATA ضخمة تضم جميع المبدعين في مجال السرد فقط، علي مستوي العالم العربي، وقد أخذ مني نجيب محفوظ جهدا كبيرا لتشعب أعماله في شتي المحاور السردية وغزارة منجزة وما كتب عنه في فصول من الكتب والدوريات وما تم إعداده من دراسات نقدية وأكاديمية عن عالمه السردي من كافة الوجوه.
ما المعالم الرئيسية لهذه السيرة الببليوجرافية؟
هي نجيب محفوظ نفسه، هي تتحدث عن عالم هذا الكاتب الظاهرة الذي قلما يجود الزمان بمثله. وهي في نفس الوقت تعتبر ثمرة التفاعل مع هذا العالم الروائي الأصيل في كل نتاجاته، وهذه الرؤي المتقاطعة والمتداخلة ما بين السرد الروائي والقصصي والمقالات، وما بين لغة الفن السابع وما تحويه من عناصر لها خصوصيتها الفنية سواء ما أبدعه نجيب محفوظ من سيناريوهات لهذا الفن، أو ما تم توظيفه من خلال إبداعاته الروائية علي شاشة السينما . لذا فقد أعدت هذه البانوراما الببليوجرافية الكبيرة لتعبر وتجسد هذه الرحلة الطويلة من الإبداع بكل ما تحويه من أفكار، ورؤي، وفلسفات، وبكل ما كتب عنها، وما أعد لها من دراسات، ومقالات، وشهادات، ونقد، تصدرتها بيوجرافيك موجز عن سيرته الذاتية توضح أبرز وأهم المحطات الرئيسية في حياته والتي كان لها أثر فعال علي إبداعاته منذ ولادته في 11 ديسمبر عام 1911 وحتي رحيله في 30 أغسطس عام 2006 عن عمر يناهز الخامسة والتسعين عاما عاشها نجيب محفوظ أديبا وكاتبا وروائيا وقاصا وسينمائيا وإنسانا يجمع داخله حب الناس وحب الإنسانية وحب الحياة وحب الموت أيضا كما أشار في إحدي حواراته وشهاداته الشهيرة .
ما الجديد في تحرير هذه الببليوجرافيا عن أديب نوبل نجيب محفوظ؟
الجديد في شكل السيرة الببليوجرافية لأديب نوبل نجيب محفوظ هي الجائزة نفسها، فما كتب عنه قبل أكتوبر 1988 يختلف تماما عما كتب عنه بعد هذا التاريخ. كذلك الحوارات التي أجريت معه قبل حصوله علي الجائزة تختلف اختلافا كبيرا عن الحوارات التي أجريت معه بعدها. كما أن الدراسات الخاصة بكلتا الفترتين تختلف في التناول والقراءة والترتيب. ولاشك ن ترتيب هذا العالم عالم الرواية - يجئ من خلال أهمية كل محور من المحاور الإبداعية عند كاتبنا الكبير، وترتيب أهميتها في عالمه. فكان البدء بالإبداع الروائي، وهو الأكثر أهمية بالنسبة له، حيث شكلت كل رواية وحدة مستقلة بذاتها من حيث الضبط الببليوجرافي من خلال التحديدات الأولية للنص متمثلة في العنوان وجهة الإصدار ومكان النشر وسنة النشر وما إذا كان سبق نشرها مسلسلة في إحدي الدوريات، يلي ذلك اقتطاع جزء مهم من النص يعتبر نقطة فارقة لإبراز هويته والمضمون والتوجه الذي يعبر عنه . ثم رصد الكتب التي صدرت عن هذا النص والدراسات المستقلة، نجد ذلك في حالات مثل الثلاثية، وملحمة الحرافيش، وروايات زقاق المدق، وبداية ونهاية، وأولاد حارتنا، واللص والكلاب، ثم رصد ما كتب عن النص في فصول من الكتب ثم في الدوريات وتنتهي الببليوجرافيا للنص الروائي بمقطع مهم لأحد النقاد المتميزين. وقد تم التعامل مع جميع الروايات من خلال هذا المنظور بحيث شكلت ببليوجرافيا الرواية عند نجيب محفوظ محورا مهما وضع هذا النوع من الإبداع في شكل تحليلي ونقدي، وفي نسق يسهل لأي باحث إعادة القراءة والرجوع إليه، وإعادة إكتشاف كل نص من النصوص الروائية عند كاتبنا الكبير في سهولة ويسر، بل إنها تساعده في نفس الوقت علي استصدار أحكام ورؤي جديدة حول النص شكلا ومضمونا. وقد تم مراعاة التسلسل التاريخي في هذا الضبط الببليوجرافي بصفة عامة . وكلنا نعرف البدايات الأولي لعالم الرواية عند نجيب محفوظ، وبواكيره في هذا المجال، فقد أصدر نجيب محفوظ أولي رواياته وهي رواية »‬عبث الأقدار» عام 1939 أصدرها له سلامة موسي في سلسلة المجلة الجديدة وكان نجيب محفوظ في ذلك الوقت في الثامنة والعشرين من عمره ثم أتبعها برواية رادوبيس عام 1943، و كفاح طيبة عام 1944، والغريب أن هذه الروايات الثلاث التي تمثل المرحلة التاريخية قد صدرت جميعها أثناء الحرب العالمية الثانية، وهو أمر يحتاج إلي وقفة تأملية إذ أن هذه الروايات قد جاء معها في نفس النسق بعض الروايات الأخري التي تتناول نفس المرحلة التاريخية عند كل من السحار وعلي أحمد باكثير وعادل كامل وغيرهم،
فما العلاقة بين صدور هذا التيار وواقع الحرب الدائرة في ذلك الوقت؟ انه تساؤل يفرض نفسه في هذا السياق.
