دان بروان الروائيون والشعراء لديهم رخصة التكهن حول كل شيء من الميتافيزيقا إلي الأخلاق، وهذا يعني أنهم يمكن أن يسلطوا الضوء علي بعض الأسئلة الأساسية للوجود.. الخيال يسمح لهم حرية لطرح الأفكار مهما كانت محيرة، دون الالتزام بوجود إجابة عنها .. قديما طرح الشاعر ايليا أبو ماضي سؤالا محيرا في قصيدته »الطلاسم» والتي درسناها في مدارسنا حول الوجود حينما قال »جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت ، ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت،وسأبقي ماشيا إن شئت هذا أم أبيت، كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري! هي نفس الأسئلة التي طرحها د. مصطفي محمود في كتابه »رحلتي من الشك إلي الإيمان». هي أيضا الأسئلة التي طرحها دان بروان في روايته التي صدرت حديثا في طبعة عربية من الدار المصرية اللبنانية والدار العربية للعلوم ناشرون بعنوان »الأصل» التي بلغت قوائم الأكثر مبيعا في العالم. ليبقي سؤال الوجود هو السؤال المحير دوما في الحياة! بدأ دان بروان روايته »الأصل» بمقولة الكاتب الأميركي »جوزف كامبل» المشهور بكتاباته حول الأساطير والميثولوجيا المقارنة وعلم الأديان بعبارة »يجب أن تكون لدينا الرغبة في التخلي عن الحياة التي خططنا لها؛ لكي ننال الحياة التي نستحقها» لتكون الجملة الأولي في روايته الجديدة »الأصل»، والرواية الخامسة التي نجد بطله المفضل في أعماله البروفيسور تعيس الحظ روبرت لانجدون، والذي غالبًا ما يجرّه حظّه التعيس للوقوع في المشاكل ليجد نفسه في وسط مؤامرة مليئة بالرموز والشفرات والمطاردات والهرب. ويؤكد المؤلف في صفحاته التالية علي أن »جميع الأعمال الفنية والمعمارية، والمواقع، والحقائق العلمية، والمنظمات الدينية المذكورة في هذه الرواية حقيقية وهذا ما أعلنه بالفعل في حوار تليفزيوني حول تلك الرواية. جاءت رواية الأصل لتطرح أكثر أعقد الأسئلة في تاريخ البشرية :من أين أتينا ؟، وإلي أين نحن ذاهبون؟ ويجيب المؤلف عن سؤاله : أننا نعيش في عالم صعب جدا ، نقول كل ما نفكر فيه ، فهناك شرخ كبير بين من يؤمنون بالخالق ومن يؤمنون بعالم التطور؛ وهذا الشرخ يحتاج إلي جسرمن الحوار واتمني أن تكون هذه الرواية الشرارة الأولي لهذا الحوار. الرواية تدور حول البروفسور في الرموز والأديان »روبرت لانجدون » من جامعة هارفرد إلي متحف جوجنهايم في بيلباو بإسبانيا حيث سيعرض العالم الرقمي المستقبلي الشاب - تلميذ لانجدون الموهوب في هارفرد- »ادموند كيرش» أحد أهم الاكتشافات العلمية المهولة التي ستزلزل قواعد الأديان الأكثر انتشارا ، المسيحية والإسلام وكذلك اليهودية ،ومع بداية الأمسية في قاعة العرض بحضور أربعة ملايين مشاهد خلف الشاشات وملايين المشاهير في الساحة لانتظار عرض كيرش المذهل الذي قيل عنه أنه سيغير وجه العلم إلي الأبد ،يُقتل كيرش فجأة بعد مقدمة استثنائية جذبت الآف من البشر لحضور أمسيته عن بعد خلف الشاشات الحاسوبية التليفزيونية ،الجميع يراقب عن كثب وبرصاصة متقنة في الرأس يسقط كيرش قبل الإعلان عن اكتشافه وتعم الفوضي المكان ، من قتل ادموند كيرش ؟ ،وماهو اكتشافه ؟ ،لماذا قُتل ؟ ،والمزيد من الأسئلة تشغل مواقع الانترنت في كل أنحاء العالم خاصة في مقر الكارثة اسبانيا ،حيث تتهم الكنيسة بذلك بما فيها الأسقف فالدسبينو الصديق المخلص للملك ولولي عهد الأمير جوليان ،ما الفائدة التي تجنيها الكنيسة في إخفاء مثل هذا الاكتشاف عن العالم ؟ ،مؤامرات تُحاك ضد القصر الملكي في مدريد ،أما روبرت لانجدون فيحاول الحفاظ علي اكتشاف كيرش من الضياع ،في محاولة لعرضه للعالم بواسطة تكنولوجيا حديثة لم تشهدها البشرية قط »وينستون» يفر روبرت لانجدون وأمبرا فيدال رئيسة متحف جوجنهايم إلي برشلونة في محاولة لمعرفة سر كيرش ،وتفسير السؤالين المبهمين لدي البشرية أجمع من أين جئنا ؟وإلي أين نذهب؟ .ويري النقاد أن رواية »الأصل» من أكثر الروايات تعقيدا وغموضا ،فمن برشلونة للشارقة أبو ظبي ومدريد إسبانيا تشتعل حكاية الأديان و العلم في محاولة خطرة لتفسير وجود البشر علي هذا الكون بدءا من النظرية الداروينية التطورية إلي وجهة نظر الأديان أن الله هو الذي خلق البشر وإليه يعودون . في هذه الرواية دمج دان براون ما بين الماضي والحاضر والمستقبل، ضمن حبكة رائعة » كعادته » في ربط جميع الأحداث مع بعضها. وبعد هذه الأحداث المثيرة التي تجذب الانتباه لمعرفة إجابة السؤالين المحيرين من أين نأتي ؟ وإلي أين نذهب ؟يقول المؤلف في نهاية سطور روايته: » اختفت الوحدة منذ زمن طويل وتشعبت المعتقدات إلي ما لانهاية ، وكل منها يدعي أنه يملك الحقيقة الوحيدة .. لكن هذه الليلة وبينما كان لانجدون جالسا داخل هذا المعبد الرائع ، وجد نفسه محاطا بأشخاص من الأديان والألوان واللغات والثقافات كافة، وجميعهم يحدقون إلي السماء بشعور مشترك . في تلك اللحظة شعر لانجدون بطل الرواية باهتزاز ضئيل في الأرض تحت قدميه، كما لو أن العالم بلغ نقطة تحول .. كما لو أن الفكر الديني تجاوز للتو أبعد مدي في مداره وبدأ الآن يدور بشكل عكسي ، بعد أن تعب من رحلته الطويلة وقرر اخيرا العودة إلي دياره». لقد حققت مبيعات كتبه أكثر من 200 مليون كتاب، بقيادة كتابه الأشهر علي الإطلاق »شيفرة دا فينشي» الذي صدر عام 2003. والذي جعله أحد أساطير الأدب الأمريكي الحديث، وصاحب الكتب الأكثر مبيعا في العالم ، ترجمت أعماله إلي حوالي 52 لغة عالمية ، وبهذا حظي بالانتشار منقطع النظيرمقارنة بأي كاتب آخر، يعد براون ساحة رحبة لتوليد الخيال وإساقاطه علي الواقع في تسلسل بديع ومشوق حيث يعرف براون كيف يروض مشاعره المختلفة وأدواته للخدمة الرئيسية التي يسعي إليها، معظم القصص التي قدمها براون في عالم الأدب تتمحور حول الإنسان وبحثه الدائم عن كنزه المختبئ وعن حقيقته المموهه وعن المفارقات الجمة التي يمكن أن توجه في سبيل إحراز ذلك. حقائق عن دان براون - يعتبر دان براون واحدًا من أغني الكتّاب في العالم، حيث حصل في عام 2005 علي 76.5 مليون دولار أمريكي من كتبه لوحدها. - بُني منزل دان براون تمامًا مثل المنازل الموجودة في رواياته، حيث يحتوي علي الكثير من الممرات السرية واللوحات التي تخفي أبوابًا خلفها. - لا يأخذ دان براون يوم عطلة أبدًا، حيث يستيقظ في كل يوم في الساعة الرابعة صباحًا ويكتب سبعة أيام في الأسبوع. ويستمر ذلك حتي في عيد الميلاد.