أما الضبط الببليوجرافي لمجال القصة القصيرة وهو المحور الثاني في الأهمية في عالم نجيب محفوظ فقد تم رصد خطوطه الرئيسية بطريقة تحليلية، بحيث ضم هذا المحور ثبت عام بكل ما نشر لنجيب محفوظ في الدوريات المختلفة بدءا من أول قصة نشرت له وهي قصة »‬فترة من الشباب» بمجلة السياسة في الثالث من يوليو عام 1932 وقد نشرت له هذه القصة وكان عمره في ذلك الوقت يناهز العشرين بقليل . تلتها مجموعة من القصص نشرت علي صفحات »‬المجلة الجديدة» لصاحبها سلامة موسي الذي كان يمثل الأب الأدبي الروحي له في ذلك الوقت، بدأت بقصة ثمن الضعف بالعدد رقم 6 الصادر في الثالث من أغسطس 1934، ثم قصة »‬أدلة الاتهام» بالعدد 12 الصادر في 14 سبتمبر 1934، تلتها قصة »‬وفاء» بالعدد 15 الصادر في 5 أكتوبر عام 1934، حتي عام 1937 حينما بدأ نجيب محفوظ في نشر عدد من القصص في مجلة الرواية لصاحبها أحمد حسن الزيات، بدأت بقصة خيانة في رسائل »‬نشرت بالعدد 12 الصادر في 15 يوليو عام 1937، كما نشر نجيب محفوظ أيضا في بواكيره الأولي بعض القصص في مجلة »‬مجلتي» لصاحبها أحمد الصاوي محمد، ورسالة الزيات، وثقافة أحمد أمين، وغيرها من الدوريات الثقافية التي كان لها وزنها وثقلها في ذلك الوقت، علي أثر ذلك بدأت العديد من الدوريات المختلفة تتهافت علي نشر قصصه القصيرة حتي استحوذ عليه الأهرام بدءا من عام 1959 من خلال عدد كبير من القصص القصيرة التي نشرت علي صفحاته أبتداء من هذا التاريخ. إضافة إلي نشر رواية »‬أولاد حارتنا» مسلسلة. أما المجموعات القصصية التي صدرت لنجيب محفوظ والتي تم رصدها في هذا المجال فقد تم مراعاة نفس الأسس التي تمت في رصد الإبداع الروائي، بحيث مثلت كل مجموعة وحدة ببليوجرافية مستقلة وتم التعامل معها فنيا من خلال رصد الفهرس الخاص بالمجموعة، ثم انتقاء قصة من المجموعة لتحدد هويتها وتوجهها، ثم تحديد ما كتب عن هذه المجموعة نقديا في فصول من الكتب ثم في الدوريات. ثم إقتطاع جزء من دراسة نقدية تخص المجموعة للتنويه عنها نقديا. هذا بالإضافة إلي رصد الكتب التي صدرت عن القصة القصيرة عند نجيب محفوظ وعرضها عرضا فنيا يجسد المظاهر الفنية والبنائية والدلالية حول القصة القصيرة في عالم نجيب محفوظ الإبداعي. وقد لوحظ أن عدد الكتب التي صدرت عن القصة القصيرة عند نجيب محفوظ قليل جدا بالقياس إلي عدد الكتب الذي صدر في مجال الرواية .
وقد بلغ عدد المجموعات القصصية التي صدرت لنجيب محفوظ ثماني عشرة مجموعة تضمنت كل منها عددا من القصص تراوح ما بين الثلاث قصص والثلاثين قصة قصيرة، وقد سبق نشر عدد كبير منها في الدوريات المختلفة. و بدأ صدور هذه المجموعات عام 1948 بمجموعة »‬همس الجنون» عن دار الكتاب العربي بالقاهرة. تلتها مجموعة »‬بيت سئ السمعة» عام 1960 ثم تتابع صدور المجموعات القصصية تباعا حتي صدور آخر مجموعة وهي مجموعة »‬آخر العطوف» عام 2001 عن مكتبة مصر بالقاهرة. وتبين من الرصد الخاص بالقصة القصيرة أن هناك عددا من المجموعات القصصية صدرت كمختارات تم انتخاب نصوصها من المجموعات السابقة مثل مجموعة أهل الهوي وهي مجموعة اختارها نجيب محفوظ بنفسه عقب فوزه بجائزة نوبل عام 1988 وصدرت عن دار الهلال، كما صدرت مجموعة تحت عنوان »‬السهم» ضمن سلسلة مكتبة الأسرة التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب عام 1996 بمقدمة للأستاذ محمد سلماوي.
يشير كثير من المبدعين إلي أن النقد الذي حظيت به أعمال نجيب محفوظ حجب شمس النقد عن كثير من المبدعين، فما رأيك فيما قيل من واقع هذه الغزارة النقدية التي واكبت أعمال نجيب محفوظ طبقا لما أوضحته الببليوجرافيا؟
هذه المقولة غير صحيحة بالمرة، بالعكس فقد كان النقد الذي شمل أعمال نجيب محفوظ ونقاده علامة مهمة وصحية في النقد المعاصر، فلم يحظ كاتب ربما في العالم بأكمله بمثل هذا الزخم الكبير من النقد والمتابعات والبحوث والدراسات مثل ما حظي به نجيب محفوظ من كتابات نقدية متنوعة فاقت كل الحدود، فقد صدر عن إبداع نجيب محفوظ الكثير من الدراسات والبحوث النقدية والأكاديمية الدارسة والباحثة في شتي زوايا وجوانب إبداعه الروائي والقصصي والسيّري والمسرحي، ويمثل هذا الزخم النقدي المتنّوع الكبير الذي يتناول منجز عالمه الشخصي والإبداعي مما تناوله نقاده في كتبهم وأعمالهم البحثية النقدية والأكاديمية أيقونة نقدية مهمة في عالم النقد المعاصر، والتي تجاوزت الكثير والكثير مما كان متصورا في مثل هذا المجال البحثي والنقدي المعاصر، بدأها غالي شكري بكتابه المنتمي.. دراسة في أدب نجيب محفوظ عام 1964، توالت بعدها الدراسات النقدية البحثية في كتب أغنت المشهد النقدي العربي وهو ما جعل كثيرا من المبدعين يقولون بأن نجيب محفوظ قد حجب شمس النقد عن سماء كثير من كتّاب السرد في مصر والعالم العربي. لكن الحقيقة هي عكس ذلك، فقد أدت هذه الناحية علي وجه التحديد إلي تنشيط الحركة النقدية وتفعيلها وتطور إحداثياتها بشكل غير عادي ما جعل بقية المبدعين في المشهد السردي العربي يحصلون علي أنصبتهم الموازية والمناسبة من النقد والدراسة والبحث والتحليل، مما أثري الحركة النقدية العربية في مجال السرديات بفضل الاتكاء علي عالم إبداعي له ثقله وحجمه الكبير مثل عالم نجيب محفوظ ومجايليه من كتّاب السرد في العالم العربي.
وما هو الجديد أيضا في هذه الببليوجرافيا التحليلية الكبيرة؟
عندما رحل نجيب محفوظ في الحادي والثلاثين من أغسطس عام 2006، انبرت الأقلام ووسائل الإعلام المختلفة في تناول سيرته وإبداعاته وحياته المديدة، فلم يجف المداد بعد أن رحلت أسطورة نجيب محفوظ الخالدة إلي بارئها وبدأ الجميع في رصد وطرح مآثره وكل ما يجول بخاطر وذهنية أصدقائه ومعارفه وقرائه ونقاده بهذه الكلمات المعبرة عن حالة هذه الشخصية النادرة التي عبرت هذا الزمان وتركت بصماتها الخالدة علي الإبداع السردي المعاصر في كل مكان. وقد عني الضبط الببليوجرافي بما كتب عنه بعد رحيله عناية خاصة ظهرت علي الفور في العديد من الملفات والإعداد الخاصة من الصحف والدوريات اليومية والأسبوعية والشهرية، كان بعضها يتمحور حول حياته الخاصة والعامة، والبعض الآخر يتحلق حول إبداعه شكلا ومضمونا، وبدأ الضبط الببليوجرافي يصب في نهره كل ما رصدته أقلام الكتّاب والصحافة عن أسطورة نجيب محفوظ من خلال زوايا عدة، كل يدلو بدلوه في نهر الكتابة عن نجيب محفوظ فيما بعد الرحيل. ولم تترك أي دورية هذا يمر دون أن تعني بملف أو أكثر عن أدق الأسرار والمعلومات والمعارف الخاصة والعامة عن إبداع نجيب محفوظ خلال سني حياته منذ أن بدأ أول الغيث من إبداعه وهو ترجمته للرواية القصيرة مصر القديمة للكاتب الأنجليزي جيمس بيكي عندما كان شابا جامعيا وحتي حصوله علي نوبل وما بعدها من إنجازات أدبية وضعت سيرته وإبداعه علي قمة الأدب العالمي الخالد علي مر العصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.